نائب رئيس جامعة حلوان يقابل الطالبة سارة هشام لبحث مشكلتها    تعرف على أهداف الحوار الوطني بعد مرور عامين على انطلاقه    برلماني: ما يتم في سيناء من تعمير وتنمية هو رد الجميل لتضحيات أبناءها    مساعد وزير التعليم: 8236 مشروعا تعليميا ب127 ألف فصل    البلطى والبورى الأكثر تراجعًا    ساعة زيادة لمواعيد غلق المحال التجارية بسبب التوقيت الصيفي.. لهذا السبب    مشروعات سيناء.. عبور إلى الجمهورية الجديدة    مزاد علني لبيع عدد من المحال التجارية بالمنصورة الجديدة    رئيس COP28: على جميع الدول تعزيز طموحاتها واتخاذ إجراءات فعالة لإعداد خطط العمل المناخي الوطنية    نادر غازي يكتب: الصمود الفلسطيني.. و"الصخرة" المصرية    خبير علاقات دولية: مواقف مصر قوية وواضحة تجاه القضية الفلسطينية منذ بداية العدوان    مسؤول إسرائيلي: بلينكن يزور إسرائيل الأسبوع المقبل لبحث صفقة جديدة    فقرة فنية خاصة للاعبي الزمالك في مران اليوم استعداداً للقاء دريمز    كلوب: سأكون الأكثر ثراء في العالم إذا تمكنت من حل مشكلة صلاح ونونيز    الغيابات تضرب الاتحاد قبل مواجهة الجونة    علاقة متوترة بين انريكي ومبابي.. ومستقبل غامض لمهاجم باريس سان جيرمان    النصر يتعادل مع اتحاد كلباء في الدوري الإماراتي    بسبب سوء الأحوال الجوية.. حريق 5 منازل بالكرنك    بالإنفوجراف والفيديو| التضامن الاجتماعي في أسبوع    كانت جنب أمها أثناء غسيل المواعين.. غرق طفلة داخل ترعة الباجورية في المنوفية    السينما العربية يكشف عن ترشيحات النسخة 8 من جوائز النقاد للأفلام    ملخص فعاليات ماستر كلاس بتكريم سيد رجب في «الإسكندرية للفيلم القصير» | صور    وسائل إعلام إسرائيلية: سقوط صاروخ داخل منزل بمستوطنة أفيفيم    حياتى أنت    شركة GSK تطرح لقاح «شينجريكس» للوقاية من الإصابة بالحزام الناري    صحة دمياط تطلق قافلة طبية مجانية بقرية الكاشف الجديد    الأوقاف تعلن أسماء القراء المشاركين في الختمة المرتلة بمسجد السيدة زينب    السينما الفلسطينية و«المسافة صفر»    "ذكرها صراحة أكثر من 30 مرة".. المفتي يتحدث عن تشريف مصر في القرآن (فيديو)    نائبة تطالب العالم بإنقاذ 1.5 مليون فلسطيني من مجزرة حال اجتياح رفح    إصابة 6 أشخاص في انقلاب سرفيس على صحراوي قنا    وكيل وزارة الصحة بأسيوط يفاجئ المستشفيات متابعاً حالات المرضى    مجلس أمناء العربي للثقافة الرياضية يجتمع بالدوحة لمناقشة خطة 2025    ميار شريف تضرب موعدًا مع المصنفة الرابعة عالميًا في بطولة مدريد للتنس    طائرة مسيرة إسرائيلية تستهدف سيارة في البقاع الغربي شرقي لبنان    الأمم المتحدة للحق في الصحة: ما يحدث بغزة مأساة غير مسبوقة    استمرار فعاليات البطولة العربية العسكرية للفروسية    مواعيد الصلاة في التوقيت الصيفي بالقاهرة والمحافظات.. وكيف يتم تغيير الساعة على الموبايل؟    يحيى الفخراني: «لولا أشرف عبدالغفور ماكنتش هكمل في الفن» (فيديو)    إقبال كثيف على انتخابات أطباء الأسنان في الشرقية (صور)    تعرف على فضل أدعية السفر في حياة المسلم    تعرف على فوائد أدعية الرزق في حياة المسلم    «أرض الفيروز» تستقبل قافلة دعوية مشتركة من «الأزهر والأوقاف والإفتاء»    مواعيد صرف منحة عيد العمال للعمالة غير المنتظمة    «مياه دمياط»: انقطاع المياه عن بعض المناطق لمدة 8 ساعات غدًا    استقالة متحدثة أمريكية اعتراضًا على حرب إسرائيل في قطاع غزة    بداية من الغد.. «حياة كريمة» تعلن عن أماكن تواجد القوافل الطبية في 7 محافظات جديدة    بعد حادث شبرا الخيمة.. كيف أصبح الدارك ويب السوق المفتوح لأبشع الجرائم؟    