"سويلم" يوجه باتخاذ الإجراءات اللازمة للاطمئنان على حالة الري خلال عيد الأضحى    «الصحة» تكشف حالات الإعاقة المستحقة لكارت الخدمات المتكاملة    تباين أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات ثالث أيام عيد الأضحى    عيد الأضحى 2024..أسعار البيض اليوم 18 يونيو    المالية: عودة الاقتصاد المصرى لمسار أكثر استقرارًا فى مواجهة التقلبات العالمية    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 18 يونيو 2024    مجازر الإسكندرية تستقبل 145 ذبيحة ثاني أيام العيد.. والحصيلة ترتفع ل1140 رأسًا    المالية: عودة الاقتصاد المصرى لمسار أكثر استقرارًا فى مواجهة التقلبات العالمية    إعلام لبناني: قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف بلدة شبعا    17 شهيدا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على غزة فجر اليوم    بوتين: أمريكا تريد فرض نظام دكتاتوري استعماري جديد على العالم    زعيم المعارضة الإسرائيلية يهاجم حكومة نتنياهو ويصفها ب"المجنونة"    تعرف على جدول مباريات اليوم الثلاثاء 18 - 6 - 2024 والقنوات الناقلة    زد يستضيف فاركو في لقاء القمة والقاع بالدوري    موعد مباراة الأهلي والاتحاد السكندري الليلة والقنوات الناقلة    تشكيل التشيك المتوقع لمواجهة البرتغال في يورو 2024    أخبار الأهلي : الزمالك يتلقي صدمة جديدة بعد التهديد بعدم مواجهة الأهلي    تعرف على درجة الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 18-6-2024    إصابة 7 أشخاص فى 3 مشاجرات متنوعة بالجيزة    مصرع شابين غرقا في النيل بمنشأة القناطر    فيلم ولاد رزق 3 يحصد أضخم إيراد يومي في تاريخ السينما المصرية.. ما القصة؟    17 شهيدا إثر غارات الاحتلال على وسط وجنوبى قطاع غزة منذ فجر اليوم    الصحة: نسبة تواجد الكوادر الطبية بأقسام الاستقبال والطوارئ تتخطى ال 97%    معهد التغذية يكشف السعرات الحرارية في الطحال والكبدة    أخبار مصر: جريمة تهز العراق ضحاياها مصريون، آل الشيخ يحرج عمرو أديب بسب الأهلي، مفاجأة في وفاة طيار مصري وسقوط أسانسير بركابه بالجيزة    غانتس: ملتزمون بإزالة التهديد الذي يشكله حزب الله على مواطني شمال إسرائيل    حرب جوية.. روسيا وأوكرانيا تتبادلان الهجوم بالطائرات المسيرة    أزمة قلبية أم الورم الأصفر، طبيب يكشف سبب وفاة الطيار المصري على متن الرحلة    هل يجوز للزوجة المشاركة في ثمن الأضحية؟ دار الإفتاء تحسم الأمر    علامات تدل على ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم.. تعرف عليها    جوتيريش يدعو دول العالم إلى سرعة تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    ولي العهد السعودي يؤكد ضرورة الوقف الفوري للاعتداء بغزة    إسعاد يونس: عادل إمام أسطورة خاطب المواطن الكادح.. وأفلامه مميزة    إيهاب فهمي: بحب أفطر رقاق وفتة بعد صلاة العيد وذبح الأضحية    مفتي الجمهورية: نثمن جهود السعودية لتيسير مناسك الحج    عارفة عبد الرسول تكشف سرقة سيدة لحوما ب2600.. وتعليق صادم من سلوى محمد علي    ليبيا تعيد 7100 مهاجر قسرا وتسجل 282 حالة وفاة في البحر المتوسط    عبدالحليم قنديل: طرحت فكرة البرلمان البديل وكتبت