كتب : عصام هاشم يواصل الدكتور صلاح سلطان أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم بالقاهرة منهجية الإصلاح من خلال قصة سيدنا إبراهيم عليه السلام الذي كان نموذجا في إكرام أهله وقومه وبدأ بالعطاء والكرم والسخاء مع الدعوة والبيان نعم لقد كان مضيافا كريما, ففي الحديث:( كان إبراهيم أول الناس ضيف الضيف). وهذا يدعونا نحن المسلمين إلي أن نجعل بيوتنا قبلة كما كان يفعل سيدنا إبراهيم عليه السلام-, وأن نفتح بيوتنا لكل الناس, لا لتكون عزائم وولائم فقط, بل لتكون ميدانا للحب والإيثار والتعاون علي البر والتقوي. نبدأ بالعطاء ثم إذا وجدنا من الناس شيئا من الانحراف عن شرع الله نتخذ موقفا عمليا كما فعل سيدنا إبراهيم عليه السلام- لما وجد قومه يعبدون الأصنام فبدأ بالحوار الرائع الذي صورته آيات سورة الأنعام: بدءا من قوله تعالي فلما جن عليه الليل رأي كوكبا..... إلي أن قال:.. وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم علي قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم. هكذا كان سيدنا إبراهيم عليه السلام- بارعا مع قومه في استحداث وسيلة عملية وتمثيلية فنية حيث يصطنع اعتقاده أن الكوكب أو القمر أو الشمس آلهة ولكنها لا تصلح لغيابها وتقلبها, ثم يدخل في حوار وحجاج مع قومه, ويتحدث عن ربه أحسن ما يكون, حديث المؤمن المحب لربه, ويظهر عدم خوفه مما يشركون به, ويبين لهم أن الإيمان بالله سيجلب لهم الأمن والأمان, والسعادة والاطمئنان, وهو ما يبحث عنه كل إنسان. غير أنه لم يكتف بالحوار عندما استمروا في عبادتهم للأصنام, فكان هذا الموقف العملي مع ما فيه من مخاطر عليه, لكنه أراد أن يؤدي واجبه في نصح قومه فكان هذا الحوار وذاك الموقع العملي الذي تصوره الآيات52 70- من سورة الأنبياء.فقد بدأ بالحوار, ثم بتحطيم الأصنام; مما جعلهم يقرون أنهم هم الظالمون, لكنهم تمادوا في باطلهم, واجتمعوا علي حرقه, فكان العون من الله كاملا, وتحولت النار الحارقة إلي برد وسلام, وتحول الخوف إلي أمن واطمئنان, فخسروا ونجا, وحمله الله إلي الأرض المباركة فلسطين, ووهبه إسحاق ويعقوب, وجعلهما من الصالحين, واصطفا بين العالمين. لكن العجيب الذي يجب أن نتوقف عنده كثيرا في موقف سيدنا إبراهيم من قومه رغم كفرهم وفجورهم وخاصة قوم لوط, أنه شغل عن البشري المزدوجة بإسحاق ويعقوب وهي تعني أنه سيرزق بإسحاق وأنه سيعيش حتي ينجب إسحاق يعقوب, ومع هذه البشريات الربانية العظيمة التي طال انتظاره لها شغل عنها بالجدال عن قوم لوط ورجاء من الله أن يؤخر عذابهم, وأن يتابع دعوته مع قوم لوط عسي أن يتركوا نشوزهم وفجورهم, حتي أخبره الله تعالي أنهم لن يفيقوا من سكرتهم, وتصور الآيات هذا المشهد العجيب في قوله تعالي: فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشري يجادلنا في قوم لوط. إن إبراهيم لحليم أواه منيب. يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود.( هود:74-76). وهذا يؤكد أهمية حرص الداعية علي قومه, حرصا ربما يشغل الإنسان عن شئونه الخاصة, بل تطفو آلام قومه علي حاجاته ومطالبه الأصلية, وقد هيأ الله ذلك كله في سيدنا إبراهيم عليه السلام ليكون مثالا لكل مسلم أن يفتح قلبه وعقله وبيته لقومه وعشيرته ومجتمعه.