الطيب الصادق أبقى البنك المركزى أسعار الفائدة دون تغيير للمرة الثانية على التوالى بعد ثلاثة تخفيضات متتالية، حيث وصلت أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض عند 8.25 %، و9.25 %، على التوالى، وسعر الائتمان والخصم، عند 8.75 %، وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزى عند مستوى 8.75%. تثبيت البنك المركزى لأسعار الفائدة يرجع إلى دعم انخفاض معدل التضخم الذى بلغ 11.7 % فى شهر يناير الماضى، إضافة إلى عودة ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية، وأيضا الحد من مخاطر التضخم فى ظل استمرار تباطؤ نمو الناتج المحلى الإجمالى خلال الربع الأول من العام المالى الحالى، ليسجل 1.04 % مقابل 2.1 % العام السابق . ذكر البنك أن التباطؤ فى النشاط الاقتصادى يأتى خلال الربع الأول، على خلفية معدلات النمو المتواضعة فى معظم القطاعات الرئيسية، منها الصناعة والتشييد والبناء، بالإضافة إلى الانكماش الذى شهده قطاعا السياحة والبترول، لافتا النظر إلى أنه فى الوقت ذاته ظلت مستويات الاستثمار منخفضة فى ظل حالة القلق والترقب من قبل المستثمرين منذ بداية 2011، فضلا عن ضعف نمو الإقراض للقطاع الخاص. خبراء البنوك أكدوا أن قرار البنك المركزى بتثبيت أسعار الفائدة فى الوقت الحالى كان صائبا وأنه قام بخفض أسعار الفائدة ثلاث مرات متتالية قبل الاجتماع السابق فى 16 يناير الماضى لتخفيض أعباء الدين الحكومى وانعاش الاستثمار، كما أنه لا يمكن أن يخفض الأسعار فى ظل ارتفاع أسعار السلع حاليا فى ظل الظروف التى تمر بها البلاد، حيث إن تثبيت أسعار الفائدة يقلل من مخاطر تقلب سوق النقد، خصوصا مع تراجع حركة منح القروض والتسهيلات الائتمانية الجديدة، معتبرين أن تحريك الأسعار كان سيؤثر سلبا على الأسواق المصرفية فضلا عن أنه من الصعب تنفيذه لأنه سيؤدى لارتفاع تكلفة الإقراض وزيادة أعباء الدين، كما قرر البنك المركزى بهذا القرار أيضاً التخلص من ظاهرة"الدولرة" والتى ظهرت بعد خفض المركزى لسعر الفائدة ثلاث مرات متتالية، إذ قام عدد كبير من المودعين بالبنوك لسحب ودائعهم وتحويلها من الجنيه إلى الدولار، الأمر الذى خلق أزمة بسوق العملات الأجنبية وبالأخص الدولار، ومن ثم أثر على سعر العملة المحلية. الدكتور فؤاد شاكر، أمين عام اتحاد المصارف العربية سابقا، يشير إلى أن قرار البنك بتثبيت سعر الفائدة يهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادى ومواجهة ركود السوق، لأن رفع أسعار الفائدة مرة أخرى من شأنه رفع أعباء الاستثمار، خصوصا مع عدم وجود مستجدات تقتضى برفع أسعار الفائدة، كما أن القرار بتثبيت سعر الفائدة جاء لتستطيع السوق استيعاب التخفيضات السابقة وتجنبا لقيام البعض بتحويل مدخراتهم من الجنيه إلى الدولار، مما يضغط على العملة المحلية. وأوضح شاكر أن قرار البنك المركزى غير إلزامى للبنوك، لكنه استرشادى ويخضع لاعتبارات كثيرة أهمها معدل التضخم و أدوات الدين الحكومى والنمو الاقتصادى، لافتا النظر إلى أن كل بنك له دراساته وسياساته التى يحدد أسعار العائد على منتجاته من خلالها. وأضاف أن مستوى أسعار السلع والمنتجات فى السوق لا يزال مرتفعا، فضلا أن الوضع السياسى والأمنى غير مستقر حتى الآن