العراق يشيد بقرار النرويج وإسبانيا وإيرلندا الاعتراف بدولة فلسطين المستقلة    مواعيد مباريات اليوم الخميس 23- 5- 2024 في دوري روشن السعودي والقنوات الناقلة    قلق في الأهلي بسبب إصابة نجم الفريق قبل مواجهة الترجي التونسي    إعلام فلسطيني: قوات الاحتلال تقتحم بلدات بالضفة الغربية وتستهدف الصحفيين    سر اللون البرتقالي "الخطير" لأنهار ألاسكا    محللة سياسية: نتنياهو يريد الوصول لنقطة تستلزم انخراط أمريكا وبريطانيا في الميدان    مفاجأة، نيكي هايلي تكشف عن المرشح الذي ستصوت له في انتخابات الرئاسة الأمريكية    قبل ساعات من اجتماع «المركزي».. سعر الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الأخير    بالأسم فقط.. نتيجة الصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2024 (الرابط والموعد والخطوات)    تريزيجيه يكشف حقيقة عودته للنادي الأهلي    "هذا اللاعب سيستمر".. حسين لبيب يُعلن خبرًا سارًا لجماهير الزمالك    ناقد رياضي: الأهلي قادر على حصد لقب دوري أبطال إفريقيا رغم صعوبة اللقاء    نتيجة الصف الأول الإعدادي الترم الثاني 2024 برقم الجلوس والاسم جميع المحافظات    محافظ بورسعيد يعتمد نتيجة الشهادة الإعدادية بنسبة نجاح 85.1%    رفض يغششه في الامتحان، قرار من النيابة ضد طالب شرع في قتل زميله بالقليوبية    والدة سائق سيارة حادث غرق معدية أبو غالب: ابني دافع عن شرف البنات    الكشف عن القصة الكاملة للمقبرة الفرعونية.. أحداث الحلقة 9 من «البيت بيتي 2»    المطرب اللبناني ريان يعلن إصابته بالسرطان (فيديو)    4 أعمال تعادل ثواب الحج والعمرة.. بينها بر الوالدين وجلسة الضحى    أمين الفتوى: هذا ما يجب فعله يوم عيد الأضحى    تسجيل ثاني حالة إصابة بأنفلونزا الطيور بين البشر في الولايات المتحدة    تشييع جثمان ضحية جديدة في حادث «معدية أبو غالب» وسط انهيار الأهالي    وزير الرياضة: نتمنى بطولة السوبر الأفريقي بين قطبي الكرة المصرية    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23 مايو في محافظات مصر    البابا تواضروس يستقبل مسؤول دائرة بالڤاتيكان    سي إن إن: تغيير مصر شروط وقف إطلاق النار في غزة فاجأ المفاوضين    ماهي مناسك الحج في يوم النحر؟    بالأرقام.. ننشر أسماء الفائزين بعضوية اتحاد الغرف السياحية | صور    الداخلية السعودية تمنع دخول مكة المكرمة لمن يحمل تأشيرة زيارة بأنواعها    محمد الغباري: مصر فرضت إرادتها على إسرائيل في حرب أكتوبر    الأرصاد تحذر من طقس اليوم الخميس 23 مايو 2024    تأكيدًا لانفراد «المصري اليوم».. الزمالك يبلغ لاعبه بالرحيل    ميادة تبكي روان، قصة فتاة شاهدت شقيقتها يبتلعها النيل بحادث معدية أبو غالب (فيديو)    ماذا حدث؟.. شوبير يشن هجومًا حادًا على اتحاد الكرة لهذا السبب    تفاصيل المجلس الوطنى لتطوير التعليم فى حلقة جديدة من "معلومة ع السريع".. فيديو    حظك اليوم وتوقعات برجك 23 مايو 2024.. تحذيرات ل «الثور والجدي»    محلل سياسي فلسطيني: إسرائيل لن تفلح في إضعاف الدور المصري بحملاتها    محمد الغباري ل"الشاهد": اليهود زاحموا العرب في أرضهم    بسبب التجاعيد.. هيفاء وهبي تتصدر التريند بعد صورها في "كان" (صور)    نجوى كرم تتحضر لوقوف تاريخي في رومانيا للمرة الأولى في مسيرتها الفنية    بقانون يخصخص مستشفيات ويتجاهل الكادر .. مراقبون: الانقلاب يتجه لتصفية القطاع الصحي الحكومي    22 فنانًا من 11 دولة يلتقون على ضفاف النيل بالأقصر.. فيديو وصور    