عصام صاصا بعد تسببه في مصرع شاب دهسا بالسيارة: "مش قاصد"    بعد نجاح "فاصل من اللحظات اللذيذة".. هشام ماجد يواصل تصوير "إكس مراتي"    محافظ قنا يتفقد مزرعة الخراف لطرحها للبيع قبل عيد الأضحى    أبرز مستجدات إنشاء وتطوير الموانئ لتحويل مصر لمركز إقليمي للنقل وتجارة الترانزيت    الري تفتح الحدائق والمزارات أمام المواطنين في احتفالات شم النسيم    أحمد إمام يفوز بعضوية مجلس إدارة الاتحاد المصري لتمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة    الأنباء الفرنسية: إسرائيل تقصف منطقتين طالبت بإخلائهما في رفح الفلسطينية    افتتاح دار واحة الرحمة في العاصمة الإدارية (صور)    نزوح أكثر من ألف أسرة بسبب الفيضانات في أفغانستان    باحث فلسطيني: صواريخ حماس على كرم أبو سالم عجّلت بعملية رفح الفلسطينية    رقم خرافي.. عرض قطري ضخم ل"علي معلول" يقربه من الرحيل عن الأهلي    فان دايك يكشف موقفه من الرحيل عن ليفربول نهاية الموسم    زياد السيسي يحقق ذهبية تاريخية لمصر في بطولة الجائزة الكبرى للسلاح    وزير الأوقاف يجتمع بمديري المديريات ويوجه بمتابعة جميع الأنشطة الدعوية والقرآنية    10 تعليمات من تعليم القاهرة لطلاب الصفين الأول والثاني الثانوي قبل الامتحانات    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في حادث بالوادي الجديد    «شعبة الأسماك»: 50% ارتفاعًا بسعر الفسيخ عن العام الماضي.. والإقبال أقل من المتوقع    كيف دعم تركي آل الشيخ صديقه محمد عبده بعد إعلان إصابته بالسرطان؟    6 مشروبات مهمة يجب تناولها عقب وجبة الرنجة والفسيخ في شم النسيم    ختام فعاليات المؤتمر الرابع لجراحة العظام بطب قنا    معهد أمراض العيون: استقبال 31 ألف مريض وإجراء 7955 عملية خلال العام الماضي    حبس المتهمة بقتل زوجها بسبب إقامة والده معها في الإسكندرية    مصر تحقق الميدالية الذهبية فى بطولة الجائزة الكبرى للسيف بكوريا    وزير الشباب يشهد "المعسكر المجمع" لأبناء المحافظات الحدودية بمطروح    «الصحة»: إجراء 4095 عملية رمد متنوعة ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    "دور المرأة في بناء الوعي".. موعد ومحاور المؤتمر الدول الأول للواعظات    متى يُغلق باب تلقي طلبات التصالح في مخالفات البناء؟ القانون يجيب    متروكة ومتهالكة في الشوارع.. رفع 37 سيارة ودراجة نارية بالقاهرة والجيزة    أسهلها الدفع أونلاين.. تعرف على طرق حجز تذاكر القطارات لكافة المحافظات (تفاصيل)    على مائدة إفطار.. البابا تواضروس يلتقي أحبار الكنيسة في دير السريان (صور)    5 ملفات تصدرت زيارة وفد العاملين بالنيابات والمحاكم إلى أنقرة    إيرادات علي ربيع تتراجع في دور العرض.. تعرف على إيرادات فيلم ع الماشي    "كبير عائلة ياسين مع السلامة".. رانيا محمود ياسين تنعى شقيق والدها    في ذكرى ميلادها.. محطات فنية بحياة ماجدة الصباحي (فيديو)    لماذا يتناول المصريون السمك المملح والبصل في شم النسيم؟.. أسباب أحدها عقائدي    مفاجأة.. فيلم نادر للفنان عمر الشريف في مهرجان الغردقة لسينما الشباب    وسيم السيسي: قصة انشقاق البحر الأحمر المنسوبة لسيدنا موسى غير صحيحة    زيادة قوائم المُحكمين.. تحديث النظام الإلكتروني لترقية أعضاء هيئة التدريس    طارق العشرى يُخطط لمفاجأة الأهلي في مواجهة الثلاثاء    جامعة أسيوط تنظيم أول مسابقة للتحكيم الصوري باللغة الإنجليزية على مستوى جامعات الصعيد (AUMT) 2024    الرئيس الصيني: نعتبر أوروبا شريكًا وتمثل أولوية في سياستنا الخارجية    هل أنت مدمن سكريات؟- 7 مشروبات تساعدك على التعافي    ضبط 156 كيلو لحوم وأسماك غير صالحة للاستهلاك الآدمي بالمنيا    التعليم تختتم بطولة الجمهورية للمدارس للألعاب الجماعية    الشرطة الأمريكية تقتل مريضًا نفسيًا بالرصاص    فشل في حمايتنا.. متظاهر يطالب باستقالة نتنياهو خلال مراسم إكليل المحرقة| فيديو    موعد عيد الأضحى لعام 2024: تحديدات الفلك والأهمية الدينية    مفاجأة عاجلة.. الأهلي يتفق مع النجم التونسي على الرحيل بنهاية الموسم الجاري    إزالة 9 حالات تعد على الأراضي الزراعية بمركز سمسطا في بني سويف    مقتل 6 أشخاص في هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على منطقة بيلجورود الروسية    ولو بكلمة أو نظرة.. الإفتاء: السخرية من الغير والإيذاء محرّم شرعًا    رئيس لجنة الدينية بمجلس النواب: طلب المدد من ال البيت أمر شرعي    "احنا مش بتوع كونفدرالية".. ميدو يفتح النار على جوميز ويطالبه بارتداء قناع السويسري    بالصور.. الأمطار تتساقط على كفر الشيخ في ليلة شم النسيم    أول تعليق من الأزهر على تشكيل مؤسسة تكوين الفكر العربي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 6-5-2024    قصر في الجنة لمن واظب على النوافل.. اعرف شروط الحصول على هذا الجزاء العظيم    البحوث الفلكية تكشف موعد غرة شهر ذي القعدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجيش والزراعة والتموين فى مواجهة الأزمة.. ترويض الأسعار
نشر في الأهرام العربي يوم 11 - 12 - 2015


ملف من إعداد: حنان البيلى
ليست هى المرة الأولى التى تنزل فيها القوات المسلحة إلى الشارع المصرى لمهمة إنسانية اقتصادية، مثل مواجهة غلاء الأسعار أو مجابهة أخطار الزلازل والسيول، بل سبقها الكثير والكثير من المرات، وفى كل العهود الرئاسية منذ ثورة 1952حتى الآن.
وقد تجلت تلك الظاهرة عدة مرات عديدة فى عهد الرئيس السادات، وفى عهد مبارك تحديدا فى عامى 2008و2009، تفاقمت أزمة رغيف العيش، وسقط عشرات القتلى من جراء الخناقات والمشاجرات، ومن قبل عندما ضرب الزلزال مصر عام 1992تدخلت القوات المسلحة لمساعدة الناس وبعدها بعامين فى 1994كانت السيول التى ضربت الصعيد خصوصا القرى، وكان للقوات المسلحة دور كبير.. وهكذا
وها هو الرئيس السيسى يصدر توجيهاته لمواجهة الأزمة الطاحنة لغلاء الأسعار. التى دخلت فى سلسلة من الزيادات المتتالية، التى لم تحرق الفقراء فقط، بل امتدت إلى الطبقة الوسطى من المجتمع المصرى، التى شعرت بأنها لا تستطيع تغطية نفقاتها الشهرية وبدأت فى السحب من مدخراتها.

