القومي للمرأة يهنئ سيدات مصر التي كرمهن الرئيس السيسي باحتفالية عيد العمال    مصطفى بكري: اتحاد القبائل العربية كيان وطني لا مجال للمزايدة عليه    الكنائس تحتفل بنهاية أسبوع الآلام "خميس العهد".. تعرف على طقوسه؟    مصطفى كامل يحتفل بعقد قران ابنته    إتمام إجراءات القيد بنقابة المهندسين لخريجي الدفعة الأولى من فرع جامعة كوفنتري    للشهر الثاني على التوالي.. ميتسوبيشي مصر تثبت أسعار سياراتها    "بعد استشهاد طبيب مختطف".. حماس تطالب المجتمع الدولي بمحاسبة الاحتلال    الأونروا تعلن عدم قدرتها على إجلاء المدنيين من رفح وتحذر من سقوط آلاف القتلى    باحث: انشقاق واضح وغير مسبوق داخل مجلس الحرب الإسرائيلي    القوات الروسية تتقدم في دونيتسك وتستولي على قرية أوشيريتين    الحكومة: نعمل على توفير السيولة الدولارية لمواجهة أي تحديات اقتصادية إقليمية أو دولية    بعد برونزية آسيا، تعرف على مجموعة العراق في أولمبياد باريس    دلعي ولادك مع أجمل كارتون وأنمي لما تنزلي تردد قناة سبيس تون الجديد 2024    "قبل التصعيد للجهات الدولية".. بيان رسمي من الأهلي بشأن واقعة الشيبي والشحات    حريق هائل بسوق الخردة في الشرقية والدفع ب8 سيارات إطفاء (صور)    جهود لضبط متهم بقتل زوجته في شبرا الخيمة    السجن 7 سنوات وغرامة مليون جنيه لشاب ينقب عن الآثار بأسيوط    بعد عرض 4 حلقات.. كيف علق الجمهور على مسلسل "البيت بيتي 2" ؟    ياسمين الخطيب تصدم الجمهور بسبب تغير أخلاق البنات (فيديو)    زاهي حواس لا يوجد آثار للأنبياء في مصر.. والبعض يدمرنا ليقف بجانب إسرائيل    من هي دانا حلبي التي ارتبط اسمها بالفنان محمد رجب وأنباء زواجهما؟    بالفيديو.. خالد الجندي يهنئ عمال مصر: "العمل شرط لدخول الجنة"    محافظ جنوب سيناء ووزير الأوقاف يبحثان خطة إحلال وتجديد مسجد المنشية بطور سيناء    أستاذ بالأزهر يعلق على صورة الدكتور حسام موافي: تصرف غريب وهذه هي الحقيقة    "العلاج على نفقة الدولة" يُطيح بمسؤولة الصحة في منيا القمح بالشرقية (صور)    "أسترازينيكا" تعترف بمشاكل لقاح كورونا وحكومة السيسي تدافع … ما السر؟    خلال احتفالات شم النسيم.. مشروبات احرص على تناولها بعد تناول الفسيخ والرنجة    وزير الرياضة يشهد توقيع بروتوكول تعاون مع جامعة جنوب الوادي    إصابة موظف بعد سقوطه من الطابق الرابع بمبنى الإذاعة والتلفزيون    نجوم الغناء والتمثيل في عقد قران ابنة مصطفى كامل.. فيديو وصور    لمدة أسبوع.. دولة عربية تتعرض لظواهر جوية قاسية    مصرع أربعيني ونجله دهسًا أسفل عجلات السكة الحديدية في المنيا    الأرصاد العمانية تحذر من أمطار الغد    أمين الفتوى ب«الإفتاء»: من أسس الحياء بين الزوجين الحفاظ على أسرار البيت    رسالة ودعاية بملايين.. خالد أبو بكر يعلق على زيارة الرئيس لمصنع هاير    مدينة السيسي.. «لمسة وفاء» لقائد مسيرة التنمية في سيناء    «المهندسين» تنعى عبد الخالق عياد رئيس لجنة الطاقة والبيئة ب«الشيوخ»    120 مشاركًا بالبرنامج التوعوي حول «السكتة الدماغية» بطب قناة السويس    محمد سلماوي: الحرافيش كان لها دلالة رمزية في حياة نجيب محفوظ.. أديب نوبل حرص على قربه من الناس    «ماجنوم العقارية» تتعاقد مع «مينا لاستشارات التطوير»    ب 277.16 مليار جنيه.. «المركزي»: تسوية أكثر من 870 ألف عملية عبر مقاصة الشيكات خلال إبريل    مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة الباجورية بالمنوفية    فنون الأزياء تجمع أطفال الشارقة القرائي في ورشة عمل استضافتها منصة موضة وأزياء    أدنوك الإماراتية: الطاقة الإنتاجية للشركة بلغت 4.85 مليون برميل يوميا    ندوة توعوية بمستشفى العجمي ضمن الحملة القومية لأمراض القلب    هجوم شرس من نجم ليفربول السابق على محمد صلاح    "بسبب الصرف الصحي".. غلق شارع 79 عند تقاطعه مع شارعي 9 و10 بالمعادى    رسائل تهنئة عيد القيامة المجيد 2024 للأحباب والأصدقاء    برلماني سوري: بلادنا فقدت الكثير من مواردها وهي بحاجة لدعم المنظمات الدولية    أذكار بعد الصلاة.. 1500 حسنه في ميزان المسلم بعد كل فريضة    رانجنيك يرفض عرض تدريب بايرن ميونخ    السكرتير العام المساعد لبني سويف يتابع بدء تفعيل مبادرة تخفيض أسعار اللحوم    دعم توطين التكنولوجيا العصرية وتمويل المبتكرين.. 7 مهام ل "صندوق مصر الرقمية"    الأهلي يجهز ياسر إبراهيم لتعويض غياب ربيعة أمام الجونة    هيئة الجودة: إصدار 40 مواصفة قياسية في إعادة استخدام وإدارة المياه    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة الامتحان الإلكتروني في مسابقة معلم مساعد فصل للمتقدمين من 12 محافظة    تأهل الهلال والنصر يصنع حدثًا فريدًا في السوبر السعودي    بروسيا دورتموند يقتنص فوزا صعبا أمام باريس سان جيرمان في ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مخازن الآثار "سرقات وإهمال ودمار".. تخزين الخراب
نشر في الأهرام العربي يوم 18 - 01 - 2016


جيهان محمود

- لا يوجد حصر عام لعدد القطع الأثرية فى المخازن

- 72 مخزنا بلا توثيق ما بين 35 مخزنا متحفيا و20 مخزنا لآثار البعثات و17 مخزنا فرعيا

- سوء التخزين يهدد كنوز نا الأثرية بالدمار

- معظم القطع المسروقة والمعروضة بالخارج سرقت من المخازن لأنها غير مسجلة

- كل مسئول يتجنب الجرد إلى أن تنتهى مدة خدمته حتى لا تظهر سرقات سابقة

- 40 مسلحا اقتحموا مخزن تل الفراعين بكفر الشيخ وسرقوا آثاره

- السلطات عجزت عن تسجيل آثار مخزن المتحف المصرى طوال العقود الماضية

- أجهزة الرقابة معطلة بمعظم المخازن

- موظف ينزع إحدى صفحات سجل أثرى بحوزته للاستيلاء على الآثار المدونة

- المخازن الفرعية أول مخازن تم إنشاؤها للآثار

- قطع آثار مخازن «تل الفراعين» فى شكاير وأقفاص


تمتلك مصر حضارة عريقة يقرها العالم كله ويتلهف لمشاهدتها، تتمثل فى آثارها التى هى دليل مجسد لهذه الحضارة وتاريخها.. سجلها الأجداد من آلاف السنين، يأتى إليها أطياف من البشر من شتى الجنسيات، يعبرون آلاف الأميال للوصول إليها ومشاهدتها عن قرب، ولا تزال البعثات العلمية من مختلف الدول تتمنى أن تكون ضمن الباحثين عن كنوز تلك الحضارة العريقة.. قدّرها الخبراء الأجانب ويفخرون بإسهاماتهم فى العثور عليها واستخراجها من مواقعها المخبوءة بفعل الزمن لآلاف السنين، ويزهون فى المؤتمرات الدولية بهذا الكشف الأثرى، وتظل العديد من القطع الأثرية التى اُكتشِفت رابضة فى 72 مخزن ما بين 35 مخزنا متحفيا و20 مخزنا لآثار البعثات و17 مخزنا فرعيا بالمواقع فى محافظات مصر المحروسة على عهدة د.مصطفى أمين الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار لكن هل تلك المخازن «محروسة» بالفعل؟، هل يُقدرِها أصحابها ويصونونها من النهب والاعتداء عليها؟ هل تم توثيقها بالوسائل الحديثة، أم لا يزال التسجيل يتم بالطرق البدائية؟ هل يتم جرد تلك المخازن دوريًا؟ خصوصًا بعد تكرار السطو على بعضها وسرقتها.. فى هذا الملف نقدم كل ما يتعلق بمخازن الآثار فى مصر التى توازى بنوك مصر التى تضم كنوزها الثمينة وثروتها، نتمنى أن تزداد على مر السنين، فهى احتياطى الاقتصاد المصري، الذى يجب ألا ينضب أبدًا..