وزير التعليم العالي يهنئ الفائزين في مُسابقة أفضل مقرر إلكتروني على منصة «Thinqi»    25 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربة جديدة لتجار الدولار    «مسجل خطر» أطلق النار عليهما.. نقيب المحامين ينعى شهيدا المحاماة بأسيوط (تفاصيل)    فعاليات وأنشطة ثقافية وفنية متنوعة بقصور الثقافة بشمال سيناء    خير يوم طلعت عليه الشمس.. 5 آداب وأحكام شرعية عن يوم الجمعة يجب أن تعرفها    نجاح مستشفى التأمين ببني سويف في تركيب مسمار تليسكوبى لطفل مصاب بالعظام الزجاجية    موعد اجتماع البنك المركزي المقبل.. 23 مايو    سويسرا تؤيد خطة مُساعدات لأوكرانيا بقيمة 5.5 مليار دولار    طرق بسيطة للاحتفال بيوم شم النسيم 2024.. «استمتعي مع أسرتك»    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حازم الببلاوي‏:‏الحكومة الحالية أشبه بالحارس القضائي
نشر في الأهرام اليومي يوم 22 - 03 - 2011

مثلما تحتاج الثورات لسواعد الشباب و عزائمهم يقف الخبراء في طليعة اعادة البناء تمهيدا للنهضة المأمولةمن هؤلاء المفكرين الذين لم تتلوث سيرتهم و مسيرتهم بنفاق حاكم أو مجاملة مسئول الدكتور حازم الببلاوي فعلي مدي سنوات طوال خط الرجل بقلمه و فكره خريطة طريق اقتصادية للاصلاح و لكن لم ينتبه لها احد فالساحة كانت مشغولة بعديمي الفكر و انصاف المواهب. من يطلع علي سيرة الرجل و كتاباته يدرك انه امام قامة كبيرة ان لافكارها ان تحجز لها مكانا علي الساحة و يكفي ان شباب الثورة ادركوا قيمة هذا الرجل و طلبوا من المجلس الاعلي للقوات المسلحة ان يكون هو احد المرشحين لرئاسة الوزراء خلفا لشفيق شباب التحرير تلتقي د. حازم الببلاوي في الحوار التالي
نريد أن نتعرف أولا علي رؤيتك للوضع الحالي, وتصورك لما هو قادم؟
ليس لدي إجابات, بل عندي تساؤلات شأني شأن غيري من الناس, فالكثير من الناس لم يقف بعد علي الخطوة الأولي.كما لا أستطيع أن أحدد بوضوح رؤيتي, فهذا دور الدولة, فهي الي الآن لم تقدم رؤية واضحة, دليل ذلك هو مايقال عن الحكومة الحالية, هل هي حكومة تصريف أعمال أم حكومة انتقالية, نحن سمعنا الاثنين,فإذا كانت حكومة تصريف أعمال فلن يكون لها عمل غير ذلك أي إبقاء الوضع كما هو عليه, وعدم تدهور الحياة وهذا خطأ وليس هو المطلوب, وإذا كانت حكومة انتقالية فمن مهامها الانتقال من نظام ينتهي الي آخر يولد وينشأ, فالنظام الذي ينتهي لايزول بمفرده, إذ يحتاج الي تصحيح مسار وتنظيف بؤر وفساد, والنظام الجديد أيضا لايوجد فجأة, فهو في حاجة الي تهيئة مناخ وإعادة نظر في القوانين والدستور وقوانين الأحزاب, وإعادة النظر في قوانين النقابات والجمعيات الخيرية, والإعلام وتوجهاته والقيادات التي عاصرت الفترة الماضية.
ولذا أعتقد أن هناك عدم وضوح للرؤية, علي الأقل بالنسبة لي بشأن عمل الوزارة الحالية, هل مهمتها منع الانفلات وفقط, أم عليها أن تحقق أشياء, فيجب عليها أن توضح أهدافها, وذلك حتي تنجح ويستطيع الناس محاسبتها, نحن أمام قضايا وتساؤلات أساسية لابد منها إذا أردت الانتقال الي نظام ديمقراطي, فما هكذا تورد المسائل والحياة, فالديمقراطية ليست قرارا بل استعداد وقوانين.