مراسم تتويج أتالانتا بلقب الدوري الأوروبي لأول مرة فى تاريخه.. فيديو    متحدث الحكومة: بيع أراضي بالدولار لشركات أجنبية هدفه تعظيم موارد الدولة من العملة    احذر التعرض للحرارة الشديدة ليلا.. تهدد صحة قلبك    «الصحة» تكشف عن 7 خطوات تساعدك في الوقاية من الإمساك.. اتبعها    أستاذ طب نفسي: لو عندك اضطراب في النوم لا تشرب حاجة بني    هيئة الدواء: نراعي البعد الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين عند رفع أسعار الأدوية    إبراهيم عيسى يعلق على صورة زوجة محمد صلاح: "عامل نفق في عقل التيار الإسلامي"    البطريرك مار إغناطيوس يوسف الثالث يونان يلتقي الكهنة والراهبات من الكنيسة السريانية    محمد الغباري: العقيدة الإسرائيلية مبنية على إقامة دولة من العريش إلى الفرات    سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن فى مستهل التعاملات الصباحية الاربعاء 23 مايو 2024    عمرو سليمان: الأسرة كان لها تأثير عميق في تكويني الشخصي    "وطنية للبيع".. خبير اقتصادي: الشركة تمتلك 275 محطة وقيمتها ضخمة    طالب يشرع في قتل زميله بالسكين بالقليوبية    حظك اليوم| برج الجدي الخميس 23 مايو.. «تمر بتناقضات»    هل يجوز بيع جلد الأضحية؟.. الإفتاء توضح    أدعية الحر.. رددها حتى نهاية الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الملحدون الجدد ظاهرة تتحدى التدين المغشوش .. الرسول لم يقتل ملحدا والتلويح بالردة «حماقة»!
نشر في الأهرام العربي يوم 24 - 07 - 2013

فى الحلقتين السابقتين أجرينا مجموعة من الحوارات الجريئة والمباشرة مع بعض شباب الملحدين، والتى خرجنا منها بالعديد من التساؤلات التى أثاروها والتى كانت وراء جرهم إلى براثن الشرك، أو آراء الذين يحاولون استقطابهم إلى معسكر الإلحاد، حصرنا هذه التساؤلات وتوجهنا بها إلى علماء الإسلام للإجابة عنها، وتوضيح الحقائق .
بقى أن نشير –مجددا -إلى أننا أثناء إجراء تحقيقنا الاستقصائى، حاولنا التزام الحيادية والمهنية بعيدا عن انتماءاتنا العقائدية، لعرض القضية، كما هى بما لها وما عليها لنضع الأمر أمام كل المعنيين بدءا من الرئاسة والأزهر والكنيسة وحتى رجل الشارع العادى، الذى لا يمكنه السكوت على انتشار هذه الظاهرة الغريبة والمريبة والتى من الممكن أن تتطور إلى بحورطائفية من الدم !!
د. أحمد كريمة: مشايخ «السلفية والمتصوفة والشيعة» السبب !
أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر قال: فى البداية أريد أن أوضح أن أحد الأسباب القوية التى أدت إلى طفو هذه الظاهرة على السطح هى حالة الشتات الدعوى بين "الأزهر، الأوقاف، الإخوان، الجماعة الإسلامية، الشيعة، المتصوفة لا الصوفيين، جماعة التبليغ والدعوة" فكل تيار له أفكاره وتوجهاته، وبالاستقراء فى الواقع الدعوى نجد أن الخطاب الدينى المغلوط والأفكار التى طرأت على العمل الدعوى من غير مؤهلين، وبالذات تيارات السلفية بفصائلها الدعوية والحركية، والشيعة وغيرهم يقدمون مفاهيم متضاربة وفتاوى شاذة وطرح دعاوى خالية من أدنى مكارم الأخلاق، من الشتائم والسباب والتنابذ بالألقاب، وعلى سبيل المثال المتسلفة يقيمون تصورا لإله مجسد له يد ويداه مبسوطتان وكلتا يديه يمين... إلخ، ويكفرون من سواه، خصوصا علماء الأزهر الشريف، ويسهم المتصوفة والشيعة فى إضفاء قدسية مزعومة موهومة لرموزهم، مع الإغراق فى الغيبيات والانفصال عن عالم الواقع والعقل، أما جماعة التبليغ والدعوة فتقدم قشورا سطحية تدور حول الزى والعطور.. إلخ.
