د. خالد سعيد المد والجزر سمة العلاقات بين الطرفين وإدراك تركيا أن إسرائيل بوابة أمريكا والغرب يجعلها حريصة دوما على التقارب
تركيا أول دولة إسلامية تعترف بإسرائيل وقطعت العلاقات معها اعتراضا على العدوان الثلاثي.. والمياه تعود إلى مجاريها لمواجهة نفوذ عبد الناصر والتقارب العربي مع السوفيت
مساندة أردوغان لحزب الله أثناء الحرب على لبنان 2006 أدت إلى إلغاء صفقات عسكرية مع إسرائيل ولم تمنع زيادة التبادل التجارى بين البلدين
بداية، لا يمكن نسيان أن تركيا أول دولة إسلامية اعترفت بإسرائيل، في العام 1949، صاحب ذلك اهتمام تركي كبير بالغرب على حساب القضايا العربية والإسلامية، حيث تبنت المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، حينما رأت أنقرة أن التطبيع مع إسرائيل مفتاح العلاقة مع الغرب، كونه سيقود إلى تغيير الانطباع الغربي المسيحي عن تركيا المسلمة، كخطوة متقدمة، في سعيها للتقرب من الغرب. واعتبرت البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية في تركيا، آنذاك، أنها « عملية غزو للأراضي التركية «، بعد تعيين ملحق عسكري في سفارتها بأنقرة، ولم يكن لها، آنذاك، ملحقون عسكريون إلا في واشنطن، ولندن، وباريس، لتتبين مدى أهمية تركيا بالنسبة لإسرائيل. ويجب الاعتراف بأن تركيا كانت، في فترة من الفترات، « المُحلَّل» لتبادل التجارة بين مصر وإسرائيل! حيث اتخذت الأخيرة من تركيا منطقة تجارية تستطيع من خلالها إعادة تصدير منتجاتها إلى البلاد العربية، ولاختراق المجتمعات العربية، مع الحصول على السلع العربية التي تُصدر إلى تركيا بهذه الطريقة. على سبيل المثال، قامت تركيا باستيراد أدوات منزلية من إسرائيل، ثم صدرتها إلى مصر باعتبارها مصنوعات تركية. والعكس بالعكس، مع منتجات مصرية، مثل الجلود التي حصل عليها يهود أتراك، ثم أعادوا تصديرها إلى تل أبيب، ولم يكن هذا قاصرا على تعاملات إسرائيل، غير المباشرة، مع الدول العربية، بل أنها تعدتها إلى الدول الإسلامية، غير العربية، والتي لم تكن قد اعترفت بها، أو ترتبط بها بعلاقات تجارية، مثل باكستان. على الرغم من البداية القوية للعلاقات التركية الإسرائيلية، فإن أنقرة قطعت علاقتها بتل أبيب بعد اعتداء الأخيرة على مصر، في « العدوان الثلاثي «، في 1956، واستمرت القطيعة بين تل أبيب وأنقرة، حتى العام 1958. لكن التطورات في الشرق الأوسط، في النصف الأول من العام 1958، والمتمثلة في نشوء « الجمهورية العربية المتحدة « بين مصر وسوريا، و» الاتحاد الهاشمي « بين الأردنوالعراق، واندلاع ثورة العراق، قد تركت أثرها على تحول السياسة التركية بالإيجاب نحو إسرائيل، مجددًا، وتلاقت الدولتان في ضرورة إجهاض أي وحدة عربية تنشأ في المنطقة. وبدا واضحاً أن الدولتين، تركيا وإسرائيل، تلاقت أفكارهما حول إجهاض الوحدة العربية، مع تخوفهما من التقارب العربي مع السوفيت، آنذاك، بالإضافة إلى رفضهما تعزيز مكانة مصر في المنطقة، بعد تخوفهما من نمو دور عبد الناصر في الشرق الأوسط. لا ننسى، أيضًا، أن تركيا وإسرائيل وقعتا اتفاقا رباعيًا، بصحبة كل من إيران وإثيوبيا، في العام نفسه ( 1958 )، وهو التحالف الذي سُمي، آنذاك، بالتحالف المحيطي الخارجي، أو « حلف الدائرة «. وكان