رشا عامر بعدما شهدت الأشهر الأخيرة دعم وتعهد العديد من المنظمات بالولاء لداعش التى تبسط سيطرتها على كل من العراقوسوريا نشرت مجلة «فرانس. تى. فى» خريطة دقيقة توضح الدول التى تدعم أو تدين بالولاء لهذه الجماعة المتشددة، حيث تمثل النقاط السوداء الدول الداعمة لداعش، أما الأعلام فتمثل الدول التى يوجد بها من أعلنوا مبايعتهم للجماعة، وفى النهاية تمثل الأيقونات الدول التى يهرب منها بعض الأشخاص بشكل فردى للانضمام إلى الجماعة . فى طرابلس بليبيا حيث الفوضى تعم فى أرجاء البلاد قُتل تسعة أشخاص من ضمنهم خمسة أجانب يوم الثلاثاء 27 يناير فى هجوم استمر عدة ساعات شنته داعش ضد أحد الفنادق. والذى وجهت فيه السلطات المسيطرة على طرابلس أصابع الاتهام إلى بعض الميليشيات. ويشير الباحث آلان رودييه، مدير الأبحاث فى المركز الفرنسى لبحوث الاستخبارات، أن ما يثير الدهشة هو أن داعش لم ترسخ أقدامها فى طرابلس، بل من الممكن أن تكون هناك مجموعات تعلن ولاءها لداعش وقت اللزوم فقط . وقد أعلنت العديد من الجماعات الإسلامية أخيرا مبايعتها لداعش والولاء لها كما يظهر فى الخريطة، وهذا يعنى وفق تحليل الباحث الفرنسى دومينيك توماس المتخصص فى الجماعات الجهادية، أن هذه الجماعات لا تدين فقط بالولاء لداعش بل هى تعمل تحت سلطتها وتتصرف نيابة عنها وتقاتل من أجلها وتعيش تحت لوائها. لكن وفق رأى الآن رودييه فإن هذه الجماعات التى أعلنت ولاءها لداعش لم تنبثق منها مباشرة، فداعش حتى هذه اللحظة ترتكز فقط فى العراقوسوريا كما أنها ليست لديها شبكة فى الخارج، بل هى تضم 8 ملايين شخص تحت إمارتها. وهى لا ترسل أحدا إلى الخارج، بل هى تقبع فى مكانها وهم الذين يأتون إليها ويطلبون منها الانضمام إلى صفوفها، وهذا هو مصدر انطلاقها عبر العالم أجمع، فهذه هى وسيلة اتصالها بالعالم الخارجى. ويشير رودييه إلى أن هذه المنظمات التى أعلنت ولاءها لداعش ما هى إلا جماعات فرعية فى كثير من الأحيان، وفى كل الأحوال فإن هذه الجماعات الفرعية ليست جديدة ولا وليدة اليوم، فهى موجودة منذ فترة لكنها كانت فى السابق تدين بولائها لتنظيم القاعدة، ولعل أحدث مثال على ذلك هم جماعة أنصار بيت المقدس الموجودة فى مصر والتى تبنت الهجوم الدامى الأخير فى شمال سيناء، فهذه الجماعة قد تعهدت بالولاء لداعش فى 10 نوفمبر 2014 كما ذكرت جريدة «لوموند»، حيث كانت فى السابق تعمل تحت راية القاعدة، لكن تظل هذه الانضمامات تندرج تحت بند المنافسة بين القاعدة "التنظيم التاريخى" وبين داعش. ومن المعروف أن جماعة بيت المقدس قد استقرت فى شبه جزيرة سيناء منذ عام 2011 إلا أنها كثفت هجماتها الإرهابية ضد قوات الجيش والشرطة بعد إسقاط محمد مرسى فى 3 يوليو 2013. وتضم هذه الجماعة مئات الأعضاء الذين أعلنوا مسئوليتهم عن العديد من الهجمات فى قلب سيناء والتى وصل بعضها إلى قلب العاصمة المصرية، مما أسفر عن قتل المئات. ويشرح توماس ما ترتب على إعلان هذه الجماعة ولاءها لداعش قائلا: إن هذا يعد أول انتصار حقيقى للدولة الإسلامية "داعش" لأنها استطاعت الحصول على تعاون من إحدى الجماعات بالمنطقة ففى السابق كان داعش تستفيد فقط من انضمام بعض الأفراد أو المجموعات الصغيرة لها. لكن مع مبايعة أنصار بيت المقدس لها، فإنها بذلك قد كسبت مجموعة لديها بالفعل وجود