تحظي مصر بتنوع كبير في المنتج السياحي نظرا لتوافر مختلف أنواع السياحة فيها, نتيجة لما حباها الله تعالي من التراث الحضاري, والتاريخي, فلدينا سياحة الآثار, وسياحة المنتجعات, والشواطيء, والغوص, والسياحة العلاجية, وسياحة الصحاري, والسفاري, والسياحة البيئية وسياحة المؤتمرات, والسياحة النيلية, وكلها تسهم بقدر كبير في الاقتصاد المصري, وفي الاستثمارات القومية, وأيضا في دفع النشاط الاقتصادي للمجالات ذات الصلة بالسياحة, بالإضافة إلي أنها توفر فرص عمل لحوالي8 ملايين موظف وعامل, ولذلك فنحن مطالبون بالعمل علي تشجيع وتنشيط السياحة وفتح الأبواب علي مصاريعها للزائرين, فالإسلام لا يمنع السياحة, إذا لم يكن ضرر علي بلادنا, ومن يأتي إلينا للسياحة من سائر الدول سواء العربية أو الأوروبية يصبح في ذمتنا, وله علينا حق الحماية حتي يعود إلي بلده سالما, أما من يحاول إشاعة الفتاوي الباطلة بتحريم السياحة فهو خائن لوطنه, ويسعي إلي تخلفه وتدمير اقتصاده, ويجب علي علماء الدين الرد علي هؤلاء الادعياء الذين يحرمون ما أحله الله, ويسعون إلي نشر الفتنة والطائفية, وعلي الإعلام أيضا التحرك سريعا لإستضافة العلماء الحقيقيين لبيان الحكم الفقهي, وبث ذلك في نشرات مقروءة ومسموعة ومرئية, ويجب إحالة أصحاب مثل تلك الفتاوي التي تشوه صورة الإسلام وتسعي إلي تدمير ما تبقي من مصر اقتصاديا إلي المحاكمة, فليس كل عابر سبيل له حق الفتوي. السياحة عمل مشروع يقول الدكتور أحمد كريمة استاذ الفقه بجامعة الأزهر: إن الحكم علي الشيء بأنه حلال أو حرام يجب أن يستند إلي دليل قطعي الورود( القرآن الكريم والسنة النبوية) وقطعي الدلالة( لخطورة الحلال والحرام في الإسلام), يقول تعالي:( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا علي الله الكذب إن الذين يفترون علي الله الكذب لا يفلحون), ومن القواعد المقررة شرعا ان الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل علي المنع, وبإنزال هذه القاعدة علي العمل السياحي تصبح السياحة من الأعمال المشروعة, وإذا كان يحلو للبعض أن يقول إن السياحة تقترن عادة ببعض المنكرات أو المحرمات فإن هذا لا يؤدي إلي تحريم أمر مباح لذاته وإنما الأولي أن يقال إن السياحة في أصلها حلال وينبغي علي القائمين عليها أن يجردوها من بعض الأفعال التي تعارض الشرع, وهذا هو الفقه الذي أمرنا الرسول صلي الله عليه وسلم أن نتحراه في قوله صلي الله عليه وسلم:( من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين), وقد تكون السياحة للترويح, يقول الرسول صلي الله عليه وسلم:( ساعة وساعة), ويقول الإمام علي رضي الله عنه:( روحوا عن القلوب والتمسوا لها طرائف الحكمة فإن القلوب إذا كلت عميت). حماية السائح واجب ديني يوضح فضيلة الشيخ محمود عاشور عضو مجمع البحوث الإسلامية: إن من يأتي إلينا للسياحة يصبح في ذمتنا, ولا يجوز الاعتداء عليه, وله علينا حق الحماية حتي يعود إلي بلاده سالما, يقول الرسول صلي الله عليه وسلم:( من أذي ذميا فقد أذاني), والإسلام لا يمنع السياحة, وجميع الدول الإسلامية بها سياحة, أما من يطلق فتاوي باطلة بتحريمها فقد ارتكب اثما كبيرا, لأنه حرم ما أحله الله, فالسير في