الهدف الأساسي من هذا التحالف الرباعي، هو التصدي للمد السوفيتي في منطقة الشرق الأوسط. فيما أرسى الانقلاب العسكري التركي، في العام 1960، لقاعدة توطيد العلاقات العسكرية بين الطرفين، بدعوى أن المؤسسة العسكرية هي التي تحافظ على تلك العلاقات مقارنة بالسياسيين! وغالبا ما كانت تلك العلاقات تتم في السر، وبدون معرفة للشارع التركي، وربما بعض السياسيين الأتراك؛ وعلى سبيل المثال، عقد لقاء بين الرئيس التركي، عصمت إينونو، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، ليفي أشكول، في العاصمة الفرنسية باريس، في العام 1964، وتم بحث اتفاق سري، وكان مجمل الاتفاق يتعلق بصفقات عسكرية. تركت حرب أكتوبر 1973 ، وتأييد تركيا لقرار الأممالمتحدة حول إدانة الصهيونية ووصمها بالعنصرية، في العام 1975، الأثر السلبي على العلاقات مع إسرائيل، وزاد على ذلك موافقة تركيا على فتح ممثلية فلسطينية في أنقرة، في العام 1979، لتتعقد تلك العلاقات، وتزداد سخونة، ما أجبر تل أبيب على تخفيض العلاقات الدبلوماسية مع أنقرة، في العام 1980، فيما أغلقت القنصلية الإسرائيلية في اسطنبول، خصوصا وأن تركيا اعترضت على قانون القدس ( وهو القانون الذي وافق عليه الكنيست الإسرائيلي، في العام 1980، لتحويل العاصمة الصهيونية من تل أبيب إلى القدس )». بيد أن العام 1996، قد شهد قمة العلاقات التركية الإسرائيلية، حيث وقعَا على اتفاق استراتيجي عسكري وأمني، نص على استخدام إسرائيل الأجواء والأراضي والمطارات التركية في عمليات تدريبية، والتنسيق الاستخباري بين الجانبين في جمع المعلومات، وخصوصا عن سورياوإيران، مقابل الاستفادة التركية من الخبرة الإسرائيلية في مكافحة توجهات الأكراد وإرهابهم للشرق التركي، بين الفينة والأخرى. وهنا، رأى مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي بجامعة تل أبيب، أن تركيا استفادت من الاتفاق السابق مع إسرائيل في تحجيم النشاطات الإسلامية داخل بلادها، خصوصًا بعد تسلم نجم الدين أربكان صاحب التوجه الإسلامي رئاسة الوزراء، ورأت المؤسسات العلمانية التركية خاصة المؤسسة العسكرية في ذلك تهديدًا للتوجهات العلمانية للدولة، وخطرًا يهدد علاقات تركيا بإسرائيل والغرب، وحاولت أنقرة مواجهة هذا الخطر، بتحالفها التاريخي مع تل أبيب، أي أن تركيا استجارت من الرمضاء بالنار! استعصى فصل الاتفاق العسكري التركي الإسرائيلي عن الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وسعيها إلى رسم نمط معين من الترتيبات الأمنية الإقليمية، في ظل محاولة بناء « شرق أوسط جديد « يستند إلى التحالف التركي الإسرائيلي، بدعوى أن الطرفين مؤهلان لتبوء مكانة مميزة في هذا الشرق الجديد. فبدا واضحا أن واشنطن تبدو، فعليا، كطرف في هذا الاتفاق، بحكم علاقاتها الوثيقة مع كل من أنقرة وتل أبيب، ودعمها السياسي وربما، أيضا، المالي، غير المعلن لهذا الاتفاق. لكن يجب التذكير بأن الأتراك رفضوا الاشتراك في الحرب الأمريكية على العراق، في العام 2003، لعدم تعويض الأمريكيين لهم في حرب الخليج الثانية، في العام 1991، ب 40 مليار دولار، قيمة تضررهم جراء الحرب، وهو ما ذكرته مجلة « مباط « ( نظرة عليا ) العسكرية! العدالة والتنمية وتأزم العلاقات تعقدت