نموذج التنشئة فى المجلس يتنبى شعار عقلى جديد للإنسان والمجتمع جائزة الملك عبد العزيز فى قضايا الطفولة والتنمية لإثراء البحث العلمى من أجل حياة أفضل
انتظام عقد دورات المنتدى بشكل آلى يسهم فى تقدم فعلى على مستوى تنشئة الطفل العربى
المجلس العربى للطفولة والتنمية منظمة إنمائية عربية غير حكومية ذات شخصية اعتبارية، تعمل فى مجال الطفولة، تأسس عام 1987 بمبادرة من الأمير طلال بن عبد العزيز ، بناءً على التوصية الصادرة من مؤتمر الطفولة والتنمية الذى عقد بتونس عام 1986 تحت رعاية جامعة الدول العربية.
والمجلس منظمة رائدة فى مجال حقوق الطفل فى الوطن العربي، ومرجعية للمؤسسات والأفراد والأسر لإعداد طفل عربى قادر على المشاركة فى تنمية مجتمعه والتعامل مع المتغيرات العالمية المتسارعة.
المجلس يعمل على تهيئة بيئة عربية داعمة لحقوق الطفل فى التنمية والحماية والمشاركة والدمج، فى إطار الأسرة والمجتمع من خلال التعاون والشراكة الفاعلة مع المؤسسات الأهلية، والحكومية، والإقليمية، والدولية، حتى يشب الطفل قادراً على المشاركة والتفاعل الإيجابى مع الحياة، متفهماً لغيره، ومحباً لوطنه. ولأهمية هذا الدور الذى يلعبه المجلس التقت «الأهرام العربى» رئيسه د. حسن البيلاوى، أستاذ علم اجتماع التربية بجامعة حلوان، والذى أدار ونفذ عدة مشروعات فى مجال تنمية الطفولة المبكرة فى البلاد العربية، وإلى تفاصيل الحوار.
ما فلسفة المنتدى؟
منتدى المجتمع المدنى العربى للطفولة هو ملتقى دورى لمأسسة جهود منظمات المجتمع المدنى العربى فى مجال الطفولة، وقد بدأت فكرة المنتدى فى عام 2001، بدعوة من صاحب السمو الملكى الأمير طلال بن عبد العزيز رحمه الله رئيس المجلس العربى للطفولة والتنمية ورئيس برنامج الخليج العربى للتنمية «أجفند»، لتوحيد الرؤى والمواقف العربية فى إطار التحضير للدورة الخاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة حول الطفولة التى عقدت فى عام 2001 بنيويورك. والواقع أن فلسفة المنتدى ترتكز على تبنى مقاربة الحقوق والتنمية وتنطلق من اتفاقية حقوق الطفل، وتفعيل دور المجتمع المدنى من أجل تقديم رؤية علمية وعملية للنهوض بأوضاع الطفولة فى البلدان العربية. وقد عقد المنتدى حتى الآن خمس دورات تناولت كل منها محوراً رئيسياً يتعلق بقضايا الطفولة العربية من أجل تبادل الخبرات وحشد الجهود وإثارة الوعى بواقع الطفل العربى وما يواجهه من تحديات.
هل يمكن إيجاز نتائج الدورات الأربع السابقة للمنتدى الخامس؟
لعل أبرز النتائج التى خلصت إليها الدورات الأربع السابقة للمنتدى التى جرى عقدها فى عدة عواصم عربية، شملت القاهرة وبيروت والرباط، هى تأكيد منظمات المجتمع المدنى العاملة فى مجال الطفولة التى شاركت فى لقاءات المنتدى على أهمية دورية انعقاد المنتدى باعتباره آلية فاعلة للمتابعة والتنسيق فيما بينها، فهو ليس فاعلية طارئة أو موسمية، بل منبر للمجتمع المدنى ومجال مفتوح لكل الشركاء من الجهات الرسمية والدولية ليقدموا المساندة والتأييد فى إحداث تغيير فعلى لخدمة قطاع الطفولة، ومن ثم تم تأسيس سكرتارية دائمة مقرها المجلس العربى للطفولة والتنمية وإنشاء رابط إلكترونى للمنتدى وإصدار عدد من الدراسات الميدانية حول واقع مشاركة الأطفال والتنشئة الاجتماعية للأطفال فى البلدان العربية.
استضافت القاهرة أخيرا الدورة الخامسة للمنتدى تحت شعار «التنشئة فى عالم متغير».. فما الهدف منه؟
استهدف المنتدى الخامس الذى عُقد أخيراً تحت رعاية صاحب السمو الملكى الأمير طلال بن عبد العزيز رحمه الله وأحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، وغادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى بمصر، استهدف إطلاق نموذج تنشئة الطفل العربى فى عالم متغير «تربية الأمل» احتفالاً بالمسيرة التنموية برعاية صاحب السمو الملكى الأمير طلال بن عبد العزيز بمناسبة مرور 30 عاماً على تأسيس المجلس العربى للطفولة والتنمية. وقد شارك فى أعمال هذا المنتدى أكثر من 300 مشارك من 18 دولة عربية، يمثلون وفوداً رسمية من ممثلى الوزارات والمجالس الوطنية المعنية بالطفولة عربيا، ومؤسسات المجتمع المدنى العربى العاملة فى مجال الطفولة، وممثلى المنظمات الإقليمية ذات العلاقة، ونواب من البرلمان المصري، والخبراء، والإعلام، والشخصيات العامة.