الأرض للتجارة والصناعة وتبادل المنافع أمر طيب وعظيم أمرنا الله سبحانه وتعالي به فيقول:( إذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون), وربما تكون زيارة الأماكن السياحية ورؤية عظمة الحضارة الفرعونية, والإسلامية وغيرها, تحفيزا للناس للعمل والتقدم,ولذلك يقول الله تعالي:( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كانت عاقبة الذين من قبلكم). دور رجال الدين يؤكد الدكتور أحمد كريمة- استاذ الفقه بجامعة الأزهر, أنه يجب أن يقوم علماء الشريعة الإسلامية بالرد علي الدخلاء والجهلاء والأدعياء الذين يعتدون علي الأحكام الشرعية فيحرمون الحلال ويعسرون اليسير, ويقال لهؤلاء هل غير المسلم مطالب بفروع الشريعة ؟, فأي شرع وأي منطق يجعلنا نلزم غير المسلمين بالحجاب والالتزام بفروعيات الإسلام, وقد قال الله في قرآنه للنبي صلي الله عليه وسلم:( أفأنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين), ويجب علي الفقهاء بصفة خاصة أن يقيموا الأدلة الشرعية الواضحة علي مشروعية وإباحة صناعة السياحة التي تعد من الأعمال المشروعة التي هي سبب أساسي في زيادة الدخل القومي للوطن وإعانة علي معالجة البطالة وتنمية الإقتصاد الوطني, والنصوص الشرعية متوافرة وهنا يقع العبء علي اللجنة الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية, وأقسام الشريعة الإسلامية بالكليات الشرعية, والمجلس الأعلي للشئون الإسلامية, وأئمة المساجد, وتعد هذه تدابير وقائية يجب أن يصاحبها تدابير زجرية, وهي إحالة أصحاب الفتاوي الخاطئة التي تجرم في حق الدين والوطن إلي المحاكمة, ومراقبة سموم هؤلاء في قنواتهم الفضائية والتي لها توجهات خارجية تسعي لتدمير ما بقي من مصر اقتصاديا. .. بل الحفاظ عليها ضرورة دينية ويري الدكتور محمد فؤاد شاكر أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة عين شمس أن من موارد بناء الأمم أمورا تستحدث لم تكن موجودة علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم ولا علي عهد أصحابه, وهذه الأمور واضح فيها ما يطابق شرع الله وما يخالفه, منها السياحة فهي أحد منابع بناء الاقتصاد للأمة الإسلامية التي ينبغي أن نحرص علي رعايتها وتنميتها, والسياحة تعني أن يأتي الزائر إلي بلادنا ليستمتع بما من الله به عليها من مناخ معتدل, وطبيعة خلابة, ومزارات لا يوجد مثلها في كل بقاع الأرض, ونحن مطالبون بتشجيع السياحة, وفتح الأبواب أمام الزائرين, ويحسب ما ينفقونه في بلادنا من بناء هذه الأمة بناء اقتصاديا, ومن يحاول أن يصرف الآلاف من شباب الأمة العاملين بها لترتفع بذلك نسبة البطالة تحت زعم أن العمل بالسياحة مخالف للإسلام فهذا والله الضلال بعينه, فلو نظر هؤلاء إلي ما ينفق علي الناس في المؤسسات التعليمية والصحية وإقامة المشروعات الاقتصادية, كل هذا تشارك فيه السياحة بجانب بعض الموارد الأخري, لذلك كان الحفاظ علي ازدهار السياحة واجبا دينيا, ومن يدعو إلي غير ذلك فهو خائن لوطنه, ويسعي إلي تخلفه, وإهدار المال العام بمثل هذا التفكير السطحي يؤدي إلي نشر الأزمات الاقتصادية وإلي الاحتكارات, والرسول صلي الله عليه وسلم يقول:( من احتكر طعاما أربعين يوما فقد برئت