وهذا ما يسميه الاقتصاديون زيادة نسبة التضخم فى الأسواق المصرية، وبشكل أبسط أن ما كان يمكن شراءه بعشرة جنيهات مثلا منذ شهرين ماضيين، فإنك لا تستطيع شراءه بنفس السعر اليوم، ومن هنا كان تأكيد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حديثه الأخير، أنه يشعر بما يعانيه الناس، خصوصا غير القادرين من ارتفاع الأسعار.
وها هى الجهود المتضافرة بين القوات المسلحة بمنافذها المتعددة، ووزارتى الزراعة و التموين لمواجهلة المشكلة، فتقوم هيئة الإمداد والتموين بتوفير السلع والمنتجات الغذائية بأسعار مدعمة فى كل منافذ البيع التابعة للقوات المسلحة فى الجمهورية للسيطرة على ارتفاع الأسعار، خصوصا بالنسبة للسلع الأساسية واللحوم الحمراء.
واتفقت وزارة التموين والتجارة الداخلية مع اتحاد منتجى الدواجن على توريد 2000طن من الدواجن المحلية بأسعار لا تزيد على 20جنيها للكيلو فى المجمعات الاستهلاكية وشركتى الجملة والسيارات المتنقلة، بالإضافة إلى طرح 2000طن من الأوراك بسعر 9جنيهات للكيلو.
وتم الاتفاق مع 50من محلات الجزارة فى محافظتى القاهرة والجيزة على بيع اللحوم التى ستوزعها عليهم وزارة التموين بأسعار مخفضة تتراوح ما بين 50و60جنيها للكيلو، ليشعر المواطنون بنسبة تخفيض كبيرة فى أسعار اللحوم.
وتم الاتفاق بين وزارتى الزراعة والتموين والتجارة الداخلية على طرح السلع والمنتجات الغذائية بتخفيضات تتراوح ما بين 20و ٪30، فى كل من المجمعات الاستهلاكية والسيارات المبردة ومنافذ البيع التابعة لوزارة الزراعة، وسيكون ذلك بشكل يومى.
وقد اتخذ الرئيس عدة قرارات أهمها تغيير رئيس البنك المركزى، ومطالبته للجيش المصرى بضرورة توفير السلع فى كل الأماكن، وبأسعار فى متناول الجميع لإحداث انخفاض فى أسعار السلع، خصوصا السلع الأساسية. ويبقى السؤال قائما إلى أى مدى يمكن أن يستمر هذا التدخل من جانب هيئة الإمداد والتموين بالجيش المصرى؟ وما الأسباب الحقيقية التى تؤدى إلى تلك الزيادة فى أسعار السلع؟ وما الإجراءات المطلوبة من الحكومة فى الأجلين القصير والمتوسط لضبط الأسعار؟ كل هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها الخبراء فى محاولة لطرح رؤى مختلفة لحل تلك الأزمة المزمنة فى الاقتصاد المصرى.
ولكى نحاول حل تلك المشكلة لابد من معرفة أسبابها، والسبب الرئيسى أننا شعب يستهلك أكثر مما ينتج، فنحن نستورد نحو ٪50من غذائنا من الخارج، مما يضعنا تحت رحمة الأسعار فى الأسواق العالمية، هذا بخلاف تراجع الاحتياطيات النقدية لدى البنك المركزى، وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار، فيكفى أن نعرف أنه منذ قيام ثورة 25يناير أغلق أكثر من أربعة آلاف مصنع، وتوقفت عن الإنتاج إما بشكل كلى أو بشكل جزئى.
إذن بيت الداء يكمن فى أننا دولة مستهلكة ولا ننتج سوى نصف ما نستهلكه، وهنا يؤكد الدكتور شريف دلاور، الخبير الاقتصادى، أن سعر صرف الجنيه المصرى كان له التأثير الأكبر، لكن عمق المشكلة هو هيكل الصناعة المصرية، الذى يعتمد على المكون الأجنبى الذى يتم استيراده بنسبة أكبر من المكون المصرى.
فإذا كان المكون الأجنبى يمثل نحو ٪65من المنتج، والمكون المحلى النسبة الباقية، أى نحو ٪35، فنحن أمام صناعة تجميعية، وكذلك انتشرت السلع الاستهلاكية فى عهد الرئيس الأسبق مبارك، فمثلا صناعة تجميع السيارات، فكل سيارة منتجة فى مصر أو بمعنى أدق مجمعة، ٪65منها مكون مستورد، والباقى مصرى، فإن كل سيارة مجمعة فى مصر تضغط على سعر الصرف.
وفى السلاسل التجارية التى فتحت فى مصر فى أيام عاطف عبيد، شوهد هيكل التجارة المصرى، حيث فتحت السوق على البضائع المستوردة أكثر من المنتجة محليا.
أما الدكتور فخرى الفقى، الخبير الاقتصادى ومساعد الرئيس التنفيذى لصندوق النقد الدولى، فيرى أن أسباب الغلاء الحالى هو التركيز على علاج خلل واحد من الاختلالات المالية، وهو تقليل العجز فى الموازنة العامة، من خلال قضية دعم السلع التموينية ودعم الخبز ومنظومة الكروت الذكية للمنتجات البترولية، دون النظر إلى الخللين الآخرين، وهما تفاقم العجز فى الميزان التجارى، فنحن نصدر بنحو أربعة مليارات دولار، فى حين نستورد نحو 6مليارات دولار، أى أن الفجوة تصل فى الميزان التجارى إلى نحو مليارى دولار سنويا.
وعندما زاد سعر الدولار منذ فبراير الماضى حتى اليوم ثلاث مرات، يعنى ذلك زيادة تكلفة وارداتنا، سواء كانت سلعا ومواد غذائية أم كانت مواد خام أم سلعا وسيطة تستوردها المصانع، مما سيزيد من سعر المنتج النهائى.
بخلاف ذلك يوجد فى مصر احتكار قلة، فمعظم السلع التى يتم استيرادها يقوم باستيرادها عدد محدود من المستوردين، وهم من يحتكرون السوق، لذلك لابد من كسر هذا الاحتكار عن طريق زيادة درجة المنافسة فى الأسواق، فإذا كان سوق الاستيراد والسلعة معنية يعمل فيه نحو 50مستوردا، فإن المنافسة ستكون كبيرة ولا يمكن أن يتفق هذا العدد فيما بينهم، بينما إذا كانوا خمسة أو عشرة فإنه يمكن الاتفاق، هذا بخلاف ضرورة تفعيل الأجهزة الرقابية مثل جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وجهاز حماية المستهلك.
والحل الثانى والمسئول عنه البنك المركزى المصرى، وهو زيادة السيولة النقدية فى السوق المصرى، نتيجة لسياسة التوسعة، فالسيولة الموجودة فى جسم الاقتصاد المصرى وصلت إلى ٪14هذا العام، فى حين أن معدل النمو لا يزيد على ٪4، و الفرق بين النسبتين هو ٪10يمثل معدل التضخم، ولابد أن يسمح هذا الفرق فى الأسعار، ولعلاج هذا الخلل لابد من تقليل معدل نمو السيولة فى جسم الاقتصاد المصرى.
وخلال العام ونصف العام الماضى، نسى القائمون على رسم السياسة الاقتصادية المصرية الخللين الآخرين، وركزوا على علاج عجز الموازنة، تركوا المصريين مستباحين للسلع المستوردة، وندرة الدولار تسمح فى الأسعار بالزيادة، لذلك فإذا كانت السياسة المالية توسعية، فإن السياسة النقدية يجب أن تكون متحفظة، لذلك لابد من علاج هذا الخطأ فى التعامل مع المشكلات والاختلالات بشكل منفرد، لذلك يجب علاج تلك الاختلالات فى آن واحد.
أما الدكتور سلطان أبو على، وزير الاقتصاد الأسبق، فيرى أن الأسعار هى نتاج تفاعلات ثلاثة عناصر أساسية، وهى الإنتاج، وهو يمثل العرض بما فيه من تكاليف الإنتاج المخلتفة سواء كانت أسعار السلع الخام أم الأجور أم أسعار الطاقة وخلافه، والجانب الثانى هو جانب الطلب، أى الاستهلاك بما لدى المستهلكين من الدخل، والعامل الثالث هو الجانب التنظيمى والمؤسسي، بمعنى هل يوجد احتكارات فى السوق، ويقوم التجار بالسيطرة عن طريق شراء محاصيل الفلاحين بعد تمويل عملية الزراعة، وبالتالى يستطيع التاجر التحكم فى الأسعار، وبالتالى فإن المشكلة تكمن فى زيادة أسعار الصرف التى عن طريقها يقوم التجار باستيراد السلع والمنتجات، سواء كانت غذائية أم سلعا معمرة أم سلعا وسيطة تدخل فى عملية التصنيع المحلى. لكن الحل من وجهة نظر الخبراء يحتاج إلى وقت يمكن وصفه بالمدى المتوسط، لكن على المستوى الآنى فإنه كا ن لابد من تدخل السيد رئيس الجمهورية بإصدار تعليماته لرئيس هيئة الإمداد والتموين بالقوات المسلحة المصرية بضرورة توافر السلع، وتحديدا الأساسية، فى كل منافذ بيع القوات المسلحة، وكذلك الوجود فى المناطق التى لا توجد بها منافذ لتوفير احتياجات المواطن.
والخبراء يرون أن هذا حل مؤقت يصلح للأجل القصير فقط، لذلك فإنه لابد من وضع الخطة اللازمة لإصلاح تلك الاختلالات الهيكلية فى الاقتصاد المصرى، ويرى د. فخرى الفقى أنه فى الأجل القصير لابد أن تعمل الحكومة على اتخاذ خطوات سريعة لعلاج الخلل فى الميزان التجارى، وقد بدأت بالفعل فى ذلك، فقد بدأت تتحدث عن ترشيد الاستيراد، وقد حدث انخفاض بالفعل بين واردات العام الحالى والعام الماضى، بالإضافة إلى تحفيز الصادرات.
وقد اتخذ وزير المالية قرارا بأن تكون كل المشتريات الحكومية من المنتجات المحلية، حتى لو كانت ب أسعار تزيد عن سعر المستورد ب %10، تشجيعا لاستهلاك الإنتاج المصرى، لكن تنفيذ ذلك القرار يحتاج إلى محاربة ذوى الذمم الخربة الذين يتولون إدارة المشتريات، وسيتم تشكيل لجان مركزية داخل كل وزارة أو مصلحة حكومية، وسيتم الآن تفعيل هذا القانون الموضوع منذ سنوات لمحاربة الفساد، ومن خلال هذا الإجراء نستطيع أن نوفر ما قيمته مليار دولار.
ولابد لوزير التجارة من تشديد الموافات البيئية والفنية والصحية حتى لا يكون السوق المصرى مفتوح على مصرعيه للمنتجات المستوردة الرديئة، وعن طريق ذلك نستطيع توفير نصف مليار دولار، وهذا الإجراء لا يخل باتفاقياتنا مع منظمة التجارة العالمية.
ويطالب فى هذه النقطة تحديدا د. شريف دلاور أنه يمكن لوزير التجارة إلزام سلاسل المحلات التجارية الموجودة فى مصر بأن تكون %60من مبيعاتها منتجات مصرية، وهذا لا يتعارض مع قواد منظمة التجارة العالمية، بالإضافة إلى إمكانية فرض ضريبة القيمة المضافة أو ضريبة المبيعات، ويجب العمل على الاكتفاء الذاتى من المنتجات الزراعية حتى لا نضطر للاستيراد.
ويؤكد فخرى الفقى، أن وزير المالية قرر زيادة الجمارك على السلع التى ستؤثر بالسلب على المنتج المحلى، والعمل على زيادة رسوم الإغراق والرسوم الجمركية على بعض السلع، بما لا يخل باتفاقياتنا مع منظمة التجارة العالمية، ويمكن لوزير التجارة أن يضع أسعارا استرشادية للسلع المستوردة، فهناك بعض المستوردين أصحاب الذمم الخربة يقومون بفتح الاعتماد ب 10ملايين دولار، ويتفق مع من يستورد منه على وضع بضاعة بمقدار ثمانية ملايين دولار فقط فى الكونتينر، ويتم تحويل مليونى دولار فى حسابه الخاص فى الخارج، وهنا لابد لموظف الجمارك أن تكون لديه قائمة أسعار استرشادية، حتى يستطيع أن يكتشف المستورد الفاسد من الصالح الذى لا يسرق، خصوصا أنه يستفيد من السعر الرسمى للدولار فى البنوك عند فتح الاعتماد.
أما بالنسبة للصناعة، فإن هناك أكثر من 1200مصنع متعثر فى قطاع الصناعة، هذا بخلاف المصانع التى أغلقت أبوابها بالفعل، ولابد من الجلوس معهم لمعرفة مشاكلهم، فإذا كانت قلة النقد الأجنبى، فلابد أن يقوم البنك المركزى بتوفير العملة، وإذا كانت مشاكلهم بالضرائب المتراكمة عليهم والحجز على مصانعهم، فلابد من حل ذلك، حتى تستطيع أن تعمل من جديد، وتزيد المعروض فى السوق المصرى، مما سيساعد على تقليل الأسعار، هذا بخلاف احتمالية إعادة تصدير منتجاتها مرة أخرى.
أما بالنسبة لمشكلة زيادة السيولة فى السوق المصرية، فإنه يجب سحب تلك السيولة، وقد حدث ذلك بالفعل، حيث تم إصدار شهادات إيداع ثلاثية فى بنكى مصر والأهلى بمعدل فائدة يصل إلى %12.5، مما يساعد على سحب السيولة والاقتصاد المصرى، خصوصا أن %45من إجمالى ودائع المصريين موجودة فى هذين البنكين، وكذلك ودائع المؤسسات لديهما. وفى غضون أربعة أيام فقط من تاريخ إصدار تلك الشهادة تم سحب نحو 21مليار جنيه من جسم الاقتصاد المصرى، وهذه الشهادات أيضا تحد من ظاهرة الدولرة.
وفى حركة ذكية جدا اتخذ محافظ البنك المركزى الجديد طارق عامر، على الرغم من عدم استلامه رئاسة البنك المركزى بعد، أربك بها سوق الصرافة، عندما ألغى قرار هشام رامز، وتم رفع قيمة الجنيه المصرى 20قرشا أمام الدولار، وهو فى الحقيقة أعاده إلى وضعه الطبيعى، حيث تم إلغاء قرار هشام رامز بتخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار، وعاد السعر مرة أخرى إلى سبعة جنيهات وثلاثة وثمانين قرشا.
وفى الحقيقة فإن قرار هشام رامز، أربك الموردين لوزارة التجار السلع التموينية الداخلة فى منظومة الدعم، حيث كان التعاقد بين هؤلاء الموردين ووزارة التجارة على أن سعر الصرف هو 7.83جنيها للدولار، لكن الزيادة التى أحدثها قرار المحافظ السابق جعلت الموردين يعترضون، ورفضت وزارة المالية دفع الفرق، وكادت تحدث أزمة فى السلع المدعومة التى توزع فى بطاقات التموين.
وعلى كل الأحوال فإن البنك المركزى قام بتغطية كل المراكز المالية المكشوفة فى البنوك بنحو 1.3مليار دولار، وفرها البنك المركزى، وبذلك أربك الصرف السوق السوداء، التى نعلم جميعا أن الإخوان المسلمين,والذين يسيطرون على نسبة لا يستهان بها من محلات الصرافة والذين كانوا يعملون جاهدين على إرباك الاقتصاد المصرى من خلال إحداث ندرة فى الدولار داخل الاقتصاد.


