هيئة التمريض هي العمود الفقري للخدمة الصحية بالمستشفيات, ولكن ضعف المرتبات والبدلات وعدم توافر السكن هما أبرز أسباب هروب الممرضات من المستشفيات الحكومية. حيث اضطرت هذة المستشفيات الي غلق أقسام بالكامل منها أقسام للرعاية المركزة والعلاج بأجر مما أثر سلبا في الخدمة الطبية المقدمة.المشكلة أجبرت مسئولي فرع التأمين الصحي بالاسكندرية علي إغلاق عدد من غرف العناية المركزة بالمستشفيات التابعة للهيئة العامة للتأمين الصحي إلي جانب إغلاق ثمان وعشرين غرفة بالدرجة الأولي الممتازة بالأجر داخل مستشفي جمال عبد الناصر للتأمين الصحي... هذا القرار أعقبه انطلاق صرخات المرضي مصحوبة بسؤال: لماذا يتم إغلاق أقسام علاجية في وجوه المرضي؟! أما مسئولو وزارة الصحة بالاسكندرية فقد حاولو ترغيب هيئة التمريض للعمل في المستشفيات التابعة للوزارة وذلك بزيادة الحوافز المالية. ما أسباب مشكلة نقص أعداد هيئة التمريض؟ سؤال توجهنا به إلي الدكتور عمر الفاروق الغيطاني مدير فرع شمال وغرب الدلتا بالهيئة العامة للتأمين الصحي بالاسكندرية والذي أجاب: هناك عدة حقائق لابد من توضيحها حتي نصل للإجابة عن تساؤلات المرضي.. أولاها وأهمها أن عدد مدارس التمريض وفصولها لا تفي باحتياجات المستشفيات من هيئة التمريض علي مستوي الجمهورية لأنه وفقا لقرار وزارة الصحة لا يتم سوي فتح فصل دراسي واحد فقط للتمريض لا يتعدي عدد الطالبات فيه25 طالبة استثنائيا... ومؤخرا تمت الموافقة علي فتح فصلين دراسيين, ولكن قرار مد فترة الدراسة بمدارس التمريض من ثلاث إلي خمس سنوات خلق مشكلة كبيرة وهي وجود فراغ في هيئة التمريض لمدة سنتين متتاليتين لذلك نقول إن هناك قلة في أعداد هيئة التمريض مع عدم الكفاءة ايضا وهو ما يطلق عليه حاليا سنوات عجاف! الغرامة300 جنيه!! ويشير إلي أن ما يزيد من حجم المشكلة أن معظم خريجات التمريض يرفضن العمل داخل المستشفيات الحكومية وأمام هذا الرفض لا نملك سوي رفع دعاوي قضائية ضدهن تنتهي بتوقيع غرامة مالية لا تزيد علي300 جنيه فقط!! القطاع الخاص وانعدام الرقابة ويضيف أن الأخطر من ذلك أن القطاع الخاص يقوم بتشغيل هؤلاء المكلفات دون رقابة من الجهات المعنية وبذلك فإن هذا القطاع يستفيد من المنتج الخاص بنا بعد أن نقوم بتحمل تكاليف تعليمية هذا المنتج هو الممرضة التي تكلف الدولة نحو10 آلاف جنيه علي مدي سنوات الدراسة الثلاث... وبعد أن أصبحت الدراسة خمس سنوات زادت تكلفة تعليمها إلي16 ألف جنيه.. ويوضح الدكتور عمر الفاروق أن هناك أمرا غاية في الخطورة وهو الهجرة الداخلية والخارجية لهيئة التمريض فمنهن من تحصل علي عقد عمل بالخارج فلابد أن أوافق لها علي اجازة وفي حالة الرفض لحاجة العمل اليها تقوم علي الفور بتقديم استقالتها وكذلك من ترغب في العمل بالقطاع الخاص وهي الهجرة الداخلية من أجل تحسين الدخل في معظم الأحيان تمتنع الممرضة عن العمل حتي يتم إنهاء عملها لدينا, وبالتالي تصبح صاحبة القرار وحدها في العمل بالقطاع الخاص كما تشاء. عجز شديد وعن الآثار السلبية المترتبة علي هذه المشكلة يقول: من خلال الاحصائيات نجد أن مستشفي جمال عبد الناصر للتأمين الصحي في حاجة إلي330 ممرضة ومشرفة تمريض ومستشفي سبورتنج للطلبة تعاني من عجز يصل إلي230 ممرضة ومشرفة تمريض... أما مستشفي كرموز العمالي فيعاني من عجز يصل إلي60ممرضة ومشرفة تمريض.. وهناك مستشفي أبو قير للتأمين الصحي يعاني من120 عجزا في اعداد التمريض, ومشرفات التمريض ويتساءل: ماذا أفعل حيال هذه المشكلة الخطيرة التي تؤثر سلبا علي التمريض؟ أولا لم يكن أمامنا سوي التعاقد علي الخدمة لدي الغير حيث تم التعاقد مع عدد من المستشفيات الحكومية والخاصة المنتشرة بأنحاء الاسكندرية لتقديم الخدمة العلاجية لمرضي هيئة التأمين الصحي وتبلغ تكلفة هذا التعاقد نحو40 مليون جنيه سنويا منها12 مليون جنيه لعلاج الحالات الحرجة داخل غرف العناية المركزة بالمستشفيات المتعاقد معها... أما الحل الآخر فقد تم اتخاذه والعمل به بعد أن حددنا احتياجاتنا الفعلية حتي نتمكن من تقديم خدمة علاجية متكاملة فاضطررنا الي تقليل عدد المرضي المقبولين داخل غرف العناية المركزة بالمستشفيات, أما نادية عزوز مدير عام إدارة التمريض بمديرية الشئون الصحية بالاسكندرية فتقول هناك(15) مستشفي تابعة لوزارة الصحة بالاسكندرية الي جانب(139) وحدة للرعاية الصحية الأساسية, هذه الوحدات والمستشفيات تعاني بشدة من نقص في أعداد هيئة التمريض, فالعدد الفعلي بداخلهم لا يتعدي(1450) ممرضة وإخصائية تمريض.. أما المطلوب لأداء خدمة علاجية متكاملة ومتميزة فنحو3 آلاف بمعدل ممرضة لكل(9) مرضي بالأقسام الداخلية.. وممرضة لكل حالتين بالوحدات الخاصة مثل العناية المركزة والمبتسرين والكلي الصناعي. وتشير بقولها: ان السبب الرئيسي في هروب أعضاء هيئة التمريض من العمل بالمستشفيات التابعة لوزارة الصحة هو ضعف الراتب.. فخريجة كلية التمريض عند بداية التعيين يبدأ راتبها بمبلغ(48) جنيها ومع الحوافز لا يزيد علي(150) جنيها.. وخريجة المعهد يكون الراتب أقل بالطبع.. واذا نظرنا الي النوبتجية نجد أن الممرضة تحصل علي جنيهين فقط وبعد الخصم تصل الي(90) قرشا في النوبتجية الواحدة.. وتوضح نادية عزوز أن معظم الممرضات الخريجات يكن من خارج الاسكندرية من المحافظات المجاورة وبالتالي لابد أن يتوافر لهن مسكن وهذه مشكلة نعاني منها فالمسكن الموجود غير كاف لاستيعاب هؤلاء الممرضات. الحلول يطرحها الدكتور عمر الفاروق ويقول.. هناك خطوات في طريق الحل تم اتخاذها بالفعل منها زيادة عدد هيئة التمريض لمواجهة العجز في الكم والكيف معا وذلك بالتوسع في إنشاء مدارس التمريض. ويضيف انه منذ عام تقريبا تم استخداث مايسمي وظيفة مساعدات خدمات تمريضية حيث تم التعاقد مع(190) موظفا وموظفة للقيام بكل الأعمال خارج العنابر بالمستشفي لضمان تفرغ هيئة التمريض لممارسة عملها داخل العنابر فقط وهذا سيساعد الممرضة علي الأداء المتكامل ورفع مستوي الخدمة التمريضية التي تقدم للمرضي.. وهناك حل آخر وهو القيام بمنافسة القطاع الخاص حيث تم الاعلان من قبل الهيئة عن التعاقد مع مشرفات تمريض بكالوريوس تمريض وكذلك تمريض للوحدات المتخصصة وذلك بأجور مرتفعة تعادل الراتب الممنوح لهن بالقطاع الخاص والذي يصل الي حوالي(2000) جنيه شهريا. مهام العمل أما الدكتور سلامة عبد المنعم وكيل أول وزارة الصحة بالاسكندرية فيتوقع بدء انفراج الأزمة بداية شهر يوليو المقبل وذلك عقب تخريج دفعة مدارس التمريض بعد دراسة لمدة خمس سنوات وسوف تتميز هذه الدفعة الجديدة بالكفاءة العالية في الأداء ومستوي الخدمة. وفي تلك الأثناء لن يكون القطاع الخاص منافسا قويا للمستشفيات الحكومية لأنه بالفعل تشبع من احتياجاته لهيئة التمريض. ولان نقص أعداد هيئة التمريض بالمستشفيات أدي الي زيادة أعباء العمل علي الفئة الموجودة بالفعل فقد تم رفع بدل السهر والنوبتجيات وكذلك زاد الراتب بنسبة25% من الأساسي وهذا في حد ذاته سيساعد علي استمرار هيئة التمريض في العمل بالمستشفيات الحكومية.