موقع «نيوز لوك» يسلط الضوء على دور إبراهيم العرجاني وأبناء سيناء في دحر الإرهاب    فوز توجيه الصحافة بقنا بالمركز الرابع جمهورياً في "معرض صحف التربية الخاصة"    رئيس جامعة الإسكندرية يشهد الندوة التثقيفية عن الأمن القومي    مصر تستعد لوظائف المستقبل    تتراجع الآن أسعار الذهب اليوم فى السودان وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 8 مايو 2024    اعرف تحديث أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 8 مايو 2024    عاجل - "بين استقرار وتراجع" تحديث أسعار الدواجن.. بكم الفراخ والبيض اليوم؟    برلماني: الحوار الوطني وضع خريطة استثمارية في مصر للجميع    تراجع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 8 مايو 2024    قبل بداية الصيف.. طرق لخفض استهلاك الأجهزة الكهربائية    «الألماني للسياحة»: توقعات بزيادة الليالي السياحية خلال بطولة يورو لكرة القدم يوليو المقبل    تأجيل محاكمة ترامب بقضية احتفاظه بوثائق سرية لأجل غير مسمى    غارات إسرائيلية على عدة بلدات جنوب لبنان    العاهل الأردني: سيطرة إسرائيل على معبر رفح ستفاقم الكارثة الإنسانية في غزة    الأونروا: مصممون على البقاء في غزة رغم الأوضاع الكارثية    أبطال فيديو إنقاذ جرحى مجمع ناصر الطبي تحت نيران الاحتلال يروون تفاصيل الواقعة    كيف صنعت إسرائيل أسطورتها بعد تحطيمها في حرب 73؟.. عزت إبراهيم يوضح    المصري يتمسك بالمشاركة الأفريقية حال اعتماد ترتيب الدور الأول    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    تفاصيل زيادة الحضور الجماهيري بالمباريات المحلية والأفريقية    جريشة: ركلتي جزاء الأهلي ضد الاتحاد صحيحتين    الحديدي: كولر «كلمة السر» في فوز الأهلي برباعية أمام الاتحاد السكندري    آنسات الأهلي يهزم الزمالك في بطولة الجمهورية للكرة الطائرة    هل نقترب من فجر عيد الأضحى في العراق؟ تحليل موعد أول أيام العيد لعام 2024    مصدر أمني يكشف تفاصيل إطلاق النار على رجل أعمال كندي بالإسكندرية    ارتفاع درجات الحرارة.. والأرصاد تحذر من ظاهرة جوية تؤثر على حالة الطقس الساعات المقبلة (تفاصيل)    ضبط تاجر مخدرات ونجله وبحوزتهما 2000 جرام حشيش في قنا    زاهي حواس: عبد الناصر والسادات أهديا قطعًا أثرية إلى بعض الرؤساء حول العالم    الأبراج التي تتوافق مع برج العذراء في الصداقة    ياسمين عبد العزيز: فيلم "الدادة دودي" لما نزل كسر الدنيا    معجبة بتفاصيله.. سلمى الشماع تشيد بمسلسل "الحشاشين"    ياسمين عبدالعزيز تكشف حادثًا خطيرًا تعرضت له لأول مرة.. ما القصة؟    «خيمة رفيدة».. أول مستشفى ميداني في الإسلام    بعد تصريح ياسمين عبد العزيز عن أكياس الرحم.. تعرف على أسبابها وأعراضها    صدمه قطار.. إصابة شخص ونقله للمستشفى بالدقهلية    دار الإفتاء تستطلع اليوم هلال شهر ذى القعدة لعام 1445 هجريًا    الكرخ: نرفض عقوبة صالح جمعة القاسية.. وسلكنا الطرق القانونية لاسترداد حقوقنا    طبيب الأهلي يكشف تفاصيل إصابة الثنائي ربيعة وكوكا    سليمان جودة: بن غفير وسموتريتش طالبا نتنياهو باجتياح رفح ويهددانه بإسقاطه    عزت إبراهيم: الجماعات اليهودية وسعت نفوذها قبل قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي    أسامة كمال يشيد بدور الشيخ إبراهيم العرجاني ويترحم على نجله الشهيد وسيم    ياسمين عبد العزيز: النية الكويسة هي اللي بتخلي الشغل ينجح    اليوم.. ذكرى رحيل فارس السينما الفنان أحمد مظهر    اليوم، تطبيق المواعيد الجديدة لتخفيف الأحمال بجميع المحافظات    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجرية    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    ما هي كفارة اليمين الغموس؟.. دار الإفتاء تكشف    دعاء في جوف الليل: اللهم امنحني من سَعة القلب وإشراق الروح وقوة النفس    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    طريقة عمل تشيز كيك البنجر والشوكولاتة في البيت.. خلي أولادك يفرحوا    في يوم الربو العالمي.. هل تشكل الحيوانات الأليفة خطرا على المصابين به؟    الابتزاز الإلكتروني.. جريمة منفرة مجتمعيًا وعقوبتها المؤبد .. بعد تهديد دكتورة جامعية لزميلتها بصورة خاصة.. مطالبات بتغليظ العقوبة    إجازة عيد الأضحى| رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك 2024    القيادة المركزية الأمريكية والمارينز ينضمان إلى قوات خليجية في المناورات العسكرية البحرية "الغضب العارم 24"    الشعب الجمهوري بالشرقية يكرم النماذج المتميزة في صناعة وزراعة البردي    مراقبة الأغذية بالدقهلية تكثف حملاتها بالمرور على 174 منشأة خلال أسبوع    محافظ أسوان: تقديم الرعاية العلاجية ل 1140 مواطنا بنصر النوبة    الجدول الزمني لانتخابات مجالس إدارات وعموميات الصحف القومية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جهود الجنرال سمير فرج في‏:‏ الأقصر بلدنا
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 02 - 2010

تعالي هنا جنبي وبص لتحت‏..‏ للعمق‏..‏ انت شايف اللي أنا شايفاه‏..‏ أسطورة بحق الله‏..‏ ما هذا الذي نراه‏..‏ المارد خرج من القمقم‏. ليس ماردا واحدا وإنما طابور من المردة علي الصفين عددهم ألف ومئتان‏..‏ ينضو الواحد منهم بعد الآخر ثوب الطين المتكلس عبر آلاف السنين ليخرج ناصعا للنور‏..‏ يرفع الواحد منهم رأسه الغارق في مياه الصرف الصحي وزراعات القصب ليروي حكايته المقدسة التي ربض فيها قرونا بجسم أسد ورأس إنسان علي جانبي طريق طوله‏2.72‏ كيلومتر وعرضه‏700‏ متر‏..‏ طريق الكباش‏..‏ المجهول أصبح معلوما‏..‏ ستائر النسيان وقرون الزمان وآلاف من كان وكان تنزاح الآن في الأقصر لتتجلي الحقيقة والخبيئة وينتهي هوان فريق من أفراد الطريق‏,‏ حيث كانت هناك كباش تسكن البيوت أو تسكنها البيوت لتقوم بعض الأقصريات سامحهن الله بالطهو والغسل والدعك فوق ظهر الكبش المذل المهان الذي أوقعه سوء حظه بين أربعة جدران صارت مع الزمان واحدا من مساكن العشوائيات التي تلاحمت سرطانيا لتغلق أبواب التاريخ‏,‏ وفوق ظهر الأثر الفرعوني الخالد كان الله يسامحها تغير لمولودها وتتركه يقضي حاجته ويلاغي الهواء الفاسد وحده وينخمد وينام‏..‏
