كيف نغرس في نفوس ابنائنا منذ الصغر روح الوحدة الوطنية ونشر ثقافة التسامح واستيعاب مفهوم المواطنة حتي ينشأوا وهم محصنون ضد أي رياح عاتية يمكن أن تعكر صفو حياتنا أو تنال من نسيجنا الوطني المتجانس والمتماسك؟. في البداية تأسف د.نادية جمال الدين استاذ أصول التربية بمعهد الدراسات التربوية جامعة القاهرة علي افتقاد روح التسامح بشكل يؤثر علي النشء وتستطرد قائلة: عندما ينشأ الطفل في ظل أسرة مترابطة ومتحابة سينعكس ذلك عليه ويتولد لديه شعور بالانتماء لأسرته.. وفي المدرسة لابد أن تكون هناك مساحة للعلاقات الانسانية بين التلميذ ومدرسيه وهذا دور المعلم الواعي الذي بامكانه أن يخلق هذا النوع من العلاقة التي تجعل التلميذ يشعر بالانتماء لمدرسته مع التركيز علي السلوكيات المبنية علي التسامح بين الطرفين مسلمين ومسيحيين. ويؤكد د.أمين أبو بكر رئيس الادارة المركزية للتعليم الأساسي بوزارة التربية والتعليم أن مفاهيم التسامح والمواطنة ترسخ في نفوس الطلاب ماننشده من نشر ثقافة التسامح والمواطنة,ويستطرد قائلا يجب أن تكون هناك حلقة اتصال بين البيت والمدرسة فالمسألة حلقة متصلة لتنمية هذه المفاهيم. أماد.اسماء الجابري تخصص علم نفس اطفال بمعهد الدراسات العليا للطفولة جامعة عين شمس فتري أن قبول الآخر هو أساس ارساء مثل هذه المفاهيم وترسيخها لدي الأطفال, ولذا لابد أن يتعلم الطفل بالتدريب أن هناك آخرين مختلفين عنه في الدين و الشكل واللون والمستوي الاقتصادي و الاجتماعي, ويجب أن تحرص الأم علي أن تعامل الآخرين معاملة حسنة وبالذات أمام الطفل وجيرانها مسلمين ومسيحيين علي حد سواء بنفس الأسلوب, لأن الطفل يقلد تصرفات وسلوكيات المحيطين به هذا بجانب ماتردده الأم لطفلها من قصص يحكي مضمونها عن الوحدة الوطنية بين المسلم والمسيحي علي مدي الدهر.. وفي المرحلة الابتدائية يجب أن تكون المعلمة قدوة للتلميذ في الفصل عن طريق تعاملها مع الآخرين واللجوء الي أسلوب التشجيع والمكافأة اذا أحسن معاملة كل زملائه في الفصل, أما في المرحلتين الاعدادية والثانوية فهاتان تتطلبان التفكير المنطقي والعقلاني ويكون ذلك عن طريق تعديل الأفكار الخاطئة من خلال الحوار مع الذات واستبدال الأماكن بمعني أن يضع الشاب نفسه مكان الآخر وذلك حتي يلتمس له العذر اذا شعر بأن هناك خطأ غير مقصود صدر منه. وتتطرق د.أسماء الي مسألة حصة الدين في المدارس وتقول هناك من التلاميذ المسيحيين ممن يشعرون بالاضطهاد عند خروجهم من الفصل اثناء تلك الحصة, وهنا يجب أن نتحاور معهم مبررين ذلك بأن عدد التلاميذ المسلمين في الفصل هو العدد الأكبر وعلي هذا الأساس يخرج التلاميذ المسيحيون والمسألة بعيدة كل البعد عن أي اضطهاد سواء للتلاميذ المسلمين أو المسيحيين في هذا الصدد. وتستبعد استاذة علم النفس مسألة اقحام المناهج الدراسية في هذا الأمر وتفضل ترك الأمر بحيث يأخذ مجراه الطبيعي وترسيخ هذه المفاهيم يكون بطريقة غير مباشرة من خلال وجود القدوة في التعامل والتي يجب أن يحتذي بها الطفل. بينما يحدد د.رشاد عبد اللطيف استاذ تنظيم المجتمع وعميد كلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان سابقا عدة نقاط يتحرك من خلالها المجتمع لغرس تلك المفاهيم قائلا: ان التربية تلعب دورا كبيرا في غرس هذه المفاهيم عندما يخطيء الابن في حق اخيه ويتدخل الوالد ويقنع المخطيء في حقه أن يسامح اخاه فهذا اسلوب ايجابي تجاه هذه المفاهيم..كما أن لغة الحوار بين الأب والأم يجب أن يسودها الاحترام والتفاهم والاقناع. ويختتم د. رشاد ارشاداته بأن المجتمع يحتاج الي نبذ ثقافة العنف لأنه يولد الكراهية بين الناس, وهذا يتطلب تكثيف دور الاخصائي الاجتماعي وزيادة عدد هذه الفئة في جميع المجالات المختلفة اعطائهم الصلاحيات الكافية لممارسة مهام عملهم كأخصائيين اجتماعيين. وبتلقائية شديدة يقول د.عبد المهدي عبد القادر استاذ ورئيس قسم الحديث بكلية اصول الدين جامعة الأزهر: إننا نعيش في مصر دون ان تفرق بين المسلم والمسيحي, وعلي هذا الأساس يجب أن نربي النشء. ويستكمل د.عبد المهدي قائلا لابد أن نكون أمناء علي ابنائنا في تنشئتهم ونغرس في نفوسهم أنه من الطبيعي واللائق أن يكون الانسان ايجابيا مع كل الناس ونناشد كل الطوائف أن تحرص علي تربية النشء تربية ايجابية.. هذا اذا كنا دعاة حق بحق ودعاة استقرار للأمة.