يشيرون إلى حديث الله مع الملائكة "إنى جاعل فى الأرض خليفة" وموقف الملائكة التى ردت " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك".. فقال الله "إنى أعلم ما لا تعلمون"، ولكن مع الوقت ثبتت تكهنات الملائكة.. كيف تفسر ذلك ؟
عندما قال الله سبحانه "إنى جاعل فى الأرض خليفة" كان يقصد خليفة لمن سبق الإنسان من خلائق وليس خليفة لله جل شأنه، والدليل على ذلك قوله تعالى "جعلكم خلائف فى الأرض"، ولعل ذلك يشير إلى المخلوقات من ملايين السنين قبل النوع البشرى المتمثل فى آدم عليه السلام، والدليل الثانى بقايا الحيوانات التى تم اكتشافها من ملايين السنين.
بما أنه كان هناك الكثير من المخلوفات قبل آدم التى كانت تتقاتل فيما بينها للحصول على الطعام، استطاعت الملائكة التعرف المسبق على طبيعة البشر كسائر مخلوقات الأرض.
أما بخصوص قوله "إنى أعلم ما لا تعلمون" فيدل على معرفة الله أن الإنسان سيفعل ذلك شأنه شأن سائر المخلوقات، ولكنه سيرسل الأنبياء والرسل لتنظيم العلاقة بين البشر وبعضهم البعض، وخلق حالة من الخير والشر، كى يستطيع أن يخلق سبب منطقى يحاسب عليه عباده الطائعين ويدخلهم الجنة، ويدخل العاصين له النار.
يريدون الخروج من الإسلام ولا يجبرون عليه لأنهم لم يختاروه بإرادتهم وإنما بالوراثة.. فكيف يطبق عليهم حد الرد ؟ كيف ترى محاولة تطبيق أحد الآباء حد الردة على ابنه ؟
بداية أحب أن أقول لهؤلاء الشباب عدم التسرع والخروج من الدين وأخذهم بمبدأ "أقرأ"، ولكن عليهم أن يختاروا بعناية لمن يقرأون فأنصحهم بالقراءة لعدد من العلماء والباحثين البارزين، مثل الإمام محمد عبده والشيخ محمد الغزالى والشيخ جوهرى طنطاوى والشيخ جاد الحق والشيخ الشعراوى، وكذلك يقرأون فى الإعجاز العلمى للدكتور أحمد فؤاد باشا والدكتور محمد عمارة وعباس العقاد.
بعد انتهاء مرحلة القراءة إذا بقيت لديهم بعض التساؤلات التى قد تدور فى تفكيرهم يلخصونها ثم يعرضونها عليٌ من خلال "لجان التعريف بالإسلام" بمؤسسة التآلف بين الناس الخيرية للدكتور أحمد كريمة وإخوانه، ومقرها الدمرداش بالعباسية وبريدها الإلكترونى www.taalof.com، وهناك لجان لعلماء أخرين بالجامع الأزهر وفى الإسكندرية.
أما بخصوص الآباء ومحاولة تطبيق حد الردة على أبنائهم، فهذا يعتبر اعتداء على الشريعة الإسلامية "بقتل نفس دون وجه حق"، وأريد أن أذكرهم بحديث الرسول "ص" الذى رواه مسلم "جاء أناس من الأعراب إلى النبى، فقالوا إنا نجد فى أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يقوله "بمعنى شك فى وجود الله"، فقال لهم أوجدتموه، قالوا نعم، فقال ذلك صريح الإيمان"، فهذا يدل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم سلك مسلك العلاج وليس مجرد الترهيب أو التعنيف، فما بالك بتطبيق حد الردة.
