ممدوح فهمي : عندما أطلق الحكم المجري فابيان ميهإلي صافرة نهاية مباراة الاهلي ووادي دجلة في الاسبوع العشرين للدوري العام, سادت حالة من التذمر والضيق علي المستوي المتدني للطاقم الاجنبي, وتزايدت التساؤلات خلف الكواليس حول مدي جدية الاستعانة بالوافدين من الخارج لإدارة مباريات المسابقة في ظل هذا الآداء الضعيف, كما أنطلقت المقارنات بين أصحاب اللغات الاجنبية ونظرائهم المصريين الذين صالوا وجالوا في الملاعب المحلية والافريقية, والآنتقادات اللاذعة تطاردهم, ليكملوا مسيرتهم تحت شعار زامر الحي لايطرب. وما ارتكبه الحكم المجري في لقاء الاهلي الاخير كان سببا رئيسيا في استخراج أوراق هذا الملف الشائك مرة أخري, فالخبراء أجمعوا علي أن هدف الاهلي الاول من خطأ واضح علي مهاجمه دومينيك لتعمده الخشونة مع حارس المرمي, وقد اعترف البعض داخل القلعة الحمراء بذلك, ولكن الجميع ابتلع الخطأ طالما أنه صادر عن حكم أجنبي, كما سقط ميهإلي في خطأ آخر لايقل خطورة عن سابقه باحتسابه هدف دجلة الوحيد علي الرغم من أن اللاعب مرر الضربة الركنية لنفسه, وكان من المفترض احتسابها ركلة غير مباشرة عليه, وهذه الامور لو اعترف بها الحكم ولم يكن علي دارية بالقانون لاستوجب ذلك اعادة المباراة علي ألفور. وعلي مدار21 اسبوعا من عمر المسابقة, اشترك حتي الآن11 طاقما أجنبيا, ثمانية منهم في الدور الاول, وثلاثة في الثاني, واختلفت الجنسيات والمسميات, وظل الاتفاق علي شيء واحد يتعلق بتذبذب مستوي أغلب القادمين, لاسيما في ألفترة الأخيرة لانشغال حكام أوروبا المميزين بالبطولات المحلية والقارية في بلادهم, وبات السؤال المطروح علي الساحة, ماذا جنت الكرة المصرية من ثمار قضاة الملاعب الوافدين. يرد عصام صيام رئيس لجنة الحكام علي هذا التساؤل بقوله: الامر كله يرتبط بعقدة الأجانب عند المصريين, فمع أن مصر حافلة بأكفاء في مختلف التخصصات الا أن القادم من الخارج يكون له الأفضلية, وكلمته لا ترد حتي ولو كانت خاطئة, وأضاف أنه يرفض وضع قضاة الملاعب في قفص الاتهام لأن الأخطاء واردة, وإذا كان البعض اتهم الحكم المجري بعدم المعرفة عندما احتسب هدف وادي دجلة الوحيد, فإنه يريد تذكيرهم بأنه في إحدي المباريات المصرية الهامة احتسب الحكم ركلة جزاء سددها اللاعب نفسه بعد ارتدادها من العارضة. ويضيف صيام أنه لم يستقدم في الدور الثاني سوي ثلاثة حكام أجانب حتي الآن, وفي ظل ضغوط الأندية الكبيرة, رغم أنه لا يؤيد علي الإطلاق هذه الخطوة, لأنها من جانب تحرم التحكيم المصري من فرصته, بالإضافة إلي أن التكلفة تمثل عائقا أيضا في ظل الظروف الحاليةللبلاد, فالطاقم الواحد يتكلف15 ألف دولار. وقال رئيس لجنة الحكام أنه قرر الاستفادة من هذه الظاهرة المستحدثة في ملاعبنا من خلال انشاء صندوق لتطوير والارتقاء بالحكام بتكلفة تبلغ15 ألف دولار, وأنه يهدف من وراء ذلك إلي إرسال بعثات خارجية وتبادل للحكام مع دول أخري. وحول أسباب تراجع مستوي الحكم المصري يقول عصام صيام: يجب عدم القاء مسئولية الأخطاء علي الحكام فقط, فاللجنة تتحمل جزءا من المسئولية, خاصة بعد أن باتت الاختبارات أصعب, كما أنه أحيانا يتم تدريبهم بشكل خاطيء, مما جعله يقرر تعيين مدرب أحمال متخصص هو د. محمد عثمان, وأن ما يتردد عن غياب حكامنا عن الساحة الدولية غير حقيقي بدليل الوجود في بطولة العالم العسكرية المقبلة, وأيضا كأس العالم للشباب. ويري جمال الغندور الحكم الدولي ورئيس لجنة الحكام السابق أنه لابد من التصدي بكل قوة لهذه الظاهرة, لأنه ليس هناك فائدة واحدة منها, خاصة في ظل عدم الاستعانة بحكام لهم اسم كبير مثلما كان الحال من قبل, كما أنها تمثل ضياعا للأموال بالإضافة إلي التأثير علي صورة التحكيم المصري في الخارج. وأضاف الغندور أن هناك انعداما للثقة في حكامنا من الجماهير والأندية, وأن المسألة تستحق المعاناة من أجل استرداد سمعة الحكم المصري, لاسيما بالنسبة لعلاج الأخطاء بشيء من الروية والابتعاد عن اذكاء الخلافات ونعرة التعصب والانتماء لفريق ضد آخر. ويقول عصام عبد الفتاح الحكم الدولي السابق أنه لايجد فائدة واحدة من استقدام الحكام الأجانب, خاصة بعد المستوي الضعيف الذي ظهر عليه طاقم الحكام المجري الأخير, بالإضافة إلي أن ظروف البلد الحاليةتتطلب توفير هذه العملة الصعبة أو علي الأقل تخصيصها للحكام المصريين لرفع مستواهم. ويشير عصام عبد الفتاح بأصابع الاتهام إلي أصحاب المصالح في تدمير التحيكم المصري, وطالب بضرورة أن يكون لاتحاد الكرة دورا لحل هذه الأزمة, وأن يتم تشكيل لجنة مستقلة للحكام بعيدا عن الاتحاد, مع الاستعانة بأصحاب الخبرة, واضاف أن المشكلة الرئيسية هي أن لجنة الحكام تشهد صراعات داخلية والبعض يحارب بعضهم. ويري ناصر صادق مساعد الحكم ضرورة الاستغناء عن كل ما هو أجنبي في البلاد, وليس فقط علي مستوي التحكيم, فالظروف الحالية للبلاد لاتسمح علي الإطلاق بهذا البذخ من وجهة نظره, خاصة أن مصر تحتاج لهذه العملة الصعبة للخروج من أزمتها الحالية. واضاف صادق أن الخبراء رصدوا أخطاء لاحصر لها للحكام الأجانب الذين أداروا المباريات الأخيرة في الدوري, في حين أن مستوي التحكيم المصري كان الأفضل بدليل الأداء المتميز لرؤوف الحوشي في مباراة الزمالك وسموحة, وقال إنه لا يريد القاء اللوم علي لجنة الحكام لأنها تتعرض لضغوط هائلة من الجماهير والأندية وأنها تحاول من جانبها رفع مستوي أعضائها تجنبا لأية مشاكل داخل الملعب.