النديم: 314 انتهاك في مايو بين تعذيب وإهمال طبي واخفاء قسري    بعد انخفاضه.. سعر الدولار الرسمي أمام الجنيه المصري اليوم الأحد 9 يونيو (آخر تحديث بالبنوك)    لميس الحديدي توجه رسالة للحكومة بشأن قطع الغاز الطبيعي عن مصانع الأسمدة    السعودية تبعد 300 ألف شخص من مكة لعدم حملهم تصاريح الحج    أبو عبيدة: الاحتلال قتل بعض أسراه في عملية النصيرات .. وحماس :مقاومتنا لا زالت تحتفظ بالعدد الأكبر    ما عدد العمليات التي نفذها حزب الله تجاه إسرائيل؟    "نيويورك تايمز": قنبلة أمريكية صغيرة تقتل عشرات الفلسطينيين في غزة    الصومال: مقتل 47 إرهابيا خلال عملية عسكرية بمحافظة جلجدود    الأزهر يدين واقعة مخيم النصيرات ويطالب أصحاب الضمير الحر بنصرة غزة    متحدث "فتح": على الولايات المتحدة أن تجبر قوات الاحتلال بوقف إجراءاتها العدوانية بحق شعبنا    المجر: الغرب يسعى لإلحاق هزيمة عسكرية بروسيا من أجل ملء جيوبه    "هناك من يفتون".. رئيس مكافحة المنشطات يكشف آخر تطورات أزمة رمضان صبحي    ياسر إدريس: لا ينقصنا لاستضافة الأولمبياد سوى إدارة الملف    "دا مينفعش يتقاله لا".. القيعي يكشف أسرار تعاقد الأهلي مع ميدو    طارق قنديل يتحدث عن.. سر نجاح الأهلي ..البطولة الأغلى له.. وأسعد صفقة بالنسبة له    البروفة الأخيرة قبل يورو 2024.. إسبانيا تسحق أيرلندا الشمالية وديًا    عاجل - تصل ل44 درجة.. تحذير خطير بشأن حالة الطقس.. والأرصاد تحذر المواطنين    إصابة 6 أشخاص في تصادم سيارة وتروسيكل بالإسماعيلية    مصرع طفل عقب تعرضه للدغ عقرب فى جرجا بسوهاج    ليلى عبداللطيف تتسبب في صدمة ل أحمد العوضي حول ياسمين عبدالعزيز (فيديو)    نزار جمعة فى ندوة وداعا جوليا: نحن جيل ضائع والفيلم يلامس الحقيقة بطريقة مؤلمة    ما أهم الأدعية عند الكعبة للحاج؟ عالم أزهري يجيب    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بعيادة الجلدية ووحدة طوسون الصحية    مدرب حراس المنتخب: مصطفى شوبير حارس متميز وشخصيته في الملعب أقوى من والده    تصفيات مؤهلة لكأس العالم.. مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    الولايات المتحدة وفرنسا تقدمان خارطة طريق لرؤيتهما حول القضايا الملحة في العالم    إزالة فورية للتعدي على الأراضي الزراعية بقرية بني صالح في الفيوم.. صور    يربط ب"طريق مصر أسيوط الزراعي".. صورة ترصد تطوير طريق أبو ربع في البدرشين بالجيزة    موجة حارة جديدة تضرب البلاد الثلاثاء.. هل تستمر حتى عيد الأضحى؟    ننشر أوائل الشهادة الابتدائية بمنطقة الوادي الجديد الأزهرية    علم بعلاقتها مع آخرين.. اعترافات قاتل عشيقته ب13 طعنة في الخليفة    زراعة القاهرة تحصل على شهادة الأيزو لجودة المؤسسات التعليمية.. وعميد الكلية: جهد جماعي    عقوبة تصل ل مليون جنيه.. احذر من إتلاف منشآت نقل وتوزيع الكهرباء    حدث بالفن| صفعة عمرو دياب لأحد المعجبين ومفاجأة حول اعتزال شيرين رضا ونجوم الفن بحفل إطلاق فعاليات منصة سيني جونة    حظك اليوم برج الجدي الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    ارتفاع سعر الفراخ البيضاء والبيض الأبيض والأحمر بالأسواق اليوم الأحد 9 يونيو 2024    ما هي أيام التشريق 2024.. وهل يجوز صيامها؟    