عماد بركات – المعتصم بالله حمدى تراجعت نسب مشاهدة برامج التوك شو التى تعرض على شاشات الفضائيات المصرية الخاصة التى بدأت فى تنفيذ سياسة مالية جديدة لهذه البرامج بسبب الخسائر التى لاحقتها أخيرا خاصة مع تراجع العائدات الإعلانية بنسبة تصل لما يقرب من ٪40 فى معظم هذه البرامج التى اعتمدت على موضوعات مكررة وضيوف نادرا ما يتغيرون، حتى إنهم يتنقلون بين أكثر من برنامج فى اليوم الواحد مما ترتب عليه تراجع نسب المشاهدة مقارنة بالفترة التى أعقبت ثورة 25 يناير، لذلك فإن عددا من الفضائيات اتجهت بقوة لبرامج المنوعات والمسابقات. أملا فى تحقيق مشاهدة وإعلانات لتعويض خسائر التوك شو، ومن خلال التحقيق التالى نستعرض أهم التغيرات فى ملامح خريطة التوك شو وسياسات عدد من الفضائيات التى تحاول أن تتجاوز أزماتها المادية، ونتعرف أيضا على رأى عدد من خبراء الإعلام فى أسباب تراجع المشاهد بشكل كبير عن برامج التوك شو السياسية.. شبكة تليفزيون المحور خفضت ميزانية برامجها وقامت بإلغاء قناتى المحور2 والمحور دراما مع توقف عدد من برامج التوك شو مثل "آن الأوان" مع الدكتورة هالة سرحان، كما ألغت المحطة برنامج "باختصار" الذى كان يقدمه الدكتور معتز بالله عبد الفتاح بسبب ميزانيته الكبيرة وأجر معتز عبدالفتاح الذى كان يصل لما يقرب من ربع مليون جنيه، وعدم وجود عائد إعلانى يحقق مردودا ماديا للمحور. ودخلت قناة التحرير فى أزمة مالية طاحنة منذ عدة أشهر بسبب تأخر صرف مستحقات العاملين بالقناة، وهوما قوبل بغضب شديد من العاملين إلى أن قرر بعضهم الرحيل، وعلى رأسهم الإعلامى جمال عنايت الذى قرر أن يأخذ فترة راحة من القناة التى تعانى من تراجع إعلانى رهيب بالنسبة لبرامجها وتحديدا التوك شو، وهى تحاول بشتى الطرق أن تظل فى المنافسة. ولم تسلم شبكة تليفزيون الحياة هى الأخرى من الأزمات المادية التى ظهرت بعد رحيل الإعلامى معتز الدمرداش مقدم برنامج "مصر الجديدة مع معتز" على الحياة2 بسبب رغبة إدارة الشبكة فى تخفيض راتبه إلى النصف، وبعد رفض الدمرداش لعرض الحياة، اتفق الطرفان على فسخ العقد بالتراضى على أن يحصل معتز على مستحقاته المتأخرة، ولم تكن أزمة معتز هى الوحيدة فى الحياة، حيث إن المذيعة هبة الأباصيرى التى كانت تشارك فى تقديم برنامج "مصر البيت الكبير" طالبت بفسخ تعاقدها لعدم حصولها على راتبها الشهرى منذ فترة طويلة، كما أن الإعلامى عمرو عبدالحميد، مقدم برنامج "الحياة اليوم" قد هدد منذ فترة بعدم الظهور على شاشة الحياة قبل الحصول على راتبه الشهرى الذى يتأخر باستمرار. ويعانى المذيع محمود سعد هو الآخر من تراجع مشاهدة برنامجه "آخر النهار" وهذا الأمر وضع تليفزيون النهار فى ورطة سبب الأجر الكبير الذى يحصل عليه والذى يصل لعشرة ملايين جنيه سنويا، ومن المتوقع عدم التجديد له بعد انتهاء العقد إلا إذا اتفق الطرفان على تخفيض قيمة العقد. وتمر مجموعة قنوات دريم الفضائية بأزمة مالية حادة، جعلت المذيع وائل الإبراشى مقدم برنامج "العاشرة مساء" يفكر جديا فى الانتقال من دريم، وسيتسبب هذا الانتقال فى ضرر بالغ لدريم، لأنه يعد الأعلى مشاهدة فى برامجها، ومن المتوقع أن تكون وجهته المقبلة ما بين قنوات "التحرير" أو "الحياة" أو on tv التى يتردد أن الإعلامى إبراهيم عيسى سيرحل عنها قريبا، لكن الإبراشى لن يحصل على أجر كبير بسبب السياسة الجديدة التى تتخذها بعض الفضائيات، وهى عدم المبالغة فى أجور مقدمى برامج التوك شو. وبرغم أن المذيعة لميس الحديدى كانت من أهم مقدمات البرامج الجاذبات للإعلانات، فإن الأمر تغير نسبيا فى الفترة الأخيرة وتقلصت نسبة مشاهدة برنامجها "هنا العاصمة" حسب دراسات نسب المشاهدة، حيث تراجع ترتيبها مقارنة بما كانت تتمتع