تحتوى المخازن الأثرية على سجل حى لتاريخ أجدادنا القدماء، اكتشفه العلماء عبر عشرات السنين، الذى ظل قرونًا فى باطن الأرض.. وتنقسم المخازن الأثرية فى مصر إلى خمسة أنواع: مخازن المتاحف، المخازن الفرعية، المخازن المتحفية، مخازن الكليات، مخازن البعثات.

«مخزن المتحف المصري»
ولعل من أبرز مخازن المتاحف «قبو المتحف المصري»، وهو عبارة عن مساحة واسعة تحتوى شوارع وممرات وحجرات، جميعها تحت الأرض، يضم ما لا يقل عن 65‏ ألف قطعة أثرية، بعضها وضع داخل صناديق لم يتم فتحها منذ 70‏ عامًا، حيث لا يوجد حصر عام لعدد القطع الأثرية الموجودة فى بدروم المتحف المصري، وقد عجزت السلطات عن تسجيل ما به من آثار طوال العقود الثلاثة الماضية.
وبرغم أهمية قبو المتحف المصرى بمحتوياته، فإن الإضاءة به عبارة عن مصابيح عارية، وأسلاك كهربائية متهالكة، مع ازدحامه بمئات الصناديق الخشبية المكدسة بعضها فوق بعض لتصل إلى السقف، كما تغطى بيوت العنكبوت الفخار الأثرى واللوحات الأثرية - حسب ما قال مصدر رفض ذكر اسمه - الذى أمدنا بتلك الصور من داخل المخازن الممنوع اقتراب الصحافة منها أو تصويرها.

مخزن المتحف الكبير
مخزن 91 و 92 هما أكبر مخازن المتحف الكبير، بينهما باب، يفتح هذا الباب بغرفة التحكم، ويحتوى مخزن 92 على الحلى والمجوهرات وقطع ذهبية كثيرة، بجانب التمائم والفخار والزجاج والأوشابتي، وفى المخزنين أكثر من 12 ألف قطعة.
وتعتبر المخازن الفرعية أول مخازن تم إنشاؤها للآثار، وهى عبارة عن مخازن مصنوعة من الطوب اللبِن، ومقابر يتم وضع الآثار فيها، فهناك أكثر من 200 مخزن فرعى فى أنحاء مصر، وتحتوى تلك المخازن على أثمن الكنوز وأندرها، اكتشفها العلماء على مدار سنوات طويلة، منها: كنوز سليم حسن وزكريا غنيم وكمال الملاخ، وكذلك اكتشافات عشرات البعثات، ومع كل هذا لم يتم جرد تلك المخازن طوال عشرات السنين.
ولعل أهم تلك المخازن هى التى فى منظقة «سقارة»، حيث تحتوى على 68 مخزنًا فرعيًا، وعندما تم إنشاء المخازن المتحفية نُقِلَت محتويات 45 مخزنًا إلى المخازن المتحفية، ولا تزال بقية المخازن الفرعية بلا تأمين حقيقي.
وهناك مخزن «تل الضبعة» و»قنتير»، وهما من أكثر المخازن المهمة فى الشرقية، وقد أدى إهمال وعدم تأمين تلك المخازن وقلة الحراسة عليها إلى سرقتها بطريقة غامضة، وفى عام 2011 صدر قرار بنقل جميع محتويات المخازن الفرعية إلى المخازن الرئيسية، ومنها مخازن تل الضبعة وقنتير، ولكن لم يُنفذ القرار، مثل بقية المخازن.
فيما نجد المخازن المتحفية التى (هى عبارة عن كتلة خرسانية مزودة بأحدث أجهزة الرصد، وأجهزة إنذار وأجهزة إطفاء ومراقبة وغيرها)، تم إنشاؤها من أجل نقل الآثار الموجودة فى المخازن الفرعية إليها، حتى تكون تلك الآثار أكثر أمنًا وأمانًا، لكن ما حدث هو أنه تم نقل جزء بسيط نحو 200 أو 300 ألف قطعة، وظل الباقى فى المخازن الفرعية بلا سبب واضح.
والغريب أن معظم أجهزة المراقبة بتلك المخازن معطلة، ولا توجد أى متابعة ولا صيانة، وبرغم صعوبة اقتحام مبنى خرسانى أو كسر أبوابه الحديدية، فإن هناك سرقات حدثت فى تلك المخازن كما ذكرت مصادرنا.
وتبلغ عدد المخازن المتحفية، ما يقرب من 35 مخزنًا على مستوى الجمهورية، إلا أنها هى الأخرى لم تسلم من السرقة، على الرغم من تزويدها بأجهزة إنذار متطورة، فتم تعطيل جميع هذه الأجهزة بلا استثناء على مستوى الجمهورية!!

طرق التخزين
فى معظم مخازن العالم يتم وضع الآثار فى أماكن مناسبة لها، ويتم الحفاظ عليها بأعلى مستوى حتى لا تتلف القطع الأثرية، وتظل ببريقها وجمالها، فيما يتم وضع آثار مصر داخل المخزن المتحفى على سبيل المثال: مخازن «تل الفراعين» بكفر الشيخ يتم وضع قطع الآثار فى شكاير وأقفاص.. وغيرها كثير، ومنها: رأس «بطليموس» الموجودة فى أحد المخازن ببنى سويف، ويظهر عليها النشع، وهى ملقاة على أرض المخزن مباشرة، يحيطها جدران تساقط طلاؤها بفعل الرطوبة، وهذا ليس التمثال الوحيد الذى يعانى من مشاكل التخزين، فكل الآثار الموجودة فى المخازن تعانى سوء التخزين، مما يعرض تلك الكنوز للتدمير، ومع ارتفاع نسبة المحتوى المائى للآثار تتبلور الأملاح على السطح وداخل مسامات الأثر، فتضغط على الأجزاء الداخلية للأثر فتنفصل فى صورة أجزاء، ويتم تدمير التمثال على المدى القريب.
وللأسف كثير من هذه المخازن تظل فى بيئة غير مناسبة لها، مثل: الآثار التى اُكتشفت فى شرق الدلتا، وأثرت عليها عوامل الرطوبة والتغيرات الجوية والمياه الجوفية ومياه الصرف الصحى بشكل كبير، عكس الآثار التى تُكتشف فى الصعيد، فغالبًا تكون كاملة ومحتفظة بجمالها.
والمفروض أن يتم وضع الآثار فى مخازن صالحة للتخزين، يتم إعدادها بأعلى مستوى لحفظ الآثار؛ ولا بد أن يتم الفصل بين ما هو عضوى عن ما هو حجري، وحفظ المواد المختلفة فى درجات حرارة متفاوتة؛ فالقطع الأثرية من القماش والجلد والأخشاب لا تُحفظ فى نفس درجات الحرارة مع القطع الأثرية الحجرية، وإلا فإنها ستتحلل.
وهناك مخزن المتحف المصرى الموجود أسفل الأرض، يضم أكبر عدد من القطع المكدسة بشكل عشوائى بعضها فوق بعض، لا يتم جردها إلا عندما يتم اكتشاف سرقة بها، فضلاً عن نقل آلاف من القطع المسجلة من أماكنها الأصلية إلى أماكن أخرى، فيستحيل على من يجرد هذه المخازن الخروج بنتيجة وتحديد المسئولية، فمثلاً تم نقل آثار من الأقصر إلى مخزن «آثار البهنسا» فى المنيا، ونقل قطع آثار من مخازن إسكندرية إلى مخازن مرسى مطروح. وكان قد صدر أكثر من قرار بجرد جميع المخازن، وكالعادة كان يتم تشكيل لجان، ثم يتم تجاهل الأمر!!