وتشكيل حكومة جديدة بعد استقالة حكومة الببلاوى، لافتا النظر إلى نجاح البنك المركزى فى إدارة ملف السياسات النقدية باحترافية خلال الفترة الماضية، وعبور عدة أزمات مالية على المستوى العالمى والمحلى دون وجود تداعيات كبيرة على الاقتصاد المصرى. ومن جانبه أرجع طارق حلمى الخبير المصرفى أسباب تثبيت الفائدة إلى ركود القطاعات الاقتصادية بشكل عام والتراجعات الطفيفة التى شهدتها أسعار صرف الدولار خلال الأيام الماضية، وهو ما سينعكس بالتبعية على معدلات التضخم المرشحة للانخفاض فى الوقت الذى تشهد فيها الأجواء الحكومية الحالية رغبة ملحة فى تشجيع مناخ الاستثمار وتخفيف الأعباء على المستثمرين بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة إبراهيم محلب . وأضاف حلمى أن المركزى لم يقم بخفض الفائدة خلال اجتماعه الأخير تجنبًا لسحب العملاء أموالهم من البنوك واستثمارها فى أوعية أخرى كشراء الذهب والأراضى والمضاربة على الدولار بعد أن قام بخفضها فى اجتماعات سابقة لتخفيض أعباء الدين الحكومى وإنعاش الاستثمار لأنه سيخفض من أعباء اقتراض المستثمرين من البنوك والحصول على التمويل اللازم لمشروعاتهم . أكد حلمى أن البنوك لا تزال هى الملاذ الآمن الأول للمصريين لإيداع مدخراتهم واستثمارها، خصوصا فى ظل الظروف الصعبة التى تواجه السوق المصرى واستمرار الاضطرابات السياسية والأمنية، حيث تخطت السيولة المحلية حاجز التريليون و300 مليار جنيه حاليا وارتفعت بشكل كبير بعد يناير 2011 بعد توقف الأنشطة الأخرى كالسياحة والعقارات وتدهور البورصة خلال فترة عدم الاستقرار. بينما يرى أحمد قورة، رئيس مجلس إدارة البنك الوطنى السابق أن تثبيت أسعار الفائدة خطوة جيدة للاقتصاد الوطنى فى ظل الأوضاع الحالية، خصوصا أن معدلات أسعار الفائدة وصلت لمستويات عالية, وكان الهدف الرئيسى لزيادتها هو جذب مدخرات العملاء والمودعين وتحقق ذلك بالفعل، مشيرا إلى أن قرار رفع أو خفض سعر الفائدة تحكمه مجموعة من الآليات والمحددات، من بينها الحد من القفزات المتتالية فى معدل التضخم وتشجيع وزيادة حجم الائتمان الموجه للمشروعات الاستثمارية مما يساهم فى خفض التكلفة الإنتاجية للسلعة. وأضاف أن تثبيت سعر الفائدة على الإيداع والإقراض، عند 8.25 %، و9.25 %، على التوالى سيؤدى فى المقام الأول لزيادة حجم السيولة بالبنوك، فضلاً عن أنه سيؤدى للتخلص من ظاهرة الدولرة والتى أدت لارتفاع قيمة الدولار، إذ إن المركزى يسعى لتحقيق استقرار فى قيمة الجنية المصرى أمام العملات الأجنبية بأكملها، لافتا النظر إلى أن البنك المركزى يسير على نهج سياسة رشيدة تهدف للحفاظ على قوة الجهاز المصرفى، واتخاذ القرارات اللأزمة قبل حدوث أى ظاهرة قد تؤثر بالسلب على سياسته النقدية. وأوضح أن البنك المركزى عندما قرر من قبل خفض سعر الفائدة، فقد كان هدفه الأول من ذلك تشجيع الاستثمار إلا أن ظروف البلاد السياسية قد حالت دون تحقيق ذلك، ومن ثم وجد أن استمرار القرار بخفض الفائدة لن يجنى سوى نتائج سلبية على البلد والجهاز المصرفى، ومن ثم قام على الفور بالتراجع عن هذا القرار ومن ثم تثبيت سعر الفائدة، وعلى الرغم من ذلك فإن ارتفاع معدل التضخم سيسهم فى تآكل أموال المودعين فى ظل سعر الفائدة الحالى.