لمصلحة من ومن المستفيد أن يحرم سكان باسوس بالقليوبية من أبسط الخدمات الانسانية كصرف صحي ورعاية صحية وتعليمية حتي لو اقتضي الأمر مبادراتهم الفردية وجهودهم الذاتية دون انتظار لنفقة الدولة والروتين والبيروقراطية. فحتي الآن لا يزال السكان يعانون طفح الترنشات والتعايش مع التلوث والقاذورات وكذلك ارتفاع تكلفة الكسح وغطرسة وامارة اصحاب عربات النقل المسئولة عن نقل المخلفات. وحتي يكون للكلام معني علينا أن نتخيل معا مشهدا يثير الاشمئزازلاسطول عربات الكسح وهي تلقي مياه الصرف في بيارة ضخمة اعدت خصيصا لهذا الغرض أطلق عليها بيارة باسوس..وفورا سيتبادر الي الذهن أننا أمام مشروع مربح يجني ثماره أصحاب العربات الذين امتلكوا الأراضي والعقارات, وبالطبع للحي نصيب مما اكتسب هؤلاء, فهناك تسعيرة شهرية يتم تحصيلها من الذين أكلوا الشهد علي حساب العامة والدهماء. اللافت للنظر حقا للسكان وللمارة أن المستشفي أمام البيارة, وعلي المرضي الذين استعذبوا الفرار من المستشفي بسبب تدني مستوي الرعاية أن يتحملوا لدقائق قليلة رائحة الصرف والعطن والطين بدلا من الفل والمسك والياسمين. علي الجانب الآخر من البيارة, صورة مرعبة لأطفال وشباب وكبار سن يبحثون عن قوت يومهم في مياة ترعة الشرقاوية التي اكتظت بالقمامة والتلوث والقاذورات, بين هؤلاء من ترك دراسته أو بحث دون جدوي عن عمل ولم يجد سوي الشبك والسنارة, اختلفت الأعمار ولكن قاسمهم المشترك في هذه اللحظات هو الصبر والرضا عسي أن تغمز السنارة وتؤمن لهم قوت يوم برد قارس وصقيع شديد. والوجه الآخر للصورة, مصانع ومحال تجارية للادوات الكهربائية وهو ما جعل باسوس احدي القلاع الصناعية يستطيع رجال الصناعة وحدهم حل كل المشكلات الحياتية دون انتظار الخطة الخمسية أو العشرية. الصورة جد مرعبة فلا يعقل أن يعاني الناس من القبح والتلوث والقاذورات رغم ما يمكن أن يقدمه رجال الصناعة والمال والأعمال من خدمات..لا تعليق!. يقول علي سليمان40 سنة حاصل علي ليسانس حقوق أن المشكلة الأكبر عندما تكون البيارة مغلقة ولا يجد أصحاب العربات لهم بدا من تفريغ مياه الصرف الصحي في ترعة باسوس أو في بعض الاراضي الزراعية.. وللأسف الشديد لا يحرك هذا المشهد ساكنا لمسئول, رغم شكاوي الأهالي مما يعانيه أطفالهم من أمراض كثيرة, خصوصا الحساسية كنتيجة طبيعية للتلوث. ويضيف: لعل المشهد الأكثر صعوبة هو أن تطل شرفات المدرسة الاعدادية للبنين علي هذا المصرف الملئ بالقمامة والقاذورات. يقول تامر نجم27 عاما: الحياة بباسوس صعبة للغاية فعندما تطفح الترنشات ينتشر ما بها داخل البيوت والمصانع وتغمر المعدات الكهربائية, وفي أحيان كثيرة تتسبب تسريبات المياه في حرائق وانفجارات كبائن الكهرباء وهو ما قد يؤدي الي اصابة المواطنين بجروح بالغة. ومنذ سبع سنوات ولا يزال الكلام علي لسان نجم ونحن نحاول دون جدوي ان تمد لنا شبكة الصرف الصحي بالجهود الذاتية وعلي حسابنا الخاص ولكن لا أحد يكترث ما دامت البيارة مصدر ثراء للمتربحين وما دام ألفلاحين الذين تلقي في أراضيهم مياه الصرف الصحي لا يتكلمون.. وما دمنا نحن لا نملك سوي الأمنيات ان نعامل بشكل انساني وآدمي ونستيقظ من نومنا ذات يوم ونجد بلدتنا تنعم بصرف صحي بدلا من الترنشات. يقول محمد مصطفي عامل يومية نحن نعاني