علاء عزت لو كانت «السندريلا»، الفنانة الكبيرة الراحلة سعاد حسنى حية بيننا الآن، وشاهدت هذه الفتاة، فمن المؤكد أنها كانت ستغير مطلع أغنيتها الشهيرة «البنات .. البنات»، واستبدلت مقطع «البنت زى الولد» إلى «البنت أحسن من الولد»، ولم لا ؟ وبطلتنا نجحت فى تحقيق ما يعجز الآن عن تحقيقه الرجال، بالصمود، والاستمرار فى تجربة الاحتراف. فى الوقت الذى يصدم فيه الشارع الكروى فى مصر بين الحين والحين على وقع فشل تجارب احتراف لاعبى الكرة، وعودتهم سريعا يجرون أذيال الخيبة من بلاد أوروبا، مازالت هى تكتب قصة نجاح، قصة دخلت عامها الخامس.. قصة نجاح تخطت كل الحدود لدرجة أنها تلقت مؤخرا عرضا من الكونغو برازافيل للحصول على الجنسية لقيادة منتخبها فى بطولة كأس العالم . إننا نتحدث عن بطلة رياضية مصرية خارقة، نعم خارقة، لأنها اخترقت أول ما اخترقت، حاجز العادات والتقاليد، خارقة لأنها احترفت لعبتين معا، خارقة لأنها قهرت كل الصعاب والتحديات، وأبدعت فى بلاد النور والعطور، وباتت الآن حديث الإعجاب فى فرنسا.. تعالوا نقلب معا صفحات حكاية «بنت اسمها مروة». مروة عيد عبدالملك، نجمة كرة اليد المصرية، اللاعبة، أو الغزال الأسمر، كما يطلق عليها الإعلام الفرنسى، المحترفة حاليا فى صفوف فريق أونيس بمدينة لاروشل الفرنسية، مروة بنت من صعيد مصر، مواليد نوفمبر العام 1986، وتلعب بفانلة تحمل " 86 "، جذور عائلتها موجودة فى مدينة ديرمواس آخر مدن محافظة المنيا من الجنوب، رغم انتقال العائلة للإقامة فى القاهرة وتحديدا فى حى "مساكن زينهم " الشعبى التابع للحى الأشهر "السيدة زينب " . لم تقف العادات والتقاليد، أمام مروة لتمارس حبها للرياضة، فاجأت الجميع بالنزول للشارع للعب كرة القدم مع الأولاد، قبل أن تدخل مركز شباب زينهم لتمارس لعبة أخرى، وهى كرة اليد، والغريب أو الجميل أنها احترفت اللعبتين معا، مارست كرة القدم بطريقة احترافية فى نادى وادى دجلة، وفازت بلقب هدافة الدورى والكأس محليا، فيما احترفت كرة اليد فى النادى الأهلى.. وقادها طموحها قبل موهبتها الخارقة للاحتراف فى أوروبا كأول فتاة مصرية على الإطلاق تحترف خارج حدود الوطن .. فضلت كرة اليد عن الساحرة المستديرة لعبة ومحبوبة الشعوب رغم شهرة الأخيرة، لأنها تؤمن أن مستقبلها فى كرة اليد .. وتؤمن أيضا أن الله منحها موهبة أكثر فى كرة اليد. ورغم كونها الشقيقة الصغرى للكابتن حنان عيد، نجمة مصر والأهلى السابقة فى كرة اليد، فإنها كانت تفضل كرة القدم على كرة اليد، حتى شاهدتها والدة زميلتها شيماء عبدالعزيز لاعبة كرة اليد بالأهلى، والتى اصطحبتها إلى مركز شباب زينهم، وقدمتها إلى الكابتن مجدى عبد السلام، والكابتن أحمد زين مدربى كرة اليد بالمركز، وذلك قبل أن تتم عامها السادس، وتحديدا أوائل العام 1992، وفى أول ظهور لها خطفت الأضواء، بعدما قادت مركز شباب زينهم للفوز على الأهلى، الذى انتقلت إليه عام 1997، وفى العام 2001 بدأ نجمها فى البزوغ عندما تألقت فى بطولة الأندية الأفريقية بالمغرب، وتوجت فى العام 2004 وعمرها 17 عاما فقط بجائزة هدافة بطولة إفريقيا للسيدات برصيد 17 هدفا، وقالت عنها مجلة "الأهرام الرياضى " وقتها " بنت 17 هدافة ب 17 "، بعد هذه البطولة تلقت عرضا للاحتراف فى ألمانيا، وتحديدا من نادى بلونبرج، إلا أن الصفقة لم تتم بعد مبالغة الأهلى فى مطالبة المادية " 20 ألف يورو "، والغريب أن الأهلى الذى حرمها من الاحتراف بسبب مطالبه المالية، عاد ووافق مجانا على احترافها فى فرنسا العام 2010، بل إن الكابتن محمود الخطيب