منه), وكذلك لما وجه القرآن الكريم أتباعه للسعي والعمل في قوله تعالي:( كلوا مما في الأرض حلالا طيبا), فإن الضرورة هنا تقتضي أن يتوسع تفكيرنا, وأن نفعل رأينا لنسن سنة حسنة التزاما بقول الرسول صلي الله عليه وسلم:( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلي يوم القيامة). الآثار الإقتصادية يشير الدكتور فياض عبد المنعم- أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر, إلي إن السياحة تمثل جزءا كبيرا وهاما في الاقتصاد المصري, فهي تسهم في الدخل القومي, وفي الإيرادات العامة من الضرائب والرسوم, وفي الإيرادات من العملة الأجنبية التي نحتاجها لاستيراد الغذاء والدواء والسلاح والآلات والمواد الخام, وتعتبر الإيرادات السياحية أكبر مصدر في ميزان المدفوعات, حيث تمثل نحو ثلث الايرادات الخدمية, ونحو ربع الإيرادات الجارية في ميزان المدفوعات, وتسهم السياحة في الاستثمارات القومية, بإقامة الفنادق, والبنية الأساسية, والأنشطة الصناعية المرتبطة بالسياحة, ولا يقتصر النشاط السياحي فقط علي ما يدره من عملات أجنبية, وإنما يسهم في رفع النشاط الاقتصادي للمجالات ذات الصلة بالسياحة( العلاقات التشابكية لقطاع السياحة مع القطاعات الاقتصادية الأخري) مثل الإنشاءات والنقل والتوريد والمفروشات والملابس والجلود, وشركات الطيران, وتعمير عدد من المدن غير المأهولة, وتطوير المطارات بالإضافة إلي المساهمة العالية للسياحة في توفير فرص عمالة في كل تلك الأنشطة, وهي فرص تصل إلي نحو8 ملايين عامل وموظف, وتمثل الإيرادات السياحية أكبر مصدر للعملة الأجنبية, أكبر من حصيلة قناة السويس, وحصيلة المصريين العاملين بالخارج, فهو قطاع قائد يجذب خلفه قطاعات اقتصادية عديدة, وهناك دول متقدمة تعتمد علي السياحة في تحقيق نمو اقتصادي مثل تركيا, وكذلك فرنسا وإنجلترا, وإيطاليا, وغيرها, ومن الدول الإسلامية نجد ماليزيا, واندونيسيا, وهما دولتان يحققان إنجازات اقتصادية, نجد الاهتمام بالسياحة فيهما يحتل مرتبة عالية في أولويات حكوماتها, وتعتمد له سياسات لجذب المزيد من السياحة, ولذلك فالقول بتحريم السياحة يلحق ضررا كبيرا بإقتصاديات بلادنا علي مستوي الإقتصاد القومي, وعلي مستوي قطع أرزاق الملايين من العمال, فإقتصاديا أول قطاع يتأثر بعدم الاستقرار هو السياحة, وآخر قطاع يتحسن بالاستقرار هو السياحة, وأقول لهؤلاء اتقوا الله في بلادكم, وإذا كان هناك بعض المآخذ, فيمكن منعها بوضع القواعد التي تحترم قيم كل بلد. فرض الرأي بالقوة مخالف للشريعة يرفض الدكتورمحمد الشحات الجندي أمين عام المجلس الاعلي للشئون الإسلامية ما يفعله البعض ممن يعتنقون مذهبا معينا من إطلاق فتاوي باطلة والترويج لها مثل تحريم السياحة, ومحاولة فرضها بالقوة في بعض الأحيان, أو الإلحاح علي أنها هي الأفكار الصحيحة وأنها من حقائق الدين, مشيرا إلي أن هذا المسلك يعد مرفوضا تماما ويتنافي مع الإسلام الصحيح, الذي يتأسس علي الحكمة والموعظة بالتي هي أحسن مصداقا لقوله تعالي:( ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين), والقائمون بمثل هذه الأمور هم دعاة فتنة وساعون إلي الفرقة والطائفية, فالدين يقوم علي حرية الاعتقاد ويحرص علي