معاناة لا يتصورها أحد ولا يمكن لك أو لغيرك أن يتحملها لساعة واحدة.. الترنشات في حالة طفح دائم مما يضطرنا الي وضع قوالب طوب وسط المياه حتي نتمكن من عبور الطريق.. والقائمين علي مشروع نقل مخلفات الصرف الي بيارة باسوس لا يهمم سوي جمع المال وأولوياتهم كسح مخلفات العمارات السكنية الكبيرة المتعددة الطوابق وليس سكان البيوت الصغيرة. أما المؤسف حقا فهو مستشفي أبو المنجا الذي يقع علي الجانب الآخر من الطريق المواجه للبيارة ومعني هذا أن الرائحة الكريهة هي الجائزة الكبري للمرضي والمارة والسكان. ينتهي مصطفي الي أن الكارثة الكبري هي حوادث الطرق المتكررة بسبب عربات النقل المحملة بالصرف الصحي, وكان آخرها عندما فقدت أم طفلها الصغير عندما ارسلته في شراء بخمس جنيهات خبز ولفظ انفاسه الأخيرة تحت عجلة احدي عربات النقل.. فارق طفلها الحياه وبيده النقود دون الخبز الذي لم يمهله القدر فرصة لشرائه. يقول عادل أبو العينين54 عاما, رئيس مجلس أمناء مؤسسة تنمية خدمات باسوس: تشتهر البلدة بصناعة الأسلاك الكهربائية والخراطيم والكابلات وقطع الغيار وجميع أنواع الأكياس المطبوعة والسادة وجميع مواسير الصرف الصحي.. وعبثا حاولنا اقناع المسئولين بالتعاون معهم بالجهود الذاتية.. كما فعلنا قبل ذلك في المياه, فمحطة المياة المقامة بباسوس رغم أنها منحة يابانية إلا أنه تم تحصيل مبلغ750 ألف جنه من الأهالي.. ولكن وعلي الرغم من هذه المبالغ الطائلة التي تكبدها الأهالي, إلا أن المياه كانت ملوثة, وكانت تقدم الي الناس كما هي من البحر, وكان القائمون علي الصيانة لا ينظفون الخزانات ولا يضعون كميات الكلور والشبة المناسبة لتنقية المياه. واللافت للنظر حقا أنه عندما تقطع المياه, فانه علي البلد أن تعاني عن بكرة أبيها نتيجة اعطال جميع المحابس البالغ عددها15 محبسا. وقد أقترحنا أن نتعاون مع الحي بتقديم مبلغ40 ألف جنيه هي ثمن المحابس علي أن يقدم الحي المعدات والمتخصصين.. ومعني هذا أنه لن تنقطع المياه في البلدة كلها ولكن في مناطق معينة. وعن القمامة حدث ولا حرج ولا يزال الكلام علي لسان أبو العينين فبالرغم أن الحي قد فرض علي ايصالات الكهرباء عشرة جنيهات للشقة وعشرين للمخزن و40 جنيها للمصنع إلا أن الشركة المسئولة تعمل يوما وتتغيب أياما لهذا اقترحنا أن نقوم نحن باسناد عملية جمع القمامة الي شركات بمعرفتنا نحن واتحدي أن يجد أحد ورقة ملقاة علي أرض باسوس, طبعا مقابل ثلاثة جنيهات فقط للشقة وبذلك نوفر المبالغ الطائلة التي بلغت175 ألف جنيه يتم تجميعها علي عدادات الانارة شهريا دون جدوي أو عائد. ومن شريحة رجال الأعمال وأصحاب المصانع والمحال التجارية هناك أيضا من يتحايلون علي المعايش بشكل أو بآخر.. تقول السيدة ع. م التي اتخذت من كشكها الخشبي ليس فقط مكانا للسكن ولكن أيضا لبيع الشاي والمياه الغازية, لتتكسب من المال ما يعينها علي الحياة أنا لست الوحيدة من النساء اللاتي يفعلن هذا ولكن غيري كثيرات مما يسعين للعمل الشريف مهما كان نوعه.. تركت باسوس وأبو المنجا وأنا اتساءل مدينة الصناعة والأغنياء تعج بمحتاجين وفقراء يفترشن العراء ويلتحفن السماء.. ومنهم كثيرون خرجوا باحثين عن الرزق وسط مياه ترعة باسوس الراكدة الملوثة, يا سبحان المنجي مما شاهدنا في باسوس وأبو المنجا.