لماذا يعارض بعض من غلاة اليمين الإسرائيلى هذا القانون؟ عرب فلسطين.. مواطنون درجة ثانية بقوة القانون
جاء الانتقاد المصرى لمشروع قانون القومية الإسرائيلى، ليؤكد الموقف المصرى الداعم للشعب الفلسطينى، وهو القانون الذى يؤكد عنصرية إسرائيل فى التعامل مع الفلسطينيين، سواء فى الأراضى المحتلة أو داخل الخط الأخضر، وهو القانون الذى يرسخ لمبدأ اليهودية فى الحكم بإسرائيل، والأهم وضع بذور معاداة كل ما هو غير يهودى بإسرائيل.
ويعترف بعض من الأوسط سواء العربية فى إسرائيل أو حتى اليسارية بخطورة هذا القانون، خصوصا أنه يمنح المزيد من القوة والهيمنة للطابع اليمينى لإسرائيل.
يشير بعض من الإسرائيليين إلى أن هذا الطابع بات قويا على الساحة السياسية الإسرائيلية، الأمر الذى سيزيد من حجم التطرف والتشدد والأهم غرس صيغة قانونية لرفض الآخر، الأمر الذى سيثير الكثير من التبعات السياسية أو الثقافية بشأن هذا القانون.
اللافت للنظر هنا، أن بعض من القوى اليمينية تنتقد هذا القانون أيضا، بسبب رئيسى وهو غياب كلمة ديمقراطية من عبارة تعريف إسرائيل، وهو الغياب الذى يثير انتقادات واسعة فى صفوفهم، فضلا عن تأكيد الكثير من هذه القوى أن القانون يغيب مبدأ المساواة بين شرائح المجتمع، وهو الغياب الذى بات واضحا مع إقرار هذا القانون.
تاريخ القانون
والحاصل فإن محاولات إقرار هذا القانون، لم تكن وليدة الفترة الحالية، ولكنها تعود إلى عام 2011 حيث سعت بعض من القوى اليمينية المتشددة إلى إقرار هذا القانون فى ظل الأحداث السياسية الملتهبة التى تمر بها المنطقة.
المثير للانتباه أن عددا من معارضى القانون رأوا أن رهان عناصر حزب الليكود عليه وبقوة يأتى لسبب رئيسى، هو رغبة أعضاء هذا الحزب وعلى رأسهم بنيامين نيتانياهو رئيس الوزراء فى كسب أوراق سياسية يعرضها على جمهوره فى الانتخابات المبكرة، وهى الانتخابات التى بات الحديث عنها أمرا طبيعيا وتقليديا فى الأروقة السياسية الإسرائيلية فى ظل الفضائح التى يتعرض لها بنيامين نيتانياهو، والكشف عن أزمات سياسية يتعرض لها سواء هو أو أفراد عائلته.
غير أن المؤيدين للقانون يعتقدون أنه يمثل “حاجة ضرورية” لإسرائيل لتثبيت هويتها، والأهم أن هناك أيضا من يرى أن القانون يشكل خطوة نحو صياغة دستور إسرائيل، بعد كل عشرات السنين التى مرّت.
كتاب ومحللون
وتقول صحيفة يديعوت أحرونوت فى تقرير لها، إن إسرائيل ليس لديها دستور منذ قيامها، ولعل هذا هو الفشل الأبرز لديفيد بن جوريون، وقانون القومية مهم لأنه جزء من البديل للدستور. وأضافت الصحيفة، أن المصلحة الصهيونية تظل الحفاظ على الأغلبية اليهودية، وعلى الوجود فى كل مكان فى البلاد. وبرأى الصحيفة، فإن هذا لا يحصل لأنه ليس مُهما بما يكفى للحكومة. من جانبه قال الكاتب شلومو بيوتركوفسكي، فى ذات الصحيفة: إن المصادقة على قانون القومية هى لحظة مؤسسة فى تاريخ دولة إسرائيل، ففى نهاية المطاف تمّ فى العام ال 70 للدولة إقرار قانون من شأنه أن يكون فاتحة لدستور مستقبلي، سيكون يوما ما لدينا.
وأضاف «بيوتركوفسكى» أن هذا القانون يحصّن هوية الدولة اليهودية، التى قامت فى أرض إسرائيل، بعد ألفى عام من المنفى، وهذه اللحظة هى حقا لحظة مهمة جدا. ويتابع بيوتركوفسكى، أنه حينما قامت دولة إسرائيل فمن أجل هدف واضح جدا: تطبيق الطموحات القومية للشعب اليهودى، ويعترف الكاتب بعنصرية القانون عندما يقول “ كل ما يتعلق بالحقوق الجماعية واضح أنها ستمنح فقط للشعب اليهودي، الذى تعتبر هذه الأرض بلاده الواحدة والوحيدة!.
معارضة يمينية
اللافت أن الكثير من القوى اليمينية اعترضت على إقرار هذا القانون، مثل أعضاء حزب الحرية الذى تأسست من رحمه وقلب وعائه الفكرى بقية الأحزاب اليمينية فى إسرائيل وعلى رأسها حزب الليكود، ولا يزال عدد كبير من الساسة من أعضاء هذا الحزب فى الحلبة السياسية، مثل الرئيس رؤوفين ريفلين، وعضو الكنيست بنيامين بيجين ووزير الدفاع الأسبق موشيه آرنس، وغيرهم، وهؤلاء يرون أن القانون به نواحى ظلم عديدة، ولا حاجة لإسرائيل له، فهويتها معروفة، وصياغات القانون قد تخلق نزاعات بين تيارات يهودية دينية وعلمانية، وبين يهود العالم وإسرائيل، إلى جانب التضييق على المواطنين العرب، علماً أن هذا التيار السياسى اليمينى، هو من أشد المتمسكين بسياسة “أرض إسرائيل الكاملة”.
ويقول آرنس، فى مقالة له فى صحيفة “هاآرتس”، إنه “ليست هناك حاجة للتوضيح بأن إسرائيل دولة يهودية بقوة القانون، وهذا الأمر أصبح مفهوما من تلقاء ذاته، العلم والنشيد يشهدان على ذلك، وكذلك اللغة العبرية التى هى اللغة الدارجة لمعظم الإسرائيليين، وتساءل ...لماذا إذن بعد أن تم تثبيت كون إسرائيل دولة يهودية جيدة، تجب العودة إلى تأكيدها من خلال قانون جديد؟.
رأى قانوني
من جانبه يقول الخبير القانونى مردخاى كريمنيتسر فى مقال له بصحيفة “هاآرتس” إن “قانون القومية هو قانون يتعسف فى استخدام حق الأغلبية وهو قانون مهين للأقلية، وهو لا يضم الضفة إلى إسرائيل بل يضم إسرائيل إلى المناطق المحتلة”.
وأضاف كريمنيتسر الذى يعتبر من كبار الخبراء القانونيين، أن هذا القانون يمهد لسياسات الأبارتهايد فى عموم إسرائيل، الأمر الذى سيكون له تأثيرات فى منتهى الخطورة على إسرائيل. وتابع كريمنيتسر “أن القانون يهين وبقوة العرب فى إسرائيل، الأمر الذى دفعه للمطالبة، ممن أسماه بكل شخص عاقل فى إسرائيل ألا يؤيد هذا القانون خطير التأثير على إسرائيل. عموما فإن من الواضح أن حجم الجدال المرتبط بهذا القانون لن ينتهى بإقراره، خصوصا أنه يمس أحد أبرز أركان إسرائيل، وهو ما سيجعلها دائما على حافة بركان معرض للانفجار دائما.