العلاقات التركية - الإسرائيلية بوصول حزب العدالة والتنمية للحكم، في العام 2002، بقيادة رجب أردوغان، وازدادت تعقيدا بمساندة أنقرة لحزب الله، قولا وفعلا، في مواجهته للجيش الإسرائيلي، إبان الحرب على لبنان، صيف 2006، ترجمت بإلغاء صفقات عسكرية مع تل أبيب، فضلاً عن عدم الرضا التركي عن السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين، بوجه خاص، والعالمين العربي والإسلامي، بوجه عام، كلها عوامل وضعت لبنة أولى وقوية في تأزيم الموقف مع تل أبيب، وعلى الرغم من ذلك، زادت التبادل التجاري بين الطرفين، وكذا زادت الرحلات السياحية الإسرائيلية إلى تركيا، في عامي 2007 - 2008، بشكل لم يسبق له مثيل، وهو ما يؤكد أن هناك شعرة في العلاقات التركية الإسرائيلية تحاول أنقرة الحفاظ عليها، بشتى الطرق والسبل الممكنة! . شهدت العلاقات الثنائية بينهما حالة من الشد والجذب، حتى أنها وصلت إلى قمتها في العام 2008، حينما توسطت تركيا بين سوريا وإسرائيل حول إمكانية إقامة سلام بينهما، لكنها سرعان ما عادت إلى الحضيض حينما قام الجيش الإسرائيلي بالحرب على غزة، نهاية العام نفسه، وجهت خلالها أنقرة السهام، العلنية والمباشرة، لإسرائيل أمام المجتمع الدولي، وإن استمرت العلاقات الثنائية في السر، لإدراك أنقرة أن تل أبيب بوابة الولاياتالمتحدة والغرب! وهي الرؤية التي تحكم العلاقات بين تركيا وإسرائيل. فقد زادت عملية شراء الأسلحة من تل أبيب، خاصة طائرات بدون طيار، وأقمار تجسس صناعية. بيد أن الحقيقة تحتم علينا الاعتراف بأن تركيا طرحت العديد من المبادرات الاقتصادية لتحسين أوضاع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، ففي أعقاب قرار فك الارتباط من قطاع غزة، في العام 2005، حيث طرحت إعادة تأهيل المنطقة الصناعية بالقرب من معبر إيريز وإدارته، وبعد سيطرة حماس على غزة، في العام 2007، بدأت تركيا تعزيز مبادرة أخرى في الضفة الغربية. وإن كانت هذه المبادرات قوبلت بالرفض الإسرائيلي المعهود! ناهيك عن مطالبة أنقرة تل أبيب بوقف العدوان الإسرائيلي المتكرر على غزة، وإعادة فتح المعابر، وإطلاق التصريحات النارية أهمها مطالبة أردوغان بإبعاد إسرائيل عن الأممالمتحدة بحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت « العبرية، في العام 2009، ردًا على عملية « الرصاص المصبوب « ( الحرب على غزة، 2008 – 2009 ) ! وهو الرد الذي جاء في أعقاب خروج الأتراك، حكومة وشعباً، في مظاهرة مليونية من مختلف الاتجاهات والميول، إلى الشوارع، خصوصا مظاهرة اسطنبول، تعبيرا عن تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، آنذاك. مع ذلك، لم تؤثر المواقف التركية السابقة على طبيعة العلاقات مع إسرائيل، آنذاك؛ لأن ثمة مصالح اقتصادية وعسكرية بين الطرفين، كانت قائمة بينهما، فلم يصل الغضب التركي إلى درجة استدعاء السفير من تل أبيب، كما لم تلجأ إسرائيل إلى أي خطوة، لسحب، أو استدعاء سفيرها من أنقرة. بيد أن قيام البحرية الإسرائيلية بالهجوم على سفينة المساعدات التركية « مافي مرمرة «، في الواحد والثلاثين من مايو 2010، واستشهاد عشرة من النشطاء الأتراك، قد زاد من الهوة بين الطرفين، التركي والإسرائيلي، نتيجة لتلقي تل أبيب الضوء