وفاء فراج من قال إن العنف والتطرف صناعة أوروبية متمثلة فى نماذج أمثال هتلر وفرانكوا وموسيليني؟ بل أصبحت هناك عشرات التنظيمات الفاشية والعصابات التي تظهر كل يوم، ومنها عصابات أمثال داعش وأنصار بيت المقدس وغيرهم التي أصبحت تجسد الفاشية بأبشع صورها حتي باتت خطرا علي العالم العربي بل والعالم أجمع، خصوصا أن تراثنا الإسلامي وبكثير من كتابات المتطرفين فيه والمتشددين أمثال "ابن تيمية" وأحاديث مغلوطة عن الرسول الكريم صادرة عن "أبو هريرة" "والبخاري" وتبرير للعنف فى مذاهب أمثال أبو حنيفة والشافعي، كل هذا كان ومازال مبررا للمتطرفين والمتشددين لانتهاج العنف والقتل بدافع نصرة الإسلام وفرض آرائه بالقوة سواء علي المسلمين أمثالهم من المخالفين لهم فى الرأي أو علي المسيحيين واليهود، فكان ما يحدث من مذابح دموية إجرامية تجاههم علي أبناء الوطن العربي وآخرها المذبحة المؤلمة التي ذبح علي إثرها 21 قبطيا مصريا علي يد عصابات داعش الدموية فى ليبيا أكبر دليل علي تلك الدموية والعنف والفاشية التي لم تطل تلك العصابات فقط بل كل المجتمع الذي يبرر هذا النوع من العنف تحت حجة نصرة الإسلام أو حتي بالصمت العاجز أمام تلك الفاشية. ولمن لا يعرف معني الفاشية فهي نظام فكري وأيديولوجي عنصري بدأ عام 1919 يقوم على تمجيد الفرد على حساب اضطهاد جماعي للشعوب والفاشية تتمثل بسيطرة فئة ديكتاتورية ضعيفة على مقدرات الأمة ككل طريقها فى ذلك العنف وسفك الدماء، والحقد على حركة الشعب وحريته واشتق اسم الفاشية من لفظ فاشيو الإيطالي ويعني حزمة من القضبان استخدمت رمزا رومانيا يعني الوحدة والقوة. ومع ما نعانيه كل اليوم من آثار للتطرف والعنف والفاشية التي أصبحت تسيطر علي المجتمع الذي بات يري الحل دائما فى القتل سواء دعوات المثقفين والنخبة وأيضا البسطاء فى قتل من فى السجون من الإخوان لتهدئة البلد أو دعوات من قبلهم من إسلاميين فى قتل مبارك ونظامه والليبراليين لتقوم الدولة الإسلامية وغيرها من شماتة فى القتل وعدم التعاطف معه من قبل الشعب لنصبح مجتمع بلا مشاعر يبحث عن حلول لمشاكله من خلال إبادة المخالفين معه فى الإيديولوجية والآراء، فأصبح السؤال الذي تطرحه مجلة «الأهرام العربي» ماذا حدث للشعب المصري؟ وأين ذهبت إنسانيته وسماحته؟ وهل أصبحنا نتصف بسمات الفاشية؟ أم مازال هناك أمل وهذا ما سننافشه فى السطور القادمة. وكما كانت له معارك عديدة مع جماعات الظلام والجهل والتي طالما أكد فيها الدكتور إسلام البحيري، الباحث الإسلامي أن تنظيم داعش صنيعة إسلامية وليس لها علاقة بأمريكا، مشددًا على أنها صنيعة "ابن تيمية رب الإرهاب فى العالم "وذلك بحسب قوله، موضحا أن ما حدث للشعب المصري وباقي الشعوب العربية من تغيير سماته من السماحة إلي العنف ومن السلام إلي القتل هو نتاج كتب التراث الإسلامي التي أصابتنا بقدر كبير من التخلف، وأن التغيير لن يأتى إلا من الدولة، لأن الإسلاميين لا يسمحون للمجتمع