لماذا نموذج تربية الأمل؟
نموذج تنشئة الطفل فى عالم متغير «تربية الأمل»، الذى أعده المجلس العربى للطفولة والتنمية بالشراكة مع برنامج الخليج العربى للتنمية «أجفند»، يسعى فكرياً إلى تكامل ثلاث دوائر أساسية تبلورت لدى المجلس من خلال ممارساته وإنجازاته فى الخطط الإستراتيجية السابقة وهي: نهج حقوق الطفل، ونهج تنمية القدرة التى بدونها لا يستطيع الطفل إنفاذ حقوقه فى التعليم والصحة والحماية، ونهج إيقاظ الذات وتحرير الطفل من التخلف الثقافى والاجتماعي. وتكامل هذه الدوائر وفق هذه الثلاثية (الحقوق، القدرة، وإيقاظ الذات الإنسانية) تكفل تنمية الأمل لطفل ينعم بالعزة والكرامة، والقدرة على المساهمة فى بناء مجتمعه على أسس المعرفة والعدالة الاجتماعية. وشعار هذا النموذج «عقل جديد .. لإنسان جديد .. لمجتمع جديد».
ما معنى تربية الأمل؟
الأمل فى أن نتمكن من أن نتعلم معاً، وندرس معاً، وننتج شيئاً معاً، ونقاوم معاً العقبات التى تحول دون زيادة فرحنا. وفى الحقيقة، فالأمل شيء طبيعي، وممكن، ودافع ضرورى فى سياق نقصنا. والأمل إحساس واقع لا مندوحة عنه فى خبرتنا الإنسانية التاريخية. وتدور تربية الأمل حول الآليات التى يمكن أن نبنى بها الإنسان الحديث عبر تنمية وعيه الذاتى وتنمية التفكير العقلانى الناقد، وتفجير الطاقات الإنسانية داخل المتعلم والحرية والأخلاق والديمقراطية والحب، والإيمان بأن التربية والتعليم يمكنهما أن يفجرا طاقة الإنسان وأن يحولاه إلى إنسان حر باحث عن الديمقراطية والأخلاق المدنية، وأن الممارسة التربوية الديمقراطية والجادة هى تلك القائمة على إنتاج التفكير الذكى وتحقيق وتنمية استقلالية كل من المعلم والطالب، واحترام ما يعرفه المتعلم، والقدرة على النقد، وأن يقبل المعلم المخاطرة والجديد، ويرفض التمييز، وأن يعى بالنقص المعرفى والاعتراف بحدود الإنسان، وأن يكون المعلم متواضعاً ومتسامحاً مع نضاله من أجل حقوقه، وأن تكون لديه قدرة على فهم الواقع، وإيمان بأن التغيير ممكن، وهنا تصير التنمية وعياً وتمكيناً للبشر وانطلاقاً للحرية.
وماذا تعنى «التنشئة فى عالم متغير»؟
نموذج تربية الأمل ينطلق من مجموعة من المبادىء والمعايير تنفذ عبر مختلف وسائط التنشئة الاجتماعية من أسرة ومدرسة وإعلام ومنظمات المجتمع المدني، تتضمن تنمية قدرة المتعلم على إنتاج المعرفة والإبداع من خلال الحوار والبحث وإثارة الوعى واكتشاف التناقضات.. فكل إنسان قادر على تعلم كل شيء وأى شيء بلا حدود وفى أى زمان وفى أى مكان، خصوصا أننا نعيش فى عصر الثورة الصناعية الرابعة التى تستلزم تمكين الأطفال بالقدرات والمهارات الخاصة باستخدام التكنولوجيا فى الوصول إلى المعارف والتعليم والتعلم وفى الوقت نفسه غرس القيم الإنسانية مثل التسامح والاحترام وحرية التعبير والاعتقاد والمبادرة والصدق والعمل والعدالة والإنصاف والتفكير الناقد والإبداع.
