في مشهد وطني ساد أنحاء مصر, رفض الجميع مسلمين ومسيحيين الفتنة الطائفية, ورددوا هتافات تقول: المسلم والمسيحي إيد واحدة.. بالطول والعرض هنجيب الفتنة الأرض. ورفعوا جميعا المصاحف والأناجيل, ولافتات تؤكد الوحدة بين أبناء مصر, ففي قرية صول مركز أطفيح, التي تهدمت كنيستها, عقد الأهالي مؤتمرا شعبيا حاشدا دعوا فيه إلي نبذ العنف, والتماسك في مواجهة أعداء الوطن, وألقي الداعية عمرو خالد خطبة الجمعة في مسجد علي بن أبي طالب, قال فيها: إن المصريين جميعا يرفضون الفتنة, ويتصدون للفوضي, ويرفعون شعار إما الفوضي أو النهضة, والجميع اختار النهضة.. لا الفوضي. وأمام مبني الإذاعة والتليفزيون بماسبيرو, واصل المسيحيون اعتصامهم لليوم السابع علي التوالي, وشاركهم آلاف المسلمين الهتاف: لا لهدم بيوت الله, وطالبوا بإقالة قدري أبو حسين محافظ حلوان لموقفه المتخاذل في واقعة هدم الكنيسة, وأشار بعض المتظاهرين للأهرام إلي أن ما يحدث أمر غريب علي المصريين, وأن هناك أيادي خفية وراءه, ورجحوا أن تكون هذه الأيادي من النظام السابق, وبعض المندسين الذين يريدون التخريب والفساد, وقام شباب ثورة 25 يناير بتوزيع منشورات تحث علي ضرورة التصدي لمثيري الفتن, والتكاتف حتي نستطيع أن ننهض بمصرنا الحبيبة. وفي ميدان التحرير رفع المتظاهرون شعار عاش الهلال مع الصليب, وطالبوا بأن يكون كل من أسهم في إشعال الفتنة بدءا من إثارة الشائعات إلي من اعتدي علي الأبرياء عبرة لكل من تسول له نفسه هدم ركائز الوطن, أو إجهاض الثورة التي قامت بها جموع الشعب من المسلمين والمسيحيين. وأعلن ائتلاف الثورة أنهم سيقومون بإخلاء الميدان بعد 12 ساعة من بداية المظاهرات, وطالبوا الجيش باتخاذ الإجراءات مهما بلغت شدتها, في سبيل إخلاء الميدان لكي تعود الحياة إلي طبيعتها, وعدم إعاقة الطرق. وركزت خطب الجمعة أمس في جميع مساجد مصر علي الوحدة الوطنية التي تميزت بها مصر عبر القرون, والتي حافظت علي وحدتها وقوتها وسلامة نسيجها, والتلاحم ضد أعداء الوطن. ورفع المتظاهرون في ميدان مصطفي محمود لافتات تدعو إلي عودة الشرطة, وتؤكد ضرورة الاستقرار, ووأد الفتنة الطائفية, كما رددت مظاهرة في العمرانية هتافات بالمعني نفسه. وفي مكالمة هاتفية وجهها الدكتور أحمد شفيق رئيس مجلس الوزراء السابق إلي المتظاهرين في ميدان مصطفي محمود, وأذيعت عبر الميكروفون, دعا إلي ضرورة أن نقف يدا واحدة, فبلدنا يستحق منا أن نعمل له, وحث المواطنين علي أن يضعوا أيديهم في يد الدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء الجديد, مؤكدا أننا في أشد الحاجة إلي توحيد الجهود, وقال: إنه لن يتأخر عن أي تكليف له, ورد عليه المتظاهرون بضرورة أن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية, وهتفوا الشعب يريد أحمد شفيق. ثورة 25 يناير أكدت للعالم أجمع مدى قوة العلاقة بين مسلمى ومسيحيى مصر أثبتت ثورة 25 يناير للعالم أجمع بأن الوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين فى مصر ، والتى كانت سببا كبيرا فى نجاحها ، لن تتأثر بأية محاولات خارجية تستهدف النيل منها.. فميدان التحرير يعتبر شاهدا أصيلا على وحدة المصريين " حيث كان الثوار وهم يطالبون بحرية البلاد من النظام السابق يرفعون الأعلام المصرية مرسوما عليها الهلال وبداخله الصليب. وكان المسيحيون يحمون الثوار من بطش البلطجية أثناء قيامهم بتأدية الصلاة ، وكذلك المسلمين كان يحمونهم أثناء قيامهم بتأدية صلاواتهم فى مشاهد تلقائية من داخل ميدان الثورة دون أدنى مزايدة من أحد عن الوحدة الوطنية وتلك الكلمات التى لم يعرها المجتمع المصرى فى يوم من الأيام اهتمامه باعتبارها قواعد يقف عليها ويستمد صلابته منها. وعاش المصريون ابتداء من مولد ثورة 25 يناير وحتى انتصارها معا كيد واحدة ، الدكتور بجانب الفلاح ، والمهندس بجانب الحرفى ، والمسلم بجانب المسيحى جميعهم سواسية ، ولم تظهر بينهم أية بوادر فرقة خلال أيام الثورة حتى تحقق النصر برحيل النظام السابق وكافة رموزه من على منصة الحكم بعد 30 عاما. ومنذ فجر الإسلام والعلاقة واضحة بين المسلم والمسيحى فهى علاقة مصاهرة ومعاونة أى علاقة داخل الأسرة الواحدة..والدليل على ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بأقباط مصر عندما كان على فراش المرض حينما قال "قبط مصر فإنهم أخوال وأصهار وهم أعوانكم على عدوكم وأعوانكم على دينكم". ولكن اليوم ظهرت العديد من المؤشرات التى تؤكد تعرض البلاد لمؤامرة كبيرة لإجهاض ثورة يناير من خلال ضرب الوحدة الوطنية فى مصر ، تلك الوحدة التى تمكنت مصر على مر العصور من الحفاظ عليها وتنميتها باستمرار بل جعلتها الحصن المنيع لأمنها القومى. وظهر ذلك جليا خلال أحداث الكشح عام 1999 ، ونجع حمادى عام 2010 ، والعمرانية 2010 وأخيرا حادث كنيسة الشهيدين بأطفيح " حيث حاولت القوى الخارجية إظهار تلك الأحداث على أنها اضطهاد للأقباط بمصر ، واظهارهم على أنهم أقلية فى حاجة الى حماية دولية " بهدف التدخل فى الشئون الداخلية المصرية وتفكيك أرض الكنانة وتمزيقها كما جرى فى السودان ويجرى الآن فى العديد من الدول الأخرى.