أ ف ب أعربت حكومة جنوب السودان عن استعدادها "لوقف فوري لاطلاق النار" مع المتمردين التابعين لنائب الرئيس السابق رياك مشار، على ما اعلن قادة افارقة الجمعة في نيروبي، بعد عشرة ايام من المعارك العنيفة التي تكاد تؤدي بهذا البلد الفتي نحو حرب اهلية. ورحب قادة المنطقة في اجتماع قمة في نيروبي "بالتزام حكومة جمهورية جنوب السودان وقف اطلاق النار فورا ويدعون رياك مشار وغيره من الاطراف الى اتخاذ التزامات مماثلة"، على ما صرح وزير الخارجية الاثيوبي تدروس ادهمون. وناشد قادة السلطة الحكومية للتنمية (ايغاد) وهي منظمة تضم بلدان القرن الافريقي وافريقيا الشرقية، الخصمين الى التحاور ووقف القتال قبل 31 كانون الاول/ديسمبر، والا سيتخذون اجراءات مختلفة، على ما اكدوا في ختام اجتماعهم من دون مزيد من التفاصيل. وبدا القادة الافارقة وكانهم يؤيدون تفسير كير للاحداث ودانوا محاولة مشار الاستيلاء على السلطة بالقوة. ميدانيا، تتواصل المعارك في نحو عشر ولايات في جنوب السودان، بينما اعلن كل من المتمردين وجيش جنوب السودان السيطرة على مدينة ملكال الاستراتيجية الجمعة. وصرح موزس رواي الناطق باسم المتمردين لفرانس برس ان "ملكال تحت سيطرة كاملة للقوات الموالية لنائب الرئيس سابقا رياك مشار" مؤكدا ان القوات الحكومية تركت المدينة مساء الخميس. وتقع هذه المدينة في شمال البلاد وهي كبرى مدن ولاية اعالي النيل التي تزخر بالنفط، وتتواجه فيها القوات الحكومية الموالية للرئيس سلفا كير مع المتمردين منذ الاثنين. ورد وزير الدفاع في جنوب السودان كوول مانيانغ جوك متحدثا عن "تضليل اعلامي" ومؤكدا في المقابل ان المتمردين انسحبوا وان ملكال باتت بالكامل تحت سيطرة القوات الحكومية. وقال ان "عناصر رياك وهم في الواقع بعض عناصر الشرطة والجيش، قد هزموا ولم يبق منهم احدا في ملكال". وفي جنيف، اعلن مكتب الاممالمتحدة لتنسيق المساعدات ان حوالى 122 الف شخص غادروا منازلهم في جنوب السودان منذ اندلاع النزاع في منتصف الشهر الحالي. وقال المكتب في بيان "نزح ما لا يقل عن 121600 شخص بسبب الازمة الخطرة في جنوب السودان"، معربا عن خشيته من ارتفاع العدد لقلة المعلومات المتوفرة لدى الوكالات الانسانية على الارض في هذا الملف. وبين هؤلاء النازحين لجأ 63 الفا الى قواعد للامم المتحدة خصوصا في جوبا وبور ومالاكال وبنتيو. وفي العاصمة جوبا وحدها ترك 25 الف شخص منازلهم وفقا لمكتب الاممالمتحدة لتنسيق المساعدات الانسانية. ولتمويل عملياتها في البلاد التي هي على شكل مساعدات غذائية وطبية وتوزيع المواد الاساسية، وجهت الوكالات الانسانية نداء للاسرة الدولية لجمع 166 مليون دولار. واندلعت معارك عنيفة في 15 كانون الاول/ديسمبر وتكاد تتحول الى حرب اهلية وذلك اساسا بسبب عداوة بين الرئيس سلفا كير ونائبه السابق المقال في تموز/يوليو مشار. ويتهم الاول الثاني بانه حاول القيام بانقلاب بينما ينفى الثاني مؤكدا ان الرئيس يريد القضاء على كل اعدائه، وفضلا عن بور سيطرت قوات مشار على مدينة استراتيجية اخرى وهي بنتيو كبرى مدن ولاية الوحدة النفطية وبور في ولاية جونقلي التي استعادها الجيش الثلاثاء. ويقوم النزاع في هذه الدولة الفتية التي استقلت عن السودان في تموز/يوليو 2011، على عداوة قديمة بين قبيلة الدينكا التي ينتمي اليها سلفا كير وقبيلة النوير التي يتحدر منها رياك مشار، لكنه يكتسي ايضا بعدا سياسيا. ومنذ عدة ايام تفيد معلومات عن اعمال عنف واغتيالات وعمليات اغتصاب ومجازر ذات طابع قبلي. واعلنت الاممالمتحدة ان حصيلة المعارك بلغت الاف القتلى مشيرة الى العثور على مقابر جماعية. واعلنت الاممالمتحدة العثور على مقبرة جماعية في بنتيو وحصيلة تشمل مجمل انحاء البلاد تشير الى سقوط الاف القتلى. ويكثف المجتمع الدولي --الاممالمتحدةوالولاياتالمتحدة والدول الافريقية والصين-- جهوده من اجل تفادي نشوب حرب اهلية في البلاد. وجددت الولاياتالمتحدة راعية استقلال البلاد في 2011 واكبر داعميها سياسيا واقتصاديا التاكيد الخميس امام الطرفين المتناحرين انها ستوقف مساعدتها اذا وقع انقلاب عسكري. وفي الاثناء تحاول الاممالمتحدة التي هدد امينها العام بان كي مون الاربعاء المسؤولين عن ارتكاب تجاوزات بعقوبات، ارسال تعزيزات من القوات الدولية بحلول نهاية الاسبوع الى البلد. وقررت الاممالمتحدة التي تجاوزتها الاحداث مع بداية المعارك، ارسال ستة الاف جندي دولي اضافي ووسائل جوية (ست مروحيات قتالية ومروحيات نقل وطائرة من طراز سي130 من اجل حماية المدنيين الذين احتمى عشرات الالاف منهم في قواعدها، ليبلغ 12500 عديد قوات الاممالمتحدة في جنوب السودان (مينوس). ووافق سلفا كير ورياك مشار رسميا على الدخول في مفاوضات لكن دون تحديد موعد. وما زالت المعارك تدور في نصف الولايات العشر من البلاد اي جونقلي والوحدة ووسط الاستوائية واعالي النيل والاستوائية الشرقية.