أفهم من كلامك أن حد الردة له أسس وقواعد تطبيقية؟
بكل تأكيد، فلحد الردة مجموعة من الخطوات الرئيسة وهى :
1. الرأى العلمى المعتمد من الجهة ذات العلاقة "مجمع البحوث الإسلامية"، والذى يؤكد إلحاد الشخص.
2. الحكم القضائى النافذ من المحكمة.
3. الاستتابة "اى المناظرة" ودفع الشبهة بالحكمة والموعظة الحسنة لمدة ثلاثة أيام.
4. موافقة ولى الأمر للجهة ذات العلاقة وهى الشرطة فقط، وليس أى شخص آخر.
يقولون إنهم عرفوا من عدد من الشيوخ أن القرآن قال إن الأرض مسطحة وليست كروية الأمر الذى يتنافى مع العلم ؟
القرآن لم يذكر أن الأرض مسطحة، ولكنه للأسف فهم مغلوط لشيوخ السلفية المنكرين لكروية الأرض، بل نص القرآن على كروية ودوران الأرض، فال تعالى "والأرض بعض ذلك دحاها" أى جعلها كروية كالبيضة منبعجة عند القطبين، كما قال عز وجل فى سورة الرحمن "إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض" وجميعنا يعلم أن القطر هو الخط الواصل بين طرفى الدائرة مارا بالمركز، وقال سبحانه "رب المشرقين ورب المغربين" فإذا كانت الأرض مسطحة ولا تدور ما وجدت مشارق أو مغارب أو اختلاف توقيت ومطالع.
د. آمنة نصير: عندما يتحدث عن «حور العين» فإنه يخاطب عباده بما يشتهونه فى الدنيا
سألنا الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر عن باقى أسئلة هؤلاء الشباب، فكانت إجاباتها صادمة أحيانا خاصة فى معضلة حد الردة، ورأيها فى الأديان السماوية..
تقولون إن الله كتب ما سنفعله قبل خلقنا بأكثر من خمسين ألف عام .. فكيف يحاسبنا الله أمور قد كتبها لنا بالفعل ؟
بالفعل كتب الله لنا ما سنفعله، ولكن ليس من منطلق الإجبار على الفعل، وإنما من منطلق معرفة ما سنختاره بإرادتنا، وهنا يجب أن يعرف الجميع أن علم الله ينقسم إلى نوعين، إرادة إلهية وتعنى علم الله بما يدور فى ملكه الذى خلقه والمسئول الأول عن تسييره، فإذا أخطأ حارس عقار وتم سرقة إحدى الشقق فتتم محاسبته، والنوع الثانى هو الإرادة المشيئية، أى أن الله يعلم أن الإنسان خطاء بطبعه، والله لا يريد أن يعذبنا وإنما يرحمنا ويدخلنا جناته، والدليل على ذلك قوله تعالى "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا"، كما أن الله أراد أن يرفع من شأن آدم وذريته فنثر أمامه جميع ذريته قبل خلقنا بخمسين ألف عام وأخذ عليه وعلينا ميثاق الفطرة " ألا تعبدوا الا الله".
هل نطبق حد الردة على هؤلاء الشباب بما أنهم ارتدوا عن الإسلام؟
لا نستطيع تطبيق حد الردة عليهم، وحد الردة فى الإسلام لا يطبق على الكفر أو الإيمان، إنما يطبق على من انقلب على الإسلام بل وصار عونا على إيذاء المسلمين، ويقتل لأنه صار جاسوسا ومقاتلا لجماعة الإسلام، وليس لأنه خرج من الدين، وأكبر دليل على كلامى قوله تعالى "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"، بخلاف أن الرسول "ص" لم يقتل أحدا خرج عن الإسلام فى عهده، وبخصوص الحديث الذى جاء ليقول عن الرسول "من ارتد عن دينه فاقتلوه" فهذا حديث أحاد "أى أن راويه شخص واحد"، وقضايا العقيدة لا يؤخذ فيها بالأحاديث الأحاد، كما أن الإمام مالك قال "يستتاب الملحد إلى آخر العمر ولا يقتل".
