وفاء فراج بدأ حياته العسكرية مشاركا فى حرب اليمن وانتقل بعدها إلى الصاعقة ثم إلى المجموعة 39 قتال الانتحارية، ليعيش سنوات طويلة من عمره يحارب من أجل أرض هذا الوطن وحماية أهله، هو اللواء محيى نوح أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة، الحاصل على 216 وساما ونوط شرف وترقية استثنائية لبسالته طوال سنوات الحرب، الذى مازال يعيش مع ذكريات بطولته وزملائه فى الجيش المصرى ليسترجع المواقف الصعبة ولحظات النصر، قرر أن يكتب مذكراته عن الحرب والمجموعة 39 قتال التى قامت ب92 عملية حربية، حتى لا يتم تدليس التاريخ ولتتعلم الأجيال الجديدة من بطولات جيشه وبسالة الجندى المصرى خير أجناد الأرض .. لذا فتح البطل اللواء محيى نوح قلبه إلى «الأهرام العربى» ليشاركها أهم ذكرياته فى تلك الأيام العصيبة فى عمر مصر . كتبت مذكراتك أخيرا ما دافعك لكتابتها الآن؟ وحدثنا عن المجموعة 39 قتال وما الهدف إنشائها؟ كنت دائم الاهتمام بتوثيق أهم ذكرياتى وشهادتى عن حرب أكتوبر، ومع مرور الوقت وجدت من الأفضل نشر تلك المذكرات ونحن على قيد الحياة حتى لا يتحرف التاريخ أو يشوه، أما المجموعة 39 قتال فقد تأسست بعد نكسة 1967 مباشرة من أفضل عناصر الجيش من سلاح الصاعقة تحت قيادة المقدم "إبراهيم الرفاعى" لتتبع المخابرات مباشرة، وكان دورها مثل الأشباح التى تثأر للوطن وتقوم بعمليات انتحارية تكبد فيها العدو الخسائر وترفع من معنويات الجنود والظباط المصريين لاستعادة الثقة فى الجندى المصرى خير أجناد الأرض، وبالمناسبة مسمى الأشباح قد أطلقته إسرائيل على المجموعة بالفعل بسبب كفاءتها وشجاعتها الفائقة، ولقد قامت المجموعة ب 92 عملية، كما نجحت فى تحقيق خسائر كبيرة للعدو الإسرائيلى ومنها تدمير 77 عربة مختلفة و17 دبابة و4 بلدوزرات وترك خلفها 430 جريحا وقتيلا فى صفوف العدو، وأسر أول إسرائيلى وتدمير عدد كبير من مواقع ومنشآت الإسرائيليين، وقد أثنى على المجموعة المشير الجمسى فى مذكراته، حيث قال «المجموعة التى عملت مع إبراهيم الرفاعى من المقاتلين الأشداء وعلى درجة عالية من الكفاءة القتالية والروح المعنوية العالية، وهذه المجموعة إذا كلفت بعمل ما، فلابد من تنفيذه مهما كانت المخاطر والصعاب، ولقد قامت هذه المجموعة بالكثير من العمليات ذات الطابع الخاص الذى يتسم بالفدائية خلال مرحلتى الدفاع النشط والاستنزاف، كما أنها أول سرية حربية زارها الرئيس الراحل أنور السادات فور توليه الحكم وأثنى على دورنا أيضا . ذكرياتك عن يوم العبور المجيد 6 أكتوبر 73 أوصفه لنا وأشرح دورك فيه ؟ أتذكر أحداث يوم 6 أكتوبر وكأنه اليوم، فقد كان يوم الحسم للقوات المسلحة المصرية ومدى سعادتنا وفرحتنا بخبر العبور، خصوصا أنه لم نفقد الأمر أبدا إننا سننتصر ونسترجع أرضنا طوال ال 6 سنوات من النكسة إلى العبور، وبرغم أننا كنا على علم بموعد الضربة بحكم مواقعنا كقيادات فرق وأسراب، لكننا فرحنا كأى مواطن مصرى وأحسسنا بنشوة الانتصار من البداية، وكنا قبل العبور نستعد لضرب مواقع البترول فى جنوبسيناء لتدمير مستودعات العدو من الوقود الأزمة لإدارة عجلة الحرب، لذا بدأ دورنا فى حرب أكتوبر فى يوم السادس من أكتوبر مباشرة حتى شهر نوفمبر, وقرار وقف إطلاق النار، وشهدت تلك الفترة عمليات عسكرية امتدت من القنطرة حتى العريش ومن شرم الشيخ حتى رأس محمد وسانت كاترين، بواقع ضربتين إلى ثلاث فى اليوم الواحد بأدء أذهل مراقبى الاستخبارات الإسرائيلية فى السرعة والقوة والمهارة، والبداية كانت ضرب محطة بترول بلاعيم صباح يوم السادس من أكتوبر، ثم توالت الضربات على آبار البترول التى كان لها أثر قوى فى تشتيت دقة تصوير طائرات التجسس والأقمار الصناعية الأمريكية فى حينها، وأتذكر أهم عملياتنا العسكرية بعد العبور، وهى عملية قذف منطقة شرم الشيخ بالصواريخ يوم 10 / 10 وعملية الدفرسوار والثغرة يوم 18 / 10. حدثنا عن أهم العمليات التى شاركت فيها ولها ذكريات خاصة بداخلك ؟ كثيرا ما تأتى إلى ذهنى عملية تدمير لسان التمساح يوم 19 /4 / 1969 انتقاما لمقتل رئيس الأركان المصرى الفريق عبد المنعم رياض من هذا الموقع الموجود فى الإسماعيلية الذى أصبح حصنا قويا جدا للعدو، وتكونت المجموعة القتالية للعملية إلى أربع مجموعات كنت قائدا لأحدهما، وكانت المهمة تدمير الموقع بالكامل والقضاء على الأفراد والأسلحة والمعدات، وكان الغضب والشحن بداخلنا يكفى لشحن جيش بأكمله للانقضاض على العدو الصهيونى، وساعدنا فى العملية سلاح المدفعية للجيش الثانى للتغطية على مهمتنا ومفاجأة العدو، حتى تمكننا من دخول الموقع وزرعنا الألغام والمتفجرات وضرب بوابات الدشم بسلاح ال «آر. بى. جى» وتم قتل كل من بالموقع، ولكن إمدادت الجيش الإسرائيلى للموقع هو الذى أنقذ ما تبقى منه، وتمت إصابتى فى تلك العملية من شظايا فى الوجه والكتف والرقبة، وتم نقلى إلى مستشفى المعادى، حيث جاء لزيارتى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر ليستفسر عن العملية وعن قوات وقوة الجندى الإسرائيلى، وكانت تلك الزيارة لها أكبر أثر فى رفع معنوياتى، حيث أكدت له أن الجندى المصرى فقط بشجاعته وعزيمته وإيمانه يساوى أكثر من 10 جنود إسرائيليين بأسلحتهم وعدادهم ....وأتذكر أيضا عملية ضرب مطار الطور يوم 2/ 5 / 1970 التى كان هدفها تدمير المطار قبل زيارة «جولد مائير» رئيسة وزراء إسرائيل فى ذلك الوقت وفى طريقنا بالقوارب إلى الهدف حدث ارتفاع قوى للأمواج، مما أغرقنى فى تلك المنطقة وظللت تحت القارب داخل الماء حابس أنفاسى محاصرا لا أستطيع العوم خوفا من رفاس القارب من ناحية ومن اسماك القرش المنتشرة فى المنطقة من ناحية أخرى، ولم يستطع زملائى معرفة مكانى، وفى ذلك الوقت عرفت أننى ميت لا محالة وشاهدت صورة ابنتى التى كانت حديثة الولادة واستشهدت لله، ولكن فى النهاية زملائى استطاعوا إنقاذى واستكملنا العملية التى كللت بالنجاح ودمرنا المطاربالكامل . يتهمك الإخوان وقيادات ثورية أخرى بأنك مهندس التحركات التى تنادى بالسيسى رئيسا للجمهورية ؟ هذا ليس اتهاما بل هو شرف أما الإخوان فهم يتهمون الجميع ويحاربون الجميع، وفيما يخص السيسى الأمر جاء فقد أسست (جبهة المصريين للدفاع عن القوات المسلحة ) العام الماضى تضم عسكريين متقاعدين ومدنيين خصوصا بعد تطاول الإخوان وأتباعهم على الجيش المصرى العظيم، ثم بعد إنقاذ السيسى للدولة المصرية من الإخوان جاءتنا فكرة المطالبة به رئيسا للبلاد وتجميع توقيعات لتأييد السيسى رئيسا لمصر، وأصبحت رئيسا للحركة، وقمت بتمويل طباعة الأوراق وبعض الأنشطة، وبالفعل جمع شباب الحركة أكثر من 2 مليون توقيع، وشهدت الحملة نجاحا وإقبالا من جهات عديدة، ومن ناحيتنا نأمل بأن الفريق أول عبد الفتاح السيسى أن يتراجع عن موقفه ويترشح فى الانتخابات الرئاسية لأن هذا سيعد إنقاذا آخر للوطن من فوضى متوقعة، ففى المرحلة الحالية نحتاج لرجل ذى حزم وعزيمة وإيمان بالوطن ليعبر به من جديد إلى التحضر والتقدم، وأوكد أن كل من يرفض السيسى رئيساً له أغراض شخصية وحلم فى الرئاسة، ولكن الجميع يعلم أن السيسى إن نزل الانتخابات ستضيع فرصته وحلمه فى الحكم، لأنه امتداد للزعيمين جمال عبد الناصر فى القوة والشجاعة والكرامة وللسادات فى الذكاء والدهاء والمكر . هل شارك الإخوان المسلمين فى حرب أكتوبر؟ لم نسمع يوما أحد قيادتهم أو رجال الإخوان تحدث عن ذكرياته فى الحرب، ولم أصادف طوال عملى فى الجيش بأحد من الإخوان، وهذا ربما نابع من أن ضباط الجيش لا يمكن أن يقبلوا فى الجيش المصرى ولهم أى ميول أو علاقة بجماعات دينية أو عنصرية، وما نراه الآن من الإخوان يؤكد أنهم لم يدخلوا الجيش أو شاركوا فى الحرب، لأنهم لو شاركوا كانوا تعلموا كيف تكون الوطنية والحفاظ على الأرض التى راح من أجلها مئات الآلاف من الأرواح الطاهرة ورويت بالدماء، وكانوا عرفوا كيف يحترمون ويقدرون الجيش المصرى الذى يتهمونه جهارا نهارا بالخيانة والغدر . إذن كيف تفسر تهديدات الإخوان للشعب المصرى بالحرق والدمار فى ذكرى أكتوبر الماضية ؟ تلك الدعاوى إن دلت تدل على الخيانة والخسة واختفاء أى معنى للوطنية والكرامة لأنهم لو كانوا مصريين بحق كانوا شاركوا الشعب احتفالهم بأهم وأكبر انتصاراته ونحوا خلافاتهم جانبا، خصوصا فى هذا اليوم ليثبتوا مصريتهم أمام العالم، أما تهديداتهم باحتلال الميادين والدمار كلها لن تسفر عن شئ . واحتفالات أكتوبر العام الماضى إن دلت تدل على إصرارهم على تشويه الاحتفال فلم يدعون أيا من أبطال أكتوبر بل دعوا قاتلى بطل أكتوبر السادات ودعوا فى الاستاد كل من ليس له علاقة من قريب أو بعيد بحرب أكتوبر، وأنبه الشعب أيضا من بعض فتاوى السلفيين بعدم شرعية الاحتفال بهذا اليوم العظيم، وأذكرهم أنهم قد شاركوا فى الاحتفال العام الماضى، فلماذا هذا العام يرفضون المشاركة بزعم الدين؟!