وهل يعني ذلك أننا أمام معضلة حقيقية, خاصة أننا نعلم أن حكومة شفيق الثانية كانت حكومة تصريف أعمال؟
أنا لا أعلم, فأنت تسمع مرة حكومة تصريف أعمال ومرة تسمع حكومة انتقالية, فهي أشبه بالحارس القضائي الذي تعينه المحكمة علي مكان يدور حوله نزاع.
بدأ هناك حديث عن الجيش, وعن سابق علمه بأن هناك ملفات للفساد, وأن قياداته قام بتعيينها مبارك, مارأيك في ذلك؟
مافعله الجيش مع الثورة وحمايتها وإنجاحها هو فعل تطهيري, أي إذا كان هناك كلام عن الجيش فيما سبق من أنه كان يعلم حجم الفساد مثلا أو أن معظم قياداته قام بتعيينها مبارك فإن ما فعله الجيش مع الثورة يجب ما كان قبل ذلك, وإذا جاز لنا أن نضرب مثالا, فإن عمر بن الخطاب ارتكب أخطاء عديدة في الجاهلية, ولكن مافعله بعد إسلامه ط هر ماحدث قبل إسلامه, وهذا مثال ودعوة حتي نترك الجيش يعمل ولانتحدث بشأنه كثيرا, وعلينا أن ننظر الي ليبيا واليمن ماذا يفعل الجيش هناك.
الثورة أبهرت العالم, وحتي لاتضيع الثورة ويتهكم علينا الغرب بأننا فاشلون دائما, وأن نجاحنا وقتي, فلابد من ثورة اقتصادية تكون حديث العالم أيضا كيف؟
لاتوجد ثورة قامت في العالم إلا ولها أخطاء, وهذا طبيعي, لكن الثورة في الغالب تقوم بنقلة نوعية, وبعد ذلك تختلف وتتردد وترتكب أخطاء, ولكن علي المدي البعيد فإن هذه النقلة النوعية تمسح كل هذه الأخطاء الصغيرة, فالثوار أنفسهم يختلفون ويقتتلون أيضا, والناس تتناحر, وما من ثورة قامت إلا وأكلت أبناءها, فالثورة الفرنسية التي قامت باسم الحرية والمساواة والاخاء شهدت خلال سنواتها الأولي حوادث قتل وإعدام عديدة جدا وظلم وديكتاتورية, ولكن في النهاية وبعد كل هذه السنوات التي ارتكبت فيها هذه الأخطاء هاهي فرنسا..
ومايحدث الآن لايمنع من أنه حدثت نقله مهمة وطبيعي أن يكون المسار أشبه بالزجزاج يعلو وينخفض وهكذا.
سبق أن قلت: إذا كنا لا نستوعب الحاضر بكل أبعاده, كما لا نعرف الماضي علي وجه الدقة, فكيف بنا التنبؤ بالمستقبل ولكن الناس الآن يهمها معرفة الماضي بكل دقة, واستيعاب الحاضر بكل أبعاده, والتعرف علي المستقبل بشكل مؤكد.. كيف يتحقق هذا التفكير؟
هذا الكلام قلته في سياق الحديث عن مستقبل نظام الرأسمالية, ولكن دعني أقل لك إن الحديث عن المستقبل بالغ الصعوبة, فإذا كنا كما ذكرت لانعرف الحاضر بكل أبعاده, ومعرفتنا بالماضي مشكوك فيها نتيجة تزوير التاريخ وإخفاء الحقائق, فما بالنا بما لم يحدث بعد, فإن محاولة استشراف المستقبل ينبغي أن تؤخذ بقدر كبير من الحذر, فكثير من الأحداث التي مرت ولها وثائق وشواهد وثوابت يختلف عليها المؤرخون, فمن يؤرخ لشخص بأنه قام بعمل بطولي يراه الآخر بأنه خائن وعميل ولا علاقة له بالبطولة, وكم من أحداث عظيمة مرت وجاء مؤرخون ليشوهوا هذا التاريخ, أو ينسبوه إلي غير أبطاله الحقيقيين, وهذا استطراد لابد منه عند الحديث عن المستقبل, ولابد أن يؤخذ بنوع من الحيطة والحذر, فليس بمقدور أحد أن يتنبأ, ولذا فمن المؤكد أيضا ان الحاضر الذي نعيش فيه وكم الملفات التي فتحت وستفتح فإننا لا ندرك أبعاد ذلك أيضا, فالناس قبل25 يناير كانت تعلم أن هناك فسادا في كل مفاصل الدولة, ولكن الحكم علي درجة هذا الفساد هو مايعجز عنه الكل, وكل الناس كانت تعلم علم اليقين بقسوة وسطوة أجهزة الأمن ومع ذلك هالنا ما حدث وزلزل كياننا. ولكن دعني أقل لك شيئا مهما هو أن أهم مولود للثورة هو الروح الجديرة بالاهتمام, وليس المعرفة فقط, فمعظمنا كانت تمر عليه الأحداث مرور الكرام, وينظر لها بنوع من اللامبالاه, الآن تولد عند كثير من الناس من مختلف الفئات والطبقات شعور بتملك وحب هذا البلد, وزاد الانتماء الذي كنا نشكو من ذبوله بل وأحيانا موته بشكل مذهل.
