السيد حسين قال الروائي المصري الشاب محمد ربيع أنه لم يكن يتوقع الاختيار ضمن القائمة الطويلة للجائزة، على الرغم من أن الكثيرين حوله توقعوا ذلك لروايته "عطارد" الصادرة عن دار التنوير 2015. وفي تصريحات خاصة ل" الأهرام العربي" أكد ربيع أن ما لفت نظره أن معظم أسماء الكتاب في قائمة هذه الدورة هي أسماء غير معروفة ولم يسبق لها الوصول للقائمة من قبل، ويبدو أن لجنة التحكيم هذه المرة انحازت لكتاب غير مشهورين، وكأنها تحاول ضخ دماء جديدة بشكل غير مباشر في طريق الأدب العربي. الترشيح مهم بالتأكيد، وأظن أن الجوائز بمثابة تعويض عن المبيعات المنخفضة للرواية في العالم العربي بشكل عام، فكما يعلم الجميع، تنتشر الروايات المرتبط باسم الجائزة أسرع من غيرها.كل هذا يخدم الأعمال المرشحة وأسماء الكتّاب جيدًا، الخروج من النطاق الضيق للأعمال الأدبية شيء جيد، وتوسيع دائرة القراء يعني وصول أفكار الكاتب ورؤيته إلى أكبر عدد ممكن من الناس. و"عطارد" قدمها القاص ياسر عبد اللطيف بأن عطارد هو أقرب الكواكب للشمس، وهو أكثرها حرارةً. هو قطعةٌ من الجحيم بمعاييرنا الأرضية. وهو أيضاً ضابط ممن شهدوا اندحار الشرطة في 28 يناير 2011، في رواية محمد ربيع الثالثة التي تحمل ذات الاسم عنواناً لها. في مفتتح الرواية، نراه قبل الأحداث ضابطاً شابّاً برتبة نقيب، يحقق في جريمة قتل غرائبية. في مشهد تختلط فيه الدماء باللحم البشري المطبوخ بالفضلات الإنسانية بشكل مثير للغثيان وهو ما سيطبع حياته فيما بعد وفي مستقبل متخيل، بقدر يرسمه السرد مستحضراً كلّ مفردات استطيقا القبح والعنف. ويبدو ربيع، كعادته في روايتيه السابقتين: "كوكب عنبر" و "عام التنين" مسكوناً بجغرافيا المدينة، وهو ولع لا ينفيه أو يقلل منه الحال الخرائبي الذي صوره لمستقبل القاهرة، فأنت تتحرك مع الشخوص في خرائط شديدة الإخلاص للواقع وإن خيّمت عليها تلك الأجواء الكابوسية. كأنّه يقيس إمكانيات الواقع واحتمالات ترديه لا مشفقاً ولا متحسِّراً. يواصل محمد ربيع في "عطارد" ما بدأه في روايته الثانية من فانتازيا سياسية تقارب اليوتوبيا المقلوبة "الديستوبيا" هذه المرة، في سرد يدمج التأمل في قلب الإيقاع اللاهث للأحداث الفادحة التي تتوالى، ويتنقل بين عوالم مستقبلية شديدة الإعتام، وماض كان مسكوناً دائماً بذلك الجحيم. وفي تطوّر لغوي سيدركه بسهولة متابع أعمال الكاتب السابقة. هي رواية عن الدماء، تستلهم حمرتها من غزارة ما أريق في السنوات الأربع الأخيرة. رواية عن الحياة البشرية وقد تدنت قيمتها لدرجة المجانية.