أسطورة الأهلى ومصر الكروية، منحها " جنيهين فضة " هدية تذكارية بعد أن زف إليها بشرى موافقة إدارة النادى على عرض احترافها، وكان وقتها " بيبو " نائبا لرئيس النادى الأهلى.. ومازالت مروة تحتفظ بهدية الخطيب حتى الآن. قصة احترافها فى فرنسا، كانت تحمل طرفة غريبة، حيث قامت زميلاتها، وهن: مى عادل لاعبة كرة اليد بنادى سبورتنج، ومروة شوقى لاعبة النادى الأهلى، وندى اللقانى صديقة العمر، و صاحبة الفضل الكبير عليها فى كل رحلة نجاحها، بإرسال فيديوهات لمبارياتها أندية أوروبية من خلال شركة تسويق على الإنترنت، وتستعد مروة الآن لنقلة كبيرة فى مشوارها الاحترافى بعدما تلقت عروضا من أندية فرنسية شهيرة على رأسها نادى نانت، بعدما نجحت فى أن تفرض نفسها كنجمة الشباك فى الدورى الفرنسى الموسم الماضى، بفوزها بلقب هدافة الدورى برصيد 246 هدفا سجلتها فى 22 مباراة، وهذا الموسم تتصدر قائمة الهدافات برصيد 104 أهداف فى أول 10 مباريات لفريقها، وهو ما جعلها تحتل غلاف الصحف الرياضية فى فرنسا.. وتحصل النجمة على راتب شهرى قدره 1500 يورو، أى نحو أكثر من 15 ألف جنيه مصرى، بخلاف الشقة والسيارة.. ولديها مدير أعمال جزائرى يدعى قاسم . عريس فرنسى وأبوتريكة فتى أحلامها أثناء وجودها فى فرنسا، تلقت مروة عدة عروض للزواج، من أبناء الجاليات العربية المقيمة فى بلاد النور والعطور، أول عريس تقدم لها كان شاب تونسى، جاء عن طريق الأسرة التونسية التى احتضنتها فى بداية مشوارها الاحترافى، ولكن أغرب عروض الزواج التى تلقتها، كانت من رئيس نادى فرنسى، والأغرب أن العريس الفرنسى أكد لها استعداده الدخول فى الدين الإسلامى مقابل إتمام الزواج، لكن بنت مصر ترفض بشدة كل العروض، وتنتظر عريسا "وطنيا"، وقالت: " سأتزوج من بلدى" . وتحلم النجمة الشهيرة أن يكون عريسها بمواصفات النجم الكروى الكبير المعتزل محمد أبوتريكة، وتقول مروة: "أبوتريكة هو فتى أحلامى .. أنا أحبه كثيرا .. حققت حلم حياتى بالتقاط صورة تذكارية معه.. هو فى نظرى الرجل المثالى خلقا والتزاما، باعتزاله انتهت المتعة الكروية فى مصر ".. وتابعت: " أنا مجنونة بحب الأهلى .. ولازم عريسى يكون أهلاويا متعصبا". ويذكر أن مروة فى زيارتها السابقة لوطنها مصر كانت حريصة على الذهاب لاستاد القاهرة الدولى ومؤازرة الأهلى فى نهائى بطولة الكونفيدرالية، وتفخر بأنها كانت شاهدة عيان على الكثير من انتصارات الأهلى التاريخية، وحتى أثناء وجودها فى فرنسا لا تترك مباراة للأهلى إلا وتتابعها عن طريق الإنترنت، وتشتهر بدفاعها المستميت عن النادى الأهلى عبر صفحتها الرسمية على الفيس بوك . الحجاب والعنصرية وإذا كانت مروة، واسمها الحقيقى إحسان، ترى أن تجربة الاحتراف منحتها كل أحلامها، إلا أنها حزينة لأن الاحتراف أجبرها على التخلى عن حجابها، وتؤكد أنا ندمت على «خلع الحجاب«، فيما نفت أن تكون قد اكتوت بنار العنصرية، وقالت : " لم أشعر لحظة على مدار 5 سنوات بأى من أنواع التفرقة العنصرية، بالعكس زميلاتى فى فرنسا يحترمن دينى الإسلامى، ويحترمن أننى لا أشرب الخمور ولا أكل لحم الخنزير، ويسألونى عن الدين الإسلامى كثيرا ".. ولفتت النظر إلى أن الغالبية العظمى من نجوم المنتخب الفرنسى لكرة القدم من أصحاب البشرة السوداء. بقى أن نؤكد أن مروة هى إحدى النتائج الرائعة لمصنع "عبد الملك " الرياضى، شقيقتها الكبرى هى حنان عيد كابتن الأهلى ومصر السابق لكرة اليد، وأختها الصغرى نصرة حارسة منتخب مصر ونادى الطيران لكرة القدم، وفى نفس الوقت لاعبة كرة يد بالنادى الأهلى.