افتتاح المعرض السنوي لطلاب مدارس التعليم الفني بالقاهرة تحت شعار "ابدع واصنع"    اليوم.. آخر موعد لتلقي طلبات الاشتراك في مشروع العلاج بنقابة المحامين    مؤسسة ساويرس تقدم منحة مجانية لتدريب بحارة اليخوت في دمياط    "صدى البلد" يحاور وزير العمل.. 8 مفاجآت قوية بشأن الأجور وأصول اتحاد عمال مصر وقانون العمل    بروتوكول تعاون بين كلية الصيدلة وهيئة الدواء المصرية في مجالات خدمة المجتمع    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 30 أبريل 2024    أسعار اللحوم فى الأسواق اليوم الثلاثاء 30 ابريل 2024    وزير الإسكان: 131 ألف حجز ل1747 قطعة أرض بالطرح الرابع لبرنامج «مسكن»    وزير الري يؤكد أهمية دور البحث العلمي في التعامل مع تحديات المياه    الصحف الكويتية: زيارة أمير الكويت للقاهرة تتويجا للعلاقات الأخوية والتاريخية    البنتاجون يكشف عن تكلفة بناء الرصيف المؤقت قبالة ساحل غزة    مواعيد مباريات الثلاثاء 30 إبريل - ريال مدريد ضد بايرن.. وكلاسيكو السعودية    أخبار الأهلي : الأهلي يستعيد الثنائي الغائب أمام مازيمبي لمواجهة الإسماعيلي    نجم الزمالك: الأهلي سيتوج بدوري أبطال إفريقيا    عاجل.. تشافي يعطي لابورتا الضوء الأخضر لعرض ثنائي برشلونة على الأندية السعودية    تأجيل محاكمة المتهمين بخطف شاب وإجباره على توقيع وصلات أمانة    الأرصاد تكشف موعد ارتفاع درجات الحرارة (فيديو)    سفير فنلندا في زيارة لمكتبة الإسكندرية    النبي موسى في مصر.. زاهي حواس يثير الجدل حول وجوده والافتاء ترد    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة من مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    "أسترازينيكا" تعترف: آثار جانبية قد تكون مميتة للقاح فيروس كورونا    حسام موافي في ضيافة "مساء dmc" الليلة على قناة dmc    اليوم.. استئناف فتاة على حكم رفض إثبات نسب طفلها للاعب كرة شهير    اليوم.. الحُكم على 5 مُتهمين بإزهاق روح سائق في الطريق العام    زلزال بقوة 4.7 درجة يضرب شرق تايوان    إمام: شعبية الأهلي والزمالك متساوية..ومحمد صلاح أسطورة مصر الوحيدة    مساعد وزير الصحة: قطعنا شوطًا كبيرًا في تنفيذ آليات مواجهة تحديات الشراكة مع القطاع الخاص    سعر الدرهم الإماراتي بالبنوك اليوم الثلاثاء 30-4-2024 في مصر    حزب الله يستهدف مستوطنة أفيفيم بالأسلحة المناسبة    بكاء ريهام عبد الغفور أثناء تسلمها تكريم والدها الراحل أشرف عبد الغفور    صعود مؤشرات الأسهم اليابانية في جلسة التعاملات الصباحية    «طب قناة السويس» تعقد ندوة توعوية حول ما بعد السكتة الدماغية    اليوم.. محكمة جنح القاهرة الاقتصادية تنظر 8 دعاوى ضد مرتضى منصور    تراجع سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء منتصف الأسبوع الثلاثاء 30 إبريل 2024    مقتل 3 ضباط شرطة في تبادل لإطلاق النار في ولاية نورث كارولينا الأمريكية    الاحتلال يداهم منازل الفلسطينيين في مدينة الخليل    تعرف على أفضل أنواع سيارات شيفروليه    العميد محمود محيي الدين: الجنائية الدولية أصدرت أمر اعتقال ل نتنياهو ووزير دفاعه    هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟.. دار الإفتاء تجيب    "المصل و اللقاح" عن الأثار الجانبية للقاح "استرازينيكا": لا ترتقي إلى مستوى الخطورة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 أبريل في محافظات مصر    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    د. محمود حسين: تصاعد الحملة ضد الإخوان هدفه صرف الأنظار عن فشل السيسى ونظامه الانقلابى    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    حشيش وشابو.. السجن 10 سنوات لعامل بتهمة الاتجار بالمواد المخدرة في سوهاج    الطيران الحربي الإسرائيلي يشن سلسلة غارات عنيفة شرق مخيم جباليا شمال غزة    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    تعيين إمام محمدين رئيسًا لقطاع الناشئين بنادي مودرن فيوتشر    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انطباعات صغيرة حول حادث كبير
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 03 - 2011