به فى بداية انطلاق البرنامج، وتحديدا فى فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسى. وأكد مصدر مرتبط بالوكيل الإعلانى لقنوات cbc أن تراجع نسبة مشاهدة برامج التوك شو أثر بالسلب على حجم الإعلانات التى تجلبها، ونظرا لارتفاع أجور مقدمى هذه البرامج والمعدين التى ارتفعت بشكل كبير جدا عقب ثورة يناير، أصبحت تمثل عبئا ماليا على الشبكة، الأمر الذى اضطر كثيرا من القنوات الفضائية إلى خفض أجور المذيعين وتقليل ميزانيات برامجهم. وأضاف: يعتبر برنامج التوك شو، هو البرنامج الرئيسى للقناة، بل هو الجالب الأول للإعلانات، وأن أى تراجع له يعود على القناة بكل برامجها، حيث مع استقرار الأحداث السياسية فى مصر خلال الفترة الأخيرة تراجعت نسبة مشاهدة يعضها لصالح برامج الترفيه والمسابقات الغنائية. وعن رأى خبراء الإعلام فيما يحدث بالنسبة لبرامج التوك شو، قال الدكتور عدلى رضا أستاذ الإعلام: إن المجتمع المصرى حدث له تشبع من هذه النوعية من البرامج وذلك لكثرتها ولأنها أعطت صورة سوداوية للمستقبل، فمعظم الموضوعات التى تطرحها محبطة وتعتمد على السلبيات ولا تعطى المواطن الأمل فى المستقبل، وأن من يرد النجاح عليه أن يرتبط بالناس وبالوطن وأن يعطى بصيص نور للمستقبل، وأضاف : كما أنه على بعض القنوات الفضائية أن تبحث عن وجوه جديدة لتقديم هذه البرامج، لأن الذين قدموا سلبيات المجتمع على النحو الذى ظهرت عليه خلال الفترة التى أعقبت ثورة يناير لن ينجحوا فى ذلك ولن يتقبلهم الناس بسهولة، وقال: من بين أسباب تراجع نسبة ما شاهده برامج التوك شو فى الفترة الأخيرة، وضوح حقيقة أغلب مقدميها بأنهم لا يبحثون سوى عن مصالحهم الشخصية وجلب امتيازات لأصحاب القنوات، ولا يعيرون اهتماما لقضايا الوطن أو المواطن أى اهتمام، الأمر الذى يحتم ضرورة وجود إعلام جديد بوجوه وموضوعات مختلفة عن التى نفر منها الناس، على أنه يتضمن آلية جديدة وتكتيكا مختلفا فى التعامل مع قضايا المجتمع وعدم الاعتماد على وجود ضيف أو اثنين، وإنما يجب أن يمتد الأمر لمشاركة الناس فى الحوار حتى يكون هناك خطاب حوارى شامل، وضاف: أيضا العمل على إعادة لغة الحوار الإعلامى التى تدنت وهبطت على أيدى برامج التوك شو حتى نرتقى ونتقدم وتصبح بلدنا دولة ديمقراطية. وقالت الدكتور ليلى عبد المجيد، عميد كلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية : الإنسان دائما يطلب التغيير، والإعلام يعتبر أحد أنواع الفن الذى يحتاج إلى تطوير مستمر ليتماشى مع متطلبات كل مرحلة، ولكن ما حدث فى برامج التوك شو من جمود ونمطية وعدم تطور جعل المشاهدين ينصرفون عنها، وأضافت : برامج التوك شو كانت مطلوبة ويقبل عليها الناس فى فترة ما قبل 25 يناير لأنه كانت تناقش قضايا الناس، وكانت تستضيف شخصيات ممنوعة من الظهور على شاشات التليفزيون الرسمى، ومع 25 ينابر وما بعدها استمر الوضع عليه من متابعة أحداث ولقاءات مع شخصيات باتت دائمة الظهور أيضا فى التليفزيون الحكومى، وقالت : ومع تغير الأوضاع وشعور المواطن بالملل وإحساسه بأن هناك أمورا أخرى تهمه أغفلتها هذه البرامج مثل الجوانب الاجتماعية وذكريات الزمن الجميل، على غرار برنامج المذيعة منى الشاذلى وإسعاد يونس، كل ذلك أدى إلى نفور المشاهدين منها واتجاهها إلى البرامج التى تتناول الجوانب الاجتماعية والأخرى الترفيهية المختلفة، وأضافت: الذكاء يقتضى من القنوات الفضائية أن يكون هناك تطوير فى البرامج من حيث الشكل والطرح واستخدام أدوات الفن التليفزيونى، وأن من سينجح فى تحقيق ذلك أعتقد أنه سيتمر فى 2015، وفيما يخص قيام القنوات بتقليل ميزانيات هذه البرامج وأجور مقدميها، فذلك تم نظرا للخسائر الكبيرة التى حققتها خلال الفترة الأخيرة .