قال الدكتور سمير فرج الرجل الذي أصبح في السابع من ديسمبر الماضي محافظا للمحافظة رقم‏29:‏ كنت مرعوبا ألا أكون عند حسن ظن قناعتي التاريخية‏..‏ كنت خايف موت أن تذهب الأموال سدي 240‏ مليون جنيه دون كشف المستور‏,‏ أو أن تكون السكة غير السكة‏,‏ أو أن يكون الطريق قد التوي علي مدي خمسة آلاف عام وليس كما استقرأناه تاريخا وبحثا وفحصا ومحصا وحفرا وجسا وشواهد طريقا مستقيما بإعجاز المسطرة الفرعونية‏..‏ طريق الكباش ما بين معبدي الأقصر والكرنك‏,‏ الذي شهد المواكب المقدسة للملوك والآلهة في احتفالات أعياد الأوبت من كل عام‏,‏ حيث يمشي موكب الملك وعلية القوم وكبار الكهنة من خلف زوارق مقدسة تحمل تماثيل الآلهة بينما يصطف الجمهور علي جانبي الطريق الذي تعود نشأته إلي الملك امنحوتب الثالث الولوع بالنساء والذي تزوج من ابنة الشعب تي ليرفعها لدرجة الملكات وتستمر سلطتها قوية طوال حكم زوجها واعتبر عهدها فاتحة نفوذ الملكات علي العرش المصري‏,‏ وعلي درب التقرب له أهداه ملك متاني المدعو شوترنا كريمته المدعوة جيلوخيبا ليقترن بها كزوجة ثانية‏,‏ فأقام لها احتفالا عظيما ونقش اسمها علي الجدران‏,‏ وكانت قد أحضرت معها من آسيا حاشية من الحسناوات بلغ عددهن ثلثمئة وسبع عشرة وصيفة وخادمة وذلك في السنة العاشرة من حكمه الذي اهتم فيه بالتشييد والبناء فأقام معبد الأقصر وحفر بجواره البحيرة المقدسة وزرع حديقة غناء فيما بين الكرنك ومعبد الأقصر طولها ميل ونصف الميل‏,‏ وأنشأ ما بين المعبدين طريقا واسعا أقام علي جانبيه تماثيل الكباش التي تحيط بها أحواض الزهور ومجاري للمياه لريها‏,‏ وأتي من بعده الملك نختبو الأول مؤسس الأسرة الثلاثين آخر أسرات الفراعنة ليكمل المسيرة ويكتمل في عهده طريق الكباش الذي اختفت مع الزمان معظم معالمه لتربض البيوت العشوائية فوق الكباش‏,‏ وتحجب الأراضي الزراعية واحدا من أهم وأجمل الطرق الأثرية في العالم‏,‏ وتدفن تحتها التماثيل المقدسة التي تباري الفنانون الفراعنة في نحتها‏,‏ وبلغ الإهمال في فاتحة الطريق أدني مرتبة لتغدو الساحة الرئيسية لمعبد الكرنك حظيرة لتربية الأغنام والماعز والكباش البلدية وليست الفرعونية‏..‏ وظل حلما محال المنال عودة الحياة لطريق الكباش ليحول مدينة الأقصر إلي أضخم متحف مفتوح في العالم‏,‏ ولأن المهمة شبه مستحيلة لكن العزيمة حديد‏,‏ ولأن مثل الجنرال سمير فرج كمثل بولدوزر يستعان به بعد أن يستعين هو بالله لدك خرائب الإهمال وعشوائياته لإقامة أقصر جديدة شامخة يستطيع فيها الواقف أمام معبد الكرنك مشاهدة معبد الأقصر في نهاية الطريق وعلي مرمي البصر بلا إعاقة من بيت أو شجرة أو دكان أو حتي مبني قسم الشرطة ذات نفسه‏..‏ يشاهد فيها زائر الكرنك من البر الشرقي وادي الملكات في البر الغربي‏,‏ تماما كما ابتغي الفراعنة الأمجاد أن يري الحي هنا أن موقعه في الغد لابد هناك‏!‏