ولذلك قلت لك في بداية الحديث إن دور الجيش لايقدر بثمن, فهو فعل الخير كله حينما دعم الثورة, وأعاد القوة لشعبه, ولا يتواني عن تحقيق مطالبه.
النموذج التركي يتحدث عنه الكثيرون الآن سواء اقتصاديا أو ديمقراطيا وحتي عسكريا, فهل من الممكن تطبيق هذا النموذج وهل نملك أدواته وشروطه؟
الحديث عن النموذج التركي راجع الي أن تركيا يوجد بها بعض العناصر الموجودة في مصر, وقد نجحت في عمل توليفة فيها قدر كبير من الديمقراطية, فتركيا الحديثة نشأت علي أنقاض الخلافة الإسلامية,
كما ان الاتجاهات الدينية في تركيا مثل مصر, وهناك تخوف من استيلاء الاتجاه الديني علي السلطة, وهو نفس التخوف هنا في مصر من استيلاء اتجاه ديني معين علي السلطة, والعنصر الثاني, أن الذي قام بالثورة هو العسكر وكان له دوره, ففي خلال الفترة الاولي من الثورة علي يد كمال اتاتورك وعصمت أنيونو فإن النظام التركي كان مسيطرا عليه العسكر اكثر, واتخذوا المنهج العلماني بعدم وصول الاتجاهات الدينية الي السلطة, وفي التجربة الأخيرة جاء حزب العدالة والتنمية وهو يؤمن بالنظام العلماني بمعني الحريات, ودون أن يفرض اتجاها معينا, إذ كان ممنوعا من الوصول للسلطة, في الفترة السابقة, ولكنه وصل إليها ولكن مع احترام الآخرين, ومع ذلك بدأ في تقييد نفوذ العسكر, ولذا فالحديث عن هذا النموذج لأنه يوجد عندنا أيضا تخوف من استمرار سلطة العسكر أو زيادتها, إضافة الي سيطرة اجنحة إسلامية.
ولكن يجب ان نضع في اعتبارنا انه لا توجد دولة تتبع نموذج دولة اخري, وتقوم بنسخ هذه التجربة, إذ إنه مع تشابه بعض العناصر تبقي تقاليد كل بلد تختلف عن الأخري, لاعتبارات عديدة تاريخية وجغرافية وثقافية وغيرها وبالتأكيد فإن نجاح نموذج معين قد يكون حافزا لنجاحه.
كثر الحديث هذه الأيام عن عودة بعض شركات القطاع العام التي تم بيعها لإدارة الدولة مرة أخري( عمر أفندي مثالا) فما رأيك, وهل هذا يتفق ومبدأ اقتصاد السوق؟
الدافع الي ذلك هو شعور الناس بأن عمليات البيع التي تمت باسم الاصلاح الاقتصادي, كانت في حقيقتها تبديدا لموارد الدولة وسرقات, وهذا الدافع طبيعي, ولابد من إعادة النظر في الأمر, خصوصا فيما يتعلق بشيء كان مملوكا للدولة ثم تم بيعه بأثمان بخسة من أجل حفنة مستثمرين, فالثورة ضد ذلك طبيعي, ولكن المطلوب الآن ان نتجاوز رد الفعل ونبحث في أمر هذه الشركات كل حالة علي حدة بموضوعية شديدة ولمصلحة البلد.
