وفاء فراج 25 % من ميزانية المعهد من الدولة و75% تبرعات وأى نقص قد يسبب كارثة
مرض السرطان من أهم أسباب الوفاة فى جميع أرجاء العالم الآن، حيث أصبح أكثر الأمراض فتكا بالإنسان وأشرش عدو يقابله اليوم، حيث تصل نسبته إلى 14 مليون حالة جديدة سنويا وإلى 7.6 مليون حالة وفاة (نحو 13% من مجمل حالات الوفاة) وفق التقرير الذى نشر عام 2012 بواسطة المنظمة البريطانية للسرطان، بواقع 4.2 مليون حالة وفاة فى أوساط الرجال و3.4 مليون فى أوساط النساء . نصف حالات الوفاة كل سنة تنتج عن سرطان الرئة، المعدة، والكبد، والقولون- والمستقيم وسرطان الثدى لدى النساء. ومن المتوقع أن تزيد حالات الإصابة بالسرطان بنحو 70% خلال العقدين المقبلين، كما أن نسب حدوث السرطان فى أوروبا وأمريكا تبلغ 5 أضعاف حدوثه فى مصر، فهنالك من 100 إلى 200 حالة جديدة كل عام لكل مائة ألف مواطن مصرى، فى حين أن الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الأوروبية لديها من 400 إلى 500 حالة جديدة لكل مائة الف مواطن، أما الدول العربية فتقترب نسب حدوث السرطان فيها من مصر؛ لكنها تزيد فى لبنانوسوريا. وتؤكد الإحصائيات أن مصر قد تصل فيها نسبة المرض إلى 200 ألف مصاب جديد سنويا، منهم 10 آلاف حالة سرطان للأطفال سنويا، أو 64 طفلا يصابوا بالمرض من كل ألف مريض بالسرطان فى مصر، نتعرف أكثر على ذلك المرض الخطير ودور المعهد القومى للأورام فى محاربته من خلال حوار «الأهرام العربى» مع الدكتور مجدى قطب، أستاذ الطب النووى بالمعهد القومى للأورام التابع لجامعة القاهرة ورئيس وحدة الطب النووى بالمعهد خلال السطور المقبلة .
عرفنا عن قرب عن المعهد القومى للأورام ودوره لمرضى السرطان فى مصر ؟ المعهد القومى للأورام أول معهد ينشأ فى منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بالتعاون مع معهد الأورام القومى الأمريكى، حيث اختاروا منطقتين فقط فى العالم منهما مصر لإنشاء ذلك الصرح بأعلى الإمكانات والخدمات العلاجية، وعلى الرغم من وجود إمكانات مادية ضخمة فى الوطن العربى، لكن لا يوجد مثل ذلك الصرح الطبى بما فيه من خبرات وإمكانات بشرية كبيرة تتناسب مع حجم المرض المتزايد فى مصر والوطن العربى . ويزور المعهد سنويا نحو 250 ألف مريض تشمل 18 ألف حالة جديدة سنويا ونحو 70 ألفا، يأتون للمعهد للعلاج الكيماوى من الكبار و30 ألفا من المرضى الأطفال، وباقى العدد من مختلف المرضى سواء للتشخيص أو العلاج من جميع أنواع الأمراض السرطانية والأورام، حيث تستقبل العيادات الخارجية للمعهد أكثر من 250 حالة يوميا على مدار 6 أيام كل أسبوع، كما يقوم المعهد بعمل عدد ضخم من العمليات الاستكشافية والعينات واستئصال للأورام أكبر من أى جهة علاجية أخرى على مستوى العالم، فعلى سبيل المثال يقوم المعهد بعمل من 4 آلاف إلى 5 آلاف عملية كبرى فى السنة، مؤكدا بكل ثقة أنه لا يوجد مريض أورام لم يزر يوما المعهد القومى للأمراض لعدة أسباب أولها أن العلاج فيها بالمجان 100%، إضافة إلى إمكانات المعهد البشرية والتقنية غير الموجودة فى اى مكان آخر . لماذا انتشرت الأمراض السرطانية والأورام بشكل عام فى الآونة الأخيرة ؟ تزداد بسبب زيادة التعداد البشرى بالتالى يزداد عدد المرضى، إضافة إلى زيادة الوعى التشخيصى والوعى الإعلامى بأهمية الكشف المبكر عن المرض، كما أن تقنيات التشخيص أصبحت متطورة جدا، بخلاف أن المنظومة الطبية فى مصر كلها تتطور وهذا هو الفرق، حيث كان يمكن فى السابق أن يعيش المريض ويموت دون أن يعرف أنه مصاب بالمرض .. إضافة إلى زيادة الإحصائيات التى نعلم منها نسبة المرض وحجمه. خصوصا أنه لدينا أجهزة حديثة فى مصر الآن تكاد تكون غير موجودة فى أى من الدول العربية .