ولأنه انبهار بما جري‏,‏ ولأني المسبهلة بما أري بعد أربعة أعوام لا غير من ليلة تعساء قضيتها في الأقصر بعد زيارتي لمحافظة قنا أيام فارسها عادل لبيب وعقدي المقارنة الظالمة بين حالة ميئوس منها لبلد لا يليق بتاريخها وتراثها وآثارها وحجم السياحة المفروض أن تأتي إليها‏,‏ وبين قنا المحافظة التي كان ينفي إليها الموظف عقابا وتشريدا علي إهماله الوظيفي فأصبحت بفعل لبيب جنة الله في أرضه‏..‏ اليوم أقصر سمير فرج فاقت الخيال فلا تستطيع من حجم الإنجازات التي تمت علي الأرض وتحت الأرض أن تجاري رصدها في جميع المجالات‏..‏ انتصارات قام بها الرجل العسكري ابن بورسعيد الذي قضي عمره في العمل الجاد بالقوات المسلحة ورئاسة ناجحة لدار الأوبرا‏,‏ وفي طفولته كان تلميذا في المدرسة التي بها الأم حضرة الناظرة حيث زاملته الوزيرة فايزة أبوالنجا الأصغر منه سنا وبعد حصوله علي الثانوية العامة من بورسعيد عام‏1963‏ التحق بكلية الصيدلة لمدة شهر ونصف ثم بالكلية الحربية حين عاني بنفسه مشكلة التهجير أيام النكسة‏,‏ التي دفعت والدته للحصول معاش مبكر لتهاجر بالأسرة إلي دمياط‏,‏ حيث كان الأب يعمل مديرا للجمرك ليمكثوا بعيدا عن الدار والجار ثلاث سنوات طوال‏..‏ في الأقصر وضع الدكتور المحافظ خطة تطوير عملاقة بدأت بإزالة حزام العشوائيات حول المناطق الأثرية‏,‏ حيث تم كمثال نقل‏3200‏ أسرة كانت تعيش علي‏950‏ مقبرة فرعونية في البر الغربي بدون مياه وصرف صحي وكهرباء ومدارس‏...‏ تمت عملية النقل المستحيل التي فشل فيها زمان عميد المهندسين حسن فتحي عام‏1948,‏ رغم أن عدد الأسر وقتها لم يكن يتجاوز ال‏180‏ أسرة تعيش كل منها متشبثة بخبيئتها تحتها‏,‏ رغم عدم وجود أية مرافق للحياة‏..‏ المستحيل الذي كتب عنه الروائي فتحي غانم روايته الخالدة الجبل‏..‏ الآن وبفعل الجنرال فرج تم نقل الأسر إلي القرنة الجديدة بتكلفة‏200‏ مليون جنيه لتضم‏4200‏ وحدة سكنية ومدرستين وقسم شرطة وسوقا تجارية وجامعا‏,‏ ومركزا للبريد‏,‏ ومعهدا عاليا للتكنولوجيا‏,‏ وتم تخصيص ثلاثة آلاف و‏500‏ قطعة أرض لمن يرغب في الوحدات السكنية‏...‏ وكانت فرحة أهل القرنة بما منحتهم يد الواقع‏,‏ أكبر من حلم ثراء في يد الغيب‏...‏ كان أهل الجبل هذه المرة أكثر واقعية وحرصا علي مستقبل أولادهم‏.‏