الأخضر من الإدارة الأمريكية، لتأديب أنقرة، لتخطيها حدودها المسموح بها في منطقة الشرق الأوسط، فلجأت إلى إسرائيل للقيام بتلك المهمة، والتي تمثلت في الهجوم على « مرمرة «، بعد أن شعرت إسرائيل بخطورة الدور التركي في المنطقة وما يمثله من مدى خطر استراتيجي يؤثر على الأمن القومي الإسرائيلي. تعاون أمنى ومخابراتي على النقيض من ذلك، واستغلالاً لاندلاع الثورات العربية، ارتفع مؤشر التعاون الأمني والمخابراتي والعسكري بين تركيا وإسرائيل، سرا، بهدف مواجهة تداعيات الربيع العربي، بوساطة أمريكية بالطبع، وكذا لمكافحة الطموح الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، حيث وصفت إيران بالعدو المشترك لكل من تركيا وإسرائيل؛ نادى وقتها الإسرائيليون بضرورة تحسين العلاقات مع تركيا بهدف القضاء على الطموح الإيراني. فكان من البديهي أن تكتب الباحثة الإسرائيلية المتخصصة في الشئون التركية، جاليا لندنشتراوس، أن ثمة علاقة أبدية تربط بين تركيا وإسرائيل، لا يمكن قطعها، مهما كانت الظروف، والتغيرات، والتطورات الإقليمية والدولية، فإن الطرفان يحافظان على العلاقة بينهما! مد وجزر تراوحت العلاقات التركية الإسرائيلية بين المد والجزر، ونتيجة لقوة المصالح المشتركة، وبعد ضغوط مسؤولين إسرائيليين كثر، اعتذر نتانياهو لأردوغان عن واقعة «مرمرة»، لحزمة من الأهداف، أهمها استخدام الأراضي التركية لسلاح الجو الإسرائيلي، سواء لإجراء التدريبات والمناورات العسكرية، أو لاستخدامها للهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، في حال إقرار ذلك في تل أبيب! ناهيك عن تشكيل حلف إقليمي جديد مناهض لإيران، يضم إلى جانبهما الولاياتالمتحدة ودول عربية أخرى، فضلا عن التنسيق الثنائي حول الوضع في سوريا؛ وهو ما ذكرنا، آنذاك، بمفهوم «الشرق الأوسط الجديد». بيد أن الواقع يشير إلى أن تركيا استفادت من الاعتذار الإسرائيلي في تعزيز مكانتها السياسية، الخارجية والداخلية في آن، فقد ارتفعت شعبية أردوغان وحزبه في المجتمع التركي، وظهر كزعيم إقليمي، استطاع أن يكسر الكبرياء الإسرائيلي، ويركعها، فضلاً عن أن الاعتذار حفظ ماء الوجه لأنقرة أمام المجتمع الدولي، خصوصا وأن سياسة « تصفير المشاكل التركية» قد اقتربت من نهايتها، في ظل تدهور العلاقات التركية مع جيرانها، إضافة إلى دغدغة مشاعر الأتراك بالزهو، جراء « رضوخ» إسرائيل أيضاً، وهذا ما عبرت عنه لافتات ضخمة، نصبت على الشوارع كتب عليها؛ « شكرا أردوغان لقد أعدت لنا الكبرياء، نحن نكن لك العرفان». ساعد الاعتذار الإسرائيلي، أردوغان في بلوغ هدفه، المتمثل في تعديل الدستور لمنح الرئيس صلاحيات واسعة على غرار الصلاحيات، التي يتمتع بها الرئيس الأمريكي، وهو منصب سعى أردوغان إلى الترشح له، في العام الجاري، العام 2014؛ لأن الدستور التركي الحالي منعه من الترشح، مرة أخرى، لرئاسة الحكومة. كما أنه على الجانب الاقتصادي، اهتمت تركيا بتوثيق العلاقات مع إسرائيل، وباستمرار تدفق السياح الإسرائيليين إليها، كما تسعى إلى أن تكون شريكاً لإسرائيل في التنقيب عن الغاز وإنتاجه، فضلاً عن دخولها في أي شبكة دولية لنقل الغاز. منذ الاعتذار الإسرائيلي وحتى توقيع اتفاق المصالحة بين الطرفين التركي