إذن هل تعود هذه الشركات لإدارة الدولة؟
اعتقد ان الدولة ينبغي ان تركز علي الاشياء ذات الطبيعة الاستراتيجية.
فالمحلات والمجمعات الاستهلاكية وغيرها ليست من الوظائف الأساسية للدولة, فموضوع الخصخصة من حيث المبدأ لا أري أنه أمر سييء, ولكن يقابل هذه الخصخصة في مظهرها الأساسي الشفافية, واتاحة الفرصة كاملة للجميع.
يتوقع بعض المحللين في الغرب أن مستقبل اقتصادنا سيكون مظلما هل هناك اهداف معينة من وراء هذه الكتابات؟
ينبغي أن نعرف أن مصر بلد محدود الموارد, فإذا نظرنا إلي الصين وهي قارة نجد فيها كل أنواع المناجم وتنوعا جغرافيا هائلا ورقعتنا الزراعية صغيرة وهي أقل من04 كيلو مترا مربعا كحجم دولة بلجيكا ذات الثمانية ملايين نسمة, والشريان الرئيسي للزراعة هو النيل ومانراه الآن لايبشر, وليس عندنا موارد طاقة, وليس هناك فحم ولا مساقط مياه مثل الهند قادرة علي توليد الكهرباء من أي مكان, عندنا بترول قليل ومثله الغاز, وكثافة سكانية كبيرة جدا فبرغم أن مساحة مصر مليون كيلو متر مربع فإن المساحة ذات التعداد السكاني تتراوح بين6,5%, وهذه النسب تقدر من أعلي النسب السكانية في العالم, فأعلي كيلو متر مربع به سكان في العالم موجود في القاهرة, إذن عندنا كثافة سكانية عالية ومعدل زيادة في النسل عال جدا أكثر مما ينبغي, وإزاء كل ذلك لانملك إلا الكفاءة والاعتماد علي الذات بدلا من الموارد المحدودة, فدولة مثل اليابان, لديها كثافة سكانية مثل مصر, وكوريا تتشابه في الظروف والموارد, وهذه الكفاءة العالية تتكون من خلال التكنولوجيا, وهي ليست أمرا صعبا كما يتخيل البعض, وهي لاتطبق إلا في الصناعة, ولذا أين سياستنا الصناعية, فنحن ليس لدينا رؤية صناعية كافية, والرؤية الصناعية ليست مجرد إقامة مصانع, كما أن الصناعة ليست إقامة مصنع لتجميع أجزاء السيارات فأنت تفتح مجالا حتي تعطي حصة من السوق الوطنية للغرب فشركة للسيارات تريد دخول السوق المصرية فتقوم بإقامة مكان لتجميع سياراتها فيه فهي أشبه بمن ينشيء مركزا لتسويق منتجاته والتجميع لايقيم صناعة ولايعلم من يقوم عليها, الصناعة مغايرة لذلك تماما, وايضا الصناعة لايعني أن تكون من الألف للياء, فليس ضروريا صناعة كل أجزاء السيارات فمن الممكن أن تكون متميزا في صناعة بعض المكونات التي تضعك في الصدارة.
وكل ماسبق حتي تنهض لابد من يد عاملة مدربة, وهو ما يتطلب بدوره نظاما تعليميا من أرقي مايمكن, فأحد أسباب تقدم جنوب شرق آسيا معدلات التعليم فيها, فهي من أعلي المعدلات في العالم
كيف يمكن استخدام الموارد المحدودة في إشباع الحاجات غير المحدودة الآن, وذلك بتحديد الحاجات الأولي بالرعاية والتضحية بالحاجات الأقل الحاحا,
وماهي الأفكار الجديدة التي تتناسب المرحلة والمستقبل؟
النقطة الأساسية في هذا الأمر هي وجود رؤية للمستقبل, ولايصح العمل بنظام اليوم بيومه, فلو كان لديك طفل عمره سنتان وأردت التفكير في تعليمه تعليما متميزا, حينما تصل سنه إلي العشرين, وهو الأمر الذي لن يحدث إلا خلال العشرين سنة القادمة, فإن وصوله إلي هذه الدرجة من التعليم المتميز لابد له من تخطيط جيد, ولذا يتم الإعداد له منذ البداية, وتقسيم الأمر الي مراحل أيضا فبناء عمارة وتحديد أدوارها يتم علي بناء الأساس فعمارة عشرة أدوار غير عمارة04 دورا, فنوع الاساس هو الذي يحدد, وينسحب ذلك علي خطة الدولة ماذا تريد في المستقبل؟ لابد من تحديد, ثم وضع الأساسات اللازمة للانطلاق, بحيث تصل الي الهدف الأسمي خلال سنوات يتم تحديدها,. فالرؤية مهمة والمستقبل خاضع لهذه الرؤية, ولعلنا نتساءل: ماهي رؤيتنا للمستقبل؟ لاشيء, وليس أنا الذي أقول ذلك, فأنا لم أسمع عن هذه الرؤية؟!