الأهالى: نثق فى كل ما يأتى من جانب الجيش

⢴أحمد إسماعيل

تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى بضرورة السيطرة على غول الأسعار والقضاء على جشع التجار، وتوفير السلع الغذائية للمواطنين بأسعار مخفضة من ٪20إلى ٪25من خلال المجمعات الاستهلاكية والسيارات المتنقلة فى الميادين الرئيسية، كما قامت أيضا بتقديم وجبات غذائية بسعر 30جنيها تكفى أسرة مكونة من 4أفراد .. فهل تنجح هذه الجهود فى القضاء على غول الأسعار فعلا؟!
«الأهرام العربى» رصدت فى جولة ميدانية على منافذ القوات المسلحة رد فعل المواطنين .. حيث نجد أن منطقة الإسعاف قد شهدت حالة من التكدس الشديد على منافذ البيع الثلاثة، فالسيارة الأولى تابعة لقوات الجيش، والسيارة الثانية تابعة لوزارة التموين، والسيارة الثالثة خاصة بوزارة الزراعة.. الجميع وقف أمام تلك السيارات مصطفين للحصول على السلع بأسعارها المخفضة .. «الأهرام العربى» تواصلت مع عدد من المواطنين، حيث تحدث الأستاذ محمد الرافعى - موظف بالمعاش - قائلا: لقد كنت مارا بالمصادفة واشتريت بعض احتياجاتى، لكن الأسعار لم تختلف كثيرا، وهى تجربة جيدة قد تساعد المواطنين نسبيا، لكننى لا أرى أن هذا يعد حلا نهائيا لمشكلة الأسعار والتى تتفاقم يوما بعد يوم، وإنما هو حل جزئي.
أيضا تحدث حسين كامل - محامى - قائلا: هى تجربة جيدة لكنها ليست كافية، وفى رأيى أن الحل هو فى تحويل المجمعات الاستهلاكية والتى يتراوح عددها ما بين 6000إلى 7000جمعية على مستوى الجمهورية إلى مراكز كبيرة تقدم خدمة مميزة مثل كثير من المولات الشهيرة، وفى هذه الحالة ستستطيع الحكومة التحكم فى الأسعار وتحجيم السوق السوداء.
كما تحدث الحاج إبراهيم الزيات قائلا: نحن نثق فى كل ما يأتى من جانب الجيش، وهو بالنسبة لنا أضمن، خصوصا من ناحية الجودة، كذلك فالسعر مناسب، لكننى أتمنى أن يتم تعميم هذه الفكرة، وأن تصل لكل المحافظات حتى تكون فى متناول الجميع، فأنا رأيتها بالمصادفة، حيث كنت فى طريقى لاستلام المعاش.
كذلك تحدثت الحاجة أم محمود قائلة: الحمد لله على كل شىء، فأنا أخبرتنى جارتى عن هذه السيارات وبصراحة المعاملة كويسة والحاجة جميلة، لكن السعر لازم ينزل شوية كمان مافيش خضار.
أما فى ميدان السيدة عائشة، والذى شهد وجود 4سيارات الأولى تابعة للجيش والثانية لوزارة التموين وسيارتين تابعتين لوزارة الزراعة، وبرغم الإقبال الشديد فإن الناس كانت مصطفة فى صفوف دون أى تدافع، كما تم تخصيص مكان لكبار السن، وهو ما نال استحسان الكثيرين ولم يختلف رأى الناس كثيرا عما سبق، وإن كان المطلب المتشابه هو فى تعميم الفكرة وأن تصل للمحافظات النائية، وألا تقتصر على الميادين الرئيسية فقط.


وصايا دكتور سلطان أبو على للخروج من الأزمة

أما د. سلطان أبو على يرى أن تحجيم الأسعار يحتاج إلى حزمة من الإجراءات تتعرض لجانبى العرض والطلب، حتى تكون الأسعار مستدامة، بمعنى أننا نستطيع الحفاظ عليها ما دامت نفس الظروف موجودة، فعلى سبيل المثال عندما تريد هيئة السلع التموينية، أن تخفض من أسعار الخضار تدعمه وتبيعه لفترة محدودة، ولكنها لا تستطيع أن تدعمه إلى ما لا نهاية، لأن ذلك سيزيد من عجز الموازنة، والحال كذلك بالنسبة لتدخل هيئة الإمداد والتموين بالقوات المسلحة، فلا يمكن تدخلها لخفض الأسعار إلى ما لا نهاية، وبالتالى يجب تقييد الاستهلاك، خصوصا الاستهلاك الترفى، وتقليل الفاقد والضياع، والعمل على زيادة الإنتاج لزيادة المعروض فى الأسواق.

إجراءات حاسمة فى الأجل المتوسط
لن يتأتى حل المشكلة من جذورها إلا من خلال وضع برنامج الإصلاح الاقتصادى يغطى عشر سنوات، ويتم خلالها الاتفاق مع صندوق النقد الدولى على مراجعة البرنامج الوطنى الذى سنضعه نحن، ويقدر هذا البرنامج الفجوة التموينية على الأقل لمدة ثلاث سنوات.
ونظرا لأن مدخرات المصريين ضعيفة، فإن الاعتماد الأكبر فى هذه الخطة على جلب الاستثمارات، وإذا وافق صندوق النقد على هذه الخطة، فإن ذلك سيكون بمثابة شهادة ثقة فى الاقتصاد المصرى، مما سيساعد على إشعار المستثمرين الأجانب بأن مصر بلد مستقر ويتعامل معه صندوق النقد الدولى.
وهذا البرنامج يشتمل على ثلاثة مكونات، المكون الأول هو علاج الاختلالات المالية فى آن واحد، والمكون الثانى كما يقترح فخرى الفقى هو علاج الهياكل المشوهة فى جسم الاقتصاد المصرى، حيث يوجد ما بين 12و15منظومة من فترة السيتنيات حتى الآن، وهى إحدى العقبات التى تقف حجر عثرة أمام انطلاق منظومة التنمية، فقطاع الأعمال العام، والذى يشتمل على 150مصنعا وشركة تأتى ب ٪2فقط كعائد من إجمالى أصولها.
والاقتراح هو إنشاء صندوق سيادى يمتلك هذه الشركات، وتم عمل مناقصة بين الشركات التى تتولى إدارة تلك الصناديق السيادية، بشرط ألا يقل العائد من هذا الصندوق عن ٪10.
والمنظومة الثانية هى منظومة الضرائب، فلابد من إعادة هيكلتها وعلاج التشوهات التى توجد فيها، كذلك منظومة الأجور وقد صدر قانون الخدمة المدنية، وأخيرا أصدرت لائحته التنفيذية، وهذا حتى يكون دولاب العمل أقل فسادا.
أما بالنسبة للهيئات الاقتصادية، حيث توجد 51هيئة اقتصادية، خسائرها تبلغ مليارين من الجنيهات، لا يربح منها سوى هيئة قناة السويس، والهيئة العامة للبترول وهيئة البنك المركزى، أما بقية الهيئات الاقتصادية فهى خاسرة ويمكن ضمها إلى الصندوق السيادى المقترح.
هذا بخلاف ضرورة العمل على ملف المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، فأين الصندوق الاجتماعى للتنمية منذ إنشائه فى عام 1993؟ وهل ازدادت جرعة التنافسية فى السوق المصرى؟ هذا لم يحدث، الأمر الذى يستدعى إعادة هيكلة الصندوق الاجتماعى للتنمية، وكذلك المحليات التى تنسب فى كثير من العقبات أمام إقامة المشاريع الصغيرة، وكذلك البيروقراطية مما سيزيد من جرعة التنافسية فى الأسواق المشوهة.
أما بالنسبة لمسألة سوق الصرف، فإنه يمكن أن يقوم البنك المركزى بإدخال تعديل فى قانون البنك المركزى والمصارف رقم 88لسنة 2003، بحيث يمكن إعطاء إنذار أول، وإنذار ثان للمخالفين من الصيارفة وإذا لم يلتزم يتم إلغاء ترخيصه.
أما المكون الثالث والأخير فى هذا البرنامج، هو إعادة شبكة الحماية الاجتماعية، وأنه من المعروف أن برامج الإصلاح الاقتصادى يكون تأثيرها كبيرا على محدودى الدخل، وتكون عناصر تلك الشبكة كثيرة لحماية هذه الطبقة، وأهمها الأجور يجب أن تكون أكثر عدالة، وأن يتم إصلاح منظومة التقاعد سواء المعاشات أم معاش السادات.
ويوجد قانون تم إعداد مشروعه فى أيام وزير الاقتصاد الأسبق يوسف بطرس غالى، يعمل على تأخير سن التقاعد لسن 65سنة، وهذا أمر جيد لتقليل الضغط على الهيئة القومية للمعاشات، والذى يمثل ضغطا على الموازنة العامة، هذا بخلاف نص الاشتباك القائم بين وزارة المالية ووزارة التضامن الاجتماعى، حيث وضعت وزارة المالية يدها على أموال المعاشات 375مليار جنيه منذ أيام بطرس غالى.
ولحماية هذه الطبقة من الغلاء لابد من إصلاح منظومة التعليم، وهذا سيصب فى شبكة الحماية لأن التعليم الجيد يزيد من فرص العمل، وطبقا للدستور فإن التعليم مجانا حتى الثانوية العامة، وكذلك دعم الرعاية الصحية، لأن ذلك أيضا سيصب فى تحسين فرص العمل، لأنه من المفترض أن يعمل العامل ثمانى ساعات، وإذا لم يكن بصحة حيدة فإنه لن يستطيع العمل، بالإضافة إلى ضرورة إعطاء تعويض ضد البطالة على الأقل لمدة ثلاثة أشهر.
ويرى فخرى الفقى أن تصحيح الهياكل المشوهة يحتاج لمدة ست سنوات، كما أن شبكة الحماية الاجتماعية تحتاج لمدة 10سنوات.

الفجوة التموينية من أين
عن طريق هذا البرنامج المتدرج سنجد الاقتصاد يعمل بشكل جيد، ولكن إذا كنا نريد تحقيق معدل نمو يصل إلى 6أو 7٪، فإننا نحتاج إلى 12مليار دولار كل عام لمدة ثلاث سنوات، أى أننا نحتاج إلى 36مليار دولار، ومن أين سنأتى بهذه الأموال التى ستعمل على إعادة عجلة الاقتصاد وتحقيق معدلات النمو المرغوبة.
الجزء الأول من هذه الأموال يمكن الحصول عليه من صندوق النقد الدولى الذى نحن من الأعضاء المؤسسين فيه، ومن حقنا أخذ ستة أمثال حصتنا فى الصندوق، ولكن نظرا لتجارب الدول مع الصندوق، فإنه لا يعطى أكثر من أربعة أمثال حصتنا أى حوالى 6‪,4مليار دولار على مدار الثلاث سنوات.
كما أننا أعضاء فى البنك الدولى ويمكن أن يتفاوض معه الصندوق، ونأخذ ثلاثة مليارات دولار لإجراء تصحيح هيكلى، وتم الدفع على دفعات، وتكون معايير تقييم الآداء ربع سنوية، ونحن أعضاء أيضا فى البنك الإفريقى للتنمية منذ عام 1964، ويمكن أن نأخذ منه مليارى دولار، وكذلك البنك الإسلامى للتنمية ومقره جدة نأخذ منه مليارى دولار، وكذلك من صندوق الإنماء الاقتصادى والاجتماعى، ومقره الكويت نأخذ مليارى دولار، وكذلك من صندوق النقد العربى.
وإذا تم ذلك فإنه يكون بمثابة شهادة ثقة من صندوق النقد الدولى، وهذا سيعمل على جذب بقية الاستثمارات، ويجب أن نستغل أن الصندوق أعلن تكرار ومرارا بأنهم يثمنون الإجراءات التى اتخذتها مصر للإصلاح الاقتصادى.