والإسرائيلي، في السادس والعشرين من يونيو الماضي، والذي نص على تطبيع العلاقات بينهما، فإن أنقرة أرادت أن يكون لها الدور الأقوى للقضية الفلسطينية، ونجحت في انتزاع الكثير للشعب الفلسطيني، خاصة فيما يتعلق بفك الحصار عن قطاع غزة، ومحاولة تزويده بالكهرباء، وبناء مستشفى واستاد رياضي، ودخول مساعدات تركية عبر ميناء أشدود الإسرائيلي، ما يعني إدراك أردوغان ورفاقه إلى أهمية ما تمثله القضية الفلسطينية من دعم معنوي، داخلي أمام شعبه، وخارجي أمام العالمين، العربي والإسلامي، وهو حجر زاوية ليس بأخير في العلاقات بين أنقرة وتل أبيب! سيناريوهات ما بعد الانقلاب الفاشل ونهاية، فإنه بعد وصول أردوغان إلى كرسي الرئاسة في أنقرة، ووقوع عملية انقلاب عسكرية فاشلة، فإننا أمام سيناريوهين تركيين اثنين فقط حيال التعاطي مع إسرائيل، وهما: السيناريو الأول: سيستمر الرئيس التركي في توطيد علاقاته بإسرائيل، لجملة من الأسباب، من بينها مواجهة الطموح الإيراني في منطقة الشرق الأوسط، والتنسيق المشترك حول الوضع في سوريا، والتصدي للجماعات الإرهابية، والعمل على تطهير المنطقة من الجماعات المتطرفة، ولاستيراد الغاز الإسرائيلي من البحر المتوسط مباشرة إلى تركيا، ومنها إلى أوروبا، فضلاً عن الاستفادة من الخبرة العسكرية الإسرائيلية في مواجهة الأكراد من جانب، أو لتطوير الجيش التركي من جانب آخر . بيد أن أردوغان يرغب في استغلال العلاقات الإسرائيلية القوية بالقارة الأوربية في العمل على مساعدة تركيا للانضمام للاتحاد الأوروبي، وهو ما ينطبق على إسرائيل، أيضاً، للاستفادة المزدوجة من التواجد في الاتحاد. بيد أن الخطوات التي قررها أردوغان حول تطبيقه لعقوبة الإعدام على المتمردين الأتراك يبعده، تماما، عن حلمه بالانضمام للاتحاد الأوربي، وهو ما ذكرته، تفصيلا، صحيفة يسرائيل هايوم العبرية، لكنه لا يعبأ بالتهديدات الأوربية برفض دخوله الاتحاد، ليقينه بصعوبة الأمر، ما يحدوه إلى عملية التزاوج بين علاقات قوية مع إسرائيل، بالتوازي مع علاقات أقوى بكثير من دول العالمين، العربي والإسلامي، بهدف تصدير الفكر الإسلامي التركي، من جهة، ولزيادة الصادرات التركية إليهما من جهة أخرى! السيناريو الثاني: مع تصاعد المد الإسلامي في تركيا، وتوغل الإسلاميين في مؤسسات الدولة العلمانية، وتحويلها من دولة علمانية واضحة المعالم، إلى دولة إسلامية وسطية، بشكل مستتر، والقضاء على الكيان الموازي، فيما يتعلق بدولة « فتح الله كولن « داخل تركيا نفسها، وهو ما أجمعت عليه وسائل الإعلام الإسرائيلية، الصادرة باللغة العبرية، طيلة الفترة التي أعقبت الانقلاب العسكري الفاشل، فإن العلاقات التركية الإسرائيلية ستشهد مزيدا من حالات المد والجزر، نتيجة لعدم ثقة الأتراك في تنفيذ إسرائيل للتعهدات المكتوبة، ولرفضها إقامة دولة فلسطينية؛ وذلك كله مع الإيمان بأن الانقلابات العسكرية في تركيا، يتبعها علاقات أقوى مع إسرائيل. بيد أننا أمام دولة تركية إسلامية عمدت منذ خمسينيات القرن الماضي على إقامة علاقات قوية مع إسرائيل، تشهد حالات كثيرة من المد والجزر، لكن المصالح المشتركة بين تركيا وإسرائيل تذوب أية خلافات، لكنها لن تعود إلى حقبة التسعينيات حينما كانت تلك العلاقات في قوتها!