الملحدون يقولون إن فكرة صفات الله المتناقضة فكرة بشرية بحته.. فما رأيك فى ذلك؟
أرى أن تناقض صفات الله المتناقضة "المنتقم والغفار، القهار والرحيم" إن دلت على شىء فهى تدل على الكمال الإلهى، مثال على ذلك عندما نجد رب أسرة رحيماً بأبنائه فى أوقات وقاسياً فى أوقات أخرى، أول ما نصفه به نصفه بالحكمة لأنه يستطيع خلق نوع من التوازن فى العلاقة، هذا بالنسبة للبشر فما بالنا بالخالق عز وجل الحكيم الغفور الرءوف بعباده.
بخلاف أن الله بعث لنا بالعديد من الرسائل عبررصفاته سبحانه، فنجد فى قوله تعالى "إنه سميع بصير عليم ليس كمثله شىء" أن الخالق أراد أن يخبرنا بأنه سميع للدعاء، بصير بما يفعلونه فلا يستطيع كائن من كان أن يفل أمر دون أن يعلمه الله، عليما بأحوال عباده فيرزقهم من حيث لا يحتسبون.
يرون أن مخاطبة الله للبشر ووعدهم بالحور العين فى الجنة فكرة جنسية بحتة.. كيف ترى ذلك ؟
إن الله سبحانه وتعالى يحاول أن يخاطب عباده بما يشتهونه فى الدنيا حتى يقربهم لما يريده لهم بمفهومهم الدنيوى وإيجاد بديل له فى الآخرة، كما وعدنا بأنهار من عسل وخمر، بالإضافة إلى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.
أحد الملحدين قال: ألحدت عندما وجدت الإسلام يحول الناس إلى أجسام بلا عقول يسيرون بمبدأ السمع والطاعة.. هل هذا موجود فى الإسلام؟
هذا غير حقيقى وليس له علاقه بالإسلام، وإنما للأسف بعض الجماعات التى تطلق على نفسها "إسلامية" تتاجر باسم الدين لتحقيق مأرب سياسية وتجارية بحتة، ولعل فى صحابة الرسول الكريم عبرة لنا عندما قال الصحابى الجليل أبوبكر "وليت عليكم ولست بأفضل منكم، فإن سددت فأعينونى وإن أخطأت فقومونى"، الأمر نفسه قاله سيدنا عمر رضى الله عنه، فالقرأن الكريم كتاب عقل وفهم والدليل على ذلك أن أول آية نزلت على الرسول الكريم "اقرأ" التى تعنى تدبر وتفكر، بما يعنى أن لإعمال العقل الدور الأساسى فى الإسلام وليس إغلاقه.
يرون أن الكثير من المسلمين يرفعون من شأن الشيوخ محدودى الفكر على العلماء فى مختلف المجالات مثل زويل والبرادعى.. فما رأيك فى هذا ؟
هذا للأسف حقيقى فالكثير منا يصنعون هالات وهمية حول عدد من رموز بعض التيارات، وإنزالهم منزلة أعلى مما يستحقون بكثير ويستخون بإنجازات العلماء الذين قد يكونون أعلى مرتبة وفكرا، الأمر الذى يخلق نوعا من إهانة العلم والعلماء، والإسلام برىء من هذا كله، فالعلم فى الإسلام ليس علم الدين فقط وإنما سائر العلوم، فتخيل أن العلماء ورثة الأنبياء" وهنا لم تقتصر على علوم الدين فقط وإنما سائرها.
"وما خلقنا الإنس والجن إلا ليعبدون" هل ينقص الله عبادة؟
حاش لله، الخالق لا يحتاج لعبادتنا، وإنما أراد أن يكرمنا ويشرفنا بالحياة الأبدية فى الجنة، أذكر لك مثلا لا نستطيع القياس عليه "الشخص يحلم بالزواج وإنجاب أطفال ليفرح بهم ويربيهم تربية صالحة، ويمتعهم بملذات الحياة"، فالله أراد أن يعمر الأرض ويكافئ من يحاول ألا يعصى الله بالنعيم فى الجنة.
أما بخصوص الحكمة من خلق الملائكة، فهى كائنات نورانية خلقها الله ليكلفها بأمور شديدة التعقيد، منها متابعة سير الكون وحمل عرشه وأمور لا تبدوا لنا.
الحبيب الجفرى: لا بد من تفهم معاناة الشباب بسبب «الواقع المرير» الذى نعيشه
سألنا الداعية الحبيب على الجفرى عن الإلحاد واسباب انتشاره فى هذه الأيام، فأجاب علينا فى مقال حاولنا نشره كما هو..
كثُر الحديث هذه الأيام عما يُسمّى ب«ظاهرة الإلحاد»، وكثر الجدل حولها من نواحٍ عديدة، فتارة تُطرح من باب الدعوة إليه أو التحذير منه، وتارة من باب الثقة بأنه القادم المحتوم أو القلق من كونه الإشكال الخطير، وتارة من باب السرور بأنه المُخلّص أو الغضب من كونه الكفر الوقح.
لكنى أركز على ملمح مختلف بعض الشىء، ألا وهو أن الضجيج القائم حول هذه الظاهرة ومختلف التفاعلات معها قد غيَّب عن الأذهان جانباً مشرقاً فيها!، والجانب المشرق هنا هو ضخ دماء جديدة للبحث عن الحقيقة فى مجتمعنا الذى جَمُدت الدماء فى عروقه.
وأمّة تتجمد دماء البحث عن الحقيقة فى عروقها لا يمكن أن تنهض وإن أحرزت صوراً من التقدم المادى أو مظاهر من الحريات الفردية أو الاجتماعية أو السياسية، فضلاً عن أمة ترزح تحت وطأة التخلّف فى مختلف هذه النواحى.
لهذا فنحن بحاجة إلى التريُّث فى ردة الفعل تجاه هذه الظاهرة، وينبغى لنا ألا نقع فى فخ الانفعال التلقائى الغاضب، أو الهجوم المتحامل على الشباب، أو التلويح الأحمق بالعقوبات، أو الدعوة الهمجيّة إلى البطش، فكل هذا يوصل رسائل خاطئة مفادها عدم الثقة بقدرة الإسلام على البيان بالحُجّة والبرهان، كما أنه يؤدى إلى نتيجة واحدة وهى زيادة التشويش على أذهان الشباب، ومن ثمّ مزيد من الانتشار لهذه الظاهرة.
ولدينا جانبان أساسيان فى تناول هذه الظاهرة:
الأول: هو الجزء المتعلق بمسئوليتنا تجاه انتشارها، وهو يتلخص فى تخلف بيت الخطاب الإسلامى عن فريضة التجديد، وتقصيرنا فى بناء قواعد البحث المعرفى لشبابنا، وعجزنا عن تقديم النموذج العملى للحضارة المبنيّة على الإيمان، مع الاكتفاء باجترار الماضى المشرق للحضارة التى شيدها الأسلاف.
الثانى: هو الجزء المتعلق بفهم معاناة شبابنا من واقعهم المرير وتفهّم آمالهم وآلامهم، واحترام عقولهم ومشاعرهم، وإعطائهم حقوقهم التى جعلها الله لهم فى أن يخوضوا تجربة البحث الجادّ عن الحقيقة بما فى هذه التجربة من نجاح وإخفاق وصواب وخطأ.
وحق الإنسان فى أن يُخطئ هو حق أصيل فى الشريعة؛ سواء كان هذا الخطأ نتاجاً لتجربة البحث الجاد أم كان صادراً عن طبيعة الضعف البشرى.
فصاحب الخطأ الناتج عن البحث الجاد عن الحقيقة له أجر كما أخبر المعصوم (صلى الله عليه وآله وسلم) بقوله: «إذا حكم الحاكم فاجتهد ثمّ أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثمّ أخطأ فله أجر». رواه البخارى.
وفهِمَ العلماء من هذا الحديث أن الجادّ فى محاولته للوصول إلى الصواب، الآخذ بأدوات الاجتهاد، الصادق فى طلب الوصول إلى الحق، له أجر وإن لم يصل إليه، ولهذا قالوا: «كل مجتهدٍ مُصيب»، وقالوا: «الحق واحد لكن الصواب متعدد».