وصايا د. شريف دلاور
أما الدكتور شريف دلاور، فيرى أن الصناديق السيادية كأداة مهمة لتمويل الشركات العامة والخاصة بدون تحميل عبء هذا التمويل على الموازنة العامة للدولة، وسيزيد دور هذه الصناديق فى الاقتصاد العالمى على اعتبار أن هذه الصناديق السيادية تمثل عودة لرأسمالية الدولة، هذا بخلاف أن الدولة تحتاج إلى وضع أجندة جادة لمحاربة الفساد، تتضمن قانونا للإفصاح ونشر المعلومات، ومحاربة فساد الجهاز الإدارى للدولة، خصوصا المحليات، هذا بخلاف ضرورة الحد من أشكال الاستهلاك الترفى الزائد من خلال إصلاح منظومة الضرائب والانتقال من الاقتصاد الريعى إلى الاقتصاد الإنتاجى.الجيش والزراعة والتموين فى مواجهة الأزمة

ترويض الأسعار

⢴ملف من إعداد: حنان البيلى

ليست هى المرة الأولى التى تنزل فيها القوات المسلحة إلى الشارع المصرى لمهمة إنسانية اقتصادية، مثل مواجهة غلاء الأسعار أو مجابهة أخطار الزلازل والسيول، بل سبقها الكثير والكثير من المرات، وفى كل العهود الرئاسية منذ ثورة 1952حتى الآن.
وقد تجلت تلك الظاهرة عدة مرات عديدة فى عهد الرئيس السادات، وفى عهد مبارك تحديدا فى عامى 2008و2009، تفاقمت أزمة رغيف العيش، وسقط عشرات القتلى من جراء الخناقات والمشاجرات، ومن قبل عندما ضرب الزلزال مصر عام 1992تدخلت القوات المسلحة لمساعدة الناس وبعدها بعامين فى 1994كانت السيول التى ضربت الصعيد خصوصا القرى، وكان للقوات المسلحة دور كبير.. وهكذا
وها هو الرئيس السيسى يصدر توجيهاته لمواجهة الأزمة الطاحنة لغلاء الأسعار. التى دخلت فى سلسلة من الزيادات المتتالية، التى لم تحرق الفقراء فقط، بل امتدت إلى الطبقة الوسطى من المجتمع المصرى، التى شعرت بأنها لا تستطيع تغطية نفقاتها الشهرية وبدأت فى السحب من مدخراتها.

وهذا ما يسميه الاقتصاديون زيادة نسبة التضخم فى الأسواق المصرية، وبشكل أبسط أن ما كان يمكن شراءه بعشرة جنيهات مثلا منذ شهرين ماضيين، فإنك لا تستطيع شراءه بنفس السعر اليوم، ومن هنا كان تأكيد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حديثه الأخير، أنه يشعر بما يعانيه الناس، خصوصا غير القادرين من ارتفاع الأسعار.
وها هى الجهود المتضافرة بين القوات المسلحة بمنافذها المتعددة، ووزارتى الزراعة و التموين لمواجهلة المشكلة، فتقوم هيئة الإمداد والتموين بتوفير السلع والمنتجات الغذائية بأسعار مدعمة فى كل منافذ البيع التابعة للقوات المسلحة فى الجمهورية للسيطرة على ارتفاع الأسعار، خصوصا بالنسبة للسلع الأساسية واللحوم الحمراء.
واتفقت وزارة التموين والتجارة الداخلية مع اتحاد منتجى الدواجن على توريد 2000طن من الدواجن المحلية بأسعار لا تزيد على 20جنيها للكيلو فى المجمعات الاستهلاكية وشركتى الجملة والسيارات المتنقلة، بالإضافة إلى طرح 2000طن من الأوراك بسعر 9جنيهات للكيلو.
وتم الاتفاق مع 50من محلات الجزارة فى محافظتى القاهرة والجيزة على بيع اللحوم التى ستوزعها عليهم وزارة التموين بأسعار مخفضة تتراوح ما بين 50و60جنيها للكيلو، ليشعر المواطنون بنسبة تخفيض كبيرة فى أسعار اللحوم.
وتم الاتفاق بين وزارتى الزراعة والتموين والتجارة الداخلية على طرح السلع والمنتجات الغذائية بتخفيضات تتراوح ما بين 20و ٪30، فى كل من المجمعات الاستهلاكية والسيارات المبردة ومنافذ البيع التابعة لوزارة الزراعة، وسيكون ذلك بشكل يومى.
وقد اتخذ الرئيس عدة قرارات أهمها تغيير رئيس البنك المركزى، ومطالبته للجيش المصرى بضرورة توفير السلع فى كل الأماكن، وبأسعار فى متناول الجميع لإحداث انخفاض فى أسعار السلع، خصوصا السلع الأساسية. ويبقى السؤال قائما إلى أى مدى يمكن أن يستمر هذا التدخل من جانب هيئة الإمداد والتموين بالجيش المصرى؟ وما الأسباب الحقيقية التى تؤدى إلى تلك الزيادة فى أسعار السلع؟ وما الإجراءات المطلوبة من الحكومة فى الأجلين القصير والمتوسط لضبط الأسعار؟ كل هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها الخبراء فى محاولة لطرح رؤى مختلفة لحل تلك الأزمة المزمنة فى الاقتصاد المصرى.
ولكى نحاول حل تلك المشكلة لابد من معرفة أسبابها، والسبب الرئيسى أننا شعب يستهلك أكثر مما ينتج، فنحن نستورد نحو ٪50من غذائنا من الخارج، مما يضعنا تحت رحمة الأسعار فى الأسواق العالمية، هذا بخلاف تراجع الاحتياطيات النقدية لدى البنك المركزى، وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار، فيكفى أن نعرف أنه منذ قيام ثورة 25يناير أغلق أكثر من أربعة آلاف مصنع، وتوقفت عن الإنتاج إما بشكل كلى أو بشكل جزئى.
إذن بيت الداء يكمن فى أننا دولة مستهلكة ولا ننتج سوى نصف ما نستهلكه، وهنا يؤكد الدكتور شريف دلاور، الخبير الاقتصادى، أن سعر صرف الجنيه المصرى كان له التأثير الأكبر، لكن عمق المشكلة هو هيكل الصناعة المصرية، الذى يعتمد على المكون الأجنبى الذى يتم استيراده بنسبة أكبر من المكون المصرى.
فإذا كان المكون الأجنبى يمثل نحو ٪65من المنتج، والمكون المحلى النسبة الباقية، أى نحو ٪35، فنحن أمام صناعة تجميعية، وكذلك انتشرت السلع الاستهلاكية فى عهد الرئيس الأسبق مبارك، فمثلا صناعة تجميع السيارات، فكل سيارة منتجة فى مصر أو بمعنى أدق مجمعة، ٪65منها مكون مستورد، والباقى مصرى، فإن كل سيارة مجمعة فى مصر تضغط على سعر الصرف.
وفى السلاسل التجارية التى فتحت فى مصر فى أيام عاطف عبيد، شوهد هيكل التجارة المصرى، حيث فتحت السوق على البضائع المستوردة أكثر من المنتجة محليا.
أما الدكتور فخرى الفقى، الخبير الاقتصادى ومساعد الرئيس التنفيذى لصندوق النقد الدولى، فيرى أن أسباب الغلاء الحالى هو التركيز على علاج خلل واحد من الاختلالات المالية، وهو تقليل العجز فى الموازنة العامة، من خلال قضية دعم السلع التموينية ودعم الخبز ومنظومة الكروت الذكية للمنتجات البترولية، دون النظر إلى الخللين الآخرين، وهما تفاقم العجز فى الميزان التجارى، فنحن نصدر بنحو أربعة مليارات دولار، فى حين نستورد نحو 6مليارات دولار، أى أن الفجوة تصل فى الميزان التجارى إلى نحو مليارى دولار سنويا.
وعندما زاد سعر الدولار منذ فبراير الماضى حتى اليوم ثلاث مرات، يعنى ذلك زيادة تكلفة وارداتنا، سواء كانت سلعا ومواد غذائية أم كانت مواد خام أم سلعا وسيطة تستوردها المصانع، مما سيزيد من سعر المنتج النهائى.
بخلاف ذلك يوجد فى مصر احتكار قلة، فمعظم السلع التى يتم استيرادها يقوم باستيرادها عدد محدود من المستوردين، وهم من يحتكرون السوق، لذلك لابد من كسر هذا الاحتكار عن طريق زيادة درجة المنافسة فى الأسواق، فإذا كان سوق الاستيراد والسلعة معنية يعمل فيه نحو 50مستوردا، فإن المنافسة ستكون كبيرة ولا يمكن أن يتفق هذا العدد فيما بينهم، بينما إذا كانوا خمسة أو عشرة فإنه يمكن الاتفاق، هذا بخلاف ضرورة تفعيل الأجهزة الرقابية مثل جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وجهاز حماية المستهلك.
والحل الثانى والمسئول عنه البنك المركزى المصرى، وهو زيادة السيولة النقدية فى السوق المصرى، نتيجة لسياسة التوسعة، فالسيولة الموجودة فى جسم الاقتصاد المصرى وصلت إلى ٪14هذا العام، فى حين أن معدل النمو لا يزيد على ٪4، و الفرق بين النسبتين هو ٪10يمثل معدل التضخم، ولابد أن يسمح هذا الفرق فى الأسعار، ولعلاج هذا الخلل لابد من تقليل معدل نمو السيولة فى جسم الاقتصاد المصرى.
وخلال العام ونصف العام الماضى، نسى القائمون على رسم السياسة الاقتصادية المصرية الخللين الآخرين، وركزوا على علاج عجز الموازنة، تركوا المصريين مستباحين للسلع المستوردة، وندرة الدولار تسمح فى الأسعار بالزيادة، لذلك فإذا كانت السياسة المالية توسعية، فإن السياسة النقدية يجب أن تكون متحفظة، لذلك لابد من علاج هذا الخطأ فى التعامل مع المشكلات والاختلالات بشكل منفرد، لذلك يجب علاج تلك الاختلالات فى آن واحد.
أما الدكتور سلطان أبو على، وزير الاقتصاد الأسبق، فيرى أن الأسعار هى نتاج تفاعلات ثلاثة عناصر أساسية، وهى الإنتاج، وهو يمثل العرض بما فيه من تكاليف الإنتاج المخلتفة سواء كانت أسعار السلع الخام أم الأجور أم أسعار الطاقة وخلافه، والجانب الثانى هو جانب الطلب، أى الاستهلاك بما لدى المستهلكين من الدخل، والعامل الثالث هو الجانب التنظيمى والمؤسسي، بمعنى هل يوجد احتكارات فى السوق، ويقوم التجار بالسيطرة عن طريق شراء محاصيل الفلاحين بعد تمويل عملية الزراعة، وبالتالى يستطيع التاجر التحكم فى الأسعار، وبالتالى فإن المشكلة تكمن فى زيادة أسعار الصرف التى عن طريقها يقوم التجار باستيراد السلع والمنتجات، سواء كانت غذائية أم سلعا معمرة أم سلعا وسيطة تدخل فى عملية التصنيع المحلى. لكن الحل من وجهة نظر الخبراء يحتاج إلى وقت يمكن وصفه بالمدى المتوسط، لكن على المستوى الآنى فإنه كا ن لابد من تدخل السيد رئيس الجمهورية بإصدار تعليماته لرئيس هيئة الإمداد والتموين بالقوات المسلحة المصرية بضرورة توافر السلع، وتحديدا الأساسية، فى كل منافذ بيع القوات المسلحة، وكذلك الوجود فى المناطق التى لا توجد بها منافذ لتوفير احتياجات المواطن.
والخبراء يرون أن هذا حل مؤقت يصلح للأجل القصير فقط، لذلك فإنه لابد من وضع الخطة اللازمة لإصلاح تلك الاختلالات الهيكلية فى الاقتصاد المصرى، ويرى د. فخرى الفقى أنه فى الأجل القصير لابد أن تعمل الحكومة على اتخاذ خطوات سريعة لعلاج الخلل فى الميزان التجارى، وقد بدأت بالفعل فى ذلك، فقد بدأت تتحدث عن ترشيد الاستيراد، وقد حدث انخفاض بالفعل بين واردات العام الحالى والعام الماضى، بالإضافة إلى تحفيز الصادرات.
وقد اتخذ وزير المالية قرارا بأن تكون كل المشتريات الحكومية من المنتجات المحلية، حتى لو كانت ب أسعار تزيد عن سعر المستورد ب %10، تشجيعا لاستهلاك الإنتاج المصرى، لكن تنفيذ ذلك القرار يحتاج إلى محاربة ذوى الذمم الخربة الذين يتولون إدارة المشتريات، وسيتم تشكيل لجان مركزية داخل كل وزارة أو مصلحة حكومية، وسيتم الآن تفعيل هذا القانون الموضوع منذ سنوات لمحاربة الفساد، ومن خلال هذا الإجراء نستطيع أن نوفر ما قيمته مليار دولار.
ولابد لوزير التجارة من تشديد الموافات البيئية والفنية والصحية حتى لا يكون السوق المصرى مفتوح على مصرعيه للمنتجات المستوردة الرديئة، وعن طريق ذلك نستطيع توفير نصف مليار دولار، وهذا الإجراء لا يخل باتفاقياتنا مع منظمة التجارة العالمية.
ويطالب فى هذه النقطة تحديدا د. شريف دلاور أنه يمكن لوزير التجارة إلزام سلاسل المحلات التجارية الموجودة فى مصر بأن تكون %60من مبيعاتها منتجات مصرية، وهذا لا يتعارض مع قواد منظمة التجارة العالمية، بالإضافة إلى إمكانية فرض ضريبة القيمة المضافة أو ضريبة المبيعات، ويجب العمل على الاكتفاء الذاتى من المنتجات الزراعية حتى لا نضطر للاستيراد.
ويؤكد فخرى الفقى، أن وزير المالية قرر زيادة الجمارك على السلع التى ستؤثر بالسلب على المنتج المحلى، والعمل على زيادة رسوم الإغراق والرسوم الجمركية على بعض السلع، بما لا يخل باتفاقياتنا مع منظمة التجارة العالمية، ويمكن لوزير التجارة أن يضع أسعارا استرشادية للسلع المستوردة، فهناك بعض المستوردين أصحاب الذمم الخربة يقومون بفتح الاعتماد ب 10ملايين دولار، ويتفق مع من يستورد منه على وضع بضاعة بمقدار ثمانية ملايين دولار فقط فى الكونتينر، ويتم تحويل مليونى دولار فى حسابه الخاص فى الخارج، وهنا لابد لموظف الجمارك أن تكون لديه قائمة أسعار استرشادية، حتى يستطيع أن يكتشف المستورد الفاسد من الصالح الذى لا يسرق، خصوصا أنه يستفيد من السعر الرسمى للدولار فى البنوك عند فتح الاعتماد.
أما بالنسبة للصناعة، فإن هناك أكثر من 1200مصنع متعثر فى قطاع الصناعة، هذا بخلاف المصانع التى أغلقت أبوابها بالفعل، ولابد من الجلوس معهم لمعرفة مشاكلهم، فإذا كانت قلة النقد الأجنبى، فلابد أن يقوم البنك المركزى بتوفير العملة، وإذا كانت مشاكلهم بالضرائب المتراكمة عليهم والحجز على مصانعهم، فلابد من حل ذلك، حتى تستطيع أن تعمل من جديد، وتزيد المعروض فى السوق المصرى، مما سيساعد على تقليل الأسعار، هذا بخلاف احتمالية إعادة تصدير منتجاتها مرة أخرى.
أما بالنسبة لمشكلة زيادة السيولة فى السوق المصرية، فإنه يجب سحب تلك السيولة، وقد حدث ذلك بالفعل، حيث تم إصدار شهادات إيداع ثلاثية فى بنكى مصر والأهلى بمعدل فائدة يصل إلى %12.5، مما يساعد على سحب السيولة والاقتصاد المصرى، خصوصا أن %45من إجمالى ودائع المصريين موجودة فى هذين البنكين، وكذلك ودائع المؤسسات لديهما. وفى غضون أربعة أيام فقط من تاريخ إصدار تلك الشهادة تم سحب نحو 21مليار جنيه من جسم الاقتصاد المصرى، وهذه الشهادات أيضا تحد من ظاهرة الدولرة.
وفى حركة ذكية جدا اتخذ محافظ البنك المركزى الجديد طارق عامر، على الرغم من عدم استلامه رئاسة البنك المركزى بعد، أربك بها سوق الصرافة، عندما ألغى قرار هشام رامز، وتم رفع قيمة الجنيه المصرى 20قرشا أمام الدولار، وهو فى الحقيقة أعاده إلى وضعه الطبيعى، حيث تم إلغاء قرار هشام رامز بتخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار، وعاد السعر مرة أخرى إلى سبعة جنيهات وثلاثة وثمانين قرشا.
وفى الحقيقة فإن قرار هشام رامز، أربك الموردين لوزارة التجار السلع التموينية الداخلة فى منظومة الدعم، حيث كان التعاقد بين هؤلاء الموردين ووزارة التجارة على أن سعر الصرف هو 7.83جنيها للدولار، لكن الزيادة التى أحدثها قرار المحافظ السابق جعلت الموردين يعترضون، ورفضت وزارة المالية دفع الفرق، وكادت تحدث أزمة فى السلع المدعومة التى توزع فى بطاقات التموين.
وعلى كل الأحوال فإن البنك المركزى قام بتغطية كل المراكز المالية المكشوفة فى البنوك بنحو 1.3مليار دولار، وفرها البنك المركزى، وبذلك أربك الصرف السوق السوداء، التى نعلم جميعا أن الإخوان المسلمين,والذين يسيطرون على نسبة لا يستهان بها من محلات الصرافة والذين كانوا يعملون جاهدين على إرباك الاقتصاد المصرى من خلال إحداث ندرة فى الدولار داخل الاقتصاد.


