وسط أجواء مليئة بالاضطرابات وتأثر الأسواق بما يحدث في المجتمع من احتجاجات ترتفع الأسعار حتي أصبحت شكوي كل المواطنين، وطالب الكثير من فئات المجتمع حكومة الدكتور شرف رئيس الوزراء بضرورة التدخل المباشر في تسعير كل السلع والمنتجات وتخفيضها إلي النصف..فهل هذا الاجراء يعد اجراء صحيحا من الناحية الاقتصادية؟ وما هي الإجراءات الصحيحة في حل معضلة الأسعار وارتفاعها بالشكل الذي يرضي المواطنين بما يتفق مع سعر السلع أو المنتجات وقدرة فئات المجتمع محدودة الدخل بما يحقق الرفاهية والعدالة الاجتماعية التي ننشدها جميعا. وحول هذه القضية المهمة التي تشغل كل بيت في مصر في الوقت الحالي يؤكد الدكتور سلطان أبو علي وزير الاقتصاد الأسبق أن تخفيض الأسعار المشاهدة في الأسواق للسلع والخدمات لا تعالج بقرار وزير أو رئيس وزراء ومن يقولون بهذا الكلام أو يعتقدون هذا الاعتقاد فليس لديهم دراية بطبيعة الأمور الاقتصادية فنحن في مصر نتبع نظام السوق التي يتحكم فيها العرض والطلب وتفاعلهما هو الذي ينتج أو يفرز الأسعار المشاهدة والواقعة في الأسواق. ونوه د. أبو علي إلي أن ارتفاع الأسعار غير المبرر ناتج عن وجود قوي اقتصادية أو تحكم بعض كبار التجار في سلعة معينة أو عدد من المنتجات بعرضها بأسعار مبالغ فيها دون وجود منافسين في السوق فهذا يعد خللا مؤسسيا خطيرا, وهذا هو ما يجب علي الحكومة محاربته وتصحيحه باتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بتصحيح الأوضاع الاقتصادية التي تفتح أبواب المنافسة بين التجار ورفع الانتاج وزيادة الانتاجية والحد من الاستهلاك من السلع الترفيهية خاصة ونحن مقبلون علي شهر الصيام ذلك الشهر الكريم الذي يعد فرصة أمام المصريين للحد من الاستهلاك خاصة في المأكولات والمشروبات ويدعو إلي تهذيب النفس بتعودها علي استهلاك ما هو ضروري ومفيد. وهذا المبدأ في حد ذاته يقلل الأسعار إلي حد كبير. وأشار د. سلطان أبو علي إلي أن تخفيض الأسعار بأمر إداري من حكومة د. شرف ليس علاجا للأزمة لأن التسعير الجبري يوجد سوقا سوداء للسلع التي يتم تخفيضها. أما العلاج الأكيد والصحيح لمعضلة الأسعار وتخفيضها بما يتناسب مع دخول المواطنين هو زيادة المعروض من السلع والمنتجات والحد من الإستهلاك وزيادة الإنتاجية وفتح الأسواق أمام المنافسة الشريفة بحيث لا يوجد محتكرون في الأسواق. ومن جانبه أوضح الدكتور رشاد عبده أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة أنه علي الرغم من أن مصر تسير علي نظام الاقتصاد الحر واقتصاد السوق مثلها مثل أمريكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والعديد من الدول الأوروبية بالأسعار والتضخم في هذه الدول منخفض للغاية. ويرجع د. رشاد عبده أسباب ذلك إلي أن أمريكا والعديد من الدول الاوروبية لديها ما يسمي بسوق المنافسة الكاملة التي تعتمد علي وجود عدد كبير جدا من البائعين والمشترين وكل فرد في السوق سواء كان منتجا أو مستهلكا أو مستوردا أو مصدرا يعلم تمام العلم كل صغيرة وكبيرة في السوق من حيث السعر والكمية والمنافسين له في السلعة مما يجعل هناك وضوحا وتنافسا بين البائعين لصالح المستهلك وليس أمام المنتج أو البائع أن بيع السلعة بسعر يسمح له بالوجود في السوق دون احتكار مما يجعل المنتجين يجودون من سلعتهم لتحقق لهم ميزة أمام المستهلكين. بينما نجد الأمر مختلفا في مصر, حيث يوجد لدينا سوق تسمي احتكار القلة, حيث يتحكم في السوق وأسعارها عدد قليل من المستوردين الذين يتفقون فيما بينهم علي البيع بأسعار معينة لسلعة معينة بحيث تحقق لهم هامش ربح كبيرا. ونجد المستهلك يضطر لشراء هذه السلعة بالسعر المحدد لأنه ليس أمامه بديل يبيع السلعة نفسها بأسعار أقل. وأوضح د. رشاد عبده أنه علي الحكومة أن تخلق دور المنافس للقطاع الخاص حيث لا تستطيع الدولة أو الحكومة أن تتخذ قرارا بتخفيض الأسعار إلي النصف أو إلي الربع!! لأن القطاع الخاص يتحكم في أكثر من 80% من تجارة التجزئة واستيراد السلع وبيعها. والبديل لذلك أن تقوم الحكومة بشراء السلع وكل المواد الغذائية والمواد والسلع والمنتجات الضرورية للمواطن مع عدم فرض أي رسوم جمركية عليها وعرضها من خلال المنافذ الحكومية كالجمعيات الاستهلاكية أو غير الحكومية أو بتنظيم معارض للسلع الغذائية وتوفيرها علي مستوي الجمهورية.