بيان الدعوة ل25 يناير    وفاة حاج من محافظة الدقهلية أثناء تاديته مناسك الحج    «لازم تعاد».. سمير عثمان يكشف مفاجأة بشأن ضربة جزاء الزمالك أمام المصري البورسعيدي    افتتاح وحدة علاج جلطات ونزيف المخ بمستشفيات جامعة عين شمس.. 25 يونيو    مقتل عنصر إجرامي في تبادل إطلاق النار مع الشرطة بأسيوط    «قضايا الدولة» تهنئ الرئيس السيسي بمناسبة عودته بعد أداء فريضة الحج    هيئة الدواء المصرية تسحب عقارا شهيرا من الصيدليات.. ما هو؟    «الأزهر» يوضح آخر موعد لذبح الأضحية.. الفرصة الأخيرة    محمود فوزي السيد: عادل إمام يقدر قيمة الموسيقى التصويرية في أفلامه (فيديو)    بيان عاجل من وزارة السياحة بشأن شكاوى الحجاج خلال أداء المناسك    ثبات سعر طن الحديد وارتفاع الأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 18 يونيو 2024    االأنبا عمانوئيل يقدم التهنئة بعيد الأضحى المبارك لشيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب    البطريرك يزور كاتدرائية السيّدة العذراء في مدينة ستراسبورغ – فرنسا    «حضر اغتيال السادات».. إسماعيل فرغلي يكشف تفاصيل جديدة عن حياته الخاصة    تهنئة إيبارشية ملوي بعيد الأضحى المبارك    بعد الفوز على الزمالك| لاعبو المصري راحة    معركة حسمها إيفان.. حكم الفيديو أنقذنا.. تعليقات الصحف السلوفاكية بعد الفوز على بلجيكا    الإفتاء توضح حكم طواف الوداع على مختلف المذاهب    مشروع الضبعة.. تفاصيل لقاء وزير التعليم العالي بنائب مدير مؤسسة "الروس آتوم" في التكنولوجيا النووية    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا تهمل الدولة مشروع «النقاش» الثقافى العربى؟
نشر في الأهرام العربي يوم 24 - 02 - 2013

يعدّ “رجاء النقاش" الذي احتفلنا بذكراه الخامسة في الثامن من الشهر الجاري واحدًا من قلائل امتلكوا ناصية البيان، وغاصوا في بحور الثقافة والأدب والتاريخ والفن الجميل، إذ كان على حد تعبير المبدعة سناء البيسي يقرأ بتجرد ويكتب بتجرد، حكاء يجيد السرد ويمتلك ذاكرة تحتشد بحكايا الثقافة وطرائف المبدعين، وقبل هذا وبعده كان يمتلك مشروعًا ثقافيًا عربيًا فريدًا، يهدف لإعادة الثقافة العربية إلى سابق تألقها.
وبرغم كثرة مؤلفاته وتنوعها، وتعدد مناصبه في رحلته مع الصحافة والتكريمات والجوائز التي حظى بها، فإن أيًا من هذا لم يغره، إذ حماه تواضعه الفطري من شر الغرور، وأذكر أن مجلة «الهلال» قبل وفاته بعام ألحت عليه بشدة الموافقة على إصدارها عدداً خاصاً عنه وعن أعماله تكريمًا له، فاعتذر مرارًا ثم تحت ضغط الإلحاح اضطر للقبول، وصدر العدد بمشاركة خمسين كاتبًا ومبدعًا من مختلف أنحاء الوطن العربي تحت عنوان:»رجاء النقاش.. القلم والإنسان».
أحب العروبة وآمن بها، وفي قطر ترك بصماته على تاريخها الثقافي، إذ أسس هناك مجلة «الدوحة» التي ذاع صيتها كمنارة ثقافية عربية التوجه، راقية المستوى تباري على صفحاتها مبدعون من كل الأقطار العربية، وتحولت إلى ما يشبه منتدى فكريًا ومشروعًا ثقافيًا عروبيًا، حتى تم وأد الحلم وجرى إغلاقها عام 1986م، فعاد إلى مصر كاتبًا بمجلة “ المصور"، ثم رئيسًا لتحرير مجلة “الكواكب"، واختتم مشواره الصحفي كاتبًا متفرغًا في جريدة “الأهرام".