الخرائط الرقمية
وبرغم التقدم التكنولوجى فى عالم التوثيق، فإننا فى مصر لا توجد لدينا خريطة رقمية «أثرية» مسجلة عليها جميع الآثار وقواعد البيانات المتصلة بها، ولا يزال كثير من الآثار المكتشفة مسجلة فى كشوف حصر يدوية أو بطاقات ورقية يسهل تزويرها أو نزعها، وكلها تتعارض مع مبادئ العمل الأثرى المنظم، والتدابير التى أوجبتها اتفاقية اليونسكو لعام 1971‏ بشأن حظر تصدير ونقل الممتلكات الثقافية بصورة غير مشروعة، وفى مقدمة هذه المباديء أن يكون الأثر مسجلاً فى بلده بطريقة تُسهِل عملية التعرف عليه واسترداده فى حالة تهريبه للخارج، وهو الأمر الذى أشار إليه تقرير المجالس القومية المتخصصة المعروض عام 1997 بأن تكدس الآلاف من القطع الأثرية فى مخازن معظمها غير صالح للحفاظ على ثرواتنا وتراثنا الحضاري، وتسجيلها بطريقة يصعب معها التعرف عليها، مما يساعد على ضياعها أو استبدالها والسطو عليها، وأوصى التقرير بضرورة تحديث وسائل تسجيل الآثار عن طريق تسجيلها على أجهزة الحاسب الآلى والأقراص المدمجة (C.D)‏، بدلا من اللجوء للأساليب العتيقة المعتمدة حالياً، لدرجة أنه فى إحدى قضايا جنايات الإستيلاء على الآثار، قام موظف حكومى بنزع إحدى صفحات سجل أثرى كان بحوزته، ثم استولى على الآثار التى كانت مدونة فى تلك الصفحة، وقام بتعديل أرقام الصفحات فى السجل، حتى تبدو للمُراجِع أن الآثار التى استولى عليها لا وجود لها على الإطلاق، وهو ما يؤكد أهمية الحصر الرقمى للقطع الأثرية‏.
‏وبرغم وجود أكثر من مركز معلومات فى وزراة الآثار يُسهِل عملية تسجيل الآثار، مثل: مركز معلومات تابع للأمين العام، ومركز معلومات، ومركز تسجيل آثار تابعين لقطاع الآثار المصرية، ومركز معلومات، ومركزى تسجيل آثار تابعين لقطاع الآثار الإسلامية، ومركز معلومات تابع لقطاع المتاحف، بالإضافة إلى مراكز المعلومات الموجودة بالمتحف المصري، ومتحف الحضارة، والمتحف الكبير، ومركز معلومات القاهرة التاريخية، وكذلك مركز معلومات النظم الجغرافية، فضلاً عن وجود ثلاث منح لتحديث مراكز المعلومات بالمجلس: منحة فلندية، منحة كورية، ومنحة إيطالية، وقيمة كل منحة خمسة ملايين دولار، وهناك ما يزيد على ألفى جهاز حاسب آلى فى هذه المراكز، إذا اُستخدمت لتمكنت هذه اللجان أن تسجل آثار مصر ودول المنطقة خلال عام.
وليس غريبًا أن معظم القطع المسروقة والمعروضة بالخارج لم نتمكن من إعادتها إلى مصر، فكثير منها سُرِقَ من المخازن، لأنها غير مسجلة، بل هناك أيضًا آثار مسجلة تمت سرقتها، ومعروضة فى المتاحف خارج مصر، ولم تفعل وزارة الآثار شيئًا لاسترجاعها!!
والعجيب أن كل مسئول يأتى يتجنب الجرد، حتى تنتهى مدة خدمته دون أن تظهر هذه السرقات، حتى إذا سُرِقت قطعة أثرية يستطيع أن يقول إنها تمت سرقتها قبل توليه المسئولية، فأصبحت الآثار مُعرضة للتلف بطرق التخزين غير اللائقة، خصوصا فى المخازن الفرعية، أو معرضة للنهب والسرقة لعدم التوثيق والجرد المتواصل.
وبرغم وجود أكثر من 50 متحفًا فى مصر، فإن الآثار النادرة لا تزال موجودة فى المخازن منذ عشرات السنين، بلا جرد ولا تسجيل، وعندما جاءت أحداث ثورة 25 يناير استغل اللصوص عدم تأمين المخازن، وعدم تسجيل وحفظ القطع الأثرية فى أماكن مناسبة، فحدثت سرقات كثيرة، وحينما تعرض المتحف المصرى للسرقة، تضاربت التصريحات، إذ أُعلِنَ عن سرقة 17 قطعة أثرية إثر دخول عدد من البلطجية إلى المتحف، ثم أُعلن بعدها العثور على بعضها، وتم العثور أيضًا على تمثال صغير يُعرف ب «الأوشابتي»، وهو ضمن مجموعة مفقودة من 11 تمثالاً صغيراً، كما تم العثور على جزء صغير من تابوت معروض بالمتحف، وأكد وزير الآثار –آنذاك- على سلامة المتحف ونفى تعرضه لأى سرقة، إلا أن الجرد الذى قام به مركز البيانات التابع للمتحف المصرى أكد فقدان 8 قطع، توالت بعدها سرقات الآثار، وتعرضت العديد من المخازن الأثرية للمهاجمة والنهب من بينها مخزن «الهرم»، وهو عبارة عن مقبرتين ضمتا آثار «سليم حسن» العالم الأثرى الشهير، لم يتم جرد تلك الآثار منذ سنوات عديدة، وظلت فى مقابر مهملة وسط حراسة ضعيفة، برغم إنها تضم كنوزا ثمينة جدًا، إذ أن «سليم حسن» اكتشف أكثر من 200 مقبرة، تضمها المخازن التى تحمل اسمه ومغلقة منذ الستينيات، ولها ثلاثة أبواب، الأول: باب من الطوب الأحمر، والثاني: من الخشب، والثالث: من الحديد، وهذه الأبواب الثلاثة مدفونة فى التراب، ومع كل هذا استطاع اللصوص شق نفق صغير للدخول للمخازن!!
كما تعرض مخزن «تل الفراعين» بمحافظة كفر الشيخ لهجوم متكرر قام به أكثر من 40 مسلحًا بعد ثورة 25 يناير 2011، وأعلن حينها رئيس الإدارة المركزية لآثار الوجه البحرى والدلتا أن المسلحين استطاعوا كسر أبواب المخزن، والعبث بمحتوياته، وقاموا بكسر عدد من الصناديق التى تحتوى على الآثار، ولم يستبعد المسئول وجود عصابات دولية منظمة تستغل الوضع الأمنى – حينذاك - بمساعدة بعض تجار الآثار؛ لنهب وسرقة الآثار بشكل ممنهج، خصوصا أن المواقع الأثرية والمتاحف تتم مهاجمتها بشكل يومي، كما تعرض موقع آثار «الزولين» بمحافظة الشرقية للتعدي.
وإن كانت المخازن المتحفية منظمة وعليها مغلقة ولها حراسة بشكل جيد، فهناك مخازن أخرى يحرسها عسكرى وخفير بنبوت.
ولعل مخازن آثار «سقارة» الأكثر خطورة وعدم التأمين، إذ إن المنطقة يوجد بها 68 مخزنًا قديمًا، بعضها داخل المقابر المكتشفة، وبعضها مبنى من الطوب، وكان اللصوص يحفرون أسفل هذه المبانى لسرقة الآثار، خصوصا أن المنطقة مترامية الأطراف، ومفتوحة من الجهة الغربية على صحراء دهشور، ولم يكن بها أمن كافِ، وعندما كثرت سرقات الآثار بها، قررت هيئة الآثار إنشاء مخازن متحفية، وبالفعل تم إنشاء ثلاثة مخازن، تم نقل إليها آثار محتويات نحو 45 مخزنًا من المخازن القديمة، ولا يزال هناك 23 مخزنًا قديمًا به آلاف قطع آثار دون تأمين، حتى عندما تم نقل الآثار إلى المخازن المتحفية المؤمنة، لم تسلم من السرقات، ويحتوى المخزن على نحو 50 ألف قطعة أثرية بعضها وضِعَ على أرفف، وبعضها داخل صناديق تحمل أرقاما مسلسلة، ومدونا على كل صندوق محتوياته، وأرقام الآثار به، كذلك يضم المخزن قسمًا لترميم الآثار.
أما المخازن القديمة فهى موجودة فى المنطقة الأثرية المفتوحة على الصحراء، وهى عبارة عن مبانى حجرية، أو مبان من الطوب الأحمر، والآثار بها مكدسة، عليها باب حديد وقفل، ورغم هذا يقوم اللصوص بكسره ليصبحوا داخل المخزن مباشرة، فلا توجد أى كاميرات مراقبة، ولا أسوار تحيط بتلك المخازن، والحراسة البشرية عبارة عن خفير تابع للهيئة، وعسكرى شرطة وصول مباحث نهاراً، يتضاعف هذا العدد ليلاً ليصبح 4 خفراء بلا سلاح، تابعين للهيئة و2 من العسكر مزودين بسلاح آلي، ومعهم «صول» المباحث يحمل طبنجة، ونتيجة لقلة العدد يتعرض هؤلاء الحُراس للخطر الشديد، خصوصا أن المنطقة مترامية الأطراف.
وهناك نماذج عديدة من السرقات التى تمت فى المخازن الأثرية، خصوصًا فى مناطق: سقارة، وفى الهرم، ودهشور، حيث إنها مناطق صحراوية ذات مساحات شاسعة، ومن أبرز وقائع السرقات التى تمت، منها: اقتحام مقبرة «رع حوتب» فى أبوصير، وسرقة جزء من الباب الوهمى للمقبرة، وفى «سقارة» سرق اللصوص أجزاء من مقبرة «حتب كا»، وسرقة جبانة هرم «تيتي»، كما تمت سرقة مخازن سليم حسن فى الهرم، متمثلة فى كميات من العملات والملابس والآثار الفرعونية، وكانت هذه المخازن مغلقة بثلاثة أبواب، وكذلك سرقة مخازن آثار بالبر الغربى تابعة للبعثة الألمانية العاملة بحفائر معبد «أمينوفيس» الثالث، فسرق منها: رأس جرانيتى تابع للملك «أمينوفيس» الثالث والد «أخناتون»، ورأس جرانيتى للآلهة «خمت»، وأيضًا سرقة مخزن تل الضبعة التابع للبعثة النمساوية مركز فاقوس بمنطقة آثار شمال الشرقية، ومخزن تل الفراعين فى دسوق بكفر الشيخ..
وهكذا تظل حضارة وتاريخ أجدادنا بين رحايا الإهمال والنهب والسرقات، فهل سيستمر هذا العبث بكنوز الأجداد على أيدى الأحفاد؟.. أم نرى صحوة ضمير تجتاح البشر، مسئولين ومواطنين، ويغلب الإنتماء ويعم الاهتمام البشر بآثارنا المصرية والحفاظ على تاريخ وحضارة آلاف السنين التى صنعها القدماء المصريون، وقدرها الأبناء والآباء..