دعنا نتوقع كل شيء, هل السنوات القادمة هي سنوات عجاف, وكم من الوقت نحتاج حتي نقف علي أرض صلبة: ونهييء بيئة سياسية تناسب مفهوم الحرية ونحافظ عليها؟
بصراحة هذا شعور لم يتسرب إلي قط, فلا شك أننا الآن في مرحلة ترميم فأي نظام يختفي ويزال تتبعه ترميمات وتستنفد وقتا ليس طويلا, ولكن طبيعي, وأنا أري أن مصر مقبلة علي فترة متميزة سوف تنتعش فيها, ولكن الانتعاش هذا ليس الآن كما يتمني الكثيرون, أي لا تقل لي سوف تنتعش بعد6 أشهر مثلا, ففترة التنظيف وإزالة الأوساخ ووضع أسس نظام جديد من المؤكد أن نتائجها لن تظهر علي المدي القريب خلال سنتين مثلا, ولكن في خلال5 سنوات ستكون مصر أفضل كثيرا فما بالك بعد عشر سنوات؟!
هل من الممكن أن نسمي زيادة نسبة النمو في الفترة الماضية بأنها نسب ريعية ؟
هناك جزء منها, يمكن أن نطلق عليه ذلك, ولكننا لم نلحظ شيئا في غاية الخطورة, وهو ما أطلق عليه أمانة العرض فأحمد عز كتب مقالا في الأهرام قال فيه: إن الاستثمارات تمت مضاعفتها أربع مرات منذ2005, ولكنه كان يضحك علي الناس ويستخف بهم, فقبل هذا التاريخ الذي ذكره كانت مصر تسير علي أسلوب معين في الإحصاء, فكانت تعتبر شركات, البترول الأجنبية التي لها حصة مع الشركات المصرية, وكذلك الاستثمارات التي يقوم بها المستثمر ليست ضمن الصادرات, ولكن بعد ملاحظة صندوق النقد الدولي بأن الحسابات والميزانيات لا تبني فقط علي ما يسمي بالناتج المحلي, ولكن لابد أن يكون داخلا فيها كل ما ينتج ويصدر من مصر, ويكون هو الناتج المحلي الإجمالي, وبناء عليه وبدءا من عام2006 بدأت تدخل الاستثمارات الأجنبية في مصر ضمن الناتج المحلي الإجمالي, ومن هنا وجدنا القفزة الهائلة ليس لان مصر أصبحت بيئة جاذبة, ولكن لان هذه الاستثمارات لم تدخل ضمن الميزانية, وماحدث هو نوع من الألاعيب الإحصائية, واتبعوا منهج كيف تكذب بالإحصاءات فمثلا كان يقول لك أن شركة ما كان رأس مالها10 ملايين جنيه قبل سنتين وهي الآن50 مليونا, فتظن أن نجاحها راجع لكثرة استثماراتها, ثم تكتشف أنه تمت إعادة تقييم الأرض فقط فهم كثيرا ما استخدموا الأساليب الإحصائية حتي يعطوا الناس انطباعا غير دقيق.
