وفاء فراج - في ظروف مصر الاستثنائية، ومع مواكبتنا لحدث جلل وهو أول انتخابات رئاسية حقيقية في تاريخنا من خلال برامج كل مرشح وقدرته علي الوصول للناخب بما يقدمه من وعود رئاسية ومشاريع قومية وبرامج إصلاحية، بعد ما آل إليه الوضع من تدهور في كل المجالات الصحية والتعليمية والاقتصادية والأمنية خلال السنوات الماضية، والسباق الرئاسي الدائر بين 13 مرشحا يتنافسون علي استقطاب أكبر عدد من تأييد المصريين. من هنا يشكك الخبراء بمصداقية البرامج.. بل وجدوها طموحا لا تتعدي كونها حلما لا يمكن تحقيقه علي أرض الواقع. يحلل الدكتور (جهاد عودة) رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة حلوان البرامج الانتخابية للمرشحين ويقول إن جميعها برامج ضعيفة وبعيدة عن التنفيذ وقد يكون السبب عدم وجود خبرة أو بسبب ثقافة الشعب التي مازالت ستختار شخصاً وليس برنامجاً.. وبمقارنة البرامج نجد أنها تتسم بعدة سمات وهي أن كل مرشح يريد أن يحل كل مشاكل مصر وهذا ضد الواقع لأنه لا يوجد أحد لديه رؤية في كل شىء، ثم إن معظم البرامج ليس لها خطة تنفيذية تتسم بأولويات وبتوقيتات للتنفيذ، كما لم يذكر أي مرشح في برنامجه أي عقبات تقف أمامه في تنفيذ برنامجه وهذا إن دل يدل علي أن هذه البرامج هو كلام مرسل للاستهلاك الإعلامي، وأخيرا فإن برامج المرشحين تفتقر إلي الإعلان عن الفريق الرئاسي المعاون للرئيس عند استلام الحكم فلم يعلن حتي الآن أي مرشح عن اسم نائبه المتوقع أو مستشاريه. أما الدكتور (العزب منصور) الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بالجامعة الأمريكية يري أن التناول لقضايا الاقتصاد جاء بإطار نظري وبعيداً عن أي خلفية أكاديمية وعلمية لأبعاد المشكلة وتفاصيلها.. مشيرا أن معظم المرشحين لم يتقلدوا أي وظيفة إدارية في الدولة سوي عمرو موسي وأحمد شفيق. لذلك يؤكد منصور أن هذه البرامج لا تعد أكثر من وعود انتخابية وكلام مرسل ليس له دعائم ولا تفاصيل ولا كيفية توفير الأموال الأزمة لتفيذ البرامج.. مشيرا إلى أن بعض المرشحين وأهمهم عبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي دخلا في مزايدة حول زيادة الميزانية المحددة للتعليم والصحة حتي وصلا إلي ٪15 للصحة و٪25 للتعليم، وهذا أمر بعيد كل البعد عن واقع الميزانية المصرية.. كما يرفض الخبير الاقتصادي ما يسمي بالاقتصاد الإسلامي الذي طرحه برنامج الإخوان المسلمين مبررا أنه اقتصاد غير موجود فى العالم موضحا أن الاقتصاد في العالم مقسم إلي 3 أنواع هى اقتصاد مقيد ومختلط وحر. أما الدكتورة زينب الديب رئيس المشروع القومى الإرشادى الإنمائى لتطوير البيئة الإنسانية بالصحراء المصرية تقول إن التنمية الزراعية الحقيقية لا تحتاج إلي كل الوعود التي قدمها المرشحون، خصوصاً أن هناك تجارب عديدة للشباب من بعد الثورة في مجال الإرشاد الزراعي للفلاح والاستصلاح في الأراضي الجديدة تمت بمجهودات وتمويل ذاتي محدود من الشباب دون كل هذه الشعارات التي يطلقها المرشحون في كل لقاء إعلامي لكسب أصوات الناخبين. إبراهيم درويش الفقيه الدستوري يقول جميع البرامج لم تكن انعكاساً للواقع