وكمثال آخر لحجم العقبات التي لاقت من جاء علي يديه الفرج نقل مقابر دول الكومنولث المقامة في وسط طريق الكباش والتي تضم ما يزيد علي‏140‏ جثة إلي مقبرة جديدة في الناحية الأخري خارج حزام الطريق الأثري القديم‏,‏ وهذه العقبة الكؤود كانت وحدها بتوابعها وحساسيتها جديرة بعرقلة المشروع تماما‏,‏ وجاءت العقبة الأخري ممثلة في منزل عالم المصريات الفرنسي الشهير جورج لوجران مكتشف خبيئة الكرنك وكاشف أسرار معبد آمون رع‏,‏ حيث ظل هذا المعبد وملحقاته شغله الشاغل حتي وفاته في‏1917,‏ وقد بلغ ولعه بالحضارة المصرية القديمة في صباه القيام برسم صور زيتية بالقطعة لكسب قوت يومه‏,‏ وما يتبقي لديه من وقت ومال يكرسه للبحث العلمي في المصريات‏..‏ وقد ولد لوجران من أب عامل طباعة في الرابع من أكتوبر‏1865‏ ليظل سنوات عاملا في مصنع لورق حائط‏,‏ وفي عام‏1883‏ التحق بالفنون الجميلة واكتسب من زياراته للجناح المصري بمتحف اللوفر انبهارا بالهيروغليفية ليتقنها وينسخها كما الأصل‏,‏ ويصل لوجران إلي مدينة الأحلام القاهرة في عام‏1892‏ لينضم لفريق العمل مع الفرنسي جاك دي مورجان رئيس هيئة الآثار المصرية‏,‏ حيث سمح له بالسفر للتنقيب في الأقصر‏,‏ وبدأت ساحة الكرنك في عام‏1903‏ تكشف له عن مكنون كنوزها ليخرج آثارا مدفونة بلغت‏519‏ قطعة‏..‏ ولأنه كان ملما بالتصوير فقد أقام استوديو خاص في حديقة منزله الملحق بالفناء الغربي للمعبد‏,‏ حيث يتم نقل التماثيل والقطع التاريخية يوميا إليها ليقوم بأخذ لقطات لها من جميع الاتجاهات ويضع الصور في مجلدات بأرقام مسلسلة‏..‏ ولم يكن لوجران يغادر الأقصر غرامه الوحيد إلا مضطرا وذلك في فصل الصيف بسبب الفيضان وتوقف عمليات التنقيب‏,‏ وبعدها في عام‏1915‏ تولي منصب كبير مفتشي الآثار في صعيد مصر ليغدو مسئولا عن آثار تقع علي مساحة‏300‏ كيلومتر‏,‏ وفي عامي‏1916‏ و‏1917‏ سعي بإمكانياته لحماية معبد الأقصر من أخطار الفيضان ببناء سد علي طول رصيف الكورنيش‏,‏ حيث سجل آخر اكتشافاته التي تعود للعصر الروماني‏,‏ وفي أغسطس‏1917‏ عاد الفيضان يهدد معبد الأقصر ليظل لوجران أياما عرضة لأشعة الشمس اللافحة يشرف علي تنفيذ الحماية اللازمة للمعبد‏,‏ وبعد يوم قيظه نار حملوه لمنزله بالكرنك ليلفظ أنفاسه ويدفن في المقبرة الكاثوليكية الرومانية بالقاهرة وكانت أمنيته أن يرقد مع النهاية تحت أعمدة الكرنك أو معبد آمون رع‏..‏ وفي محاولة لرد جميل رجل الكرنك أقيم له متحف لعرض مقتنياته الخاصة ومنها عربته وذلك في مركز الزوار ضمن مشروع تطوير ساحة الكرنك‏,‏ إلي جانب دراسة لإطلاق اسمه علي أحد المعالم الحديثة المهمة في الأقصر‏..‏ وتمت عملية هدم منزله المقام في ساحة معبد الكرنك ليثير قرار الهدم جدلا واسعا في الأوساط الأثرية في كل من مصر وفرنسا‏..‏ كان من الطبيعي أن يواجه التطوير صعوبات تجذرت علي مدي السنين‏..‏ وأبدا لم يكن الطريق مفروشا بالورود أمام الجنرال المحافظ ليحقق معجزة الأقصر التي تم تنفيذ‏90%‏ منها فقد كان التغيير صعبا وكان أول من حاربه أهل الأقصر ولكنهم الآن أحد أدوات نجاحه عندما أدركوا أن كل ما يتم لمصلحتهم ومصلحة أبنائهم ومصلحة أقصرهم‏.‏