‏(1)‏ اتصالات لا تنتهي من أصدقاء عرب يهنئون بما جري‏,‏ الكل سعيد ومنفعل‏..‏ والكل غير قادر علي إخفاء مدي دهشته وهو يضمر السؤال‏:‏ كيف قام المصريون‏,‏ وهم الشعب المسالم الصبور أبدا‏,‏ المنهك‏,‏ بكرامته المنقوصة وكبريائه الجريحة‏...‏ كيف أبدعوا هذه الثورة الجسور‏..‏ بهذا المستوي من الاداء المبدع‏,‏ وهذا التحضر‏,‏ والتأنق الغضوب غير المسبوق الذي أدهش العالم‏,‏ كيف فعل هؤلاء الناس ما فعلوا‏,‏ علي غير توقع من أحد؟
والأصدقاء من الكتاب العرب هؤلاء وغيرهم مشغولون بالبحث عن إجابة لمثل هذا السؤال‏,‏ فهو بالنسبة للكثيرين ممن لا يعرفون هذا الشعب ولا ثقافته العريقة‏,‏ هو السؤال المعضلة‏,‏ وصديقتنا الكاتبة اللبنانية دلال البزري‏,‏ وهي إحدي العارفات بطبيعة هذه الثقافة المصرية‏,‏ راحت تبحث في جريدة المستقبل عن اجابة‏,‏ وهو البحث الذي قادها‏,‏ عبر التأمل والمعايشة‏,‏ إلي أن هذا الشعب نفسه ذا الصفات السلبية التي لا تحصي‏,‏ بدا في أيام الثورة شعبا اخر‏.‏
بين ليلة وضحاها‏,‏ قفز من حالة العنف والتواكل والتفكك الي حالة نقيض وهي في تري أن الشعب‏,‏ في العهد الماضي‏,‏ كان التوتر والعنف محرك الطاقات‏,‏ وأن هذه الطاقات‏,‏ وكلها فردية‏,‏ كانت تتوجه نحو بعضها‏,‏ لا نحو شيء مشترك‏,‏ أو هدف أعلي‏,‏ أو مرغوب‏,‏ أما في الميدان‏,‏ فبدا وكأن طاقة إيجابية جبارة محمولة علي أمل مشترك‏,‏ مفتوحة علي الاحتمالات‏,‏ خارجة عن الأنانيات‏,‏ انتزعت المبادرة من السلطة القائمة‏,‏ تأطرت تلقائيا نحو هدفها‏..‏ فولد شعب اخر عرف كيف يتوحد ويتجمع وينظم نفسه بنفسه‏.‏
وهي بهذا الكلام تقترب من تشخيص الحالة تماما‏,‏ أنظر قولها‏:‏ إن الثورة المصرية بينت كم أن الشعب ذاته يمكن أن يكون بخلاف ما اعتاد أن يكون‏,‏ عندما يفسح له التاريخ الفرصة ليبادر بنفسه‏,‏ ويقرر بنفسه‏(‏ وضع من فضلك خطا تحت الكلمات التالية‏)‏ فما بالك وأن هذا الشعب ذو مخزون ألفي من السرديات والتجذر ومعرفة استثنائية بأصول شظف العيش ومترتباته؟ مخزون كان مرميا في اللاوعي الجمعي‏,‏ مهملا‏,‏ ميئوسا من انبعاثه‏..‏ فجرته هذه الثورة‏,‏ فكان الشغف الشعبي بها‏.‏
والسؤال الآن‏:‏ وما الذي فجر هذا المخزون الألفي من السرديات؟
لا بأس من المغامرة بإجابة‏.‏
‏(2)‏
لو انك ممن ينشغلون طيلة الوقت بحكاية القصص والروايات‏,‏ فلن تستطيع أبدا أن تتابع حدثا حتي لو كان في حجم ثورة كبيرة‏,‏ إلا ووجدت نفسك مشغولا بالبحث عن نسق سردي لما تعايشه‏,‏ فالسرد وسيلة معرفة‏...‏ لأن السرد هو ما يمنح الأشياء شكلا‏,‏ وهذه مسألة مهمة لأن الشيء‏,‏ أي شيء‏,‏ من دون شكل‏,‏ لا معني له‏.‏
والمصريون أبدعوا‏,‏ علي مرأي من الدنيا كلها واحدة من أكبر ملاحم التاريخ وتابعها العالم مؤيدا ومأخوذا من هذه الملايين التي سعت بكل هذه الجسارة وهذه الإرادة من أجل استعادة الكرامة والكبرياء والتحرر‏,‏ هذه الملحمة كانت لها‏,‏ بالطبع بدايات‏.‏ وهي راحت تنتشر وتتقدم بكل ما فيها من تفاعلات وصراعات من دون أن تفقد اتجاهها أبدا‏.‏ منتقلة من مرحلة الي أخري‏,‏ مطورة من أهدافها حتي صارت جسدا كبيرا حيا ترامت أطرافه صعدا نحو ذروة أخيرة‏,‏ لينحني هذا الخط الدرامي الصاعد فجأة ويتراخي مع خطاب أخير لرئيس يستجدي التشبث بموقعه‏,‏ وما اعقب ذلك من مشاعر يأس وإحباط‏,‏ وهي حالة درامية بامتياز لأن التوتر لا يطول حتي تشرق الذروة الأخيرة بجملتين ألقيا لحسن الحظ‏,‏ بصورة دراماتيكية‏,‏ تخلي بهما عن منصبه‏,‏ ذلك هو البناء السردي‏,‏ المثالي‏,‏ لملحمة عظمي‏,‏ وكاملة‏.‏
هكذا أضيئت السماء وزعردت الدنيا كلها‏.‏
‏(3)‏
الذين صنعوا هذه الثورة من الشباب هم طلائع طبقة وسطي مصرية جديدة‏,‏ بعدما انتهي أمر القديمة لأسباب لا تخفي علي أحد‏,‏ وهم مؤهلون شأن كل طبقة وسطي مستنيرة‏,‏ لقيادة الوطن والترقي به‏,‏ وهم لم يقودوا الناس لأنهم عثروا فقط علي أدوات اتصال جديدة‏,‏ ولكن لأنهم‏.‏ وهو الجوهري في كل ما جري‏,‏ عثروا علي النغمة الصحيحة‏,‏ وهي التي تجاوبت معها الملايين وتحركت بها حتي صاغت هذه الثورة التي صارت جزءا من تاريخ العالم وضميره‏.‏
مصر لم تتغير هكذا فجأة‏,‏ مصر استعادت ما كانت جديرة به‏.‏
[email protected]

المزيد من مقالات إبراهيم اصلان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.