الأهالى: نثق فى كل ما يأتى من جانب الجيش

⢴أحمد إسماعيل

تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى بضرورة السيطرة على غول الأسعار والقضاء على جشع التجار، وتوفير السلع الغذائية للمواطنين بأسعار مخفضة من ٪20إلى ٪25من خلال المجمعات الاستهلاكية والسيارات المتنقلة فى الميادين الرئيسية، كما قامت أيضا بتقديم وجبات غذائية بسعر 30جنيها تكفى أسرة مكونة من 4أفراد .. فهل تنجح هذه الجهود فى القضاء على غول الأسعار فعلا؟!
«الأهرام العربى» رصدت فى جولة ميدانية على منافذ القوات المسلحة رد فعل المواطنين .. حيث نجد أن منطقة الإسعاف قد شهدت حالة من التكدس الشديد على منافذ البيع الثلاثة، فالسيارة الأولى تابعة لقوات الجيش، والسيارة الثانية تابعة لوزارة التموين، والسيارة الثالثة خاصة بوزارة الزراعة.. الجميع وقف أمام تلك السيارات مصطفين للحصول على السلع بأسعارها المخفضة .. «الأهرام العربى» تواصلت مع عدد من المواطنين، حيث تحدث الأستاذ محمد الرافعى - موظف بالمعاش - قائلا: لقد كنت مارا بالمصادفة واشتريت بعض احتياجاتى، لكن الأسعار لم تختلف كثيرا، وهى تجربة جيدة قد تساعد المواطنين نسبيا، لكننى لا أرى أن هذا يعد حلا نهائيا لمشكلة الأسعار والتى تتفاقم يوما بعد يوم، وإنما هو حل جزئي.
أيضا تحدث حسين كامل - محامى - قائلا: هى تجربة جيدة لكنها ليست كافية، وفى رأيى أن الحل هو فى تحويل المجمعات الاستهلاكية والتى يتراوح عددها ما بين 6000إلى 7000جمعية على مستوى الجمهورية إلى مراكز كبيرة تقدم خدمة مميزة مثل كثير من المولات الشهيرة، وفى هذه الحالة ستستطيع الحكومة التحكم فى الأسعار وتحجيم السوق السوداء.
كما تحدث الحاج إبراهيم الزيات قائلا: نحن نثق فى كل ما يأتى من جانب الجيش، وهو بالنسبة لنا أضمن، خصوصا من ناحية الجودة، كذلك فالسعر مناسب، لكننى أتمنى أن يتم تعميم هذه الفكرة، وأن تصل لكل المحافظات حتى تكون فى متناول الجميع، فأنا رأيتها بالمصادفة، حيث كنت فى طريقى لاستلام المعاش.
كذلك تحدثت الحاجة أم محمود قائلة: الحمد لله على كل شىء، فأنا أخبرتنى جارتى عن هذه السيارات وبصراحة المعاملة كويسة والحاجة جميلة، لكن السعر لازم ينزل شوية كمان مافيش خضار.
أما فى ميدان السيدة عائشة، والذى شهد وجود 4سيارات الأولى تابعة للجيش والثانية لوزارة التموين وسيارتين تابعتين لوزارة الزراعة، وبرغم الإقبال الشديد فإن الناس كانت مصطفة فى صفوف دون أى تدافع، كما تم تخصيص مكان لكبار السن، وهو ما نال استحسان الكثيرين ولم يختلف رأى الناس كثيرا عما سبق، وإن كان المطلب المتشابه هو فى تعميم الفكرة وأن تصل للمحافظات النائية، وألا تقتصر على الميادين الرئيسية فقط.


وصايا دكتور سلطان أبو على للخروج من الأزمة

أما د. سلطان أبو على يرى أن تحجيم الأسعار يحتاج إلى حزمة من الإجراءات تتعرض لجانبى العرض والطلب، حتى تكون الأسعار مستدامة، بمعنى أننا نستطيع الحفاظ عليها ما دامت نفس الظروف موجودة، فعلى سبيل المثال عندما تريد هيئة السلع التموينية، أن تخفض من أسعار الخضار تدعمه وتبيعه لفترة محدودة، ولكنها لا تستطيع أن تدعمه إلى ما لا نهاية، لأن ذلك سيزيد من عجز الموازنة، والحال كذلك بالنسبة لتدخل هيئة الإمداد والتموين بالقوات المسلحة، فلا يمكن تدخلها لخفض الأسعار إلى ما لا نهاية، وبالتالى يجب تقييد الاستهلاك، خصوصا الاستهلاك الترفى، وتقليل الفاقد والضياع، والعمل على زيادة الإنتاج لزيادة المعروض فى الأسواق.

