أمام ثروة تقدر بمليارات الدولارات، تنهار كل المشاعر والعواطف الجياشة.. وعندما يكون الخيار بين الحفاظ على مشاعر الأمومة أو الحصول على هذه الثروة، تكون الكلمة الأخير للمال، حتى لو وصل الأمر إلى مقاضاة الأم ووضعها فى قفص الاتهام.. هذا ما تشهده أروقة المحاكم فى أستراليا حاليًا، حيث نزاع بين أغنى أمرأة هناك، وأولادها، الذين قرروا التخلص من سيطرتها على هذه الأموال. بدأ النزاع عندما منعت جينا راينهارت أغنى امرأة في أستراليا، أولادها الثلاثة من الحصول على أموال من مؤسسة تمتلكها الأسرة وهو ما دفع الأبناء الثلاثة لتحريك دعوى قضائية أمام السيدة راينهارت التي تقدر ثروتها بنحو عشرين مليار دولار. رفضت المحكمة النزول على رغبة راينهارت أن تنظر القضية بشكل غير معلن. وبينما يطلع الأستراليون الآن على الغسيل المتسخ لأغنى امرأة في أستراليا فإن رئيس وزراء ولاية غرب أستراليا، كولين بارنيت، يرى أنه لا ضرورة لهذا النزاع وقال:"إنه نزاع عائلي، عليكم أن تحسموه فيما بينكم". لم تعرف أسرة راينهارت أبدا كعائلة ذات قلب واحد و روح واحدة. ليست هذه هي المرة الأولى التي تظهر فيها الخلافات بين أفراد العائلة على السطح ليراها الرأي العام. الأم سيدة أعمال صلبة تحب إبرام صفقات ناجحة ولا تفضل الظهور في الصحافة الثرثارة أو التحدث عن حياة الغنى والترف ولكنها لا تخشى من الخوض في النزاعات القضائية، فلقد جابت أرجاء المحاكم أمام زوجة أبيها الفلبينية الشابة لأنها كانت تتهم هذه الزوجة بأنها عجلت من موت أبيها عام 1992، واستمر هذا النزاع القضائي أكثر من عشر سنوات قبل أن ينتهي بتصالح ودي خارج المحكمة لم تعلن عن تفاصيله. لم يقبل أبناء السيدة جينا الثلاثة، جون لانجلي هانكوك و بيانكا هوب راينهارت و هوب راينهارت ويلكر الذين تتراوح أعمارهم بين 27 و 38 عاما أن تصبح أمهم الوصية على أموال المؤسسة وأن تضيق عليهم ويتهمونها بأنها تمارس ضغوطا عاطفية عليهم وتخدعهم بشكل ماكر. وتؤكد المستندات المتوفرة للمحكمة أن الأم ماطلت على مدى أكثر من 50 عاما لحل المؤسسة الموضوعة تحت وصايتها وتوزيع الأموال الموجودة بها على الورثة. لكن الأخوة الثلاثة يريدون إدارة أموالهم بأنفسهم وطرد أمهم من رئاسة مجلس الإدارة. غير أنهم اتفقوا على ذلك فيما بينهم وبعيدا عن أمهم التي تتهمهم بالكسل وعدم الكفاءة قائلة:"ليس لدى أي من المدعين القدرة أو المهارة أو العلم أو الخبرة أو الحكمة أو روح العمل اللازمة لقيادة مثل هذه المؤسسة" حسبما نقلت عنها صحف أسترالية. ورأت الأم أن من مصلحة المستفيدين الشخصيين من المؤسسة أن يجبروا على مراجعة أسلوب حياتهم وأسلوب عطلاتهم. وليس هناك من يقف مع الأم سوى الابنة جينيا البالغة من العمر 25 عاما والتي ترى أن أخوتها "مدفوعون بالطمع" في حين يرى أخوها أنها تذهب للتسوق بسيارة رولز رويس. وضع لانج هانكوك أساس ثروة عائلة راينهارت وذلك عندما اكتشف في ولاية غرب أستراليا أكبر منجم حديد في العالم، وكانت جينا ابنته الوحيدة، وتركت الجامعة في سن التاسعة عشرة وتزوجت وأنجبت أربعة أطفال من زوجين و ورثت زوجها عام 1992 وأثبتت مهارة بالغة في الاستثمار حيث ضاعفت الثروة كثيرا. وقام لانج هانكوك بوضع ربع قيمة مجموعة شركات هانكوك بروسبكتنج بي تي إي ليمتد لصالح أحفاده في المؤسسة التي عليها النزاع الآن، ويقدر حجم الأموال في هذه المؤسسة بأكثر من أربعة مليارات دولار. تظهر رسائل إلكترونية خاصة بالأبناء الكبار أنهم سيصبحون صفر اليدين بدون أموال هذه المؤسسة. فهذه الابنة هوب تقول في إحدى هذه الرسائل التي وجهتها إلى أمها:"أحتاج مسكنا آمنا ولكن لا أستطيع شراءه". وتعيش هوب مع ابنتيها في نيويورك مضيفة:"لا تعرفين ما يظنه العالم كله من أنك ستصبحين قريبا أغنى من بل جيتس، أي أننا جميعا سنحتاج إلى حراسة خاصة، ليس لدي مال أحمي به نفسي وأولادي". وكتبت بيانكا الشيء نفسه، وهي تعيش في أستراليا في حين يعيش جون في تايلاند. ويقول جون محذرا أية مختطفين محتملين على سبيل الاحتياط إن أمه البالغة من العمر 58 عاما لن تنفق سنتا واحدا مضيفا:"إذا كنتم تعتقدون أنكم تستطيعون الحصول على أي شيء من أمي فأنا أتمنى لكم حظا سعيدا".