عرفت النقاش على الورق قبل أن أعرفه شخصيًا بسنوات طويلة، عبر كتابه القيم “في أزمة الثقافة المصرية" الذي نشر في بيروت عام 1958م، وهو كتاب يظهر لقارئه أمراض الثقافة في مصر، ويقترح سبل النهوض بها، وفي تقديري أن هذا الكتاب ومعه “مستقبل الثقافة في مصر" لعميد الأدب العربي د. طه حسين، يعدان من أهم الكتب التي عالجت الشأن الثقافي المصري في القرن العشرين، وعدم ذيوعهما بين العامة مقارنة بكتب أخرى للمؤلفين أمر يثير الحيرة، إذ قد أفهم أن المقدمة الطويلة التي استهل بها العميد كتابه، محاولا إقناع القراء بانتماء مصر ثقافيًا إلى أوروبا، قد حالت دون قبوله، لكني لا أستوعب سر إهمال كتاب النقاش، وهو جهد مخلص يسعى لبناء مشروع ثقافي وطني، يتسامى فوق الأيديولوجيات، ويؤطر الثقافة عبر منهج علمي.
لقد كان للنقاش مشروعه الثقافي العربي المتمثل في تقديم الأقلام العربية الشابة والواعدة للقارئ، وبعضهم كان يكبره أو يماثله عمرًا وبفضل كتاباته عنهم صاروا من كبار المبدعين، نلمس ذلك في كتابه “ثلاثون عامًا مع الشعر والشعراء" كما قدم في كتابه “أبو القاسم الشابي.. شاعر الحب والثورة" صورة قلمية نقدية لهذا الشاعر الكبير الذي مات في ريعان شبابه، والذي لو امتد به العمر لصار من العلامات الشعرية ليس في الوطن العربي فحسب، وإنما على مستوى العالم، ووضع مقدمة الديوان الأول للشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي “مدينة بلا قلب" كاشفًا نواحي الجمال في قصائده التي عبرت عن توجه جديد للقصيدة في شكلها الحديث.
ونبه في كتابه “محمود درويش.. شاعر الأرض المحتلة" إلى أهمية ترجمة قصائد هذا الشاعر الموهوب ونقلها إلى مثقفي العالم لتهزهم القضية التي يكافح من أجلها، وأعاد اكتشاف رواية الكاتب السوداني الكبير الطيب صالح “موسم الهجرة إلى الشمال"، عبر مقالته النقدية “ عبقرية جديدة في سماء الرواية العربية" التي تلقفها الجمهور عام 1968م، وأتبع المقالة بنشر الرواية عام 1969م في مجلة “الهلال"، وعرّف بأديب سوداني آخر هو الشاعر محمد المهدي المجذوب، كان مجهولاً خارج حدود السودان، وتصادف أن زارت كوكب الشرق أم كلثوم السودان فكتب المجذوب قصيدة “ نخلة النيل" وحين اطلع النقاش عليها شدته وتقصى أخبار الشاعر وشعره، وجعله الله سببًا في انتقال شهرته خارج السودان.
كما أسهم في شهرة الأديبة القطرية كلثم جبر حين وصفها بأنها استكملت أدواتها الفنية بدقة فهي على حد تعبيره لا تنحت في الصخر ولكنها تكتب بمنقار عصفور يلتقط الأشياء بسرعة خاطفة ثم يطير من جديد ليقف على غصن آخر من الأغصان، لذا فالقارئ لكتاباتها يكتشف أن نبرة الحزن فيها تضرب كل الأبواب والنوافذ المغلقة تريد أن تفتحها لتستنشق هواء أكثر نقاء وترى ضوءًا أكثر إشراقًا.