بالتغيير، وما زالوا يكفرون البعض، ويهدرون دم البعض، ولذلك فنحن فى أمس الحاجة إلى خطوة حقيقية من الدولة فى إعادة منظومة الأزهر وتغيير الخطاب الديني المحرض علي العنف لأي مخالف فى أغلبه. وأضاف البحيري: أننا أيضا فى حاجة إلى إعادة تنقية كتب التراث من الفاسد منها، وكذلك تنقيح الأحاديث النبوية، وتنقية الدين من الإسرائيليات التى أدخلها الطبرى عليه، مؤكدًا أن الأزهر مصاب بخلل ويجب أن ينتبه لذلك، وفيه بعض الأشخاص المتطرفين، وبعض الكتب المتطرفة أيضًا التى تستعين بها داعش فى سفكها للدماء تحت مسمى الجهاد، مشيرًا إلى أن كل آيات الجهاد فى القرآن زمانية مكانية، تخص ظروفها الاجتماعية، نزلت فى لحظة معينة، ولها شروطها، ولا تنطبق على كل الأزمان. من ناحيته يؤكد الدكتور جمال زهران أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، أن ما يحدث من تغيير فى سمات المصريين وصفاتهم من التسامح للعنف والتعاطف إلي الشماتة وتبرير العنف الذي نشاهده يوميا من عصابات أمثال داعش خارج مصر وعصابات أنصار بيت المقدس والإخوان داخلها هو شكل من أشكال السلوك والسمات تفرزه الثورات، موضحا أنه عادة ينتج عن أي ثورات شعبية أو سياسية إظهار أسوأ ما فى الشخصية وأفضل ما فيها والأخيرة قد ظهرت لدينا فى إرادة قوية للمواطن المصري وحبه للوطن وسعيه للتغير للأحسن له ولأبنائه. وأضاف زهران أنه بعد ثورتين مرت بهما مصر هما 25 يناير و30 يونيو أظهرت السلوك السيئ للمواطن والسلبيات فى سماته الشخصية من انتهازية وحقد علي الآخر وتطرف فى إبداء الرأي يصل أحيانا للقتل وسرقة والنهب لمقدرات الدولة وثرواتها وقاطعي الطرق، فعلي سبيل المثال وصلت الحال أيام الثورة الفرنسية أنه كانت العصابات تذهب لسرقة البيوت فى عز الظهر وأمام أصحابها يوميا، مشيرا أنه علي الرغم أن السلبيات هي الأقل فى الشخصية المصرية، ولكنها الأكثر ظهورا كعادة المقولة "السيئة تعم"، موضحا أنه من أجل ذلك يجب أن يتبع الثورات سن قوانين جديدة لمحاربة تلك السلبيات التي تظهر فى الشخصية، خصوصا أنه فى الثورات لا يجتمع الجميع علي هدف واحد كما فى الحروب، بل نجد أنه هناك منازعات وأطراف متداخلة وأطماع داخلية وخارجية لذلك مثلا لم تسجل الأقسام خلال حرب أكتوبر 73 أي محضر سرقة أو مشاجرات أو منازعات لإحساس المواطن المصري حين ذاك يالمسئولية الجماعية التي نفتقدها الآن جراء الثورات. وأشار أستاذ العلوم السياسية أنه إذا ترابط الشعب وترك مفاهيمه القديمه وإضفاء قدسية لكل من يتكلم فى الدين سواء علي صحة أم باطل، وعلم أن حربه المقبلة مع الرجعية والتطرف والعصابات باسم الدين، كما حارب الإخوان من قبل هو ضرورة للقضاء علي الفاشية والعنف الذي ظهر علي سطح المجتمع المصري. أما الدكتورة مني الحديدي أستاذ علم النفس فتؤكد أنه منذ أكثر من 30 عاما فى تفشي الجهل والفقر وغياب القانون وترك الأمور فى أيدي رجال الدين يغذوا عقول الناس بأفكار عنيفة ورجعية ومغلوطة دون