المشهد المثير عشية الاستفتاء هو ماحدث علي كورنيش النيل ليس في مقر الحزب الوطني سابقا وإنما في مقر الإخوان المسلمين الذي يقع هو الآخر علي كورنيش النيل في المنيل. رؤساء أحزاب المعارضة راحوا بربطة المعلم إلي مقر الإخوان المبارك. ومن بينهم رئيس حزب التجمع الذي كان يرفض حتي مصافحة أي إخواني لأنه يؤمن بأنه لا حوار مع العدو, وآخرون من رؤساء أحزاب الوفد والناصري والجبهة وغيرهم من القيادات الحزبية الذين كان يتحتم عليهم قبل الثورة إعلان التبرؤ من الإخوان ضمانا لشرعيتهم واستمرارهم. سبحان مغير الأحوال.. العدو اللدود أصبح الصديق الصدوق الذي يجب أن نكون أقرباء منهم إذا كنا عازمين حقا علي أن يكون لنا تمثيل في البرلمان. وحسب اعتقادهم فإن رؤساء الأحزاب كانوا واثقين أن الشعب سيقول نعم لأن الإخوان يريدونها نعم هذه المرة رغم أنهم أصلا لا يعرفون كلمة نعم. فقط نحن نسأل: ضد من هذا التحالف؟.. هل هو ضد ائتلاف الشباب الذين من المفترض أن يشكلوا الأغلبية بصفتهم قادة الثورة؟ أم أنهم يحلمون بتشكيل ائتلاف الأغلبية المعارضة لأول مرة في تاريخ مصر؟. أما المشهد الأكثر إثارة بعد الاستفتاء فهو إصرار النخبة إياها علي ممارسة هوايتهم في استخدام الفزاعة الإخوانية لمنع قيام ديمقراطية حتي في ظل الثورة. ودون أن يشعروا وجهوا الإهانة للشعب المصري العظيم عندما قالوا انه قال نعم تحت تأثير الإخوان المسلمين, رغم ان الحقيقة أن أغلبية من قالوا نعم هم مصريون مسلمون لا إخوان ومن قالوا لا وأنا منهم هم أيضا مصريون أقباطا ومسلمين وثوارا ومرشحين مشتاقين للرئاسة والنيابة والقيادة, لكن يبدو أن النخبة مازالت باقية رغم رحيل الرئيس, ليت النخبة تقرأ التداعيات العالمية للثورة المصرية التي قضت علي ما كان يسمي بالأيديولوجية.. من كان يصدق أن الرئيس الفرنسي ساركوزي العلماني المتطرف ينتفض ويتمرد علي العمالقة الجبناء في الدول العظمي الماكرة ويقرر قيادة حملة عسكرية دولية لإنقاذ شعب ليبيا المسلم! ليتهم يفهمون أنه أصبح في حكم المستحيل أن تعود مصر مرة أخري إلي الوراء. المزيد من مقالات محمود معوض