وتناول في كتابه “عباقرة ومجانين" مجموعة من المبدعين العرب والأجانب، بهدف إزالة الأوهام المتصلة بالثقافة لدي الشباب وتعريفه أن عالم الثقافة هو نفسه عالم الحياة التي يعيشها كل إنسان، عبر الكشف عن بعض المعاني في حياة المثقفين، مصطحبا قارئه إلى عوالم مختلفة وعصور مختلفة، وبأسلوب سلس ولغة عذبة كان يتنقل كالفراشة من الأدب إلى الفن والحضارة والسياسة، محولاً سيرة من يتناولهم إلى حكاية ممتعة، فمن حديث عن الشاعرة اليونانية “سافو" أقدم شاعرة عرفها التاريخ، إلى آخر عن شاعر فرنسا الكبير “لامارتين"، الذي طالما أعلن أن جذوره عربية، موردًا ما قاله العلامة المغربي عبد الله بن كنون عن أصول لامارتين المغربية وانتمائه لعائلة “العمارتي"، وما قاله بعض السوريين من أن أصله من بلدة سورية تسمى “مرتين" ومنها اشتق اسمه، ويتطرق إلى شاعر ألمانيا “جوته" وديوانه الشرقي ومدائحة النبوية، ولا ينسى “موليير" و"بوشكين" و"تولستوي" و"بلزاك" و"رامبو" وغيرهم من كبار مبدعي الغرب ومجانينه الكبار، كما يتناول د. طه حسين مؤكدًا دوره في صياغة وإرساء الثقافة العربية المعاصرة، نافيًا عن العميد ما ادعاه بعضهم من تقبيله ليد الملك فاروق، ويتحدث عن عبقرية مي زيادة ومأساة إدخالها مستشفى الأمراض العقلية ومعاناتها من ظلم الأقربين، وهي التي عاشت حياتها محبة للغير، وكان صالونها قبلة الأدباء من شتى أقطار العروبة، وبمثل هذا الحب يتناول الأديب الكبير نجيب محفوظ كاشفًا الستر عن جوانب إنسانية ومواقف عديدة في حياته، ويتحدث عن واقعة اغتيال الأديب والمناضل الفلسطيني الكبير غسان كنفاني، مؤكدًا أنه نتيجة لإدراك إسرائيل صعوبة الفصل بين غسان الروائي وغسان المناضل الذي جسد في أعماله آلام شعبه ونضاله.
وعبرت كتبه في غزارتها وتنوعها عن رغبة في إحياء فكر القرن العشرين وإبداعه، رغبة نجمت عن تفاعله مع ما لمسه في العطاء الثقافي خلال ذلك القرن بمذاهبه ومعاركه من تفرد وعبقرية وتجديد، فكان سعيه إلى مد جسور المعرفة بين الجيل الذي عايش هذه التجديدات أو عاصرها، والجيل التالي له، وتبدى ذلك في عناوينه:»تأملات في الإنسان»،» أدباء ومواقف»، «كلمات في الفن»، «عباس العقاد بين اليمين واليسار»، «لغز أم كلثوم»، «صفحات مجهولة في الأدب العربي المعاصر»، «الانعزاليون في مصر» و»قصة روايتين»، وغيرها.
وصدرت له بعد وفاته أربعة كتب كان قد وضعها ولم يكتب لها النشر، ثلاثة منها عن دار نهضة مصر:»هل تنتحر اللغة العربية؟»، «الموت في قميص نوم.. أوراق فلسطينية في السياسة والأدب»، و»ثلاث نساء من مصر».. أما الكتاب الرابع «شعراء معاصرون» فصدر عن وزارة الثقافة والفنون والتراث بدولة قطر، وخلال احتفالات «الدوحة عاصمة للثقافة العربية» 2010م، اشترت قطر من ورثته حق طباعة جميع كتبه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.