كما أن الخطأ الناتج عن الضعف البشرى أيضاً طريق للوصول إلى الحقيقة فى حالة الاعتراف به والسعى نحو تصحيحه، ولهذا شرع الله لنا التوبة، بل جعل تكررها الناتج عن تكرر الخطأ طريقاً إلى نيل محبة الله، قال تعالى:
{إنَّ اللهَ يُحبُّ التوّابين ويُحبُّ المُتطهِّرين}، وقال تعالى: {قُلْ يَا عِبادىَ الَّذينَ أَسرَفُوا على أَنفُسِهِمْ لَا تَقنَطُوا مِن رحمةِ اللهِ إنَّ اللهَ يَغفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إنّهُ هُوَ الغفورُ الرحيم}.
بل إنّ الخطأ الناتج عن الضعف البشرى مظهرٌ من مظاهر حكمة الله فى خلقه ورحمته بهم، قال الرحمة المُهداة (صلى الله عليه وآله وسلم): «لو أنكم لم تكن لكم ذنوب يغفرها اللهُ لكم، لجاء اللهُ بقوم لهم ذنوب يغفرها لهم». رواه مسلم.
لهذا فنحن بحاجة إلى الكفِّ عن لغة التعنيف والتهجّم والتهديد التى لا تُجدى نفعاً، لننتقل إلى مرحلة تحمّل المسئولية والاعتراف بالخطأ والعمل الجادّ على الإجابة عن أسئلة الشباب.
وأهمس هنا فى أذن الشباب بأن يكونوا جادّين فى طلب الحقيقة أو الصواب، آخذين بأدوات البحث العلمى، صادقين فى التفرقة بين البحث الجادّ والاستسلام للسخط على الواقع، وأن يعملوا بهمّة على التحرر من عبودية الرغبات والشهوات ومزاجيّة الأهواء، كى لا تُشوّش على موضوعية عقولهم الباحثة.
وألا يعتدوا على شرف قيمة حرية البحث وحرية التعبير وأخلاقياته، وذلك بتعدّيهم على قيمة أخرى وهى احترام حق المتدين فى ألا تُنتهك معتقداته بالسب والتجريح والسخرية، فهناك فرق بين النقد والسباب.
وهذه الهمسة أبثّها أيضاً إلى من كان بحثهم عن صوابية وجود الحقيقة فى معترك النسبية المطلقة وفلسفة الحداثة وما بعد الحداثة.
وأتذكّر هنا موقفاً احترمته لشاب اختار الإلحاد؛ حيث رفض العمل على دعوة من حوله إلى اختياره، لأنه يعتبر نفسه فى مرحلة من مراحل التأكّد من صحة هذا الاختيار؛ وذلك بسعيه نحو الوصول إلى الانسجام العقلى والقلبى والنفسى مع اختياره، والتأكد من أنه قد تخلّص فى اختياره من تأثير ردة الفعل تجاه الواقع الذى نعيشه، وذلك بسبب شعوره بالمسئولية تجاه الآخرين، ورجوت أن تكون هذه حال كثير من المتدينين المعاصرين تجاه من يحيط بهم.
وأخيراً.. إن ما توصلتُ إليه بعد بحث ودراسة، لا تزال مستمرة عبر الاستبانة والاستقراء والحوار مع شرائح متنوعة من الشباب، هو أنَّ كثيراً ممن يعتبرون أنفسهم ملحدين أو لا دينيين أو حتى متشككين ومستشكلين، هم فى الحقيقة باحثون عن أجوبة لأسئلة تجيش بها صدورهم ومن حقهم أن يأخذوا الفرصة والوقت الكافيين فى البحث الجادّ عنها.
{أوْ كالَّذى مرَّ على قريةٍ وهى خاوِيةٌ على عُروشِها قالَ أنَّى يُحيِى هذهِ اللهُ بعدَ مَوتِها}.
اللهم يا مَن احتجبَ بنور ظهوره عن خلقه، وأشهدهم حقيقة وجوده بتجلى أفعاله، وأودع فى مكنون قلوبهم بصيرة خرق حجاب نفوسهم، دُلّنا بك عليك، وأوصلنا بفضلك إليك، وانقلنا من حيرة الوهم إلى حيرة الفهم، يا قُدّوس يا سلام!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.