ولكن هل من الممكن أن نتحدث عن الفرص الاستثمارية الحقيقية المتاحة الآن بمصر ؟
الحديث عن الفرص الاستثمارية الحقيقية ينبغي أن تكون له استراتيجية, ولا يصح أن أتكلم كلاما مرسلا عنها, ونحن للأسف ليس لدينا صناعة نفتخر بها الآن, هل هي صناعة منسوجات ؟ لا اعتقد, البترول؟ من عند ربنا وليس صناعة, وكذلك مشتقات البترول, ولكن حينما ننظر إلي الدول التي وضعت استراتيجية صناعية نجد أنها بدأت التركيز علي صناعة معينة, فكوريا بدأت أولا في صناعة ثقيلة وهي صناعة السفن والاشياء الميكانيكية الثقيلة ثم اتجهت بعد ذلك إلي الأشياء الالكترونية, ثم قطاع المقاولات وهو قطاع ضخم ومنتشر في العالم كله, وكذلك تايوان بدأت في صناعة النسيج وغزت به العالم, وانتقلت بعدها إلي الالكترونيات
بعد الثورة هناك حالة من الخوف والارتعاش بالنسبة للمستثمرين الأجانب والعرب, ومن كان يقوم بالاستثمارات في مصر من المصريين منهم كثير إما مسجون أو هارب,
في ظل ذلك كيف نحقق سياسة اقتصادية تؤسس لمرحلة جديدة من النهضة؟
الاستقرار دائما يبدأ من الاستقرار الأمني, والاستقرار السياسي, وهما مرتبطان ببعضهما البعض, فإذا كان هناك استقرار أمني وليس هناك استقرار سياسي, يظل المستثمر خائفا, وهذا يتطلب دولة قانون, فكيف أقوم باستثمار وأنا لا أضمن حقوقي من قضاء مستقل وتنفيذ الأحكام الصادرة, وهذه كلها مكملات, وأولويات لتشجيع المستثمرين, وحقيقة أري أن مصر أمامها فرصة ذهبية لجذب استثمارات كبيرة جدا, فما يحدث في العالم حاليا خاصة تجميد أرصدت الرؤساء أحدث حالة من الخوف الشديد عند المستثمرين العرب خاصة وجعلهم يبحثون عن منطقة آمنة يديرون فيها استثماراتهم بدلا من وضعها في بنوك أوروبا في ظل هذه الظروف التي يعاني فيها الخليج, ولذلك لابد من توفير أشياء مهمة جدا, في الفترة القادمة, أهمها أيد عاملة مدربة وأمينة ومنضبطة, ونقضي فيها علي ثقافة العامل المصري الذي يعمل ثلاثة أيام في الأسبوع ثم بعد ذلك يقول خالتي ماتت,عمتي ماتت طالما في جيبه أموال, لابد من توافر قواعد العمل وأخلاقياته.
هل الظروف الآن مناسبة لتعديل, اتفاقيات بعض المنح والمساعدات خاصة المساعدات الأمريكية المشروطة وتوجيهها توجيها اقتصادية ؟
تأكد أن بلدا مثل مصر الجيش بها مهم جدا, وينبغي تسليحه تسليحا قويا علي الدوام, ومادامت هذه المساعدات تتجه اتجاها معينا فلا بأس في ذلك, وليس شرطا توجيهها توجيها محددا, فمن الممكن أن ما تم توفيره لشراء أسلحة أن يتجه إلي الاقتصاد.
ولم تكن أبدا فكرة مساعدة الجيش شيئا ضارا, لكن فكرة أن تعيش علي المعونات فكرة بطبيعتها ممقوتة, كل واحد في حاجة إلي مساعدة, ولكن ينبغي أن يكون قادرا علي أن يتجاوز ذلك, فالعيب ليس في الحصول علي المعونة ولكن العيب كل العيب في الاعتماد المستمر علي المعونة, فالصناعة في بدايتها تحتاج إلي دعم كما الطفل يحتاج إلي دعم وحماية, والدعم ليس ضروريا أن يكون من الخارج, فقد يكون موجها من الحكومة وحماية منها, فالصناعة لاتستطيع أن تعمل وتنهض دون حماية, وليس هناك دولة في العالم قامت ونهضت بصناعتها دون حماية, ولكن هذه الحماية ينبغي أن تكون مؤقتة حتي تستطيع أن تقف علي قدميك, لكن الحماية التي تجعلك كسيحا وفي حاجة دائمة إليها تلحق أضرارا بالصناعة, فالدولة الوحيدة التي قامت بصناعة دون حماية كانت انجلترا لسبب وحيد أنها كانت أول دولة صناعية, أما ألمانيا فقد فرضت حماية شديدة أيضا حتي تنهض صناعتها.
حينما قال مبارك: أريد أن أتنحي ولكن أخشي الفوضي هل استند إلي منطق هوبز إما قبول العيش الأمن في المجتمع تحت سلطة الحاكم, ولو كان حاكما مطلقا, وإما العودة إلي حالة الوحشية والفوضي؟.
