ما بين الاحتفال بعيد العمال فى الإسكندرية عام 1924، وما بين الاحتفال بعيد العمال فى الإسكندرية عام 2019، مضت 95 عاما، شهدت خلالها الدولة المصرية تحولات سياسية واقتصادية عميقة، انتقالا من الملكية إلى الجمهورية، وتغييرا فى بنية الدولة اجتماعيا، عشرات الحكومات، ومئات الوزراء، وغيرهم، بينما ظلت قيمة العمال تحتفظ بقوتها وأهميتها ودورها فى بناء الدولة. الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى كلمته «الثلاثاء الموافق 30 إبريل 2019، برأس التين» كان واضحا ومحددا وصادقا فى رسائله التى تؤكد أن العمال هم عصب الدولة واقتصادها، وإعلاء قيمة العمل وضرورة التقدير الكبير لعمال مصر الوطنيين، كما أن كلمات الرئيس السيسى التى خرجت من القلب، وفرضتها اللحظة تقودنا فى مجملها إلى ضرورة التكاتف من أجل بناء الدولة المصرية، والحفاظ عليها، فضلا عن أن سطور الكلمة تؤكد تماما صحة مسار تصحيحى تنتهجه الدولة، ويجب على شعبها دعمه من أجل العبور إلى بر الأمان. «الوعى» قضية حاضرة دائما فى معظم رسائل الرئيس، فالوعى هو الذى يحقق السلامة والأمن، وبدورهما يضمنان نجاح وإنتاج آمنين.
أيضا اتسمت كلمة الرئيس بالصدق والصراحة، عندما قال على الهواء مباشرة إن نتائج الإصلاح لم تأت بعد، وإنها أضعاف ما تم تحقيقه حاليا، وأنه لابد من تحمل مصاعب الإصلاح الاقتصادى، وهو الذى أسهم فى الاستقرار والأمن، وإن ما تم إنجازه خلال السنوات الماضية جاء بجهد الشعب ووعيه.
تكرار الرئيس لكلمة «العمل» والتأكيد على ضرورته من أجل أن تتقدم الدولة رسالة، تؤكد أن العمل هو مفتاح المستقبل والاستقرار وكلمة السر فى البناء، وأن القيادة السياسية المصرية لا تؤمن سوى بالعمل والإنتاج اللذين يفرقان بين شخص وآخر، بل هى رسالة بأن العمل هو معيار وضع الأشخاص المناسبين فى الأماكن المناسبة، لأن الأمر فى هذه الحالة يتعلق ببناء الوطن والحفاظ على مقدراته، وفق رؤية الرئيس التى تقول إنه لا يوجد معيار أدق من العمل للتعرف على معدن الإنسان الذى تقدر قيمته بما يؤديه من خدمة وعمل لأمته، سيما أن جميع الحضارات الإنسانية قامت بسواعد العمال الذين أسهموا بجهودهم وفكرهم فى إعلاء أوطانهم.
إلى ذلك كان الرئيس حريصا على الإشادة بالمصريين من مختلف المواقع والفئات، وأكد على تقديره واحترامه الكاملين للتضحيات التى قدمها المصريون من أجل بناء هذه الدولة، والصعوبات التى تحملوها من أجل عبور مصر لمرحلة عصيبة من تاريخها، وأن المواطن المصرى هو البطل الحقيقى فى إنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى.
ثقة الرئيس فى هذا الشعب بلا حدود.. يعتبرهم سر قوته، ويعتبرونه قائدا عظيما، استطاع أن يحمى وجود هذه الدولة، وسط زئير التآمر والتخريب الذى نسمع صوته من كل ناحية. لم يتوقف فخر الرئيس بالمصريين عند حد تحملهم فاتورة الإصلاح الاقتصادى فقط، بل إن الرئيس قالها مباشرة للشعب المصرى، الذى نزل بالملايين فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية: «أنتم جبرتم خاطرى وخاطر مصر»، وهنا الرئيس أراد أن يؤكد ثقته فى الشعب المصرى بأن المهمة واحدة، والهدف مشترك فى بناء هذا الوطن.
الاحتفال بعيد العمال، وضع النقاط فوق الحروف، فيما يتعلق بالاهتمام بعمال مصر، وقدرتهم على البناء والانطلاق فى مواصلة مسارات المستقبل، فما كان للمصريين القدماء أن يتوصلوا إلى الإنجازات التى حققوها فى مجالات العمارة والهندسة والزراعة والصناعة والتعدين والرسم والنحت، ما لم يكونوا يمتلكون الإخلاص الوطنى، وحكمة العمل والإنتاج.
هذا الاحتفال سيعيدنا بقرار الرئيس السيسى إلى أجواء صوت ماكينات «الغزل والنسيج» وهدير أفران «الحديد والصلب».. وفخر الابن بأبيه «العامل».