وكيف يمكن لنموذج «تربية الأمل» أن يكون مدخلاً إلى بناء عقل جديد لإنسان جديد فى مجتمع جديد؟
نموذج التنشئة الجديد يحتاج إلى إرادة واعية وجادة للتغيير وبيئة حاضنة، ويتحقق من خلال تقديمه إلى كل القوى المجتمعية والأفراد والمؤسسات والمنظمات، خصوصا منظمات المجتمع المدنى التى تعنى بقضايا الطفولة لإدارة حوار عربى حول موضوع تنشئة الطفل، وتأسيس نموذج عربى جديد لتنشئة الأطفال فى البلدان العربية، يتأسس فى صميمه على تنشئة الأمل. والمجلس العربى للطفولة والتنمية من خلال شراكة إستراتيجية مع برنامج الخليج العربى للتنمية «أجفند» والعديد من الجهات العربية المعنية بالطفولة يقوم بالفعل بتطبيق هذا النموذج عمليا فى مجالات تطبيقية, ومنها دمج وتأهيل الأطفال فى وضعية الشارع بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعى فى مصر، وتنمية وتطوير رياض الأطفال فى أكثر من دولة عربية بينها مصر وكذلك المرصد الإعلامى لحقوق الطفل العربى «إعلام صديق للطفولة» بالشراكة مع جامعة الدول العربية وبناء معايير أداء المؤسسات الإعلامية التى اعتمدت من مجلسى وزراء الإعلام العرب ووزراء الشئون الاجتماعية العرب، إضافة إلى تأهيل ودمج الطفل العربى ذى الإعاقة فى التعليم والمجتمع واستخدام التكنولوجيا المساندة وبناء بيئة إنسانية آمنة تفى بحاجات هؤلاء الأطفال.
ما أهم مخرجات الدورة الخامسة للمنتدى وهل من آلية لمتابعة هذه المخرجات؟
فضلاً عن إطلاق نموذج تربية الأمل، أسس المنتدى الخامس حركة مناصرة وتأييد ودعم لمبادىء النموذج الجديد بين مختلف الجهات المعنية بالطفولة سواء حكومية أو المجتمع المدني، وكذلك تم التعرف على رؤية المجتمع المدنى فى نموذج التنشئة وتطبيقاته، والتعريف بواقع التنشئة فى العالم العربي، إذ كشفت الدراسة الميدانية التى أجراها المجلس بدعم أجفند فى 6 دول عربية أن نمط التنشئة العربية السائد يعتمد على التسلط والطاعة والرعاية الزائدة وتقود إلى السلبية وضعف مهارات اتخاذ القرار ليس فقط فى السلوك، وإنما فى طريقة التفكير، وهنا تبرز أهمية نموذج التنشئة الجديد لتفعيل مشاركة الأطفال وبناء قدراتهم وتهيئة بيئات تربوية تكفل لهم حقوقهم الإنسانية. أما عن آلية المتابعة فالمنتدى فى حد ذاته هو آلية تنسيق ومتابعة ستقوم بإدارة الحوار العربى حول قضية تنشئة الأطفال وكسب التأييد لنموذج تربية الأمل.
لماذا كانت المائدة الحوارية «إضاءات تنويرية فى مسيرة تنموية» وهل سنرى كتابا يضم أوراق العمل التى تضمنتها المائدة قريباً؟
حرص المجلس العربى للطفولة والتنمية على عقد هذه المائدة الحوارية بمناسبة مرور ثلاثين عاما على تأسيسه بمبادرة من صاحب السمو الملكى الأمير طلال بن عبد العزيز، وتشرفت بحضور سمو الأمير عبد الرحمن بن طلال بن عبد العزيز، وتحدث فيها الأستاذ الدكتور مفيد شهاب وزير التعليم العالى الأسبق وعدد من كبار الإعلاميين والمفكرين، حيث تم إلقاء الضوء على مسيرة سمو الأمير طلال التنويرية والتنموية الرائدة على مستوى العالم، من خلال طرح موضوعات توثق عطاء سمو الأمير وتتناول الرؤية التقدمية لسموه، ومسيرته التنموية، والمبادرات التى حظيت باهتمامه والقضايا الملحة على الساحة، واسهاماته الفكرية والثقافية والإعلامية عن طريق مؤسساته التنموية، ليكون شاهدا على العصر لذلك الفكر المستنير وصاحبه الحكيم. وسيتم قريبا إصدار كتاب يتضمن أوراق العمل التى تضمنتها المائدة وخلاصة المداخلات.
وماذا عن جائزة الملك عبد العزيز؟
انطلقت جائزة الملك عبد العزيز للبحوث العلمية فى قضايا الطفولة والتنمية فى الوطن العربى تحت رعاية صاحب السمو الملكى الأمير طلال بن عبد العزيز لإثراء البحث العلمى من أجل حياة أفضل للإنسان العربى ومن منطلق اهتمام سموه بقضايا الطفولة والتنشئة والمواطنة باعتبارها قضايا ذات أولوية لتنشئة الطفل فى البلدان العربية، وتناولت الدورة الأولى للجائزة (2017 – 2018) قضية التنشئة على المواطنة، وتلقت إدارة الجائزة 87 بحثا أعدها 108 بحوث من 11 دولة عربية حول موضوعات تتعلق باقتراح برامج وأدلة تدريبية للتربية على المواطنة، ودور مؤسسات التنشئة فى التربية على المواطنة، والتربية على المواطنة باستخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، والتربية على المواطنة لفئات من الأطفال التى تواجه ظروفا خاصة مثل الأطفال فى وضعية الشارع وذوى الإعاقة واللاجئين. وتبلغ القيمة المادية للجائزة 20 ألف دولار موزعة على خمس جوائز، وجار تحكيم الأبحاث تمهيداً لإعلان الفائزين وموضوع الدورة الثانية للجائزة فى مارس 2019.