مع هبوب نسيم الشهر الفضيل تتحرك الذكريات, وتحلق القلوب في سماء الإيمان, وهي بين ذكري لما مضي, ورغبة في مزيد من القرب إلي الله عز وجل فيما هو آت, وحتي لا تصبح صائما وتمسي مفطرا ليس له من يوم صومه إلا الجوع والعطش. , يقدم لنا علماء الدين النصيحة لنيل الثواب العظيم الذي قال عنه رب العالمين في الحديث القدسي: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فانه لي وأنا اجزي به. وعن حكمة مشروعية الصيام وفوائده التربوية والنفسية والبدنية يقول الدكتور نصر فريد واصل, مفتي مصر الأسبق, وعضو مجمع البحوث الإسلامية: فرض الله الصيام علي كل أمة بما يحقق لها تقويم النفس فبعض الأمم حرم عليها طعام و شراب معين, حيث يكون الامتناع عن ذلك دليلا علي طاعة الله, بينما جاء الإسلام بمنهج التوازن والوسطية, حيث يشمل جانبا ماديا يتمثل في الامتناع عن الطعام والشراب والأشياء المباحة, وجانبا معنويا يتمثل في: الكف عن المحرمات التي نهي الله عنها, وكل ذلك لمصلحة الإنسان لتحقيق التقوي وهو هدف عام في كل التشريعات السماوية, وقد أثبت التحقيق العلمي أن هذا الشهر كاف لتحقيق التوازن المادي والمعنوي في الجسم, لما حدث له من تجاوزات خلال العام حيث يخرج الجسم كل ما فيه من سموم, ويكون المسلم عبدا قويا ينفذ ما أمره الله به, وينتهي عما نهاه عنه, ويكون خليفة الله علي الأرض يتمتع بخيرات الله ويساعد الآخرين كذلك, ويستطيع المسلم تحقيق ذلك عن طريق إتباع أوامر الله حيث تبين أن الالتزام بالصوم من الناحية الشرعية الصحيحة, والبعد عن الإفراط في الطعام بعد الإفطار له أثر كبير في الاستفادة من الصيام, ويصبح رمضان في هذه الحالة بمثابة غسيل كامل للبدن ماديا وروحيا مثل الثوب الذي اتسخ وتم غسله بالمنظفات والماء وعاد نقيا, كما يجب أن يسعي الإنسان إلي تحقيق صفاء النفس بما يحقق التوازن مع البدن بحيث يسمو الإنسان علي شهوات الحياة ولا يأخذ منها إلا القدر الضروري لأن يعيش قويا محافظا علي بدنه وصحته بدون جشع.ومعني ذلك أن نأخذ من الطعام والشراب القدر المناسب, فكلما كانت المعدة خاوية كان ذلك أجدي, حيث يتنفس الشخص أفضل والبعض يأكل ليلا كميات كبيرة من الطعام لتعويض ما فقده في النهارا وهذا غير مستحب بالطبع. كما يكون الصوم لدي الصائم ملكة التقوي والخشية من الله, ويؤكد في الإنسان معني الإخلاص, فالصوم هو عبادة لا تظهر أي علامات لها فتكون بعيدة عن الرياء, ولا يعلم أحد هل الذي بجواره صائم أم لا؟ ولذلك ورد في الحديث القدسي( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي, وأنا أجزي به). وحث الدكتور أحمد عمر هاشم, رئيس جامعة الأزهر السابق,المسلمين علي ضرورة التعرض لنفحات الله, والاستفادة منها في تقويم النفس خلال شهر رمضان الكريم, وأضاف قائلا: إن الشهر الفضيل مليء بالنفحات التي يجب أن نستثمرها في إعادة بناء أنفسنا من جديد, وهو فرصة يهديها الله لعباده كل عام, وهناك ثلاث قواعد يجب علي المسلم إتباعها خلال الشهر الفضيل, وهي التوبة الخالصة النصوح من كل الذنوب, ومعاهدة الله علي عدم العودة إلي الذنب ثانية, ثم الاجتهاد لمعرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بهذا الشهر لكي يمكننا أن نحسن العبادة فيه,وتوثيق صلة الرحم, ووصل ما انقطع منها, واستحضار نية الصيام والإخلاص لله عز وجل, كما يجب علي المسلم أن يعد نفسه للصورة التي يجب أن يكون عليها في هذا الشهر الكريم,إذ يجب عليه أن يمسك لسانه عن المعصية, وأن يعود نفسه علي كظم الغيظ, وأن يقابل السيئة بالحسنة, وأن يتحلي بالخلق الحسن. كما حذر الدكتور أحمد عمر هاشم من سلبية من السلبيات التي يقع فيها بعض المسلمين في رمضان وهي التقاعس عن أداء العمل بحجة الصيام, علي الرغم من أن الواجب عليه أن يكون في هذا الشهر بالذات نموذجا للجد والدأب والتعاون والصبر الجميل,لأن هذا يقرب بين أفراد الأسرة الواحدة, ويلم شملهم نفسيا وإيمانيا.