دعاء ثالث ليالي العشر من ذي الحجة.. اللهم بشرنا بالفرح    أيمن موكا: الجونة لم يبلغني بمفاوضات الزمالك ولم أوقع    وزير الصحة يتفقد مستشفى رأس الحكمة والضبعة المركزي بمحافظة مطروح    استقرار سعر الحديد والاسمنت بسوق مواد البناء اليوم الاحد 9 يونيو 2024    قومي حقوق الإنسان يكرم مسلسل بدون سابق إنذار (صور)    «تخلص منه فورًا».. تحذير لأصحاب هواتف آيفون القديمة «قائمة الموت» (صور)    انتصار ومحمد محمود يرقصان بحفل قومي حقوق الإنسان    وزير الصحة يوجه بسرعة توفير جهاز مناظير بمستشفى الضبعة المركزي    وزير التعليم الفلسطيني: تدمير 75% من جامعاتنا والمدارس أصبحت مراكز للإيواء    حظك اليوم برج العذراء الأحد 9-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حظك اليوم برج الميزان الأحد 9-6-2024 مهنيا وعاطفيا    وزيرة الثقافة تُعلن انطلاق الدورة السادسة من«مواسم نجوم المسرح الجامعي» وتُكرم عددًا من نجومه    تحرير 40 مخالفة تموينية فى حملة على المخابز والمحال والأسواق بالإسماعيلية    هل بدأت إثيوبيا في توليد الكهرباء من سد النهضة؟.. عباس شراقي يُجيب    جامعة المنوفية تشارك في مبادرات "تحالف وتنمية" و"أنت الحياة" بقوافل تنموية شاملة    فضل صيام العشر من ذي الحجة 1445.. والأعمال المستحبة فيها    وكيل صحة الشرقية يتفقد سير العمل بمستشفى أبو كبير المركزي    أسماء أوائل الشهادة الابتدائية الأزهرية بشمال سيناء    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    وزير الأوقاف: الأدب مع سيدنا رسول الله يقتضي الأدب مع سنته    العمل: تشريع لحماية العمالة المنزلية.. ودورات تدريبية للتعريف بمبادئ «الحريات النقابية»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الصهاينة فى عيد بعد المصالحة مع تركيا.. مركز دراسات الأمن القومى بجامعة تل أبيب: الاتفاق يمهد الطريق لانضمام إسرائيل لحلف الناتو!
نشر في الأهرام العربي يوم 17 - 07 - 2016

تركيا قبضت الثمن 20 مليون دولار تعويضات لأسر ضحايا «مرمرة» مقابل انضمام إسرائيل لحلف الناتو

- يسرائيل هايوم: المصلحة وحدها هى التى تحكم العلاقات الثنائية وليس المحبة!

- مركز دراسات الأمن القومي: الاتفاق مهد الطريق لانضمام إسرائيل لحلف الناتو

- يديعوت أحرونوت: تطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية سيتبعه تطبيع للعلاقات التركية المصرية

- هاآرتس: المصالحة تبعد شبح الحرب عن غزة وتحسن من مستوى المعيشة فى القطاع.

- القناة الثانية : تركيا فى طريقها لإتمام صفقة تبادل أسرى بين إسرائيل وحماس

فى حالة من النشوة والغرور، احتفت إسرائيل باتفاق المصالحة مع تركيا، وكأن تل أبيب انتصرت على أنقرة فى معركة حربية، أو أن موجة التطبيع بين أنقرة وتل أبيب قد بدأت لتوها، برغم أن تركيا أولى دول العالمين، العربى والإسلامي، التى اعترفت بإسرائيل، فى العام 1949، ومن وقتها وحالة من عقود العسل تسود العلاقات الثنائية بينهما، والتى جاءت على حساب الصراع العربى - الإسرائيلي!
