جاءت رسالة رئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريوالأخيرة إلي الشعب واضحة وصريحة عندما قال لا أحد يسدد أويدفع ديون اليونان إلا اليونانيين. محذرا من سلبية استمرار الإضرابات والتظاهرات علي الأزمة المالية التي تعاني منها البلاد مشددا علي حتمية الرضوخ للأمر الواقع وقبول الإجراءات التقشفية لتغذية خزائن الدولة التي باتت فارغة من النقود وجعلت البلاد علي حافة الانهيار. وجاء إعلان المفتشين الأوربيين في زيارتهم الأخيرة إلي أثينا كالصاعقة حيث ابلغوا اليونان إنها لن تستطيع تحقيق خفض العجز المستهدف وتحتاج إلي اتخاذ مزيد من الإجراءات, وذكرت وزيرة الاقتصاد والصناعة لوكا كاتسيلي أن فريق التفتيش أبلغ الحكومة بأن توقعات السلطات اليونانية للناتج المحلي الإجمالي ليست صحيحة, وأن الركود سوف يتزايد ما لم يتم اللجوء إلي المزيد من خفض الإنفاق. وأوضحت الوزيرة اليونانية أن فريق الاتحاد الأوروبي الذي جاء أثينا ليتفقد جهود اليونان لخفض عجز يبلغ12.7% من الناتج المحلي الإجمالي قبل الموعد المحدد من قبل الاتحاد الأوروبي في منتصف مارس الجاري اقتنع بموضوع واحد علي الأقل وهو أن اليونان تمتص أموال الاتحاد. في غضون ذلك صرح مسئولون حكوميون بأن مفتشي الاتحاد الأوروبي طلبوا إجراءات إضافية بقيمة4.8 مليار يورو لمواجهة زيادة حدة الركود والاستيعاب المنخفض لأموال الاتحاد الأوروبي, وارتفاع الفائدة علي القروض والمبالغة في تقدير عائدات مكافحة التهرب الضريبي, وشدد المراقبون الأوروبيون علي اتخاذ مزيد من الإجراءات والتوصل إلي آلية لإقناع الأسواق المالية التي باتت لا تثق في الاقتصاد اليوناني. ومن تحت قبة البرلمان اليوناني دعا جورج باباندريو الشعب للتكاتف وتحمل المسئولية ومحاربة الفساد وعدم التهرب الضريبي والوقوف مع البلاد في أزمتها مشيرا إلي أن أي بلد آخر لن يدفع ديوننا عنا,لا يمكن لأي شخص آخر أن يحل المشكلة وحول خطة التقشف التي اعتمدتها الحكومة كعلاج وتريد فرضها علي البلاد لوضع حد لأزمة ماليتها العامة التي بلغت خطورة غير مسبوقة منذ عقود قال باباندريو إذا أفلست بلادنا ولم يعد بإمكانها الاقتراض فإن أول الضحايا سوف يكونون المواطنين الأكثر احتياجا. وإعترف رئيس الوزراء اليوناني بأن الوضع الحالي أكد المخاوف حول الأزمة الاقتصادية الحادة وأن اليونان تشهد في الوقت الراهن واحدة من أكبر الأزمات الاقتصادية خلال الأعوام ال36 الأخيرة, مضيفا أن العجز العام بلغ15 مليار يورو وهي قيمة أكبر من التي أعلنتها الحكومة السابقة, معترفا بأن الإجراءات الاقتصادية' المؤلمة' التي اتخذتها حكومته لتخفيض العجز' ضرورية' من أجل إنعاش الوضع المالي, متعهدا للمواطنين بأن التضحية لن تكون دون جدوي. وكانت اليونان و هي واحدة من أفقر دول الاتحاد الأوروبي قد تخلت عن عملتها المالية الوطنية' الدراخمة' في عام2001 لصالح عملة الاتحاد الأوروبي الموحدة' اليورو' ونتيجة لذلك حصلت علي موطئ قدم غير مسبوق في الأسواق المالية وفي ظل استفادة ديون اليونان من دعم' اليورو' القوي جمعت أثينا المليارات من صناديق المعاشات الأجنبية والبنوك الدولية بمعدلات فائدة منخفضة. ولكن مع سوء الإدارة من قبل الحكومات ومع انهمار الأموال السهلة ارتفع الإنفاق الحكومي ووصلت ديون البلاد نحو300 مليار يورو حاليا ولم تكن هناك استطاعة سداد هذه الديون في ظل التضخم وزيادة العجز المالي كما أن تفشي الفساد والتهرب الضريبي تسبب في نضوب خزائن الحكومة وأعلن صندوق هيئة التأمينات الاجتماعية الايكا أكبر صندوق تأميني للدولة أنه حلول بشهر يونيوالمقبل سوف لا يكون لديه أموال لدفع المرتبات والمعاشات. و قد أظهرت استطلاعات للرأي أن أغلبية اليونانيين الذي ضاقوا ذرعا بالتبذير يؤيدون التدابير التقشفية التي أقرتها الحكومة حتي وإن كانت مؤلمة.