ما أكثر الأنواع من الأمراض السرطانية انتشارا فى مصر والعالم العربى ؟ فى مصر الآن أصبحت الأورام فى الكبد من أعلى النسب وتزداد بسبب انتشار فيروس سى، يليه سرطان القولون للجنسين، حيث أصبح يأتى لفئات عمرية أصغر، بخلاف ذلك مازال سرطان الثدى يأتى فى المقدمة بالنسبة للسيدات فى مصر والوطن العربى ثم يحتل سرطان المثانة المرتبة الأولى للجنسين فى كل من الجزائر، مصر. سوريا، العراق، بينما يحتل سرطان القولون المرتبة الأولى فى كل من السعودية، ليبيا، الأردن، فلسطين، أما سرطان البروستاتا فتتصدر نسبته فى دول منها المغرب، عمان، السودان . إلى أى مدى تزداد نسبة سرطان الأطفال وموقع مصر من هذا المرض عالميا ونسب علاجه؟ نسبة المرض بين الأطفال برغم أنها تظهر كبيرة ولكنها مازالت تتماشى مع النسب العالمية ولم تتخطاها وقسم الأطفال فى المعهد القومى للأورام يستوعب أكبر عدد مرضى على مستوى مصر، حيث يتردد عليه 30 ألف حالة سنويا وفى ازدياد، وعلى الرغم أن هناك فى مصر الآن أماكن متخصصة لعلاج سرطان الأطفال ومنها مستشفى ( 57357) وغيرها، فإنهم لا يستوعبون أكثر من 5% من حالات مرضى سرطان الأطفال والباقى كله يأتى للمعهد القومى، بخلاف أن تلك الأماكن الخاصة تختار حالات المرضى سريعى الشفاء، وتترك الحالات الميؤس منها والمتقدمة للمعهد .
كيف تقدم الدولة المساعدة اللازمة للمعهد ليستطيع أداء دوره فى علاج ذلك المرض الخطير؟ الدولة متمثلة فى وزارة الصحة والوزير الدكتور أحمد عماد، وزير الصحة تتبنى خطة شاملة لتطوير منظومة علاج الأورام فى مصر، بحيث عقدت أكثر من بروتوكول تعاون مع المعهد ممثلا عنه الدكتور محمد لطيف، عميد المعهد القومى للأورام، منها منح مستشفى التجمع الخامس التى تتبع المعهد ليختص بعلاج سرطان الثدى، وأخيرا فتح قسم كبير فى مستشفى هرمر بدار السلام تكلف 30 مليون جنيه ليكون تحت إشراف المعهد أيضا ويختص بزراعة النخاع وعلاج أمراض الدم، وقد تم افتتاحه منذ أيام، بخلاف العمل على قدم وساق لتجهيز المستشفى الجديد (500500) فى منطقة الشيخ زايد لعلاج الأورام التى ستتبع المعهد، هذا بالإضافة إلى أن الدولة تخصص من ميزانية الصحة الرقم الأكبر لعلاج الأورام والمعهد، خصوصا أن علاج الأورام علاج مكلف جدا، والعلاج داخل المعهد بالكامل بالمجان، سواء كانت عمليات أم كشفا أم تشخيصا أم علاجا بالكيماوى أم بالأشعة، كما عقدت وزارة الصحة بروتوكول تعاون مع المعهد القومى للأورام لنقل خبراته وأطبائه إلى باقى مستشفيات الجمهورية فى المحافظات والأقاليم لتخفيف العبء عن المعهد وعن المريض المغترب ليكون فى كل مستشفى جامعى أو حكومى مركزى بها قسم متطور لعلاج الأورام، والمعهد يشرف عليهم جميعا . بالإضافة إلى محاولة وزارة الصحة أن تجعل كل طبيب أورام متخصص يتبع بشكل مباشر المعهد القومى للأورام وأن يتم التعاون بينهم لخدمة المريض فى المقام الأول والأخير .
