عماد بركات – المعتصم بالله حمدى – أحمد سعد الدين حالة من القلق والترقب والتساؤلات تشهدها المؤسسات القومية منذ تشكيل المجلس الأعلى للصحافة، بسبب حركة التغييرات الصحفية المزمع إجراؤها خلال الفترة المقبلة، خصوصاً أنه لم يعلن حتى الآن عن آليات أو معايير واضحة يتم الاستناد إليها عند اختيار رؤساء مجالس الإدارات والتحرير فى المؤسسات القومية، بالإضافة إلى عدم وضوح موقف المجلس من الإصدارات المطعون على قرار تعيين رؤساء تحريرها أمام القضاء، ومنهم من حصل على حكم نهائى بإعادته إلى منصبه، هذه الحيرة والتساؤلات حملتها "الأهرام العربى" إلى أعضاء المجلس الأعلى للصحافة للرد عليها. يكشف فى البداية د. حسن عماد مكاوى، عميد كلية الإعلام وعضو المجلس الأعلى للصحافة، عن فحوى أول اجتماع للمجلس مبيناً أنه كان بطبيعته إجرائيا لاختيار الرئيس والوكيلين وهيئة المكتب، ثم تطرق إلى موضوعات أخرى مثل كيفية اختيار رؤساء تحرير ومجالس إدارات الصحف القومية لم تتم مناقشتها، وسيتم طرحها فى الاجتماعات المقبلة وبشكل سريع، وما تمت مناقشته فى هذا الاجتماع عدة نقاط أهمها، الالتزام بتطبيق وتنفيذ الأحكام القضائية النهائية التى تصدر لأى زميل صحفى وإعادته لمنصبه فورا احتراما من المجلس الجديد لأحكام القضاء، أيضا جواز المد للزملاء الصحفيين الذين تم إحالتهم للمعاش فى سن الستين لمدة عام حتى بلوغ سن ال 65 بعد موافقة مجلس الإدارة، بالإضافة إلى مخاطبة رؤساء مجالس إدارات الصحف بعدم إجراء أى تغييرات داخلية على كل المستويات تجنبا لحدوث أى مشكلات قد تنتج عنها، أما فيما يتعلق بكيفية اختيار رؤساء تحرير ومجالس إدارات الصحف القومية، أكد المجلس ضرورة أن تكون هناك معايير واضحة وشفافة وفقا للكفاءة والخبرة وشغل مناصب قيادية سابقة وألا يكون تعرض لمجلس تأديب من قبل أو عليه مخالفات معينة سواء تم ذلك عن طريق التعيين من قبل المجلس من خلال المتابعة الجيدة للأداء المهنى لبعض الشخصيات والمرشحين أم عن طريق فتح باب التقدم لشغل المنصب، على أن يتم ذلك بعيدا عن أى انتماء حزبى، وأن يحظى من يتم اختياره بتوافق كامل من جميع العاملين. وأشار د. حسن عماد، إلى أن التغييرات المقبلة لن تشمل جميع رؤساء التحرير الحاليين وإنما بعض الصحف والإصدارات التى صاحبتها مشكلات فى حركة التعيين الأخيرة . تحويل الصحف لشركة قابضة فيما يؤكد صلاح عيسى، وكيل المجلس الأعلى للصحافة، أن مدة المجلس مؤقتة حتي يتم تشكيل البرلمان، ولكن برغم ذلك سنبذل قصاري جهدنا فيما يتعلق بميثاق الشرف الصحفي، كما تم اقتراح فكرة تحويل الصحف القومية كشركة قابضة أو مساهمة، باعتبار أنها مؤسسات كاملة، مشدداً على أن الصحفيين لا يريدون أن يكونوا لعبة بين أيدي حزب الأغلبية، ولذلك تم ترشيح مادة بالدستور عن وضع الصحف القومية لتكون مستقلة عن جميع السلطات والأحزاب وساحة للحوار بين الجميع لضمان استقلالها عن السلطات التشريعية والتنفيذية. ويقول عيسي إنه خلال مشاركته بلجنة الدستور الماضية فوجئ بمناخ معاد للصحافة يقوده محمد البلتاجي، المحبوس حالياً، مشيرا إلي أن سلطات مجلس الشورى محددة، والتي تتضمن تعيين رئيس مجلس الإدارة ورؤساء تحرير المطبوعات، ونصف أعضاء مجلس الإدارة، بالإضافة إلى الحق في تعيين عدد من أعضاء المجالس العمومية للصحف، لكن تم إسناد تلك المهمة للمجلس الأعلى للصحافة، مطالبا بضرورة التأكيد في الدستور على فكرة استقلال الصحافة، وأنه لابد من توافر الإرادة السياسية لتحقيق هذه