هل انحسرت ثورة الديمقراطية التي انطلقت في عدد من البلاد العربية ليصبح انتصارها وقفا علي مصر وتونس.. تحت وطأة الهجوم البري والجوي والبحري الذي يشنه العقيد بوحشية بالغة علي مواقع الثوار في المنطقة الشرقية بعد أن نجح في السيطرة علي مدينة أجدابيا ولم يعد يفصله عن بنغازي سوي001 كيلومتر؟! وبعد أن مكنت قوات درع الجزيرة التي دخلت البحرين بناء علي طلب من الملك قوات الأمن والجيش البحرينية من إخلاء ميدان اللؤلؤة من المتظاهرين بعد معركة دامية سقط فيها عدد من القتلي والجرحي.. وحدث الشيء نفسه في اليمن حيث يتعرض المعتصمون في ميدان التغيير أمام جامعة صنعاء لعمليات إغارة متصلة تستهدف اقتلاعهم من الميدان الذي أصبح رمزا للثورة. لقد تنبأ كثيرون بأن تدور العجلة في الاتجاه المعاكس.. وتنحسر الانتفاضة إذا نجح القذافي في استعادة زمام المبادرة وتمكن من إزهاق الثورة.. ليعود النظام العربي إلي ما درج عليه لعقود طويلة من حكم أبوي مطلق يسوده الفساد.. ويفتقد الديمقراطية والعدالة.. ويتجاهل مطالب الشباب متحديا روح العصر.. لكن ثمة ما يشير إلي أن انتفاضة الثورة العربية تطل الآن من مواقع عربية جديدة في سوريا والعراق.. وأن موجة ثانية من الانتفاضات العربية آتية لاريب في ذلك.. وإن تأخرت بعض الوقت.. وأن النجاح الذي تحقق في مصر وتونس سوف يظل عاملا ملهما يستحيل معه أن تعود ريما إلي عاداتها القديمة! لكن ثورة الشباب لابد أن تتعلم من أخطائها.. وأول أخطائها في ليبيا أنها سمحت للعقيد أن يستدرجها إلي حمل السلاح لتفقد جوهرها كانتفاضة سلمية.. وتصبح قضية نزاع وحرب أهلية.. فضلا عن أنها عولت كثيرا علي عون الغرب الذي خذلها.. وثاني أخطائها في البحرين أنها سمحت للطائفية أن تقسم وحدة البلاد لتصبح الشيعة في مواجهة السنة.. وثالث أخطائها في اليمن أنها رفعت سقف مطالبها إلي حدود المطالبة بإسقاط النظام دون أن تضع في حسابها الشرخ العميق الذي قسم البلاد إلي موالين ومعارضين.. لكن أيا كانت أخطاء الثورة فإن النظام العربي يواجه مأزقا مصيريا لا حل له سوي أن يقبل بالتغيير المنظم وصولا إلي ديمقراطية صحيحة بدلا من فوضي العنف. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد