سنوات أربع مرت ، واليمن تشهد شلالات من الدماء ، واطنان من الدمار تطال البلاد بكامل جغرافيتها ، وملايين من الأمراض كالسل والكوليرا التي انقرضت عادت لتنتهتك اجساد عشرات الالاف من الاطفال المنهكة بفعل الحصار وسوء التغذية ، وحرب تجويع هي الاسوء في التاريخ المعاصر ، ما جعل من اليمن أحد مختبرات الحروب الكونية والإقليمية ، يدفع ثمنها الشعب اليمني الطيب المعطاء بكل تكويناته ، حرب قاسية وعنيفة تدمر ما بقي من بنية تحتية في تلك البلاد التي حاباها الله بطبيعة غنية بثرواتها وصعبة في تضاريسها ، انها المأساة الافظع في العصور الحديثة ، فكل طلعة صباح تطالعنا اطراف الصراع بصور لمأسي وكوارث يعانيها ابناء الشعب اليمني المكافح المثابر ، في ظل تخاذل دولي مريب . وآخر تلك الندوات شهدتها منذ يومين احد قاعات واحدامن فنادق القاهرة حيث عرض الكاتب والناشط اليمني عامر السعيدي القادم لتوه من حجور - بعضا من المآسي التي شهدتها حجور جراء الحصار اللانساني المتزامن مع عنف مجرم تجاه اهالي حجور لم يسلم منها طفلا ولا عجوزا امراءة ولافتاة ، لا لشيء سوى لتمسكتهم بحقهم في الانحياز للشرعية اليمينية ورفضهم للانقلاب الحوثي ، وتضمنت ورقته عرضا لما اسماه بمعركة الجغرافيا والتاريخ حدد خلالها موقع جحور واصولها التاريخية ودورها في محاربة الحوثي ولخص اسباب الحصار والحرب على حجور في ستة منها الطريق الاسفلتي الذي يربط بين “ حرض” و “حجور “ وصولا الى حوث وحرف سفيان في عمران وتفرعاته الى صعده وصنعاء بالاضافة الى ان الجغرافيا الجبلية بتضاريسها الوعرة بيئة ملائمة للحوثيين للصمود اكثر من المناطق المكشوفة ، فضلا عن جبال حجور تطل على المدن التهامية في اليمن خاصة عبس وحرض وعلى جيزان في السعودية ما يجعل منها منصة لاطلاق الصواريخ من اجل تخفيف الضغط على صعده ، وكشف السعيدي عن أن الحوثي ينظر الى تلك المناطق كخطر يهدد مشروعه المذهبي بسبب تركيبتها الديمجرافية والاجتماعية التي تتقاطع مع فكر ومعتقدات الحوثيين ، فضلا عن وجود اكبر منجم ذهب في اليمن وهو منجم الحارقة الواقع في سلسلة جبلية ممتدة بين مديريتي أفلح وكشر ، وقد لفتني في ورقة عامر السعيدي ما اختتم به قائلا “ ان الجميع أسدل الستار على هذا الفصل من الحرب في جحور دون مراعاة للمأساة الإنسانية خصوصا شرعية عبد ربه منصور هادي وتحالفاتها التي تسببت في هزيمة حجور بخذلانها وتواطؤ جيشها المرابط على بعد عشرين كيلو من مسرح الجريمة وميدان المعركة “.
وعرض عضو مجلس امناء مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الانسان وقائع لانتهاكات حقوق الانسان في محافظة حجة والتي تقع ضمن حدودها قبائل حجور ، والتي رصدها المركز بما يقترب من التسعة الاف انتهاك بين المدنيين خلال نحو ستين يوما من الحرب تنوعت ما بين القتل والاصابة والتهجير القسري وتفجير واحراق المنازل وقصف الاسواق واتلاف المزارع واللافت ان الاطفال والنساء هم اكثر الغالبية من الضحايا .
ولقد انتظرت مع المبدع والمثقف اليمني علي الجنفدي تفسيرا لخذلان اهالي حجور بالرغم من ادراكي ان الاجابة ليست عند منظمي هذه الندوة المهمة والمتميزة والتي ادارها باقتدار الكاتب الصحفي الكبير مجدي حلمي ، ولكنه يظل سؤالا برسم الرئيس اليمني وحكومة الشرعية اليمنية .
إن ما تم عرضه من مأس تعرضت لها حجور واهلها تبقى جزءا من مأساة اليمن وشعبه الذي يعاني حروب وحصار في ظل تخاذل دولي في ايجاد حل حاسم وجذري للازمة اليمنية التي تدخل عامها الخامس دون ان تلوح في الافق بوادر حل جذري وعادل للازمة يضمن للشعب اليمني حقه في العيش في ظل أمن وأمان وعدل اجتماعي وسلام .