72 مخزناً لآثار مصر
بعد اتصالات كثيرة مع د. مصطفى أمين، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، لم تسمح ظروفه وانشغاله باجتماعات داخل المجلس أو خارجه، فتوصلنا إلى إيفادنا تليفونيا بحصر شامل لعدد مخازن آثار مصر فى جميع أنحاء الجمهورية، والتى يبلغ إجمالها 72 مخزنا، وتقسيماتها كالتالى:
الوجه البحرى: 11 مخزنا متحفيا 8 مخازن لاستكشافات البعثات الأجنبية مخزن فرعى بالمواقع.
محافظتا القاهرة والجيزة: 7 مخازن متحفية 12 مخزنا للبعثات 13 مخزنا فرعيا بالمواقع الأثرية.
منطقة مصر الوسطى: 6 مخازن متحفية.
مصر العليا: 11 مخزنا متحفيا 3 مخازن فرعية بالمواقع الأثرية.
وكل هذه المخازن لم يتم جرد محتوياتها، إلا 14 مخزنا فقط من ال 72 مخزنا.


التأمين قبل الترميم

د.عبد الحليم نور الدين: أول جرد بدأ 1995 وتركت منصبى قبل الانتهاء منه

د.حجاجى إبراهيم: مخازن سقارة وبوتو والأقصر تكررت سرقتها قبل وبعد 25 يناير

ربما لا يدرى بعض المسئولين عن الآثار فى مصر كم يبلغ عدد القطع الأثرية التى تحتويها المخازن على وجه التحديد؟ وربما تكون أخر مرة تم جرد وتوثيق محتويات تلك المخازن فى أثناء تولى د.عبد الحليم نور الدين، (وعميد كلية الآثار جامعة مصر والعلوم الحديثة حاليًا، وأمين المجلس الأعلى للآثار الأسبق –إبان تبعيته لوزارة الثقافة-)، الذى يذكر أن المخازن فى المناطق الأثرية فى مصر تصل إلى ما يزيد على 150 مخزنًا تقريبًا، بالإضافة لنحو 35 مخزنا داخل المتاحف كلها، منوهًا أن الآثار كانت تُخزن فى مقابر فى الصخر، وما يشبه الكهوف فى الصحراء، أو فى مخازن غير مؤَّمنة، ولم يكن هناك تسجيل بالصورة أو بوسائل التكنولوجيا الحديثة..