إجراءات حاسمة فى الأجل المتوسط
لن يتأتى حل المشكلة من جذورها إلا من خلال وضع برنامج الإصلاح الاقتصادى يغطى عشر سنوات، ويتم خلالها الاتفاق مع صندوق النقد الدولى على مراجعة البرنامج الوطنى الذى سنضعه نحن، ويقدر هذا البرنامج الفجوة التموينية على الأقل لمدة ثلاث سنوات.
ونظرا لأن مدخرات المصريين ضعيفة، فإن الاعتماد الأكبر فى هذه الخطة على جلب الاستثمارات، وإذا وافق صندوق النقد على هذه الخطة، فإن ذلك سيكون بمثابة شهادة ثقة فى الاقتصاد المصرى، مما سيساعد على إشعار المستثمرين الأجانب بأن مصر بلد مستقر ويتعامل معه صندوق النقد الدولى.
وهذا البرنامج يشتمل على ثلاثة مكونات، المكون الأول هو علاج الاختلالات المالية فى آن واحد، والمكون الثانى كما يقترح فخرى الفقى هو علاج الهياكل المشوهة فى جسم الاقتصاد المصرى، حيث يوجد ما بين 12و15منظومة من فترة السيتنيات حتى الآن، وهى إحدى العقبات التى تقف حجر عثرة أمام انطلاق منظومة التنمية، فقطاع الأعمال العام، والذى يشتمل على 150مصنعا وشركة تأتى ب ٪2فقط كعائد من إجمالى أصولها.
والاقتراح هو إنشاء صندوق سيادى يمتلك هذه الشركات، وتم عمل مناقصة بين الشركات التى تتولى إدارة تلك الصناديق السيادية، بشرط ألا يقل العائد من هذا الصندوق عن ٪10.
والمنظومة الثانية هى منظومة الضرائب، فلابد من إعادة هيكلتها وعلاج التشوهات التى توجد فيها، كذلك منظومة الأجور وقد صدر قانون الخدمة المدنية، وأخيرا أصدرت لائحته التنفيذية، وهذا حتى يكون دولاب العمل أقل فسادا.
أما بالنسبة للهيئات الاقتصادية، حيث توجد 51هيئة اقتصادية، خسائرها تبلغ مليارين من الجنيهات، لا يربح منها سوى هيئة قناة السويس، والهيئة العامة للبترول وهيئة البنك المركزى، أما بقية الهيئات الاقتصادية فهى خاسرة ويمكن ضمها إلى الصندوق السيادى المقترح.
هذا بخلاف ضرورة العمل على ملف المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، فأين الصندوق الاجتماعى للتنمية منذ إنشائه فى عام 1993؟ وهل ازدادت جرعة التنافسية فى السوق المصرى؟ هذا لم يحدث، الأمر الذى يستدعى إعادة هيكلة الصندوق الاجتماعى للتنمية، وكذلك المحليات التى تنسب فى كثير من العقبات أمام إقامة المشاريع الصغيرة، وكذلك البيروقراطية مما سيزيد من جرعة التنافسية فى الأسواق المشوهة.
أما بالنسبة لمسألة سوق الصرف، فإنه يمكن أن يقوم البنك المركزى بإدخال تعديل فى قانون البنك المركزى والمصارف رقم 88لسنة 2003، بحيث يمكن إعطاء إنذار أول، وإنذار ثان للمخالفين من الصيارفة وإذا لم يلتزم يتم إلغاء ترخيصه.
أما المكون الثالث والأخير فى هذا البرنامج، هو إعادة شبكة الحماية الاجتماعية، وأنه من المعروف أن برامج الإصلاح الاقتصادى يكون تأثيرها كبيرا على محدودى الدخل، وتكون عناصر تلك الشبكة كثيرة لحماية هذه الطبقة، وأهمها الأجور يجب أن تكون أكثر عدالة، وأن يتم إصلاح منظومة التقاعد سواء المعاشات أم معاش السادات.
ويوجد قانون تم إعداد مشروعه فى أيام وزير الاقتصاد الأسبق يوسف بطرس غالى، يعمل على تأخير سن التقاعد لسن 65سنة، وهذا أمر جيد لتقليل الضغط على الهيئة القومية للمعاشات، والذى يمثل ضغطا على الموازنة العامة، هذا بخلاف نص الاشتباك القائم بين وزارة المالية ووزارة التضامن الاجتماعى، حيث وضعت وزارة المالية يدها على أموال المعاشات 375مليار جنيه منذ أيام بطرس غالى.
ولحماية هذه الطبقة من الغلاء لابد من إصلاح منظومة التعليم، وهذا سيصب فى شبكة الحماية لأن التعليم الجيد يزيد من فرص العمل، وطبقا للدستور فإن التعليم مجانا حتى الثانوية العامة، وكذلك دعم الرعاية الصحية، لأن ذلك أيضا سيصب فى تحسين فرص العمل، لأنه من المفترض أن يعمل العامل ثمانى ساعات، وإذا لم يكن بصحة حيدة فإنه لن يستطيع العمل، بالإضافة إلى ضرورة إعطاء تعويض ضد البطالة على الأقل لمدة ثلاثة أشهر.
ويرى فخرى الفقى أن تصحيح الهياكل المشوهة يحتاج لمدة ست سنوات، كما أن شبكة الحماية الاجتماعية تحتاج لمدة 10سنوات.

الفجوة التموينية من أين
عن طريق هذا البرنامج المتدرج سنجد الاقتصاد يعمل بشكل جيد، ولكن إذا كنا نريد تحقيق معدل نمو يصل إلى 6أو 7٪، فإننا نحتاج إلى 12مليار دولار كل عام لمدة ثلاث سنوات، أى أننا نحتاج إلى 36مليار دولار، ومن أين سنأتى بهذه الأموال التى ستعمل على إعادة عجلة الاقتصاد وتحقيق معدلات النمو المرغوبة.
الجزء الأول من هذه الأموال يمكن الحصول عليه من صندوق النقد الدولى الذى نحن من الأعضاء المؤسسين فيه، ومن حقنا أخذ ستة أمثال حصتنا فى الصندوق، ولكن نظرا لتجارب الدول مع الصندوق، فإنه لا يعطى أكثر من أربعة أمثال حصتنا أى حوالى 6‪,4مليار دولار على مدار الثلاث سنوات.
كما أننا أعضاء فى البنك الدولى ويمكن أن يتفاوض معه الصندوق، ونأخذ ثلاثة مليارات دولار لإجراء تصحيح هيكلى، وتم الدفع على دفعات، وتكون معايير تقييم الآداء ربع سنوية، ونحن أعضاء أيضا فى البنك الإفريقى للتنمية منذ عام 1964، ويمكن أن نأخذ منه مليارى دولار، وكذلك البنك الإسلامى للتنمية ومقره جدة نأخذ منه مليارى دولار، وكذلك من صندوق الإنماء الاقتصادى والاجتماعى، ومقره الكويت نأخذ مليارى دولار، وكذلك من صندوق النقد العربى.
وإذا تم ذلك فإنه يكون بمثابة شهادة ثقة من صندوق النقد الدولى، وهذا سيعمل على جذب بقية الاستثمارات، ويجب أن نستغل أن الصندوق أعلن تكرار ومرارا بأنهم يثمنون الإجراءات التى اتخذتها مصر للإصلاح الاقتصادى.

وصايا د. شريف دلاور
أما الدكتور شريف دلاور، فيرى أنالجيش والزراعة والتموين فى مواجهة الأزمة

ترويض الأسعار

⢴ ملف من إعداد: حنان البيلى

ليست هى المرة الأولى التى تنزل فيها القوات المسلحة إلى الشارع المصرى لمهمة إنسانية اقتصادية، مثل مواجهة غلاء الأسعار أو مجابهة أخطار الزلازل والسيول، بل سبقها الكثير والكثير من المرات، وفى كل العهود الرئاسية منذ ثورة 1952 حتى الآن.
وقد تجلت تلك الظاهرة عدة مرات عديدة فى عهد الرئيس السادات، وفى عهد مبارك تحديدا فى عامى 2008 و2009، تفاقمت أزمة رغيف العيش، وسقط عشرات القتلى من جراء الخناقات والمشاجرات، ومن قبل عندما ضرب الزلزال مصر عام 1992 تدخلت القوات المسلحة لمساعدة الناس وبعدها بعامين فى 1994 كانت السيول التى ضربت الصعيد خصوصا القرى، وكان للقوات المسلحة دور كبير.. وهكذا
وها هو الرئيس السيسى يصدر توجيهاته لمواجهة الأزمة الطاحنة لغلاء الأسعار. التى دخلت فى سلسلة من الزيادات المتتالية، التى لم تحرق الفقراء فقط، بل امتدت إلى الطبقة الوسطى من المجتمع المصرى، التى شعرت بأنها لا تستطيع تغطية نفقاتها الشهرية وبدأت فى السحب من مدخراتها.

