المناخ الديمقراطي أولا! رغم أهمية وضرورة التعديلات الدستورية التي سيتوجه الشعب للاستفتاء عليها يوم19 مارس الجاري... ورغم وجاهة ومنطقية الآراء التي تقول بعدم كفاية التعديلات الدستورية والدخول مباشرة إلي صياغة دستور جديد... رغم هذا ورغم ذاك فإنني أعتقد أن الأهم من ذلك كله هو مناخ الممارسة الديمقراطية الذي يسمح باحترام الدستور احتراما كاملا ولا يجعل من مواده مجرد حبر علي ورق. إن تهيئة المناخ الديمقراطي أهم وأجدي من أي صياغات قانونية أو تعديلات دستورية لأننا بحاجة إلي دروع تحمي جسور العبور خلال المرحلة الانتقالية الراهنة وصولا إلي المرحلة الديمقراطية المستقرة وأهم هذه الدروع الاتفاق علي تقاليد راسخة تحمي حرية الرأي من نزعات التعصب ورغبات الانتقام ودعوات الإقصاء من خلال فتح الأبواب لبناء وإنشاء قوي سياسية واجتماعية واقتصادية جديدة تؤدي لاستعادة التوازن المختل في المشهد المصري والذي أشعل فتيل ثورة25 يناير نتيجة لنفاد مخزون الصبر! أتحدث عن مناخ جديد يرتكز إلي رؤية جديدة تنعش ذاكرة الوعي المجتمعي بالحقوق والواجبات تحت مظلة سيادة القانون واستقلال القضاء ومن خلال قوة الاستقلال الفعلي لكافة المؤسسات التي تستمد شرعيتها من الأمة لكي توظف كل طاقاتها لخدمة الأمة بمختلف طوائفها. نريد للمرحلة الجديدة مناخا يقي الديمقراطية من المخاطر المحتملة وأهم هذه المخاطر يتمثل في أضرار محتملة لطول فترة الانكماش والركود الاقتصادي عن الحدود المحتملة وبما يؤدي إلي تعطيل الحلم المشروع في تقصير زمن غياب العدل الاجتماعي الذي يعتبر أحد أهم ركائز شرعية الحكم في أي بلد ديمقراطي لضمان تقاسم الثروة وتداول السلطة. نحن بحاجة إلي مناخ يصنع الثقة المتبادلة لكي تكون المطالب في حجم الموارد وفي ظل إدراك مشترك بأنه لا توجد روشتة نموذجية لحل المشكلات المتراكمة دفعة واحدة وإنما نحن إزاء مهمة طويلة وشاقة يجب أن نسعي لإنجازها بإصرار دائم وأفكار متجددة وفق برامج زمنية محددة. المناخ الديمقراطي هو الروح الجديدة التي بدونها لا قيمة للانتخابات ولا معني لوجود البرلمانات!
خير الكلام: الكتاب رفيق لا يخون ولا يغدر... والقراءة كنز لا ينضب! [email protected]