كما هو مطلوب منها، لأن جميع ما قدم هو تصريحات ووعود بلا معني غير دغدغة عواطف المواطنين من خلال شعارات وعناوين النمو والنهضة والتنمية والبناء. وفيما يخص علاقتنا بإسرائيل والدول الأخري والاتفاقيات الدولية يقول درويش يهتف البعض وأهمهم مرشح الإخوان ومرشحو اليسار بقطع العلاقات مع إسرائيل وإلغاء اتفاقية كامب ديفيد، وأنا أتحدي أن يكون أى منهم قرأ نصوص الاتفاقية كاملة أو يعلم ويدرك البعد القانوني والسياسي لإلغاء أي اتفافية سواء هذه أم غيرها وحتي من يدعي فهم المشكلة لم يحدد الآليات التي سيتخذها لهذا الأمر. يتحدث الدكتور أحمد المهدي الخبير في مجال التعليم ويقول إنه من الضروري أن ينظر للتعليم كأولوية أولي في مصر الجديدة وأنه برغم طموح المرشحين في تطوير التعليم لابد وأن ينفذوا ما وعدوا به، لأن التعليم هو أساس التنمية وأن فشل الرئيس القادم في حل تلك المعضلة ستكون نهايته أمام الشعب. ويشير إلي اسماء بارزة ركزوا في برامجهم لإصلاح التعليم وهم حمدين صباحي وعبد المنعم أبو الفتوح ومحمد سليم العوا. أما نهاد أبو القمصان الأمين العام للمجلس القومي السابق فترى أن الطرح الذي اتخذه المرشحون لقضايا المرأة في برامجهم لا يكفي مع المرأة التي تمثل 24 مليون صوت انتخابي، حيث كانت المرأة الغائب في البرامج السياسية والحاضر بقوة في الواقع المصري مشيرة إلي من أعلن أنه قد يعين نائبة امرأة للرئيس كحمدين صباحي وعمرو موسي أعلنا ذلك علي سبيل الدعاية الانتخابية ومخاطبة المشاعر والغزل.. مفسرة أن معظم المرشحين تجاهل قضايا المرأة ودورها في الحياة السياسية حتي لا يدخل في معركة خلافية في وقت يتجه فيه المزاج العام الانتخابي إلي الانغلاق والمحافظة. أما برنامج الصحة تقول عنه الدكتورة ماجدة رخا وكيل أول وزارة الصحة ورئيس قطاع الرعاية الصحية السابق إنه يستحق كل الاهتمام والبرامج ركزت جميعها علي التأمين الصحي ورفع مستوي الخدمة في المستشفيات وخصوصا في المحافظات النائية والأقاليم ولكنها تتشكك في إمكانية تحقيق تلك البرامج كما يأمل أصحابها وأعلنوا كزيادة الميزانية المخصصة للصحة.. وتنتقد رخا البرامج الانتخابية لخلوها من الاهتمام بالطب الوقائي لأنه الأساس قبل توفير العلاج لأن مصر إذا نجحت في هذا الشق ستوفر علي البلاد المليارات تكلفة الدواء والعلاج. ومن جانبه يؤكد الدكتور كمال رياض أستاذ تخطيط المدن والإسكان بكلية الهندسة جامعة بنها أن قضية العشوائيات التي طرحها مرشحو الرئاسة في برامجهم أن القضية أكبر وأعمق من مما طرحها الجميع ومعظم ما تقدم حلول حالمة وغير واقعية خصوصا برنامج حمدين صباحي الذي أعلن عن انتهاء قضية العشوائيات خلال 4 سنوات، لأن العشوائيات ترتبط بثقافة شعب وممارسات انتهجها لعشرات السنوات مع تفاقم مشاكل البطالة وغيرها، مما يجعل أي أمر في التغيير لن يتم إلا بعد أكثر من 10 سنوات .. أما الدكتور (هشام فؤاد محمد علي) رئيس هيئة الطاقة الذرية الأسبق فيقول إنه خاب ظنه من البرامج الانتخابية لمرشحي الرئاسة التي لم تحسم هي أيضا ذلك الأمر المهم لمصر، حيث يقول إن برنامج حمدين صباحي يحمل عناوين باسم البرنامج