يعزى الاهتمام الإسرائيلي، المبالغ فيه، بتوقيع اتفاق يقضى بتطبيع العلاقات مع تركيا إلى قطع الأخيرة علاقتها بتل أبيب جفاء وليس قطيعة منذ اجتياح قوات البحرية الإسرائيلية الخاصة " شييطت 13 " لسفينة المساعدات الإنسانية التركية " مافى مرمرة "، فى الواحد والثلاثين من مايو للعام 2010، واستشهاد عشرة من النشطاء الأتراك، وإصابة غيرهم، وما تركه هذا الاعتداء من تصميم تركى على إجبار إسرائيل لتقديم اعتذار رسمى عن الاعتداء، وتعويض ذوى الشهداء والجرحى؛ لذلك ماطلت تل أبيب وسوَّفت الوقت، برغم أنه ليس بصالحها، حتى أدركت مدى أهمية تطبيع العلاقات مع تركيا، اقتصاديًا وسياسيًا وعسكريًا.
فتاريخ السادس والعشرين من شهر يونيو للعام 2016، سيظل تاريخًا لن ينسى فى مسار العلاقات التركية الإسرائيلية، وربما لمنطقة الشرق الأوسط؛ لأثره السلبى على دول المنطقة، إذ أعاد هذا التاريخ درب العلاقات الثنائية بينهما مجددًا، بعد قطيعة تحت السطح دامت ست سنوات كاملة. وطوال هذه السنوات العجاف، حاولت الإدارة الأمريكية ومن خلفها إسرائيل استرضاء تركيا بشتى الطرق، وعكف الرئيس باراك أوباما على تهدئة الأوضاع بين الطرفين، التركى والإسرائيلي، خصوصا مع نهاية العام 2011، بعدما ساد التوتر أشدَّه، على خلفية تنقيب تل أبيب على الغاز الطبيعى فى مناطق شاسعة من شرق المتوسط، وأثرها السلبى على تركيا، ما حدا بالأخيرة إلى إجراء مناوشات عسكرية بحرية كان من الممكن أن تشهد عملية حربية، آنذاك، نجحت الإدارة الأمريكية فى وأدها، لتنتهى بإجبار نيتانياهو على تقديم اعتذار هاتفى لرئيس الوزراء التركي، آنذاك، رجب طيب أردوغان، فى مارس من العام 2013، أثناء زيارة أوباما لإسرائيل، لتدخل العلاقات الثنائية مرحلة جديدة، ولكنها لم تصل حد الكمال بعد!
قدمت تركيا قائمة مطالب لإسرائيل فى حال أرادت الأخيرة عودة العلاقات إلى طبيعتها، بدأتها بالاعتذر بالطبع، ثم الحصول على تعويضات لأسر الشهداء الأتراك الذين سقطوا فى عملية " مرمرة "، وفك الحصار البحرى عن قطاع غزة، وتقديم تسهيلات للشعب الفلسطينى فى القطاع. بمرور الوقت، وعبر اتصالات سرية، نجحت إسرائيل فى تقليل حدة الشروط التركية، فبعد كلمة " فك " الحصار، ثم " تخفيف " هذا الحصار البحرى على القطاع، أو بناء ميناء للقطاع، وصلت العلاقات أخيرًا إلى تقديم تسهيلات تركية لأهالى غزة، ما يعد بمثابة " مسك العصا من المنتصف " أى حفظ ماء الوجه لأردوغان ورفاقه، قبالة الشعب الفلسطينى الذى يعتقد أنه يدافع عن حقوقه، وكذا أمام العالمين، العربى والإسلامي.
وجاءت اللحظة الراهنة، فى السادس والعشرين من يونيو الماضي، لتدخل العلاقات التركية الإسرائيلية مرحلة جديدة، تشهد حالة من المصالحة والمصلحة فى آن، حينما نجحت أنقرة فى الحصول على تعويضات تقدر بعشرين مليون دولار، ومن قبلها اعتذار نيتانياهو المعروف، ثم تقديم تسهيلات لقطاع غزة، عبر ميناء أشدود الإسرائيلي، وهو بالمناسبة سلاح ذو حدين، وبناء مستشفى ومحطة لتوليد الطاقة وأخرى لتحلية المياه، وهو ما يعد نجاحًا تركيًا أمام تل أبيب، وإن كانت إسرائيل هى المستفيدة من علاقتها الوطيده بأنقره.