حدثنا عن وحدة العلاج النووى بالمعهد القومى للأورام ؟ بدأت وحدة العلاج النووى فى المعهد منذ عام 93، وكل يوم من وقتها يحدث فيها تطور كبير جدا على مستوى العالم ونحن نواكبه، حتى وصلنا إلى أننا نمتلك جهاز Spect-ct، وهو أول جهاز يعمل فى جمهورية مصر العربية ومنطقة الشرق الأوسط لتشخيص الأمراض السرطانية عن طريق استخدام النظائر المشعة، كما أن الحديث فى مجال التصوير الطبى الآن موجود فى وحدة العلاج النووى، هو دمج الأشعة فى جهاز واحد متعدد الوظائف، منها دمج الأشعة المقطعية مع المسح الذرى البوزتيرونى لرفع كفاءة درجة التشخيص، وهذا يعد أحدث التقنيات العالمية فى هذا المجال، وهو ما يقوم به الجهاز «PET.CT” الذى تم إدخاله الخدمة بالمعهد لأول مرة، وقد نتج عن هذا الدمج رفع كفاءة التشخيص إلى مستوى التغييرات البيولوجية والشكلية فى الخلايا المرضية وأيضا رفع درجة الحساسية والتقنية إلى التنبؤ بالاستجابة للعلاج وتطور المرض. منوها إلى ما كان يحدث قبل وجود الجهاز الجديد وهو إما السفر للخارج لعمل هذا الفحص أو الاستغناء عنه، وفى كلتا الحالتين كان له تأثير سلبى على العملية العلاجية والمادية. مدى نشاط وحدة العلاج النووى وعدد المترددين والمنتفعين بتلك الخدمة ؟ عدد المترددين على الوحدة فى العيادة الخارجية نحو 50 مريضا، نسبة نجاح الوحدة كبير جدا وتتطور أجهزته باستمرار ونسب الشفاء من خلاله نسب متقدمة جدا، أما بالنسبة إلى خدمات التشخيص أو العلاج يتردد نحو 25 حالة يوميا فى 5 أيام للأسبوع، أى 125 أسبوعيا و6250 سنويا، أما مرضى المسح الذرى فيتراوح عددهم من 30 إلى 40 حالة يومية، وفى مستشفى التجمع نحو 15 حالة يوميا، مجموعهم 55 حالة يوميا، أى 330 أسبوعيا، أى 16.500 ألف سنويا . أما الخدمة العلاجية بالنظائر واليود المشع تشمل 250 مريضاً سنويا، خصوصا مريض سرطان الغدة الدرقية، وأحيانا يمكن أن يتردد المريض على المعهد والوحدة فترة تصل إلى 10 سنوات .
التحديات التى تواجه المعهد بشكل عام وأقسامه بشكل خاص كوحدات العلاج الكيماوى والعلاج النووى؟ التحديات جميعها تتلخص فى الموارد المادية، خصوصا أن علاج الأمراض السرطانية أكثر الأمراض تكلفة فى علاجها، كما أن أجهزة المعهد وعلاج الأورام تحتاج إلى تجديد كل 10 سنوات بأقصى حد، فعلى سبيل المثال هناك أشعة تشخيصية للمرض تتكلف أكثر من 10 آلاف جنيه تُقدم للمريض بالمجان، بخلاف باقى تكلفة العلاج والعمليات، وأيضا على سبيل المثال العلاج الكميائى يكلف المعهد نحو 60 مليون جنيه سنويا، والمعهد برغم أنه يحتاج إلى ميزانية ضخمة قد تكون الأعلى فى منظومة العلاج والطب فى مصر، والدولة تحاول أن توفر لها ميزانية ضخمة، فإن مصادر تمويل المعهد القومى يأتى 25% منها من ميزانية وزارة الصحة وال 75% الباقية تعتمد على التبرعات، وهنا يحدث العجز، حيث إنها النسبة الأكبر وحجم التبرع متغير، مما قد يؤدى إلى ضعف الخدمة المقدمة أو تحديدها، وهذا ما يحاول القائمون على المعهد القومى للأورام ألا يصلوا إليه، لهذا نناشد أن تستمر حملات التبرع وألا تنقطع لأنها المصدر الأول للعلاج لمرضى الأورام فى مصر من خلال المعهد، وقد يحدث خلط أحيانا بين التبرع للمعهد القومى للأورام وبين المراكز التابعة للجمعيات الأهلية والمستشفيات الخاصة، خصوصا أنها تقوم بعمل حملات إعلانية ضخمة لجلب التبرعات لا نستطيع نحن كهيئة حكومية نتبع للجهاز المركزى للمحاسبات عمل مثل تلك الحملات الإعلانية، ومن خلال وسائل الإعلام ومجلة «الأهرام العربى» نناشد المواطنين تفهم ذلك الخلط وتوجيه التبرعات إلى المعهد القومى لأنه الجهة الأولى لعلاج مرضى الأورام بالمجان فى مصر .
بخلاف الموارد المادية ونقص التبرعات هل توجد تحديات أخرى وصعوبات تواجه المعهد؟ مثلنا مثل باقى المنظومة الصحية فى مصر لدينا عجز فى التمريض المتخصص خصوصا فى علاج الأورام، لذلك بدأنا عمل مشروع لتأهيل كوادر تمريضية متخصصة يتم تدريبهم فى المعهد لخدمة المرضى فيه، وسيكون هذا الأمر جديدا من نوعه، بالإضافة إلى أننا نؤهل أطباء الأورام من داخل مصر وخارجها، خصوصا أن تأهيل طبيب أورام ذى كفاءة وخبرة يحتاج إلى جهد وتكلفة ووقت كبير، فهو تخصص شبه نادر فى مصر والعالم .