يؤكد «نور الدين» أن أول مرة يتم فيها جرد مخازن الآثار كانت فى عام 1995، فى أثناء توليه منصب أمين عام المجلس الأعلى للآثار، إذ قام بتشكيل لجان ضمت أثريين وأكاديميين وقانونين وأمنيين، وأُنجز 85 % من عملية جرد الآثار، ويروى كيف واجهت اللجنة صعوبات فى تجهيز صناديق لنقل الآثار بها، وكان لا بد من توفير مخازن متحفية، منشأة حديثة مأمنة تُبنى بالطوب الأحمر، تتكون من أكثر من قاعة، لها باب معدن، (قام ببنائها جهاز الخدمة الوطنية بالقوات المسلحة) فى عدة مناطق قريبة من بعضها البعض، وتتطلب تسجيل الآثار، وكان يتم كل ذلك بميزانية ضعيفة جدًا، حيث كانت تابعة لوزارة الثقافة، وأنه ترك منصبه قبل الانتهاء من استكمال عملية الجرد.
ويذكر أمين عام المجلس الأعلى للآثار الأسبق أنه حاول بعد ترك منصبه متابعة التطورات، ولم يُمكن من ذلك، ولم تُعلن نتيجة الجرد حتى الآن، التى بدأها فى عام 1995 ولم يتوصل إلى معلومة مؤكدة.
ويرى د.عبد الحليم نور الدين أن قضية التأمين هى من أولويات العمل الأثري، قبل الترميم وغيره، حيث إنها تفتقد وسائل الأمان والتأمين الحديثة، مما يعرضها للسرقة.
ويسرد رواية أعجب وأشهر وأجرأ سرقة – فى رأى د.عبد الحليم نور الدين- لأثر تمت فى وجود الرئيس الليبى السابق «معمر القذافى» مع الرئيس المصرى الأسبق محمد حسنى مبارك من منطقة أبو الهول، لتمثال جاءوا به ليشاهده الرئيسان ثم اختفى فى وجودهما، ولا أحد يعرف كيف تمت سرقته!
ويشدد «نور الدين» على ضرورة التأكد من أن كل المتاحف مأمنة، خصوصًا فى المحافظات، فلا بد من تأمين تلك المخازن والمتاحف، ووضع كاميرات مراقبة داخلية وخارجية لحماية الآثار المصرية والحفاظ عليها، متسائلاً: لماذا لا تضع الدولة الآثار فى المكانة اللائقة بها؟ وتهتم بها وتحافظ عليها، فهى تمثل ثقافة الأجداد والأحفاد، والآثار هى مورد مهم للدخل القومى الذى تقوم عليه السياحة ورغم ذلك لا يهتم بها أحد.
وينوه د.حجاجى إبراهيم رئيس قسم الآثار والسياحة بالجامعات المصرية إلى أن هناك مخازن مركزية، منها: مخازن االمتحف المصرى والإسلامى والقبطى واليونانى والروماني، ومخازن إقليمية مثل: متحف طنطا والأقصر وملوى والإسماعلية وبورسعيد والغردقة ورشيد وكفر الشيخ والعريش والخارجة، أما مخازن المواقع فهى فى الأقصر وسقارة والقرمة وبوتو والمطرية والقلعة والهرم.
ويلفت النظر إلى ضرورة عودة الخفير «أبو نبوت» أو العصا، صاحب «الهيبة» والعزوة والأهل، الذى كان إذا استخدم عصاه أو العباية لا يجرؤ أحد على الاقتراب من المخزن الذى يقوم بحراسته، ويشدد د.حجاجى على ضرورة الاستفادة من رجال شرطة السياحة والآثار السابقين وخبراتهم الطويلة، فى تدريب أفراد أمن المخازن والمتاحف.
ويطالب بإعادة النظر إلى إسناد مسئولية المخازن والمتاحف إلى من يمتلكون ورشة لتصنيع نماذج ومستنسخات للآثار، لأنه من الممكن أن يأخذ تمثالا ويعمل نموذجا عليه، ومن السهل أن يقوم شخص بوضع النموذج بدلاً من إعادة التمثال الأصلى، مؤكدًا أن تلك الواقعة حدثت بالفعل فى إحدى المرات، رافضًا ذكر الأسماء..
ويقول إن بعض المخازن الأثرية تعرضت للسرقة والنهب عدة مرات، منها: مخازن سقارة وبوتو بكفر الشيخ والأقصر قبل ثورة 25 يناير 2011، ثم تكررت السرقات بعدها مرات عديدة لنفس هذه المخازن، بالإضافة إلى مخازن أخرى مثل: رشيد وعلى بك الكبير، وكذلك مخازن متحفية بالمتحف الرومانى بالإسكندرية ومخازن ملحقة بمبنى ديوان عام الإسكندرية، إذ تم نسف الديوان ودُمِرَ بالكامل، وكذلك مخازن ملويِّ، كما سُرِقت أخيرًا كراتين مليئة بالقطع الأثرية فى نجع حمادي، ولها قضية لا تزال تُنظر أمام القضاء.
ويستكمل د. حجاجى روايته عن سرقة المخازن قائلاً: من أشهر المواقع التى تمت سرقتها: مخزن بوتو فى كفر الشيخ ومخازن سقارة بالهرم ومخازن الأقصر، لافتًا النظر إلى وجود مشكلة نقل بعض الآثار من مكانها إلى أخر لا علاقة لها، إذ هناك كثير من القطع الأثرية ذات فترة تاريخية محددة تم نقلها إلى مخازن بعيدة كل البعد عن نفس النوعية والحقبة الزمنية لتلك الآثار.
وفى السياق نفسه يقر مجدى الغندور (مدير مخازن سقارة السابق) أن المخازن والمقابر -المنتشرة بعدد كبير- فى فترة ما قبل عام 1999 كانت غير مؤّمنة، إذ كانت بأبواب خشبية، وسقف خشب، وحوائطها من الطوب اللَبِنْ الهش، من السهل اختراقها بالأيدي، من خلال فتحة بالحائط أو من السقف الخشب بخلع الألواح الخشبية والنزول، وسرقة محتواياتها ثم وضع الخشب مرة أخرى، ويعتبر أن الحراسة هى المسئولة عن هذا، لأن الحارس مسئوليته «القِفل» والرصاص الذى على الباب، ومن السهل خلع السقف وخرق الحائط، ويذكر «الغندور» ما تم فى فترة التسعينيات (93 – 94) أنها المخازن لم تكن مؤمنة، رغم أنها تحتوى على قطع أثرية مهمة، تمت سرقة كثير منها، ويصفها بأنها كانت فترة سيئة، حيث إن المخازن مهلهلة، ما بين مخازن الآثار التى اكتشفتها بعثات أجنبية، ومخازن حفائر المنطقة، ويروى كيف قام اللصوص بعمل ثقب فى الحيطة وأستولوا على آثار مهمة جدًا، منوهًا أن ما قام به د.عبد الحليم نور الدين من بناء مخازن متحفية مؤمنة بمواصفات معينة، وشَكّلَ لجان –لأول مرة- لجرد كل المخازن فى جميع المناطق.
ويقول «مجدى الغندور»: عندما تسلمت عملى فى عام 1992 أعطونى «شوية» مفاتيح وقالوا لى هذه عهدتك!!.. فسألت عهدة من هذه؟ ردوا: ليست عهدة أحد..» مؤكدًا أن فترة التسعينيات كانت أسوأ فترة فى مخازن الآثار، وأن سقارة فقط كان بها 60 مخزنًا، يتم وضع القطع الأثرية وبناء حائط بالطوب والأسمنت على الباب حتى لا تتم سرقتها، حيث كانت السرقات تحدث كل يوم من مخزن، فضلاً عن عدم وجود سجلات لمحتويات أى مخزن، وأصبح كل واحد يفتح المخزن ويضع قطعة ويغلقه، ثم يأتى المسئول الذى بعده فيعطيه المفاتيح دون تسليم سجلات بالمحتوى، وكل هذا من تراكمات عام 1960.