الاستقلالية. تحديد آلية الاختيار ويشير صلاح عيسي، إلي أن آلية تعيين رؤساء تحرير الصحف لم يتم تحديدها بعد، ولكنها ستدرس قريبا في ضوء المستجدات التي ستظهر خصوصاً أن عدداً من رؤساء التحرير الذين تم اختيارهم من قبل مجلس الشوري المنحل لم يمض علي اختيارهم فترة طويلة، ولكن من المؤكد أن هناك تغييرات ستحدث بعد دراسة موقف هذه الصحف ومدي حاجتها للتغيير. ويقول الدكتور محمد نور فرحات، الفقيه الدستوري، وعضو المجلس الأعلي الصحافة، إن المهمة الأولى لرجال القانون بالمجلس هي التأكيد على حرية واستقلالية الصحافة، كما أن هناك مشاكل عديدة خصوصاً في الصحف القومية، وعلاقتها بالسلطة العامة وضمانات استقلالها كما أن المواد التي تتحدث عن الاستقلال الصحف القومية تنتهي إلى جمل إنشائية. ويؤكد الفقيه الدستوري أن قانون العقوبات مازال يتضمن الكثير من المواد التي تعيق حرية الصحافة، ومع استعداد مجلس الشوري للرحيل فإنه من الواجب أن تتغير منظومة الصحافة بأى شكل. ويؤكد فرحات أنه يرفض بعض العبارات المطاطة الموجودة بالدستور كالتي تتعلق بجواز فرض عقوبات على الصحف في حالة الحرب أو الطوارئ، وهي من شأنها عرقلة حرية الصحافة. أما أسامة أيوب، أمين عام المجلس الأعلى للصحافة، فقال بالتأكيد هناك تغييرات صحفية قريباً نظراً لعدة أسباب أولها وجود أماكن خالية مثل مؤسسة الأهرام ودار الهلال وهناك بعض رؤساء التحرير الذين تم اختيارهم على أسس سياسية من نظام الإخوان، هؤلاء لابد أن يتم تغييرهم فى أسرع وقت ممكن، وفى رأيي الشخصى أنه سوف يتم النظر فى بعض الأسماء الأخرى التى تم اختيارها على أسس مهنية وتقرير ما إذا كانوا سيكملون فى مواقعهم أم لا، لكن كل ذلك سيتضح فى بداية الأسبوع المقبل بعد الاجتماع مع جميع الأعضاء وأخذ وجهات النظر المختلفة وبعدها سيقرر المجلس ما يراه فى مصلحة المهنة. صراعات داخلية أما كريمة كمال، عضو المجلس الأعلى للصحافة، فقالت نحن فى مهمة صعبة ولدينا وقت قليل للغاية، لذلك لابد للمجلس أن يسير فى طريقين متوازيين، الأول يجب أن نعترف بأن هناك مشاكل داخلية كبيرة داخل المؤسسات القومية، وهناك صراعات معروفة للعامه وأيضاً لا ننسى أن الوضع الإقتصادى لهذه المؤسسات سيىء للغاية، لذلك علينا أن ندرس جيداً وضع هذه المؤسسات وكيفية إيجاد حل سريع لهذه المشاكل، ونحدد علاقة الصحف القومية بالسلطة السياسية التى تحاول جاهدة السيطرة على الصحف القومية حتى تضمن ولاءها، وهذه أكبر مشكلة تقابلنا فى الموضوع ككل. أما المشكلة الثانية والكلام لايزال ل «كريمة كمال» فتعود إلى ما بعد ثورة 25 يناير مباشرة والتغييرات التى حدثت لرؤساء التحرير فى عهد المجلس العسكرى، ثم بعد ذلك فى عهد الإخوان، لذلك علينا أن ندرس الحالات الموجودة بشكل قانونى حتى لا نجرى تغييرات ويتم رفع قضايا بالعودة مرة أخرى على طريقة أنا "رئيس تحرير شرعى" وأعود بقوة القانون برغم أن اختياره من البداية لم يكن صحيحاً، لذلك طرحنا على عضوى المجلس الدكتور نور فرحات، والدكتور محمود كبيش، دراسة الوضع القانونى لهؤلاء الموجودين حتى نستطيع عمل تغيير تحت المظلة القانونية ويكون التغيير جذرياً فى الأفكار والخطوات، الأمر الأخر وهو فى غاية الأهمية لابد من وضع معايير مهنية فى الاختيار حتى لا يكون على أساس الولاء والتوازنات السياسية التى أضرت كثيراً بمهنة الصحافة وجعلت القارئ يبتعد عنها وهو ما ترتب عليه خسارة مادية ومعنوية كبيرة لهذه المؤسسات التى كانت فى يوم ما «رقم واحد» فى العالم العربى