رقابة هما السبب الرئيسي لتغيير سمات الشخصية المصرية وتحول أهم مميزاتها من تسامح وحب وسلام إلي عنف وحقد علي المجتمع أدت فى النهاية إلي ما نجنيه اليوم الآن من رغبة فى القتل والشماتة فى الموت والتبلد أمام الموت. وأوضحت الحديدي أن الإعلام كان سببا رئيسيا فى تغيير الشخصية من إصراره علي نشر مشاهد العنف والدم التي أصبحت بالتالي إلي مشهد طبيعي لا يرهب المجتمع بل أصبح دافعاً للتقليد ووسيلة لانتشار العنف والقتل والإرهاب المتمثلين فى جماعات التكفير والإرهاب، ومنهم داعش والتكفريون وغيرهم، إضافة إلي غياب سيادة القانون خصوصا فى السنوات الأربع الأخيرة فأصبحت السيطرة علي تلك النماذج والمنتمين لها والمتعاطفين معها أمراً فى غاية الصعوبة، مؤكدة أنه لكي تعود سمات المجتمع المصري لما كانت من تسامح يجب أن نعيد تشكيل منظومة التعليم والمؤسسات الدينية والتربوية لإعادة تربية الأطفال علي نهج جديد بعيدا عما يراه ويسمعه من ممارسات للعنف والجريمة. علي العكس من الجميع تري الدكتور عزة هيكل أستاذ الاجتماع السياسي أنه هناك أمل كبير وتفائل لارتقاء الشعب، وبالتالي الوطن، خصوصا أنها تؤكد أن سمات الشعب المصري لم تتغير وما يقال هو مبالغات غير صحيحة، قائلة: إن حالات العنف الموجودة علي سطح المجتمع ما إلا حالات فردية لعصابات إجرامية وموالين لها أمثال عصابات داعش وأنصار بيت القدس والإخوان وما يقومون به من أعمال إجرامية عنيفة ولكن مازالوا "قلة " أمام شعب قارب عدده علي 100 مليون. وأضافت هيكل أن ما يظهر من سلوك عنيف للمجتمع تصل للشماتة فى الموت والمطالبة بالقتل كحل أحيانا، هو نتاج ضغط وأزمة حقيقية يعيشها المجتمع تمس كل قطاعات حياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية بدأت من معاملة الحكومة للشعب بشكل متدن ومهين فى عهد الرئيس مبارك والتعامل معهم وكأنهم عالة علي الحكومة تريد التخلص منها، وحتي النخبة السياسية كانت ومازالت تتحدث باستعلاء علي باقي أفراد المجتمع، مما كون هوة اجتماعية وحضارية بين المجتمع وحكامه ونخبته، أدت إلي تعظيم سمات كالحقد والتطرف لدي بعض الشعب والاستسلام واللا مبالاة لدي البعض الآخر. ولكن فى النهاية تؤكد أستاذ الاجتماع أن المجتمع مازال بخير وفي أصعب حالاته يظهر برقي وتحضر، ولكن التعليم الخاطئ من قبل رجال الدين الذين سيطروا علي المجتمع لسنوات طويلة بالحق والباطل ووقفوا أمام أي صحوة أو مواجهة لإظهار ضعفهم أمثال مفكرين كفرج فودة، ونصر حامد أبو زيد، وعلي الرغم أن نهايتهم كانت علي أيدي هؤلاء المتعصبين فإن المجتمع من وقت لآخر مازال يلفظ رموز العنف ويقضي عليهم فى النهاية، كما اتحد المجتمع للقضاء علي الإخوان الذين شعروا بأنهم جاءوا لتغيير الهوية المصرية ومازالت الحرب قائمة للقضاء علي عصابات الدين أمثال داعش وأنصار بيت المقدس، الأمر الذي ليس بالسهل، مشيرة أن مصر كانت دائما مقبرة الغزاة ومفرمة للحضارات ليبقي المصري فى النهاية.