ويؤكد «الغندور» أن المفروض على كل مسئول عن مخزن يسجل عهدته ويسلمها لما يليه، لكن للأسف ما يحدث عكس ذلك تمامًا، فالتسليم يتم دون مراجعة ما يتسلمه المسئول الجديد، راويًا تجربة حدثت له فى 27 سبتمبر 1994 عندما أعطوه مفاتيح مخزن «سخم حت» الذى كان تم نهبه وسرقته من قبل، وكان الختم الذى على الباب منذ عام 1986 أى قبل مجيئه إلى للعمل بالمنطقة من سنوات عديدة، ولم يفتحه، واُتهم الحارس –آنذاك- بالإهمال الجسيم، وتم حبسه 6 أشهر، ويستكمل الغندور روايته قائلا: «استدعتنى النيابة الإدارية، وسألوني: عهدة من؟، فأجبت: طبعًا ليس عهدتى لأنه لم يسلمه لي» .
ويؤكد «الغندور» أن تسليم مخزن لا بد أن يتم بعدة إجراءات، منها: تشكيل لجنة يكون بها عضو قانونى وشرطة، واللجنة تجرد محتوى المخزن وتسجله على الورق، وتقوم بتسليم العهدة مسجلة كل بياناتها، وتدون عليها اسم من سلمها، ومن تسلمها.
ويستكمل قائلاً: «بعد التحقيقات وقع عليَّ 15 يومًا جزاءً، وتعطلت ترقياتي، وظللت عامين أسعى حتى أسقطوا الجزاء بذنب لم أرتكبه، لأنى لم أتسلم المخزن من أحد».
ويذكر «الغندور» أن بناء المخازن بدأ بعد عام 1999، على مستوى عال، واليوم متحف الحضارة يحتوى على مخازن كثيرة جدًا، تم نقل العديد من الآثار إليها، وإلى جانب مخازن منطقة سقارة، وتم بناء مخزني متحفين كبيرين نقل إليهما قطع آثار بنسبة 90 % مما كان فى المخازن القديمة، وانتشرت المخازن، ولايزال بعضها لم يتم جرده حتى الآن.
ويقول إن المفروض أن يتم جرد المخازن المهلهلة عند تسليمها من شخص لآخر، وخصوصًا أنها تتكون من أقسام، كل منها يتولى شخص المسئولية عنه ويتسلمه، وعند قيامه بأجازة يسلمها لزميله، منوهًا عن أن المشكلة فى عملية الجرد أنها تستغرق وقتًا طويلاً جدًا لكميات الآثار الهائلة، ولكى يتم جردها لا بد من 6 أشهر، وهنا إذا كان شخص سيسافر إلى الخارج شهراً مثلاً، فهل سينتظر لجرد هذه المدة؟
ويؤكد «الغندور» أن مشكلة الجرد لها تراكمات سنين من الإهمال، لا يقع على المفتش ولا المنطقة، إنما على القيادات التى كانت تخشى أن تشكل لجانا ويُكتشف شيء، فالصحافة تكتب ويحاسب هو، وأحيانًا يكون عدم الجرد بسبب أن هؤلاء القيادات لا تريد مشاكل، مشددًا على ضرورة إجراء عملية جرد المخازن بشكل دائم، حتى لا تُبدل قطع أصلية بأخرى مزيفة، أو تسرق، وأن المفروض السلطة الإدارية العليا هى التى تصدر قرارا بالجرد، وتتحرك لتنفيذه، لافتًا النظر إلى أن عملية الجرد التى بدأها د.عبد الحليم نور الدين لم تستكمل فى بعض المخازن، مثل مخازن «سليم حسن» بسوهاج، التى لم تُفتح حتى الآن، ولا أحد يعرف ما محتواها، كما هناك مقابر آثار بالجيزة لا أحد يعرف مكانها، المشكلة أيضًا أن هناك من يحفر خِلسة، ويسرق ما بها من الآثار، لأنها غير مسجلة، ويصبح سهلاً تداولها ونهبها.
وأثار الغندور مشكلة أن بعض العاملين بوزارة الاثار ومنها قطاع التفتيش الذى يضم 150 مفتشا، لا يحضر منهم سوى 3 أو 4 هم الذين يواظبون على عملهم، والآخرون يذهبون لقبض مرتباتهم.
ويعتبر د.لؤى محمود سعيد، أستاذ الآثار بجامعة المنوفية، أن أى متحف فى العالم لا بد أن يكون فيه مخزن، الذى يضم احتياطى إستراتيجى للمتحف، وفى نفس الوقت يحتوى على آثار مهمة مما تعطيه زخم وأهمية، وفى مصر تعتبر مخازن المتاحف من الناحية التأمينة فهى أفضل من غيرها، ليس للتأمين الأعلى، لكن لأنها على الأقل غير ظاهرة للعيان لوجودها داخل المتحف، ليست فى مكان مفتوح، وهذا لا يمنع وجود نوع من الفوضى داخل مخازن المتاحف، حيث إنه من المفترض أن كل متحف يحتوى على آثار سواء معروضة أو مخزنة لا بد أن تكون كلها موثقة، ولها بيانات وسجلات وصور، لكن للأسف الشديد هذا غير موجود، فليست كل المخازن لها سجلات لكامل محتوياتها، فالمتحف المصرى مثلاً نقلت محتوياته إلى مخازن أخرى بغرض تجهيز المخزن، ثم تعاد إليه بعد الانتهاء من تلك الأعمال، لكنها للأسف كل ما خرج منه لم يرجع مرة أخرى.
ويؤكد د.لؤى أن معظم مخازن الآثار تحتوى على العديد من القطع الأثرية غير المسجلة على الإطلاق، لافتًا النظر أن الآثار المعروضة بالمتاحف لا يتم لها جرد، وليس المخازن فقط.
ويروى موقفًا تعرض له أثناء رغبته فى تصوير إحدى القطع الأثرية لنشرها علميًا، وأنه أخذ الموافقة على تصوير القطعة، وكانت معروضة ثم تم تخزينها فى قبو المتحف، أخبره عنها أحد الأمناء، الذى قال له إنها مهمة جدًا، وظل عام ونصف العام يبحث عن تلك القطعة غير مسجلة، حتى وجدها بالصدفة البحتة فى أحد المخازن، وهذا حال كل المخازن التى بها الكثير من القطع غير المسجلة أو المثبتة لها بيانات ومعلومات وصور عنها.
وأثار د. لوى محمود سعيد مشكلة حفظ الآثار ووصفها بأنها فى غاية السوء، وبالتالى إذا كان ضمن المحتويات مواد عضوية فحالتها تتدهور مع الوقت، نتيجة للرطوبة وسوء التخزين وتكدسها، مع وجود حشرات وفئران، كما تتأثر أيضًا بالرطوبة الآثار الحجرية، فضلاً عن وضعها فى صناديق مكدسة ومغلقة من عشرات السنين، والغريب أنه يتم تناقل العهد بشكل عفوى مثلاً إذا كان هناك مسئول سيخرج من الخدمة فيقوم بتسليم من يليه عدة صناديق مغلقة دون معرفة محتواها أو جردها بدفاتر موثقة، وأرجع هذا إلى خوفهم فتح الصناديق ليجدوها غير منضبطة أو فقدان أى منها، أحيانًا يفتح بعضها لأنها تخدم الباحثين ودارسى الآثار، فمن الممكن أن يكون هناك أثر يغيير التاريخ كله.
ويلفت د.لؤى النظر إلى أننا نفتقد قمية علمية عالية جدًا، بعدم تسجيل الآثار وتوثيق المعلومات عن كنوز مصر، وبالتالى حتى إن توفر الأثر بحالة جيدة وفى مكان مؤمن، لكن فى النهاية مادام لا يظهر أمام الناس، ولا أستطيع التعامل مع القيمة العلمية الخاصة بهذا الأثر، فيصبح ما نمتلك بلا قيمة.
ويقترح أن يتم مراجعة كيفية الحفظ والتغيير الذى طرأ على الآثار الموجودة بالمخازن، ومراجعتها بصفة دورية وتسجيلها، ومتابعتها باستمرار، منوهًا إلى أن الكاميرات ببعض المتاحف والمخازن لا تعمل إلا حسب رغبة المسئول، كما أن أجهزة الإنذار لا تعمل، وأفراد الأمن يحضرون ويتغيبون بمزاجهم، بل منهم من لا يذهب إلى العمل.
ونوه إلى أن أغلب المخازن التى تم سرقتها بعد ثورة 25 يناير 2011 هى مخازن المواقع الغير مؤمنة، وللأسف ليست لدينا سجلات بكامل آثارنا.