وهذا ما يسميه الاقتصاديون زيادة نسبة التضخم فى الأسواق المصرية، وبشكل أبسط أن ما كان يمكن شراءه بعشرة جنيهات مثلا منذ شهرين ماضيين، فإنك لا تستطيع شراءه بنفس السعر اليوم، ومن هنا كان تأكيد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى فى حديثه الأخير، أنه يشعر بما يعانيه الناس، خصوصا غير القادرين من ارتفاع الأسعار.
وها هى الجهود المتضافرة بين القوات المسلحة بمنافذها المتعددة، ووزارتى الزراعة و التموين لمواجهلة المشكلة، فتقوم هيئة الإمداد والتموين بتوفير السلع والمنتجات الغذائية بأسعار مدعمة فى كل منافذ البيع التابعة للقوات المسلحة فى الجمهورية للسيطرة على ارتفاع الأسعار، خصوصا بالنسبة للسلع الأساسية واللحوم الحمراء.
واتفقت وزارة التموين والتجارة الداخلية مع اتحاد منتجى الدواجن على توريد 2000 طن من الدواجن المحلية بأسعار لا تزيد على 20 جنيها للكيلو فى المجمعات الاستهلاكية وشركتى الجملة والسيارات المتنقلة، بالإضافة إلى طرح 2000 طن من الأوراك بسعر 9 جنيهات للكيلو.
وتم الاتفاق مع 50 من محلات الجزارة فى محافظتى القاهرة والجيزة على بيع اللحوم التى ستوزعها عليهم وزارة التموين بأسعار مخفضة تتراوح ما بين 50 و60 جنيها للكيلو، ليشعر المواطنون بنسبة تخفيض كبيرة فى أسعار اللحوم.
وتم الاتفاق بين وزارتى الزراعة والتموين والتجارة الداخلية على طرح السلع والمنتجات الغذائية بتخفيضات تتراوح ما بين 20 و ٪30، فى كل من المجمعات الاستهلاكية والسيارات المبردة ومنافذ البيع التابعة لوزارة الزراعة، وسيكون ذلك بشكل يومى.
وقد اتخذ الرئيس عدة قرارات أهمها تغيير رئيس البنك المركزى، ومطالبته للجيش المصرى بضرورة توفير السلع فى كل الأماكن، وبأسعار فى متناول الجميع لإحداث انخفاض فى أسعار السلع، خصوصا السلع الأساسية. ويبقى السؤال قائما إلى أى مدى يمكن أن يستمر هذا التدخل من جانب هيئة الإمداد والتموين بالجيش المصرى؟ وما الأسباب الحقيقية التى تؤدى إلى تلك الزيادة فى أسعار السلع؟ وما الإجراءات المطلوبة من الحكومة فى الأجلين القصير والمتوسط لضبط الأسعار؟ كل هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها الخبراء فى محاولة لطرح رؤى مختلفة لحل تلك الأزمة المزمنة فى الاقتصاد المصرى.
ولكى نحاول حل تلك المشكلة لابد من معرفة أسبابها، والسبب الرئيسى أننا شعب يستهلك أكثر مما ينتج، فنحن نستورد نحو ٪50 من غذائنا من الخارج، مما يضعنا تحت رحمة الأسعار فى الأسواق العالمية، هذا بخلاف تراجع الاحتياطيات النقدية لدى البنك المركزى، وتراجع قيمة الجنيه أمام الدولار، فيكفى أن نعرف أنه منذ قيام ثورة 25 يناير أغلق أكثر من أربعة آلاف مصنع، وتوقفت عن الإنتاج إما بشكل كلى أو بشكل جزئى.
إذن بيت الداء يكمن فى أننا دولة مستهلكة ولا ننتج سوى نصف ما نستهلكه، وهنا يؤكد الدكتور شريف دلاور، الخبير الاقتصادى، أن سعر صرف الجنيه المصرى كان له التأثير الأكبر، لكن عمق المشكلة هو هيكل الصناعة المصرية، الذى يعتمد على المكون الأجنبى الذى يتم استيراده بنسبة أكبر من المكون المصرى.
فإذا كان المكون الأجنبى يمثل نحو ٪65 من المنتج، والمكون المحلى النسبة الباقية، أى نحو ٪35، فنحن أمام صناعة تجميعية، وكذلك انتشرت السلع الاستهلاكية فى عهد الرئيس الأسبق مبارك، فمثلا صناعة تجميع السيارات، فكل سيارة منتجة فى مصر أو بمعنى أدق مجمعة، ٪65 منها مكون مستورد، والباقى مصرى، فإن كل سيارة مجمعة فى مصر تضغط على سعر الصرف.
وفى السلاسل التجارية التى فتحت فى مصر فى أيام عاطف عبيد، شوهد هيكل التجارة المصرى، حيث فتحت السوق على البضائع المستوردة أكثر من المنتجة محليا.
أما الدكتور فخرى الفقى، الخبير الاقتصادى ومساعد الرئيس التنفيذى لصندوق النقد الدولى، فيرى أن أسباب الغلاء الحالى هو التركيز على علاج خلل واحد من الاختلالات المالية، وهو تقليل العجز فى الموازنة العامة، من خلال قضية دعم السلع التموينية ودعم الخبز ومنظومة الكروت الذكية للمنتجات البترولية، دون النظر إلى الخللين الآخرين، وهما تفاقم العجز فى الميزان التجارى، فنحن نصدر بنحو أربعة مليارات دولار، فى حين نستورد نحو 6 مليارات دولار، أى أن الفجوة تصل فى الميزان التجارى إلى نحو مليارى دولار سنويا.
وعندما زاد سعر الدولار منذ فبراير الماضى حتى اليوم ثلاث مرات، يعنى ذلك زيادة تكلفة وارداتنا، سواء كانت سلعا ومواد غذائية أم كانت مواد خام أم سلعا وسيطة تستوردها المصانع، مما سيزيد من سعر المنتج النهائى.
بخلاف ذلك يوجد فى مصر احتكار قلة، فمعظم السلع التى يتم استيرادها يقوم باستيرادها عدد محدود من المستوردين، وهم من يحتكرون السوق، لذلك لابد من كسر هذا الاحتكار عن طريق زيادة درجة المنافسة فى الأسواق، فإذا كان سوق الاستيراد والسلعة معنية يعمل فيه نحو 50 مستوردا، فإن المنافسة ستكون كبيرة ولا يمكن أن يتفق هذا العدد فيما بينهم، بينما إذا كانوا خمسة أو عشرة فإنه يمكن الاتفاق، هذا بخلاف ضرورة تفعيل الأجهزة الرقابية مثل جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية وجهاز حماية المستهلك.
والحل الثانى والمسئول عنه البنك المركزى المصرى، وهو زيادة السيولة النقدية فى السوق المصرى، نتيجة لسياسة التوسعة، فالسيولة الموجودة فى جسم الاقتصاد المصرى وصلت إلى ٪14 هذا العام، فى حين أن معدل النمو لا يزيد على ٪4، و الفرق بين النسبتين هو ٪10 يمثل معدل التضخم، ولابد أن يسمح هذا الفرق فى الأسعار، ولعلاج هذا الخلل لابد من تقليل معدل نمو السيولة فى جسم الاقتصاد المصرى.
وخلال العام ونصف العام الماضى، نسى القائمون على رسم السياسة الاقتصادية المصرية الخللين الآخرين، وركزوا على علاج عجز الموازنة، تركوا المصريين مستباحين للسلع المستوردة، وندرة الدولار تسمح فى الأسعار بالزيادة، لذلك فإذا كانت السياسة المالية توسعية، فإن السياسة النقدية يجب أن تكون متحفظة، لذلك لابد من علاج هذا الخطأ فى التعامل مع المشكلات والاختلالات بشكل منفرد، لذلك يجب علاج تلك الاختلالات فى آن واحد.
أما الدكتور سلطان أبو على، وزير الاقتصاد الأسبق، فيرى أن الأسعار هى نتاج تفاعلات ثلاثة عناصر أساسية، وهى الإنتاج، وهو يمثل العرض بما فيه من تكاليف الإنتاج المخلتفة سواء كانت أسعار السلع الخام أم الأجور أم أسعار الطاقة وخلافه، والجانب الثانى هو جانب الطلب، أى الاستهلاك بما لدى المستهلكين من الدخل، والعامل الثالث هو الجانب التنظيمى والمؤسسي، بمعنى هل يوجد احتكارات فى السوق، ويقوم التجار بالسيطرة عن طريق شراء محاصيل الفلاحين بعد تمويل عملية الزراعة، وبالتالى يستطيع التاجر التحكم فى الأسعار، وبالتالى فإن المشكلة تكمن فى زيادة أسعار الصرف التى عن طريقها يقوم التجار باستيراد السلع والمنتجات، سواء كانت غذائية أم سلعا معمرة أم سلعا وسيطة تدخل فى عملية التصنيع المحلى. لكن الحل من وجهة نظر الخبراء يحتاج إلى وقت يمكن وصفه بالمدى المتوسط، لكن على المستوى الآنى فإنه كا ن لابد من تدخل السيد رئيس الجمهورية بإصدار تعليماته لرئيس هيئة الإمداد والتموين بالقوات المسلحة المصرية بضرورة توافر السلع، وتحديدا الأساسية، فى كل منافذ بيع القوات المسلحة، وكذلك الوجود فى المناطق التى لا توجد بها منافذ لتوفير احتياجات المواطن.
والخبراء يرون أن هذا حل مؤقت يصلح للأجل القصير فقط، لذلك فإنه لابد من وضع الخطة اللازمة لإصلاح تلك الاختلالات الهيكلية فى الاقتصاد المصرى، ويرى د. فخرى الفقى أنه فى الأجل القصير لابد أن تعمل الحكومة على اتخاذ خطوات سريعة لعلاج الخلل فى الميزان التجارى، وقد بدأت بالفعل فى ذلك، فقد بدأت تتحدث عن ترشيد الاستيراد، وقد حدث انخفاض بالفعل بين واردات العام الحالى والعام الماضى، بالإضافة إلى تحفيز الصادرات.
وقد اتخذ وزير المالية قرارا بأن تكون كل المشتريات الحكومية من المنتجات المحلية، حتى لو كانت ب أسعار تزيد عن سعر المستورد ب %10، تشجيعا لاستهلاك الإنتاج المصرى، لكن تنفيذ ذلك القرار يحتاج إلى محاربة ذوى الذمم الخربة الذين يتولون إدارة المشتريات، وسيتم تشكيل لجان مركزية داخل كل وزارة أو مصلحة حكومية، وسيتم الآن تفعيل هذا القانون الموضوع منذ سنوات لمحاربة الفساد، ومن خلال هذا الإجراء نستطيع أن نوفر ما قيمته مليار دولار.
ولابد لوزير التجارة من تشديد الموافات البيئية والفنية والصحية حتى لا يكون السوق المصرى مفتوح على مصرعيه للمنتجات المستوردة الرديئة، وعن طريق ذلك نستطيع توفير نصف مليار دولار، وهذا الإجراء لا يخل باتفاقياتنا مع منظمة التجارة العالمية.
ويطالب فى هذه النقطة تحديدا د. شريف دلاور أنه يمكن لوزير التجارة إلزام سلاسل المحلات التجارية الموجودة فى مصر بأن تكون %60 من مبيعاتها منتجات مصرية، وهذا لا يتعارض مع قواد منظمة التجارة العالمية، بالإضافة إلى إمكانية فرض ضريبة القيمة المضافة أو ضريبة المبيعات، ويجب العمل على الاكتفاء الذاتى من المنتجات الزراعية حتى لا نضطر للاستيراد.
ويؤكد فخرى الفقى، أن وزير المالية قرر زيادة الجمارك على السلع التى ستؤثر بالسلب على المنتج المحلى، والعمل على زيادة رسوم الإغراق والرسوم الجمركية على بعض السلع، بما لا يخل باتفاقياتنا مع منظمة التجارة العالمية، ويمكن لوزير التجارة أن يضع أسعارا استرشادية للسلع المستوردة، فهناك بعض المستوردين أصحاب الذمم الخربة يقومون بفتح الاعتماد ب 10 ملايين دولار، ويتفق مع من يستورد منه على وضع بضاعة بمقدار ثمانية ملايين دولار فقط فى الكونتينر، ويتم تحويل مليونى دولار فى حسابه الخاص فى الخارج، وهنا لابد لموظف الجمارك أن تكون لديه قائمة أسعار استرشادية، حتى يستطيع أن يكتشف المستورد الفاسد من الصالح الذى لا يسرق، خصوصا أنه يستفيد من السعر الرسمى للدولار فى البنوك عند فتح الاعتماد.
أما بالنسبة للصناعة، فإن هناك أكثر من 1200 مصنع متعثر فى قطاع الصناعة، هذا بخلاف المصانع التى أغلقت أبوابها بالفعل، ولابد من الجلوس معهم لمعرفة مشاكلهم، فإذا كانت قلة النقد الأجنبى، فلابد أن يقوم البنك المركزى بتوفير العملة، وإذا كانت مشاكلهم بالضرائب المتراكمة عليهم والحجز على مصانعهم، فلابد من حل ذلك، حتى تستطيع أن تعمل من جديد، وتزيد المعروض فى السوق المصرى، مما سيساعد على تقليل الأسعار، هذا بخلاف احتمالية إعادة تصدير منتجاتها مرة أخرى.
أما بالنسبة لمشكلة زيادة السيولة فى السوق المصرية، فإنه يجب سحب تلك السيولة، وقد حدث ذلك بالفعل، حيث تم إصدار شهادات إيداع ثلاثية فى بنكى مصر والأهلى بمعدل فائدة يصل إلى %12.5، مما يساعد على سحب السيولة والاقتصاد المصرى، خصوصا أن %45 من إجمالى ودائع المصريين موجودة فى هذين البنكين، وكذلك ودائع المؤسسات لديهما. وفى غضون أربعة أيام فقط من تاريخ إصدار تلك الشهادة تم سحب نحو 21 مليار جنيه من جسم الاقتصاد المصرى، وهذه الشهادات أيضا تحد من ظاهرة الدولرة.
وفى حركة ذكية جدا اتخذ محافظ البنك المركزى الجديد طارق عامر، على الرغم من عدم استلامه رئاسة البنك المركزى بعد، أربك بها سوق الصرافة، عندما ألغى قرار هشام رامز، وتم رفع قيمة الجنيه المصرى 20 قرشا أمام الدولار، وهو فى الحقيقة أعاده إلى وضعه الطبيعى، حيث تم إلغاء قرار هشام رامز بتخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار، وعاد السعر مرة أخرى إلى سبعة جنيهات وثلاثة وثمانين قرشا.
وفى الحقيقة فإن قرار هشام رامز، أربك الموردين لوزارة التجار السلع التموينية الداخلة فى منظومة الدعم، حيث كان التعاقد بين هؤلاء الموردين ووزارة التجارة على أن سعر الصرف هو 7.83 جنيها للدولار، لكن الزيادة التى أحدثها قرار المحافظ السابق جعلت الموردين يعترضون، ورفضت وزارة المالية دفع الفرق، وكادت تحدث أزمة فى السلع المدعومة التى توزع فى بطاقات التموين.
وعلى كل الأحوال فإن البنك المركزى قام بتغطية كل المراكز المالية المكشوفة فى البنوك بنحو 1.3 مليار دولار، وفرها البنك المركزى، وبذلك أربك الصرف السوق السوداء، التى نعلم جميعا أن الإخوان المسلمين, والذين يسيطرون على نسبة لا يستهان بها من محلات الصرافة والذين كانوا يعملون جاهدين على إرباك الاقتصاد المصرى من خلال إحداث ندرة فى الدولار داخل الاقتصاد.


