الاقتصاد المصري في معظمه يسير الآن علي ما أبقاه النظام السابق من مخزون واحتياطيات وبنية أساسية. كل ذلك ليس كافيا, ولا يستطيع إعاشة دولة عدد سكانها أكثر من80 مليون نسمة لهم احتياجاتهم المستمرة والمتجددة مع مطلع كل صباح من أول رغيف العيش حتي الوظيفة ووسائل المواصلات. مثل ذلك لا يتحقق إلا من خلال عملية استثمار مستمرة في الاقتصاد المصري تكفي لإعاشته, وتقود طريقه نحو النمو السريع للوصول إلي مستوي آخر من المعيشة غير الذي كنا نعيش فيه وإلا فما هو الفارق بين نظام الثورة وذلك الذي كان في العهد السابق. فالثورة بطبيعتها تخلق توقعات كبري لأنها جاءت لرفض ما سبق واعتباره لم يكن كافيا, ولا لائقا بشعب لم يعد يطيق ما كان عليه. ولكن الاستثمار له منطقه الخاص, فما يأتي له إشارات متناقضة, ولا أحد يعرف علي وجه التحديد ما إذا كان الشعب أو المتحدثون باسمه الذين أرادوا إسقاط النظام, يريدون الآن العودة إلي اقتصاد الستينيات أو أنهم أخيرا قرروا اللحاق بالعصر وبالدول التي يشيدون بها صباح مساء مثل تركيا وماليزيا وكوريا الجنوبية وغيرها من دول سبقت العصر بالأداء والنمو. ما يحتاجه العالم منا بشارات وأمارات وإشارات بأننا نريد السير علي طريق التنمية وزيادة الثروة عن طريق الاستثمار في بلدنا من أهله ومن يأتي لهم من الخارج. هؤلاء وهؤلاء ليسوا مجرمين ولا رضعوا الفساد مع لبن أمهاتهم, ولكنهم مطورون وصناع وخالقون لسلع وبضائع وخدمات ومدن وحياة لم تكن موجودة من قبل. قد يكون بينهم من أجرم, ولكن هذا يصدق عليه ما يصدق علي كل المجرمين من قبله ومن بعده, وفي كل الأحوال فإنه لا يعامل معاملة خاصة وإنما أمام قاض طبيعي. وفي وقت لا توجد فيه لدي الدولة موارد كثيرة, وما لديها استقر الأمر علي توزيعها علي المتظاهرين والمعتصمين, فإن هؤلاء هم الذين بيدهم الخلاص الاقتصادي للبلاد. [email protected] المزيد من أعمدة د.عبد المنعم سعيد