هذا قول مشهور جدا, وهوبز الانجليزي كان من أوائل الناس الذين تحدثوا عن حقوق الإنسان وأن ضمان هذه الحقوق هو العيش في المجتمع, إذ قبل ذلك كانت حياته مهددة, والحياة الوحشية قصيرة وبالغة القبح, والانتقال إلي المجتمع هو الذي يضمن حياتك, ولكنه انتهي نهاية غريبة جدا بتأييده الملكية المطلقة, وأن إزالة هذا الحاكم معناه عودة الفوضي, وهذا حدث في القرن السابع عشر, ولكن جاء لوك في القرن ال81, نافيا هذا الكلام تماما, وقال إن البديل لإزالة الحاكم المستبد ليس العودة للهمجية, فنحن نزيل الحاكم المستبد ليس لعودة الفوضي, ولكن حتي نأتي بالحاكم الدستوري.
ويكاد يكون الفكر الإسلامي قريبا من هذا, فالمسلمون كانوا يرون أن أكبر مايهدد أي مجتمع هو الفتنة, وكانوا يستندون إلي القول الشهير, حاكم غشوم ولا فتنة تدوم ولذلك كثيرا ما كانوا يقولون الطاعة لولي الأمر, حتي ولو كان ظالما, لأنه إذا لم يكن هناك ولي للأمر فستسود الفوضي, وتبني هذا الفكر العديد من المفكرين الإسلاميين, وهي تقابل ما وصل إليه الإنجليز والغرب مع هوبز في القرن ال17, وتمسك بهذا المنطق مبارك وكل الحكام العرب, ومانراه في الخليج الآن هو مصداق لهذا القول ليس لأن الاستبداد أفضل ولكن لأن البديل هو الفوضي, وقد تحدث فوضي فعلا ولكن لفترة مؤقتة والبديل حاكم عادل ودستوري خاضع للمساءلة.
وما قاله مبارك هو من طبيعة المستبدين وليس غريبا, فالحاجة الأولي للإنسان هي الأمن, وإذا لم يتوافر له الأمن فتحدث الفوضي, وقد فسر هوبز ذلك بأنها حرب الجميع ضد الجميع, لكن الحقيقة أن المجتمعات جاوزت هذه المرحلة البدائية, والأمن مؤكد سيتحقق ويوفر للناس الكرامة والعزة.
حينما قامت ثورة1952, بدأت حملة كشف سوءات النظام الملكي كله, وكانت هناك حملات تشوية منظمة, ولكن لم يحدث تقدم مأمول, فهل نحن نعيد التفاصيل مرة أخري؟.
كشف السوءات ضروري, والعيب ليس في الكشف عنها, ولكن في المبالغة في الكشف, فعدم كشف السوءات لايؤدي إلي تعليم, وحتي تتعلم لابد من معرفة الأخطاء, لكن الاستمرار في الأخطاء والتذكير بها والمبالغة فيها والعيش في تراثها ولاتتقدم شيء سيء جدا.
معرفة الأخطاء ضروري حتي تنهض, ولكن ذلك لايتم طوال الوقت, ولايصح أن نبقي عقدا أو عقدين نتحدث عن السرقات والنهب.
كيف تري مستقبل الديمقراطية في مصر؟
نحن قفزنا قفزة هائلة نتمني استمرارها, ولا استبعد أن نرتكب اخطاء, لكنني متفائل بأنها ستكون أخطاء أقل خطورة مما رأينا في الماضي, وبالتأكيد سوف تظهر أخطاء ونكتشفها ونصلحها وهكذا.
وللأسف فإن ال60 سنة الماضية لم نستغلها بشكل كاف, بدأنا كشف الأخطاء بشكل جيد وقمنا بتصويبها, ثم بدأنا نرتكب أخطاء جديدة ولانقوم بتصحيها.
ومن المؤكد أننا دخلنا وضعا بدايته مبشرة, يكفي استعادة الثقة في مصر, وأنا متفائل بأننا سنضع أقدامنا علي الطريق الصحيح, فالفترة الماضية كانت فيها عيوب خطيرة, وكنا نعامل معاملة الأطفال, وفي حاجة إلي من يعرفه الطريق الصحيح, وهم يرون المصلحة أين تكون, وكنا في مجتمعات أشبه بالمجتمعات الأبوية, فالحكمة دائما يملكها الحاكم حصريا, فهو لم يكن يسمع ماهي حاجة الناس, ولكن هو الذي يقرر مايحتاجه الناس, وهذه التجربة جعلت الناس تستعيد زمام المبادرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.