النووي ولكن حين تحلله تجده يتحدث عن الطاقة الشمسية وغيرها وأيضا عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد مرسي في الوقت الذي هرب أحمد شفيق من مناقشة الأمر للأسف، فالجميع يستخدم شعارات برنامج النووي للعب علي وتر السياسية واستغلال مشاعر الناس الحماسية.. أهم ملامح البرامج الانتخابية برنامج عمرو موسي: أعلن تخفيض نسبة الفقراء إلى إجمالى السكان بنسبة ٪20 بانتهاء ولاية الرئيس فى عام 2016. والعمل على خفض عجز الموازنة ونسبة الدين العام إلى الناتج القومى، مع تحقيق فائض فى ميزان المدفوعات يخفف الضغط على احتياطى مصر من النقد الأجنبى الذى تراجع إلى 15 مليار دولار كمرحلة أولى. بالإضافة إلي تبني 3 مشاريع قومية، الأول مشروع تنمية قناة السويس وتحويلها من مجرد ممر ملاحى دولى. الثانى مشروع التنمية الشاملة لسيناء للخروج من الوادي الضيق الذى نعيش فيه، وخدمة الأمن القومي المصري.. الثالث: مشروع تنمية الساحل الشمالي الغربي الممتد من البحر المتوسط شمالا وحتى منخفض القطارة جنوبًا ومن وادى النيل شرقًا وحتى الحدود الليبية غربًا برنامج عبد المنعم أبو الفتوح: تعهد بأن تصبح مصر من أقوى 20 اقتصاداً في العالم خلال عشر سنوات من تولى الرئاسة، وبتطبيق حد أدنى وأقصى للدخول وبصرف إعانة بطالة للعاطلين عن العمل، بالإضافة لمشروعه القومي والذي يشمل محور قناة السويس الاقتصادي وتحويله إلي مركز للإنتاج والتوزيع العالمي للتجارة العالمية، ليحقق دخلا لا يقل عن 100 مليار دولار، وخلق فرص عمل تُقدّر بحوالى 1,5 مليون وظيفة خلال 5 سنوات، وأيضاً مشروع دمج القطاعات المهمشة لتحقيق المواطنة الكاملة، ومشروع تفعيل دور الأشخاص ذوي الإعاقة وتفعيل طاقتهم الإنتاجية وإعداد قانون لحماية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. برنامج حمدين صباحي: تعهد بتخليص الاقتصاد الوطنى من الفساد والاحتكار والاعتماد علي وسائل الإدارة الحديثة والتخطيط العلمى وتشجيع الاستثمار وعمل تشريعات تواجه الفساد والاحتكار.. وإقرار الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور، وإقرار إعانة بطالة لكل من لا يجد فرصة عمل لحين توفيرها له، كما وعد بالعمل على استرداد ثروات مصر المنهوبة داخليا وخارجيا كأحد المصادر الرئيسية لتمويل خطة النهضة، وتطبيق الضرائب التصاعدية، وإعادة ترتيب أولويات الموازنة العامة للدولة بحيث يتصدر الإنفاق على التعليم والصحة والبحث العلمى. وتبني خطة قومية للنهضة بوضع الصناعة المصرية، خصوصاً الصناعات الإستراتيجية مثل الحديد والأسمنت والسماد والغزل والنسيج والدواء والإلكترونيات والتكنولوجيا، وإطلاق مشروع وطنى لإسكان الفقراء، وتبنى خطة لتطوير العشوائيات. برنامج محمد مرسي: يستهدف الاقتصاد التنموي المسمي بمشروع النهضة بإصلاح النظام المصرفي وتبني مائة مشروع قومي (يفوق كل منها المليار دولار) يضمن مضاعفة الناتج المحلى الإجمالى فى خمس سنوات بمتوسط معدل نمو سنوى بين ٪6.5 : ٪7.. بالإضافة إلي التعامل مع البطالة الصريحة عبر إطلاق برامج تطوير نوعى وكمى والقدرة على تخفيض نسبة البطالة إلى ٪5 سنويا.