خطة مونيكا حنا لإنقاذ مخازن الآثار.. تشجيع الآثاريين والأكاديميين على نشر القطع الأثرية

تعيين من أدوا خدمتهم بالصاعقة لتأهيلهم للتعامل مع المواقع الأثرية

عدم ردم حفر السرقة وتوثيقها علميا

الباحثة د. مونيكا حنا المدرس بالجامعة الأمريكية بالقاهرة والحاصلة على الدكتوراه فى علوم الأثار من جامعة «بيزا» الإيطالية، قامت بعد ثورة 25 يناير بإنشاء حملة مجتمعية للرقابة على التراث والآثار بالاشتراك مع أكاديميين آخرين لحماية المواقع الأثرية والمتاحف، غامرت وذهبت إلى عدد من المواقع المفتوحة التى تكرر سرقتها وواجهت الخطر، وسجلت الحدث وصورت مدى الإهمال بتلك المواقع، تحدثنا حول ما يتم فى آثار مصر فى الحوار التالى:
ما مدى السرقات التى تعرضت لها آثار مصر؟
لا شك أن هناك سرقات قبل عام 2011، لكن كان يتم التعتيم عليها، أما بعد الثورة وفى ظل الانفلات الأمنى الذى حدث عقب 25 يناير 2011، قام الكثيرون بمهاجمة المخازن الأثرية، مثل: مخزن القنطرة شرق، الذى سُرق منه 825 قطعة، تم استرداد منها 329 قطعة، وهى من منطقة سيناء والإسماعيلية وبورسعيد، وتعتبر فى غاية الأهمية، حيث إن الكثير منها يوثق الوجود المصرى القديم فى منطقة سيناء، وفى مارس 2011 هاجم 50 مسلحًا مخزن «تل الفراعين» بكفر الشيخ، وقاموا بسرقة محتوياته، ولم تُعلن نتائج جرد المخزن إلى الآن، فضلاً عن حدوث سرقات أخرى بالمخازن لقطع أثرية مهمة نجدها -غير معلنة أيضًا- تظهر فجأة بصالات المزادات العالمية، مثل لوحة «الزيوت» المكتشفة على يد الدكتور نجيب قنواتي، وكذلك تمثالى منف.
كيف وجدتِ تأمين تلك المواقع وحمايتها؟
يتم تأمين المواقع الأثرية من خلال حُراس أمن وزارة الآثار، وبعض المواقع تُؤمن على يد شرطة السياحة والآثار، ويتداول داخل وزارة الآثار أنه يوجد تقريباً 14 ألف فرد أمن معينين لحماية المواقع الأثرية، لكن للأسف الشديد هم كتلة بشرية غير مدربة وغير مفعلة بالشكل الكافى، وإذا سألتِ حارس الموقع عن حدود أملاك الآثار(التى يقوم بحراستها) فلن يعرف؛ لأنه لم يطلعه أحد على خريطة توضح الموقع بشكل جيد، ويتعرض أفراد الأمن للهجوم من العصابات المسلحة، مثلما حدث فى «دهشور» و»اللشت» و»جرزا»، ومناطق أخرى كثيرة، كما يتعرض الحُراس أيضاً لتهديدات عديدة –للأسف الشديد- من بعض سكان المناطق ليتم السماح لهم بالتنقيب خلسة بهذه المواقع.
إلى أى مدى يتم سرقة المواقع؟
تتعرض 80% من المواقع المصرية للحفر الخِلسة، سواء من العصابات الممنهجة، أم من بعض أهالى المناطق بجميع محافظات مصر، وأكثرها الأماكن التى ليست مفتوحة للزيارة، وهناك مواقع أثرية تم تدميرها عن بكرة أبيها فى الثلاث سنوات الماضية، مثل: «أبو صير الملق» بالوسطى - محافظة بنى سويف.
ما تجاربك فى هذا المجال؟ وكيف كانت ردود فعل المسئولين عنها والمواطنين ؟
كل ما أملكه كأكاديمية هو التعريف ونشر الوعى بمشاكل الآثار والأثريين، لذلك أسسنا الحملة المجتمعية للرقابة على التراث والآثار لرفع الوعى المحلى والدولى بمشاكل الآثار، وكانت أغلب ردود فعل المسئولين الكبار بوزارة الآثار هى نفى الوقائع، ومهاجمة أعضاء الحملة، والتشهير بهم شخصيًا، وعدم الاعتراف بهذه المشاكل، وفى إحدى المرات قام وزير الآثار السابق بإشاعة أن ما ننشره من صور هو «فوتوشوب»، ولم يكلف نفسه عبء زيارة الموقع الأثرى المشار إليه للتأكد من صور الحملة، لكن المفتشين والمسئولين المهتمين بالحفاظ على آثار مصر، كانوا يتواصلون مع الحملة بشكل مستمر، ويدعوننا إلى زيارة مواقعهم، لتوصيل صوتهم الذى «بح» بمطالبة المسئولين وعبر الوسائل الإعلامية فى مصر للحفاظ على هذه المواقع.
ما اقتراحاتك فى مسألة التأمين؟
أولاً: يجب رفع كفاءة أمن وزارة الآثار، من خلال التدريب وفتح باب التعينيات للذين قضوا مدة تجنيدهم بسلاح الصاعقة بالجيش المصري؛ لأن التجنيد فى الصاعقة يرفع كفاءة الفرد، ويؤهله للتعامل مع المواقع الأثرية، التى تقع فى أماكن صحراوية صعبة، ثانيًا: يجب أن تكون هناك متابعة قوية من المفتشين، ومدّهم بالعتاد اللازم، مثل: السيارات ذات الدفع الرباعى للمرور على المواقع بشكل يومي.
ثالثًا: عند حدوث حفر خلسة لا يجب ردم الحفر وعمل محضر فقط، بل يجب توثيق الحفر علميًا، لكى لا نفقد كل الدلائل التاريخية للمناطق وتفعيل وحدة Rescue Archaeology
رابعًا: يجب إشراك القرى والمدن، بحيث تقع المواقع الأثرية فى البحث العملى والتنقيب والترميم بشكل فعال من خلال دورات تعليمية للشباب والأطفال، والتواصل مع أهالى القرية، وتطوير الموقع الأثري، ليكون مركزًا ثقافيًا صغيرًا، يشغل الشباب عن الحفر الخلسة، وتوفير فرص عمل لهم من خلال مشاريع تساعد وزارة الآثار على تسويقها، كل ذلك سوف يجعل للموقع الأثرى صفة جديدة فى تطوير المجتمع، ويحميه دون الحاجة لأعداد غفيرة من الأمن.
خامسًا: يجب تشجيع الآثاريين والأكاديميين على نشر القطع الأثرية الموجودة بالمخازن، مما يحمى هذه القطع من التقليد والسرقة.
سادسًا: لا بد من جرد المخازن بشكل دوري، من لجان خارج وزارة الآثار، ومواجهة ظاهرة تقليد القطع الأثرية، من خلال سجلات إلكترونية، تحكم حركة القطع الأثرية وتحميها.
فى رأيك ما مدى تقدير المسئولين بقيمة وأهمية تلك الآثار؟
للأسف الشديد كثير من المسئولين يعتبرون الآثار هى وظيفة حكومية فقط، وكثير منهم لا يبرح كرسيه بالوزارة، رغم أن الآثار مجال يجب أن يوجد المسئول عنه بالمواقع الأثرية بشكل دوري، ليتعرف على المشاكل عن قرب، ويساعد فى إيجاد الحل وآلياته.
وماذا عن المواطنين؟
كثير من المواطنين يتفاعلون بشكل جيد مع مشاكل الآثار ويشكلون ظهيرًا شعبيًا قويًا للحملة المجتمعية للرقابة على التراث والآثار، وللأسف البعض منهم يعتقد أن الآثار هى «لقية» أو كنز، ويعتبر من حقه التنقيب عنها وبيعها، وهو لا يعرف أن هذه جريمة، فهو يسرق اقتصاد الأجيال المقبلة، ويدمر هوية وتراث مصر.


..والمسئول يرد: د. محمود عفيفى رئيس قطاع الآثار المصرية: جرد المخازن يتم كل 3 سنوات

كل سجلات المخازن المتحفية عليها ختم النسر ومصورة ميكروفيلم

مخازن الواحات البحرية نموذج للتطوير بأحدث الوسائل

كان لابد أن نواجه د. محمود عفيفى، رئيس قطاع الآثار المصرية المسئول بصفته مسئولاً عن جزء كبير من المخازن، ليجيب عن أسئلة عديدة حول مشاكل تلك المخازن، وكيفية إيجاد حلول لحماية والحفاظ على كنوز مصر، قدم لنا رؤيته، وخطة وزارة الآثار المستقبلية لتطوير المخازن وخلال هذا الحوار:


