رصد د.ماهر تيسير الطباع، الخبير والمحلل الاقتصادي الخسائر الاقتصادية للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، قائلا "عاش المواطنين في قطاع غزة حالة من التفاؤل والأمل بالخروج من حالة الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من خمس سنوات وإعادة الاعمار والانتعاش الاقتصادي، وذلك بعد الإعلان عن المنحة القطرية الخاصة بتنفيذ العديد من المشاريع الإستراتيجية , لكن للأسف الشديد هذه الحالة لم تستمر أكثر من شهر وكأنة مكتوب على أهالي قطاع غزة بأن يقبعوا في مستنقع الحصار والدمار, حيث فاجأت إسرائيل الجميع بشن الحرب الثانية على قطاع غزة بتاريخ 14/11/2012 أي بعد أربع سنوات من الحرب الأولى والتي مازال قطاع غزة يعاني من أثارها السلبية الاقتصادية و الاجتماعية نتيجة للدمار والخراب". وأضاف "إن الحرب الثانية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة سوف تعمق الأزمة الاقتصادية والمالية للقطاع وسوف تساهم في زيادة معدلات البطالة المرتفعة في قطاع غزة والتي بلغت في الربع الثاني من عام 2012 حسب تقديرات مركز الإحصاء الفلسطيني 28.4%, حيث تعرض قطاع غزة على مدار 8 أيام من العدوان إلى تدمير البنية التحتية لقطاع الخدمات العامة وتدمير مباني المؤسسات العامة والمنازل السكنية والجمعيات والممتلكات الخاصة والمؤسسات والمنشآت الاقتصادية والأراضي الزراعية، حتى أنها وصلت إلى المؤسسات الصحية والتعليمية والإعلامية والرياضية والمساجد المقابر والتي نتج عنها خسائر مادية فادحة في كافة القطاعات الاقتصادية والخدمية قد تتجاوز 300 مليون دولار خلال تلك الفترة". وأضاف "كما أدت الحرب إلى شلل كامل في كافة مناحي الحياة على مدار 8 أيام من العدوان الشرس , و أدى العدوان إلى توقف شامل في الحركة الاقتصادية في قطاع غزة , وتقدر الخسائر اليومية المباشرة الناتجة عن توقف كافة الأنشطة الاقتصادية 5 مليون دولار تقريبا بناءً على قيمة الإنتاج اليومي لكل الأنشطة الاقتصادية المختلفة أي بإجمالي 40 مليون دولار خلال فترة العدوان , هذا بالإضافة إلى ما أعلنته وزارة الزراعة في غزة من نتائج أولية لخسائر مباشرة وغير مباشرة في القطاع الزراعي تزيد عن 120 مليون دولار نتيجة استهداف الاحتلال المباشر للأراضي الزراعية بهدف التأثير على السلة الغذائية والأمن الغذائي لسكان قطاع غزة وتدمير ما تم تحقيقه في السنوات الأخيرة من اكتفاء ذاتي في بعض المنتجات الزراعية, هذا بالإضافة إلى الآثار السلبية على منتجات التصدير الزراعية الموسمية والمتمثلة في الفراولة و الزهور , و الفلفل الرومي, كما أن كثافة الصواريخ التي تحمل المواد السامة والمتفجرة الموجهة ضد الأراضي الزراعية سوف تضر بالتربة الزراعية وتجعلها عرضة للتلف". واستطرد قائال "كما قدرت الخسائر المباشرة لقطاع التعليم حسب وزارة التربية والتعليم بغزة 4 مليون دولار كتقديرات أولية نتيجة تعرض ما يزيد عن 50 مدرسة للأضرار ما بين الجسيمة و المتوسطة". وأشار إلى أن "إغلاق معبر كرم أبو سالم التجاري جنوب شرق مدينة رفح خلال فترة الحرب، أمام دخول البضائع والمساعدات الإنسانية القادمة إلى القطاع أدي إلى خسائر فادحة للتجار والمستوردين نتيجة عدم تمكنهم من جلب بضائعهم المخزنة في المخازن والموانئ الإسرائيلية ودفع رسوم تخزين إضافية عليها, ويعد معبر كرم أبو سالم المعبر التجاري الوحيد في قطاع غزة ويتم من خلاله إدخال كافة الاحتياجات من البضائع والمساعدات الإنسانية والمحروقات". وقال الطباع "والآن وبعد خمس سنوات من الحصار و حرب شرسة شنت على قطاع غزة بتاريخ 27/12/2008 و حرب أخرى شنت بتاريخ 14/11/2012 وخسائر فادحة في كافة القطاعات الاقتصادية خلال تلك الفترة تجاوزت 4 مليارات دولار، يجب إعلان قطاع غزة كمنطقة منكوبة اقتصاديا وصحيا واجتماعيا و التحرك الفوري لوقف العقوبات الجماعية والاعتداءات المتكررة التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق السكان الفلسطينيين، وإجبارها علي احترام التزاماتها بموجب الاتفاقيات الدولية الموقعة ، ورفع الحصار الفوري المفروض علي قطاع غزة, وفتح كافة المعابر التجارية أما كافة الواردات والصادرات دون قيود أو شروط, كما جاء في ورقة التفاهمات الأخيرة التي وقعت بالقاهرة بتاريخ 21/11/2012". ووجه الطباع عدة مطالبات جاء في مقدمتها "مطالبة المؤسسات الدولية الداعمة والمانحة للشعب الفلسطيني بتوفير برامج إغاثة فورية وعاجلة لمحاربة الزيادة المتنامية في معدلات البطالة والفقر في المجتمع الفلسطيني والتخلص من تداعيات الحروب والحصار الذي تعرض لهما قطاع غزة على مدار خمس سنوات. كما طالب الطباع المؤسسات الدولية التي تهتم بالتنمية الاقتصادية بتوفير برامج إغاثة عاجلة للقطاع الخاص الفلسطيني في قطاع غزة بمختلف شرائحه وذلك لمساعدته للخروج من حالة الحصار. وناشد الطباع كافة الدول العربية الشقيقة والدول المانحة إلى سرعة الوفاء بالالتزامات المالية التي تعهدت بتقديمها خلال مؤتمر شرم الشيخ والبالغة 4 مليارات دولار لإعادة إعمار قطاع غزة. واختتم الطباع قائلا "يأمل المواطنين في قطاع غزة و الضفة الغربية باستغلال الأجواء الايجابية الحالية لإتمام المصالحة الفلسطينية والبدء في تطبيقها على أرض الواقع , وتشكيل حكومة وحدة وطنية لإنهاء حقبة سوداء من التاريخ الفلسطيني , ليكون عام 2012 هو عام الوحدة الوطنية و إنهاء الانقسام الفلسطيني وعودة اللحمة الوطنية لشطري الوطن, والحفاظ على مقدرات الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية والسعي الجاد لتحقيق الحلم الفلسطيني بقيام دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف".