ريموندا حوا طويل في الذكرى السنوية السابعة والأربعين لنكبة يونيو «حزيران» والتي لم تكن تعني بأي شكل من الأشكال هزيمة لمصر بالمعنى الدقيق للهزيمة، فلقد بقي الجيش المصري قائما فها هو أحد رموز العسكرية المصرية يقسم اليمين القانونية ليكون رئيسا لمصر. وكان أن قال هذا الرجل عبد الفتاح السيسي أمرين مهمين يختصان بالأمن القومي العربي وتهديده وواجب مصر نحوه. وها قد طاب لك حكم مصر لتريح صدور العرب حين اتخذت هذا الموقف الواعي الجسور للدفاع عن أمن أمتك العربية. فليبارك الله خطواتك ويشد من عزمك . ونحن نثق بما قاله السيسي ضمن برنامجه وحواراته أثناء حملته الانتخابية أنه سيحاول تدريب كوادر مصرية تغطي جميع أبناء مصر تعي المفهوم الصحيح للأمن القومي العربي. تتولاه مراكز البحوث المتخصصة في القوات المسلحة المصرية وتشرف عليه. هنا يتضح أن السيسي لديه خطتان: الأولى وهي واجب القوات المسلحة المصرية حماية أي قطر عربي يتهدد أمنه من أي خطر خارجي. وقد سمعنا عبارة (مسافة سكة) نفس الكلمة التي قالها السيسي يرددها المصريون دائما، وهذا يدل على أن الشعب المصري ما زال يمتلك إيمانه بعروبته وواجبه كأخ أكبر للعرب كما كان في عهد الراحل الكبير جمال عبد الناصر. وفي نفس الوقت فقد أعاد هذا الشعب الاعتبار التاريخي لعبد الناصر ورؤيته أفكاره. ويتضح بجلاء أن القوات المسلحة المصرية تعاقب بجسارة كل من يحاول تخريب أمنها القومي، وهذا يرسخ إيمان العرب بأن أمنهم القومي أمانة في يد كل مصري. فالشعب المصري مثقف وراعي حياتيا سياسيا وتاريخيا وأمنيا، وهذه إحدى علامات العافية لنظرية الأمن القومي العربي. نستشرف بوادر صحية وسياسية جديدة تأتي إلى مصر في عهدها الجديد، فسيكون هناك اهتمام بالتوعية السياسية العامة من خلال أطر فكرية وسياسية يتبناها النظام الجديد الذي يؤسس لعهد جديد يتوق إليه المصريون منذ أكثر من أربعين عاما من خلال أدوات الحراك الديمقراطي حزبيا وجماهيريا وتعليميا ومراكز أبحاث، وبعض المشاريع السياسية العربية التي يتبناها هذا النظام، بعد أن أوقف تيار الجماهير بمساندة جيش مصر العظيم وعلى رأسه قيادة السيسي. كل احتلال هو ضد حركة «التاريخ» وهو في المفهوم الإسرائيلي إفناء للجيش المصري بكل فاعلياته، وهو لا يدرك أن كل محاولات الغزو والاحتلال حتى وإن طالت بمصر فإنها دائما إلى زوال بدءا من الهكسوس الذين احتلوا مصر لأكثر من ثلاثمائة سنة ثم الاستعمار بأشكاله المختلفة انتهاء بالاستعمار الإنجليزي واحتلال إسرائيل لسيناء، فإن الشعب والجيش المصري دائما هما الصخرة المنيعة التي تتكسر عليها كل محاولات السيطرة على المنطقة. وحين نكبر لهذا القائد التاريخي انتماءه وحسه العروبي إلى جانب انتمائه القوي لمصر وطنا لكل المصريين لا هيمنة فيه لفئة أو جماعة أو طائفة، فإننا نكبر في هذا الرجل أيضا محاولته في بعث مفهوم الأمن القومي العربي من جديد الذي تبنته تلك المؤسسة العريقة التي انتمى إليها لأكثر من أربعين عاما، وتنفرد بخصوصية لا تشبهها أي مؤسسة عسكرية في العالم، فالجيش المصري ليس جيشا من المرتزقة أو الموظفين المحترفين للعسكرية أو المأجورين بل هو نسيج وطني مصري حقيقي يشبه في بنيته بنية المجتمع المصري بعراقته وتاريخيته، ومحاولة السيسي أن يجعل القوات المسلحة المصرية تتصدر مهام إعادة تأكيد مفهوم الأمن القومي العربي والعمل على حمايته أيضا جعل كل القوى العروبية في الوطن العربي تبارك له رؤيته وخطوته وتدعمه بكل ما لديها، وما موقف دول الخليج العربي كالسعودية والإمارات والكويت والبحرين إلا تأصيل وتأكيد لهذا الأمر والذي أوضحناه فيما سبق. فهنيئا لمصر وهنيئا للعرب بهذا القائد التاريخي الطالع من أرض مصر العروبة وآملين مع كل أبناء العروبة أن يشد الله من أزره وأزر مصر كي تعود قضية تحرير فلسطين إلى واجهة الإيمان والاهتمام والعمل العربي الشامل.