الأهالى: نثق فى كل ما يأتى من جانب الجيش

⢴ أحمد إسماعيل

تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى بضرورة السيطرة على غول الأسعار والقضاء على جشع التجار، وتوفير السلع الغذائية للمواطنين بأسعار مخفضة من ٪20 إلى ٪25 من خلال المجمعات الاستهلاكية والسيارات المتنقلة فى الميادين الرئيسية، كما قامت أيضا بتقديم وجبات غذائية بسعر 30 جنيها تكفى أسرة مكونة من 4 أفراد .. فهل تنجح هذه الجهود فى القضاء على غول الأسعار فعلا؟!
«الأهرام العربى» رصدت فى جولة ميدانية على منافذ القوات المسلحة رد فعل المواطنين .. حيث نجد أن منطقة الإسعاف قد شهدت حالة من التكدس الشديد على منافذ البيع الثلاثة، فالسيارة الأولى تابعة لقوات الجيش، والسيارة الثانية تابعة لوزارة التموين، والسيارة الثالثة خاصة بوزارة الزراعة.. الجميع وقف أمام تلك السيارات مصطفين للحصول على السلع بأسعارها المخفضة .. «الأهرام العربى» تواصلت مع عدد من المواطنين، حيث تحدث الأستاذ محمد الرافعى - موظف بالمعاش - قائلا: لقد كنت مارا بالمصادفة واشتريت بعض احتياجاتى، لكن الأسعار لم تختلف كثيرا، وهى تجربة جيدة قد تساعد المواطنين نسبيا، لكننى لا أرى أن هذا يعد حلا نهائيا لمشكلة الأسعار والتى تتفاقم يوما بعد يوم، وإنما هو حل جزئي.
أيضا تحدث حسين كامل - محامى - قائلا: هى تجربة جيدة لكنها ليست كافية، وفى رأيى أن الحل هو فى تحويل المجمعات الاستهلاكية والتى يتراوح عددها ما بين 6000 إلى 7000 جمعية على مستوى الجمهورية إلى مراكز كبيرة تقدم خدمة مميزة مثل كثير من المولات الشهيرة، وفى هذه الحالة ستستطيع الحكومة التحكم فى الأسعار وتحجيم السوق السوداء .
كما تحدث الحاج إبراهيم الزيات قائلا: نحن نثق فى كل ما يأتى من جانب الجيش، وهو بالنسبة لنا أضمن، خصوصا من ناحية الجودة، كذلك فالسعر مناسب، لكننى أتمنى أن يتم تعميم هذه الفكرة، وأن تصل لكل المحافظات حتى تكون فى متناول الجميع، فأنا رأيتها بالمصادفة، حيث كنت فى طريقى لاستلام المعاش .
كذلك تحدثت الحاجة أم محمود قائلة: الحمد لله على كل شىء، فأنا أخبرتنى جارتى عن هذه السيارات وبصراحة المعاملة كويسة والحاجة جميلة، لكن السعر لازم ينزل شوية كمان مافيش خضار .
أما فى ميدان السيدة عائشة، والذى شهد وجود 4 سيارات الأولى تابعة للجيش والثانية لوزارة التموين وسيارتين تابعتين لوزارة الزراعة، وبرغم الإقبال الشديد فإن الناس كانت مصطفة فى صفوف دون أى تدافع، كما تم تخصيص مكان لكبار السن، وهو ما نال استحسان الكثيرين ولم يختلف رأى الناس كثيرا عما سبق، وإن كان المطلب المتشابه هو فى تعميم الفكرة وأن تصل للمحافظات النائية، وألا تقتصر على الميادين الرئيسية فقط.


وصايا دكتور سلطان أبو على للخروج من الأزمة

أما د. سلطان أبو على يرى أن تحجيم الأسعار يحتاج إلى حزمة من الإجراءات تتعرض لجانبى العرض والطلب، حتى تكون الأسعار مستدامة، بمعنى أننا نستطيع الحفاظ عليها ما دامت نفس الظروف موجودة، فعلى سبيل المثال عندما تريد هيئة السلع التموينية، أن تخفض من أسعار الخضار تدعمه وتبيعه لفترة محدودة، ولكنها لا تستطيع أن تدعمه إلى ما لا نهاية، لأن ذلك سيزيد من عجز الموازنة، والحال كذلك بالنسبة لتدخل هيئة الإمداد والتموين بالقوات المسلحة، فلا يمكن تدخلها لخفض الأسعار إلى ما لا نهاية، وبالتالى يجب تقييد الاستهلاك، خصوصا الاستهلاك الترفى، وتقليل الفاقد والضياع، والعمل على زيادة الإنتاج لزيادة المعروض فى الأسواق.

إجراءات حاسمة فى الأجل المتوسط
لن يتأتى حل المشكلة من جذورها إلا من خلال وضع برنامج الإصلاح الاقتصادى يغطى عشر سنوات، ويتم خلالها الاتفاق مع صندوق النقد الدولى على مراجعة البرنامج الوطنى الذى سنضعه نحن، ويقدر هذا البرنامج الفجوة التموينية على الأقل لمدة ثلاث سنوات.
ونظرا لأن مدخرات المصريين ضعيفة، فإن الاعتماد الأكبر فى هذه الخطة على جلب الاستثمارات، وإذا وافق صندوق النقد على هذه الخطة، فإن ذلك سيكون بمثابة شهادة ثقة فى الاقتصاد المصرى، مما سيساعد على إشعار المستثمرين الأجانب بأن مصر بلد مستقر ويتعامل معه صندوق النقد الدولى.
وهذا البرنامج يشتمل على ثلاثة مكونات، المكون الأول هو علاج الاختلالات المالية فى آن واحد، والمكون الثانى كما يقترح فخرى الفقى هو علاج الهياكل المشوهة فى جسم الاقتصاد المصرى، حيث يوجد ما بين 12 و15 منظومة من فترة السيتنيات حتى الآن، وهى إحدى العقبات التى تقف حجر عثرة أمام انطلاق منظومة التنمية، فقطاع الأعمال العام، والذى يشتمل على 150 مصنعا وشركة تأتى ب ٪2 فقط كعائد من إجمالى أصولها.
والاقتراح هو إنشاء صندوق سيادى يمتلك هذه الشركات، وتم عمل مناقصة بين الشركات التى تتولى إدارة تلك الصناديق السيادية، بشرط ألا يقل العائد من هذا الصندوق عن ٪10.
والمنظومة الثانية هى منظومة الضرائب، فلابد من إعادة هيكلتها وعلاج التشوهات التى توجد فيها، كذلك منظومة الأجور وقد صدر قانون الخدمة المدنية، وأخيرا أصدرت لائحته التنفيذية، وهذا حتى يكون دولاب العمل أقل فسادا.
أما بالنسبة للهيئات الاقتصادية، حيث توجد 51 هيئة اقتصادية، خسائرها تبلغ مليارين من الجنيهات، لا يربح منها سوى هيئة قناة السويس، والهيئة العامة للبترول وهيئة البنك المركزى، أما بقية الهيئات الاقتصادية فهى خاسرة ويمكن ضمها إلى الصندوق السيادى المقترح.
هذا بخلاف ضرورة العمل على ملف المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، فأين الصندوق الاجتماعى للتنمية منذ إنشائه فى عام 1993؟ وهل ازدادت جرعة التنافسية فى السوق المصرى؟ هذا لم يحدث، الأمر الذى يستدعى إعادة هيكلة الصندوق الاجتماعى للتنمية، وكذلك المحليات التى تنسب فى كثير من العقبات أمام إقامة المشاريع الصغيرة، وكذلك البيروقراطية مما سيزيد من جرعة التنافسية فى الأسواق المشوهة.
أما بالنسبة لمسألة سوق الصرف، فإنه يمكن أن يقوم البنك المركزى بإدخال تعديل فى قانون البنك المركزى والمصارف رقم 88 لسنة 2003، بحيث يمكن إعطاء إنذار أول، وإنذار ثان للمخالفين من الصيارفة وإذا لم يلتزم يتم إلغاء ترخيصه.
أما المكون الثالث والأخير فى هذا البرنامج، هو إعادة شبكة الحماية الاجتماعية، وأنه من المعروف أن برامج الإصلاح الاقتصادى يكون تأثيرها كبيرا على محدودى الدخل، وتكون عناصر تلك الشبكة كثيرة لحماية هذه الطبقة، وأهمها الأجور يجب أن تكون أكثر عدالة، وأن يتم إصلاح منظومة التقاعد سواء المعاشات أم معاش السادات.
ويوجد قانون تم إعداد مشروعه فى أيام وزير الاقتصاد الأسبق يوسف بطرس غالى، يعمل على تأخير سن التقاعد لسن 65 سنة، وهذا أمر جيد لتقليل الضغط على الهيئة القومية للمعاشات، والذى يمثل ضغطا على الموازنة العامة، هذا بخلاف نص الاشتباك القائم بين وزارة المالية ووزارة التضامن الاجتماعى، حيث وضعت وزارة المالية يدها على أموال المعاشات 375 مليار جنيه منذ أيام بطرس غالى.
ولحماية هذه الطبقة من الغلاء لابد من إصلاح منظومة التعليم، وهذا سيصب فى شبكة الحماية لأن التعليم الجيد يزيد من فرص العمل، وطبقا للدستور فإن التعليم مجانا حتى الثانوية العامة، وكذلك دعم الرعاية الصحية، لأن ذلك أيضا سيصب فى تحسين فرص العمل، لأنه من المفترض أن يعمل العامل ثمانى ساعات، وإذا لم يكن بصحة حيدة فإنه لن يستطيع العمل، بالإضافة إلى ضرورة إعطاء تعويض ضد البطالة على الأقل لمدة ثلاثة أشهر.
ويرى فخرى الفقى أن تصحيح الهياكل المشوهة يحتاج لمدة ست سنوات، كما أن شبكة الحماية الاجتماعية تحتاج لمدة 10 سنوات.

الفجوة التموينية من أين
عن طريق هذا البرنامج المتدرج سنجد الاقتصاد يعمل بشكل جيد، ولكن إذا كنا نريد تحقيق معدل نمو يصل إلى 6 أو 7٪، فإننا نحتاج إلى 12 مليار دولار كل عام لمدة ثلاث سنوات، أى أننا نحتاج إلى 36 مليار دولار، ومن أين سنأتى بهذه الأموال التى ستعمل على إعادة عجلة الاقتصاد وتحقيق معدلات النمو المرغوبة.
الجزء الأول من هذه الأموال يمكن الحصول عليه من صندوق النقد الدولى الذى نحن من الأعضاء المؤسسين فيه، ومن حقنا أخذ ستة أمثال حصتنا فى الصندوق، ولكن نظرا لتجارب الدول مع الصندوق، فإنه لا يعطى أكثر من أربعة أمثال حصتنا أى حوالى 6‪,‬4 مليار دولار على مدار الثلاث سنوات.
كما أننا أعضاء فى البنك الدولى ويمكن أن يتفاوض معه الصندوق، ونأخذ ثلاثة مليارات دولار لإجراء تصحيح هيكلى، وتم الدفع على دفعات، وتكون معايير تقييم الآداء ربع سنوية، ونحن أعضاء أيضا فى البنك الإفريقى للتنمية منذ عام 1964، ويمكن أن نأخذ منه مليارى دولار، وكذلك البنك الإسلامى للتنمية ومقره جدة نأخذ منه مليارى دولار، وكذلك من صندوق الإنماء الاقتصادى والاجتماعى، ومقره الكويت نأخذ مليارى دولار، وكذلك من صندوق النقد العربى.
وإذا تم ذلك فإنه يكون بمثابة شهادة ثقة من صندوق النقد الدولى، وهذا سيعمل على جذب بقية الاستثمارات، ويجب أن نستغل أن الصندوق أعلن تكرار ومرارا بأنهم يثمنون الإجراءات التى اتخذتها مصر للإصلاح الاقتصادى.

وصايا د. شريف دلاور
أما الدكتور شريف دلاور، فيرى أن الصناديق السيادية كأداة مهمة لتمويل الشركات العامة والخاصة بدون تحميل عبء هذا التمويل على الموازنة العامة للدولة، وسيزيد دور هذه الصناديق فى الاقتصاد العالمى على اعتبار أن هذه الصناديق السيادية تمثل عودة لرأسمالية الدولة، هذا بخلاف أن الدولة تحتاج إلى وضع أجندة جادة لمحاربة الفساد، تتضمن قانونا للإفصاح ونشر المعلومات، ومحاربة فساد الجهاز الإدارى للدولة، خصوصا المحليات، هذا بخلاف ضرورة الحد من أشكال الاستهلاك الترفى الزائد من خلال إصلاح منظومة الضرائب والانتقال من الاقتصاد الريعى إلى الاقتصاد الإنتاجى.

الصناديق السيادية كأداة مهمة لتمويل الشركات العامة والخاصة بدون تحميل عبء هذا التمويل على الموازنة العامة للدولة، وسيزيد دور هذه الصناديق فى الاقتصاد العالمى على اعتبار أن هذه الصناديق السيادية تمثل عودة لرأسمالية الدولة، هذا بخلاف أن الدولة تحتاج إلى وضع أجندة جادة لمحاربة الفساد، تتضمن قانونا للإفصاح ونشر المعلومات، ومحاربة فساد الجهاز الإدارى للدولة، خصوصا المحليات، هذا بخلاف ضرورة الحد من أشكال الاستهلاك الترفى الزائد من خلال إصلاح منظومة الضرائب والانتقال من الاقتصاد الريعى إلى الاقتصاد الإنتاجى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.