كم عدد المخازن الفرعية ومخازن المتاحف فى مصر؟
لدينا 32 مخزنًا متحفيًا بمختلف أنحاء مصر، منها فى القاهرة والجيزة 7، وفى الوجه البحرى 8، وفى مصر الوسطى 5 ، أما المخازن الفرعية هناك خطة بقرار وزارى بنقل محتويات المخازن المتحفية إلى مخزن متحف الحضارة، وسيتم تفعيل هذا القرار، وبدأنا جرد تلك المخازن لنقلها.
منذ خروج د.عبد الحليم نور الدين من منصبه لم يتم جرد محتويات المخازن.. لماذا؟
غير صحيح، طبقًا لقانون حماية الآثار يتم جرد المخازن كل 3 سنوات، وهى عملية شاقة للغاية، لأنى كى أقوم بجردها، لابد أن أمسك كل قطعة أثرية وأرى حالتها، وقد تم جرد مخزنين فى عام 2010، و3 مخازن فى عام 2011، ثم فى 2012 تم جرد مخزنين، ومثلها فى عام 2013، و8 مخازن فى 2014 ، كما تم جرد 6 مخازن فى 2015 ، وحتى الآن ما تم جرده 23 مخزنًا من 32 مخزنًا متحفيًا.
تمتلك وزارة الآثار العديد من مراكز المعلومات والأجهزة الإلكترونية والحاسبات الآلية التى تستطيع بها توثيق آثار مصر وجيرانها، ولا تزال كثير من الآثار المكتشفة مسجلة فى كشوف حصر يدوية أو بطاقات ورقية يسهل تزويرها أو نزعها.. لماذا لا يتم تسجيل كل آثارنا إلكترونيًا؟
كل السجلات الخاصة بالمخازن المتحفية موجودة وعليها ختم النسر، وكل سجل له رقم، فإذا تم نزع ورقة ستظهر بكل سهولة، أما التوثيق الإلكترونى هو الذى من السهل التلاعب فيه والتزوير، عكس المكتوب يدويًا، الموثق بكل تفاصيل الصورة والحجم وكل البيانات، ولدينا نسخة مصورة ميكروفيلم لكل سجلات الآثار المصرية بمقر الوزارة فى الزمالك.
سوء التخزين مشكلة تهدد كنوزنا، وفى بعض المخازن يتم فيها وضع الآثار فى كراتين وأقفاص، وبعضها يُلقى على الأرض، فضلاً عن رطوبة الجدران.. كيف ترى ذلك؟
نقوم حاليًا بتطوير كل المخازن المتحفية، بحيث يكون كل نوع موجودا فى حجرة، ونفذنا ذلك فى مخازن الواحات البحرية، وتم تشغيل كاميرات المخزن داخلية وخارجية، وبناء سور وأبراج مراقبة، وتم تخزين القطع مصنفة بنوعها، وجار استكمال بقية المخازن، بأعلى مستوى، حتى يتاح عرض ورؤية كل محتوى المخزن المتحفى للزائرين.
كيف تُهرب الآثار وتباع خارج مصر؟
لدينا آثار خرجت بطريقة شرعية، وأخرى خرجت بطريقة غير شرعية، حتى 1983 وقبل صدور قانون 119 لحماية الآثار، كانت الآثار يتم بيعها فى المتحف المصرى وفى البازارات، ويأخذ المشترى عليها ختمًا رسميًا مثلما يحدث فى صالات المزادات الموجودة فى الخارج،، وبعد 1983 توقف البيع نهائيًا، فمن اشترى آثار من مصر قبل هذه الفترة، يعد الأثر خرج بطريقة شرعية، كما كان هناك أيضًا قبل صدور هذا القانون نظام "القسمة" بين البعثات الدولية التى جاءت للبحث عن الآثار، حيث إنها تحصل على نصف الآثار المكتشفة، والقانون أوقف هذا النظام، بالإضافة إلى الإهداءات التى كانت تتم، مثل: إهداءات "معابد" لمن شارك فى نقل معبد أبو سمبل، وكذلك إهداءات رؤساء الدول، أما الطريقة غير الشرعية فهى الحفر "خلسة" ، وطبقًا لاتفاقية اليونسكو فالآثار المسجلة تسترد دون أى مجهود، إنما الحفر "خلسة" من السهل أن نثبت أنها خرجت بطريقة غير شرعية، ونحاول استردادها وفى الفترة الأخيرة استردينا عددا من تلك الآثار، وللأسف بعد الثورة انتشرت هوجة البحث عن آثار بغرض الثراء السريع.
تأخر الإجراءات فى استرداد أثر خارج مصر قد يساهم فى ضياعه إلى الأبد، كان أخرها تمثال "سخمت كا".. لماذا البطء فى اتخاذ اللازم؟
لا غير صحيح، ليس هناك تأخر فى استرداد أثر من أى بلد، لابد من إجراءات عديدة، منها التنسيق مع الإنتربول الدولي، ومع وزارة الخارجية التى بدورها تخاطب سفارة البلد، وتمثال "سخمت كا" خرج من مصر عام 1849 أى خرج بطريقة قانونية، من الصعب استرجاعه، والناس كانت تريد جمع تبرعات لشرائه، ونحن كهيئة آثار منعنا التعامل مع متحف لندن الذى باع التمثال، لأن أى قطعة أثرية قبل عام 1983 لا نستطيع استردادها.
فى رأيك كيف نوقف هذا النهب لآثارنا؟
كانت فى فترة غياب الأمن، أما الآن الشرطة موجودة وتعمل اللازم تجاه لصوص الآثار وهناك قضايا فى ساحة القضاء.
ألا يحدث حفر بالمواقع وتتم سرقة ما بها من آثار نهارًا؟
يوجد حفر "خِلسة"، وهناك متابعة لذلك، لكن تحجمت كثيرًا فى الفترة الأخيرة، وكلما زادت أدوات مكافحة الإجرام، فالمجرم يطور نفسه ويحدث أساليب جديدة، وشرطة السياحة والآثار ستقوم قريبًا بتدريب أفراد أمن الوزارة على كيفية التعامل مع السلاح، وسنمد الحراس ورجال أمن المخازن بالسلاح اللازم، فالمنظومة الأمنية بدأنا تطويرها.
يقال إن فى بعض الأماكن يتغيب رجل الأمن عن مهامه.. ما صحة ذلك؟
غير صحيح تمامًا.
فى بعض المخازن والمتاحف أجهزة المراقبة إما معطلة إما لا تعمل إلا بالأمر.. بمعنى أن هناك من يقوم بإيقاف عملها، أو يشغلها حسب رغبته.. هل هناك متابعة على المخازن والمتاحف؟
لا، غير صحيح، فكرة المخازن المتحفية بدأناها فى عام 2002 ، والأجهزة تتطور، فمن الطبيعى أن يكون أول جهاز تم تركيبه قديما واخترع أحدث منه بمراحل، مع عدم وجود الصيانة الدورية فالأجهزة عطلت، لكن فى الوقت الحالى بدأنا نطور الأجهزة ونبدلها بأخرى حديثة، والمخزن المتحفى بالواحات البحرية نموذج للتطوير، فهو مغطى بكاميرات حديثة بالداخل وخارج السور وأبراج حراسة، وغرفة مراقبة تعمل 24 ساعة تسجل كل ما يدور داخل المخزن وخارجه، ونقوم حاليًا بتحديث كاميرات وأجهزة المراقبة بكل المخازن، وستكون هناك متابعة دقيقة لها وصيانة بشكل دوري.
مخازن سقارة تحتوى آلاف القطع المهمة من آثار مصر.. أكثر المخازن التى عليها مشاكل عديدة.. لماذا ؟
لا غير صحيح، هناك لجنة مشكلة من النيابة العامة، تقوم بجرد مخزن سقارة فى الوقت الحالي، ولا تزال تعمل.
لماذا تتكرر سرقة الآثار فى منطقة سقارة أكثر من غيرها؟
منطقة سقارة من المناطق التى بها مخازن عديدة أثرية ومحاطة بالسكان من كل اتجاه.
أحد المسئولين السابقين عن سقارة قال إنه عند تسلم عمله أعطوه "شوية" مفاتيح وأبلغوه أنها عهدته دون جرد أو مراجعة محتويات المخازن.. كيف يتم ذلك؟
لا غير صحيح، لو أنا أستلمت صندوقاً عليه أختام، فمسئوليتى هى الأختام فقط، إذا "انفكت" هذه الأختام يبقى أنا الذى "فكتها" وسرقتها، طول ما الأختام سليمة فأنا "تمام"، إنما أستلم مفاتيح فقط فهذه غلطتي، وهناك فرق أنى أستلم عهدة، فلو أنا جئت دخلت المخزن وجدت فيه 5 أحراز "متبرشمين" أثبت هذا عند استلامى المخزن بختم عليه أسماء المسئولين السابقين لهذا الحرز المغلق، فالمسئولية هى الختم الذى على الصندوق، المفروض أن المسئول يراجع محتويات المخزن، ويطابق السجل بالصورة والمقاسات، وكنت ضمن 3 لجان لتسليم مخزن سقارة، وكنا نسلم من واقع السجل ومطابقته على الطبيعة.
يقال إن بعض العاملين يمتلك ورشة لصنع نماذج أثرية من الجبس، ألا يعد هذا خطرًا لتبديل قطع أثرية بأخرى مزيفة؟ وكيف نتفادى ذلك؟
كى تفتحى مخزنا هناك ضوابط، تراجعين أولا دفتر أحوال، وأن الأختام سليمة، فى وجود رجل شرطة، وتكتبى أسباب فتح هذا المخزن، ترميم أم دخول أونقل آثار، كل هذا يثبت فى دفتر أحوال المخزن، وفى محضر فتح وغلق المخزن.
هناك مخازن قديمة سقفها من الخشب يقوم البعض بخلع تلك الألواح الخشبية ويسرق المحتويات ثم يخرج بالقطع الأثرية ويعيد الألواح أعلى السقف مرة أخرى.. كيف يحدث هذا ؟
نعم حدثت فى ميت رهينة، وشكلت لجنة قامت بجرد المخزن، ولجنة أخرى من النيابة العامة أعادت الجرد مرة ثانية، نحن لا نغض الطرف عن أى خطأ، بل نحيله إلى النيابة.
متى يكون لدينا أرشيف كامل لمحتويات آثارنا بجميع أنحاء مصر موثق بشكل دقيق بالوسائل التكنولوجية ولا نعتمد على السجلات الورقية التى من الممكن أن تتلف أو تُحرق أو تُنزع؟
التسجيل الورقى لا يمكن الاستغناء عنه، ولدينا نسخ ميكروفيلمية، لكل سجلات المخازن المتحفية.
هناك بعض المخازن ليس لها أية سجلات.. لماذا يتم جردها وتوثيق محتوياتها إلكترونيًا؟
المخازن غير المسجلة أغلبها قطع أثرية حجرية ضخمة، كانت مخزنة مثل مخزن فى سقارة نضعه فى التفتيش القديم ، جهزناه وعملنا أرضية وسقف خرسانة نضع فيه الكتل الحجرية الكبيرة غير مسجلة (عناصر معمارية) التى هى جزء من حائط، جزء من عامود، وهى صعب تسجيلها، لأننا ممكن نجد مكانا ونركبها، فمثلاً البعثة الألمانية تعمل فى معبد "أمنحتب الثاني"، وأثناء ذلك وجدت بدن تمثال، ورأسه موجودة فى متحف الأقصر، فطلبت تركيبه للتمثال ووافقنا، فالعناصر المعمارية نجمعها بحيث نرى إمكانية تركيبها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.