قوة الاقتناع, ويجعل السبيل إلي الإمتثال بمباديء الدين وتعاليمه وأحكامه هو القبول الإيماني والإذعان النفسي والوجداني الذي ينبع من أعماق ضمير المسلم, فلا يأتي بالقوة ولا يفرض عن طريق القهر والإلزام, ولا يجوز تكفيرمن يرفض رأيا لا يعتقد أنه صحيح وفقا لنصوص القرآن والسنة, فشعار مذهب أهل السنة والجماعة هو:( نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه) أما من يفرض رأيا خلافيا ينادي به دعاة هذا المذهب أو ذاك بما يمثل خروجا علي ما اجتمعت عليه الأمة فهو خروج عن صحيح الإسلام ودعوة إلي الفتنة المحرمة بقوله تعالي:( والفتنة أشد من القتل), وتشويه لهذا الدين الذي جاء ليجمع كل أفراد الأمة إلي درجة أنه يقبل المخالفين له والمؤمنين بغيره من الأديان. المحرم في السياحة ويؤكد الدكتور سالم مرة- أستاذ الفقه بجامعة الأزهر, إن السياح الذين يأتون إلي بلادنا لغرض مشروع, وهو إما الوقوف علي تاريخ هذه الأمم والتأمل في آثارها السابقة أو الاضطلاع علي أخلاق وعادات الشعب المصري, أو للترويح عن النفس, فكل هذه الأمور جائزة ولا ينهي عنها الشرع, يقول تعالي:( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا), وطالما كانت هناك أصول مرعية من عدم الضرر والإضرار بالناس, لأن من مقاصد الشريعة نفي الضرر عن الناس, بقوله صلي الله عليه وسلم:( لا ضرر ولا ضرار في الإسلام), فالسياحة بهذا الشكل لا غبار فيها, أما إذا كان هناك ضرر كالتجسس علي البلاد, أو تدبير المؤامرات, أو لنقل الأمراض المعدية, فمن هنا تكون السياحة محرمة شرعا, أما كون السياح يشربون الخمر أو يرتدون ملابس تخالف الشريعة الإسلامية, فلا يجوز تحريم السياحة لذلك السبب, فكل حر في اختيار عقيدته وما يؤمن به, فالإسلام لا يفرض بالقوة, ومن يريد عن حق أن يدافع عن دينه فعليه بالموعظة الحسنة للمسلمين في بلده الذين يرتكبون مثل هذه المعاصي, ولننظر إلي عيوبنا أولا قبل النظر إلي عيوب الآخرين. الإعلام.. دوره مهم يقول الإعلامي محمد عبدالعزيز عبد الدائم إن الإعلام الديني ينبغي عليه أن يشجع علي السياحة, لا أقول بالدعوة لها, ولكن بعرض الإسلام عرضا وسطيا كما أراد الله له, يقول تعالي:( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله), والوسطية ليست المنتصف بين نقطتين, وإنما هي الاعتدال, وأنا اتعجب من هذا التيار المتشدد في كثير من القنوات الدينية التي تعني بالشكل قبل الموضوع, مع أن الرسول صلي الله عليه وسلم يقول:( إن الله لا ينظر إلي صوركم وأشكالكم ولكن ينظر إلي قلوبكم وأعمالكم), وقال أيضا:( هلك المتنطعون), والمتنطعون هم الذين يتمسكون بسفاسف الأمور,, وفي بعض الأحيان أتصور أن بعض القنوات الدينية بنظراتها المتشددة في الدعوة تسيء للدعوة أكثر مما تدعو لها حتي ليتصور الإنسان أنهم ضد انتشار الدين وليسوا دعاة له, وربما كانوا اشبه بالذين دخلوا الإسلام بألسنتهم ليسيئوا إليه بأفعالهم, وينسبوا إليه ما ليس منه, والمخرج من ذلك أن تكون هناك قناة فضائية دينية مرجعيتها الأزهر الشريف, والتمويل يمكن أن يكون من صناديق النذور وأوقاف الأزهر, فالإعلام الديني في حاجة ماسة إلي أن يكون له مجلس أمناء يصنع خططه ويراقب وسطيته واعتداله.