اهتمت وسائل الإعلام الإسرائيلية، الصادرة باللغة العبرية، بمجريات الاحتفاء بتوقيع المصالحة التاريخية مع تركيا، والذى يرجع إلى الاستفادة الصهيونية من تطبيع العلاقات معها، خصوصا حيال رفع تركيا لحق النقض (الفيتو) حول انضمام إسرائيل لحلف الناتو، أو تجاه تصدير الغاز الطبيعى لتركيا ومنه إلى القارة الأوربية، أو تبادل المعلومات الاستخباراتية، أو حيال المساعدة فى تفتيت منطقة الشرق الأوسط، بدعوى المساهمة فى القضاء على تنظيم داعش والجماعات الإرهابية، والتوافق الثنائى حول مواجهة المد الإيرانى فى المنطقة.
بداية، واستهلالاً لما رأته تلك الوسائل حول المصالحة، أفادت صحيفة "يسرائيل هايوم" وثيقة الصلة برئيس الوزراء نيتانياهو، بأن ما يربط العلاقات التركية الإسرائيلية هو المصلحة وليس المحبة بينهما، فكل طرف يرتبط بالآخر من أجل تحقيق مصالح معينة، وليس محبة فى الطرف الآخر، خصوصا أن هذه الرؤية جاءت على لسان المعلق العسكرى للصحيفة، جنرال احتياط يعقوب عميدرور، فى مقاله الذى جاء تحت العنوان نفسه "مصلحة وليس محبة " ( 2 يوليو )!
وحول القضية الفلسطينية، ذكرت صحيفة " هاآرتس " العبرية ( 29 يونيو)، أن إعادة العلاقات مع تركيا يعنى إبعاد شبح الحرب عن غزة، وتحسين مستوى المعيشة للشعب الفلسطينى فى القطاع، فعملية بناء محطة لتوليد الطاقة الكهربائية وأخرى لتحلية المياه وبناء مستشفى، بدورها ستوفر العديد من فرص العمل للفلسطينيين، كما أن سماح إسرائيل لتركيا بإدخال مواد غذائية ومساعدات إنسانية عبر ميناء أشدود الإسرائيلى سيعمل على إصلاح البنية المعيشية والتحتية فى القطاع.
بينما أكد المحلل السياسى للصحيفة، عاموس هرئيل، أن بلاده كسبت قناة اتصال جديدة مع حركة حماس، إضافة لمصر وقطر بالطبع، برغم ابتعاد كل قناة عن الأخرى، ما يعنى استغلال إسرائيل لحالة التنافر فى العلاقات الثنائية بين مصر وتركيا من جانب، ومصر وقطر من جانب آخر.
تجدر الإشارة إلى أنه قبيل توقيع الاتفاق التركى الإسرائيلي، بيومين فقط، التقى الرئيس رجب طيب أردوغان، برئيس المكتب السياسى لحماس، خالد مشعل، فى إسطنبول؛ لإطلاعه على التفاصيل كافة، وكذا اتصل بالرئيس الفلسطيني، محمود عباس ( أبو مازن )، للغرض نفسه. وهو تأكيد تركى على استمرار العلاقات مع حركتى حماس وفتح فى آن! فى وقت زادت فيه الأخبار حول احتمالية تدخل تركيا كوسيط أو مفاوض لاستعادة رفات الجنديين المفقودين لدى حماس، هما هدار جولدن، وأورون شاؤول، ومدنيان إسرائيليان أحياء بقبضة حماس، هما إفراهام منجستو، و"هيثم السيد"، ليعطى ثقلا كبيرا لحماس أمام إسرائيل. لذلك أكدت الصحيفة نفسها، فى موضع آخر، أن الاتفاق مع تركيا سيعمل على رفع سقف طلبات حماس بشأن استعادة المفقودين، فضلاً عن أن تظاهر عائلاتهم سيزيد من سعر المفقودين لدى الحركة، ويحفزها على التأخير الذى يمكن من خلاله طلب أعلى سعر. وفى موضع ثالث، ذكرت الصحيفة أن الاتفاق سيعرى الناحية الأمنية الإسرائيلية أمام قطاع غزة، وسيبقيها بلا إستراتيجية أمنية فى القطاع!