على الأرض قرابة الثلاث سنوات، كما أنه تم زرعها بشكل جيد جدا فى سيناء فضلا عن أنها تعد رائدة الهجمات المسلحة فى مصر ولعل الشئ المثير للدهشة هو نجاح داعش فى حفر علامتها على الأراضى المصرية.. تلك الأراضى التى كان من المنطقى أن تتبع تنظيم القاعدة باعتبار أن زعيمها الحالى هو أيمن الظواهرى مصرى المولد والمنشأ والجنسية! وهنا يوضح توماس أن أنصار بيت المقدس طالما سعت دائما وبشكل معلن للاستقلال عن تنظيم القاعدة، وقد أحدث ذلك جدلا واسعا فى صفوف الجماعة، ولعل إعلان بيت المقدس مبايعتها لداعش عقب نفيها ذلك هو أكبر دليل على وجود صراعات داخلية بين أعضاء الجماعة. فهناك تيار يرغب فى الاستقلالية وآخر يريد الانضمام لداعش لإعطائه قوة فى مواجهة الدولة المصرية. وعقب ذلك تم إرسال العديد من الرسائل من قبل أعضاء داعش المصريين فى كل من سورياوالعراق إلى جهات الاتصال الخاصة بهم فى مصر لأعلن انضمامهم إلى ما سموه تنظيم الدولة الإسلامية فى مصر. وبناء عليه فقد عاد بعض هؤلاء الأعضاء إلى مصر خلال الأشهر الماضية، بينما أعلن البعض قيامه ببعض العمليات الإرهابية باسم جماعة انصار بيت المقدس. وعن مدى التغيرات التى يمكن أن تحدثها هذه المبايعة، فإن الباحث الفرنسى يرى أنه حتى لو كان ذلك انتصارا رمزيا للدولة الإسلامية، فإن ذلك لا يغير شيئا كثيرا فى العمق. فالمبايعة لا تعنى بالضرورة وصول مقاتلين من سورياوالعراق. فهذا الفريق يتكون من 95 % من المصريين الذين ينتمون إلى قبائل من شمال سيناء، وبالتالى يريدون فرض نفوذهم الخاص على مناطقهم المحلية . وتشير التحليلات الفرنسية التى نشرتها جريدة لوموند فى عددها الصادر عقب إعلان المبايعة إلى أنه يجب الانتظار لمعرفة ما إذا كان التنظيم سيحذو كليا وراء داعش من خلال انتهاج نفس أساليبهم كقتل المدنيين. وهل سيمتد هذا التأثير الداعشى فى المنطقة كلها كقطع الدومينو، خصوصا مع وجود جماعات تابعة لداعش فى ليبيا وتونس. ولعل بعد الهجمات الإرهابية العديدة التى وقعت فى مصر، فإن السلطات المصرية فى طريقها لاستكمال حربها ضد الإرهاب الذى من الممكن أن يمتد إلى حرب ضد داعش، وهذا يمكن أن يؤدى إلى انضمامها إلى التحالف الدولى ضد هذا التنظيم خصوصا ضد الموجود فى ليبيا، على حد تعبير الجريدة الفرنسية. لكن تظل فكرة التحالف الإقليمى لمحاربة هذه الجماعات الإرهابية بالتعاون مع السعودية والإمارات تظل فكرة غير واضحة. وقد كثفت مصر من حملتها ضد الإرهاب عقب هجمات 24 أكتوبر الماضى، حيث وصفت جريدة لوموند جماعة بيت المقدس فى ذلك الحين بأنها كانت تقاوم الضغط، وتحاول استعادة مكانتها بعد الهجمات التى تعرضت لها على أيدى قوات الأمن هناك فى سيناء، لدرجة أنها أصبحت غير قادرة على توجيه هجمات إرهابية خارج مناطقها، لاسيما فى القاهرة والإسماعيلية كما حدث من قبل. وقد بعثت هذه الجماعة برسائل لقوات الأمن وأسرهم، وكذلك إلى بعض القبائل للتحذير من أنها ستواصل عملياتها ضد أجهزة الدولة، داعية إياهم للانضمام إليها وإسقاط الدولة. وقد أدى تكثيف الدولة لحملتها ضد الإرهاب إلى تحجيم قدرة هذه الجماعة إلى حد ما وإجبارها على التفرق والاختفاء فى كهوف جبل العرب، ومثلث الشيخ زهير لإعادة استرداد قوتهم مرة أخرى، وقد دعت جريدة لوموند لمعرفة مدى صلة هذه الجماعات بمناطق الحضر.