بيد أن هذه الإستراتيجية قد تحدث عنها، إجمالاً، بنيامين نيتانياهو، حينما رأى أن بلاده فى حاجة إلى الاستقرار، فى ظل استشراء حالة عدم الاستقرار بوجه عام فى منطقة الشرق الأوسط، وأنه يوطد علاقات بلاده مع دول محورية ومركزية فى المنطقة، سواء كانت دولا عربية أم إقليمية، مثل اليونان وقبرص، ومن قبلهما روسيا، وبالتالى فإن اتفاق المصالحة بحسب تصريحات نيتانياهو سيخدم المصالح الحيوية لإسرائيل.
وبشأن حلف الناتو، كشفت الكاتبة الإسرائيلية، جاليا لندنشتراوس، المتخصصة فى الشؤون التركية، بدراستها المهمة والمنشورة بمركز دراسات الأمن القومي، التابع لجامعة تل أبيب، تحت عنوان " اتفاق التطبيع بين تركيا وإسرائيل: هل يفتح الباب أمام صفحة جديدة فى العلاقات " ( 28 يونيو )، أن الرابع من مايو الماضى شهد أولى مراحل التمهيد لإعادة العلاقات التركية الإسرائيلية، حينما رفعت تركيا قرارها بحق النقض ( الفيتو ) على انضمام إسرائيل لحلف الناتو، وسمحت للأخيرة بافتتاح مكاتب لها فى مقار الحلف ببروكسل، لتمهد الطريق لبناء الثقة بين الطرفين، وهو الملف الخفى والسر الخطير فى إجبار نيتانياهو على الإسراع بتوقيع المصالحة مع تركيا.
هيئة التحرير لصحيفة " هاآرتس " ( 30 يونيو )، رأت على صدر صفحتها، أن نيتانياهو تنازل كثيرًا لاتمام المصالحة مع تركيا، رغم رفضها لها منذ ست سنوات مضت، لكن الهدف الأنجح له يكمن فى كسب تأييد الانضمام لحلف الناتو!! وتجب الإشارة هنا، إلى أن جُل وسائل الإعلام الإسرائيلية، الصادرة باللغة العبرية، لم ترغب فى التطرق لمسألة انضمام إسرائيل للحلف، رغم أن الرئيس رؤوبين ريفلين، أعلن خلال لقاء مشترك مع الأمين العام للناتو، فى الواحد والعشرين من الشهر الماضى أى أن اللقاء جاء متزامنا مع اتفاق المصالحة تقريبًا، أن بلاده ستفتتح بعثة إسرائيلية فى مقر الحلف ببروكسل، فى إطار تعزيز التعاون مع الحلف فى مواجهة الإرهاب! ما يعنى أن تركيا رفعت حظر الفيتو عن إسرائيل بالانضمام للحلف، الذى يعنى موافقة جميع أعضائه لانضمام دولة ما!
تعزى أهمية انضمام إسرائيل للحلف، انتهاء بنيل العضوية الكاملة فيه، إلى تعزيز مكانتها السياسية، إقليميًا ودوليًا، وإضفاء المزيد من الشرعية على تل أبيب، وهو ما تطمح إليه منذ عقود طويلة، إضافة للتعاون الأمني، والدفاع عن إسرائيل أمام أى أعداء يتربصون بها، والاطلاع على تقنيات ومنظومات تكنولوجية متقدمة، ما يعنى تحسين قدرات الجيش الإسرائيلي، الذى يمكنه التدريب فى أماكن مختلفة، تمنحه شرعية دولية، وتتيح له التنقل بسهولة بين أماكن مختلفة حول العالم، ليتأكد أن الاتفاق التركى يعنى صراحة خدمة المصالح الإستراتيجية الإسرائيلية، فى المقام الأول، وتأمين بقاء الكيان الصهيونى على الأراضى الفلسطينية المحتلة لفترات أطول!
يترسخ هذا البقاء بزيادة التبادل التجارى بين إسرائيل ودول العالم، وخصوصا مع تركيا، فى المرحلة الراهنة، رغم اتساع رقعة المقاطعة الاقتصادية الدولية لإسرائيل، وكذا معها المقاطعة الأكاديمية والسياسية؛ لكن وبحسب صحيفة " يديعوت أحرونوت " العبرية ( 30 يونيو )، فإن حجم التجارة بين تل أبيب وأنقرة يصل إلى 6 مليار دولار، وميناء حيفا على البحر المتوسط يعد الميناء الأساسى لنقل البضائع التركية لمنطقة الشرق الأوسط، ومنه إلى الأردن والعراق، ومن المحتمل زيادة هذا الحجم خلال السنوات القادمة؛ فى وقت تطمح فيه إسرائيل إلى تصدير الغاز الطبيعى الكامن فى أعماق البحر المتوسط بكثافة عالية، لتركيا ومنها إلى الاتحاد الأوروبي، خصوصا أن أنقرة عانت خلال الشهور الماضية من نقص فى مصادر الطاقة، حيث يقدر نصف اعتمادها على الغاز الطبيعى من روسيا، التى قطعت علاقتها بأنقرة فور إسقاط الأخيرة لطائرة روسية حربية فى نوفمبر الماضي!
الشاهد أن نيتانياهو كرر على لسانه، غير مرة، مصطلح " ستكون له نتائج إيجابية هائلة "، تعليقًا على توقيع اتفاق المصالحة مع تركيا، ما يعنى أن إسرائيل المستفيدة الأولى من إعادة العلاقات مع تركيا، وهو ما شدد عليه " تسيفى بارئيل، المحلل السياسى لصحيفة " هاآرتس " ( 27 يونيو )، من أن الاتفاق يفيد بلاده أكثر من أنقرة، ويبدو أن تصدير الغاز الإسرائيلى لتركيا هو العامل الأكثر إيجابية فى الاتفاق، فقد أشارت دراسة مركز دراسات الأمن القومى إلى أن تل أبيب ترهن مستقبلها بتصدير الغاز لتركيا ومنه إلى القارة الأوروبية!
على الجانب الآخر، تريد تركيا من توقيع الاتفاق مساعدة حماس والشعب الفلسطينى فى القطاع، ما يعزز مكانتها فى قلب العالمين، العربى والإسلامي، كبلد مدافع عن الإسلام، حيث ترغب أنقرة فى ترميم المساجد التى دمرتها الآلة العسكرية الصهيونية خلال السنوات القليلة الماضية، وبناء ستاد جديد فى القطاع، ناهيك عن بناء المستشفى، ومحطة تحلية مياه ومحطة كهرباء، وهو ما أشارت إليه الكاتبة لندنشتراوس، غير مرة؛ لكنها من ناحية أخرى ترغب فى ممارسة الضغوط على إسرائيل لمنعها من تقديم مساعدات للأكراد .
أما عن ملف الإرهاب، أفادت صحيفة " هاآرتس "، أن تفجيرات مطار إسطنبول ( 28 يونيو ) تقوى من شوكة العلاقات الثنائية، بهدف القضاء على الإرهاب، وتضعهما فى خندق واحد أمام تنظيم داعش وأمثاله من الجماعات الإرهابية. ويرغب كل طرف منهما ( تركيا وإسرائيل ) فى توحيد صفوف المعسكر الموالى للولايات المتحدة الأمريكية فى المنطقة، ومعظمه يتكون من دول إسلامية سُنية، لإجهاض المساعى الإيرانية المدعومة من روسيا، وكبح جماح المحور الراديكالى الإيرانى ككل. فى الإطار نفسه، قال رون بن يشاي، المحلل السياسى لصحيفة " يديعوت أحرونوت " العبرية، إن تطبيع العلاقات التركية الإسرائيلية سيتبعه تطبيع للعلاقات التركية المصرية، بضغوط أمريكية وسعودية، بهدف تشكيل معسكر براجماتى مواجهة للطموح الإيرانى فى المنطقة.
كان من البديهى تطرق وسائل الإعلام الإسرائيلية، المنشورة باللغة العبرية، لقضية الوسيط النزيه، حيث رأت صحيفة " معاريف " ( 30 يونيو )، أن تركيا نجحت خلال علاقاتها القوية بإسرائيل فى أن تكون وسيط نزيه فى كثير من القضايا الشائكة فى المنطقة، منها التوسط بين إسرائيل وسوريا لتوقيع سلام بين الجانبين، فى العام 2008، وكذا سمحت تلك العلاقات خلال السنوات الماضية فى أن تكون أنقرة لاعب أساسى فى منطقة الشرق الأوسط. ويبدو أن الاتفاق سيكون فاتحة خير على كل من أردوغان ونيتانياهو، فكل منهما ينتظر بارقة أمل لتحسين صورته الذهنية فى مجتمعه. تزامن اتفاق المصالحة الإسرائيلية مع اعتذار أردوغان لنظيره الروسي، فيلاديمير بوتين، على إسقاطه طائرة حربية روسية، فى شهر نوفمبر الماضي، ما يمهد الطريق إلى إعادة تركيا للمنطقة، ويمنحها مزيدًا من الوزن الإقليمي، كى تصبح قادرة على لعب دور جديد وفعَّالا فى المنطقة.
على هامش الاتفاق، وبُعيد توقيعه مباشرة، وأثناء المصادقة عليه من الكابينيت، خرجت عضو الكنيست عن عرب 48 ( القائمة العربية المشتركة )، حنين زعبي، قائلة إن جنود البحرية الإسرائيلية الذين اشتركوا فى عملية " مافى مرمرة "، وصفتهم بأنهم " قتلة "، وطالبتهم بالاعتذار، وتقديم التعويضات، رغم وصف إسرائيل لهم من قبل ب "الإرهابيين"، ما أثار عاصفة سياسية داخل الكنيست، كانت محل اهتمام وسائل الإعلام الإسرائيلية، الصادرة باللغة العبرية، واعتبرت أن ما خرج على لسان زعبى يستحق التحقيق، لذلك لم يتورع نيتانياهو فى المطالبة بإقصاء زعبى من الكنيست، بدعوى تجاوزها بأفعالها وأكاذيبها جميع الحدود. وتجدر الإشارة إلى أن زعبى كانت ضمن النشطاء العرب والفلسطينيين الذين شاركوا نشطاء أتراك على متن سفينة المساعدات الإنسانية "مافى مرمرة ".
وعن صفقة تبادل الأسرى، ووسط الاحتفالات الإسرائيلية بعودة تطبيع العلاقات مع تركيا، شهدت مدينة القدس تظاهرات للعشرات من عائلات الجنود المفقودين فى حرب غزة الأخيرة ( الجرف الصامد / يوليو 2014 )، وذلك أمام مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نيتانياهو، وهو ما أشارت إليه صحيفة " معاريف " العبرية، وتحديدًا فى اليوم الذى تزامن مع مصادقة الكابينيت الإسرائيلى الأربعاء، الموافق التاسع والعشرين من يونيو الماضي، على المصالحة التركية. الغريب أن نيتانياهو نفسه التقى بعائلات المفقودين، وأعرب لهم عن أمله فى استعادتهم جميعًا، سواء أحياء أم أمواتا، لكنهم بمجرد انتهاء اللقاء، خرجوا معلنين غضبهم من رئيس الوزراء الإسرائيلي، وخيبة أملهم فى استعادة ذويهم. فيما أكدت القناة الثانية الإسرائيلية، على موقعها الإلكتروني، أن تركيا فى طريقها لاستغلال علاقتها الطيبة بحماس بهدف إجراء اتصالات بين الطرفين لاستعادة الجنود المفقودين، والوقوف بجدية للخروج بصفقة تبادل أسرى بين إسرائيل والحركة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.