الأقصر ملحمة الماضي والحاضر والمستقبل‏..‏ من أسمائها واست أي الصولجان‏,‏ ثم نوت أي مدينة آمون‏,‏ ثم مدينة النور‏,‏ ومدينة المائة باب‏,‏ وبعدها أطلق عليها العرب اسم الأقصر لكثرة قصورها‏..‏ عندما تحررت مصر من حكم الهكسوس أخذت الأقصر طيبة موقع الصدارة كأهم مدينة في العالم سياسيا وحضاريا‏,‏ ثم أسدل عليها الستار ليرفع من جديد منذ مائتي عام بعد الحملة الفرنسية وطبع كتاب وصف مصر وفك شامبليون لرموز الهيروغليفية علي حجر رشيد ليصف الكرنك بقوله كل ما رأيته في طيبة‏,‏ وجميع ما أعجبت به بهوس وحماس علي الجانب الأيسر من النيل‏,‏ بدا لي تافها بالقياس إلي العملاق الذي استولي علي تماما‏,‏ فما من شعب قديم أو حديث قد فكر في فن المعمار بمثل هذا التسامي وتلك العظمة التي حقق بها قدماء المصريين ذلك الصرح بمعايير بشر لابد وأن تكون قامة الواحد منهم لا تقل عن مئة قدم ومن بعد وصف مصر وحجر رشيد بدأت حمي التنقيب عن الآثار بواسطة البعثات العلمية‏,‏ حيث لم يكن الأمر يخلو من سرقات حملت آثارها الثمينة لمتاحف العالم لتمثل ثلث معروضاتها‏..‏ وعلي الرغم من أن النيل يجري وسط الأقصر ليقسمها إلي البر الشرقي والبر الغربي فإن هذه القسمة تحولت لدي الفراعنة إلي حكمة فلسفية وجغرافية معا‏,‏ فالشرق المشرق للحياة والسكن والعبادة في الكرنك مقر آمون الذي استغرق بناؤه ألفي عام ليصبح مجموعة من المعابد التي أقيمت في أزمنة مختلفة لتدخله المسيحية ثم الإسلام‏,‏ وأبلغ دليل مسجد الصوفي أبوالحجاج الأقصري المولود عام‏1286‏ المقام داخل الكرنك الذي تم ترميمه أخيرا علي مدي عامين بتكلفة‏13.4‏ مليون أثر تعرضه لحادث حريق نتج عنه تفحم الحوامل الخشبية وتحلل طبقة التبن المستخدمة في بنائه والغرب مدينة الأموات‏,‏ حيث تغرب الشمس علي من غربت حياتهم في مقابر الملوك والملكات والنبلاء‏,‏ ويتجدد الاهتمام العالمي بالأقصر مع اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون في نوفمبر‏1922,‏ وبعدها إعادة اكتشاف مقبرة أبناء رمسيس الثاني التي كان الظن أن بها غرفتين خاليتين فقط فاكتشف أنها تضم أكثر من مئة وعشرين غرفة تحت سطح الأرض عند مدخل وادي الملوك‏..‏ مسلات الأقصر أعظم الآثار شأنا وأكثرها جذبا حملها الرومان معهم غنيمة إلي روما والقسطنطينية‏,‏ واقترح الجنرال ديزيه علي نابليون أن يأخذ إحداها معه إلي باريس‏,‏ وبعد جلاء الفرنسيين عن مصر عام‏1801‏ تداول الضباط الإنجليز حول أخذ إحدي مسلات الإسكندرية معهم احتفالا بالنصر علي فرنسا‏,‏ وتغيرت الأذواق في أوائل القرن الثامن عشر عندما اقترح بوادي ماييه نقل عمود بومبي وليس إحدي المسلات إلي باريس‏,‏ واقترح دروفتي علي محمد علي أن يكسب ود الملك لويس الثامن عشر بإهداء فرنسا إحدي مسلات الإسكندرية‏,‏ واستطاع شامبليون أن يساومه علي المسلة الأحسن حالا بمعبد الأقصر‏..‏ ووصلت إحدي المسلتين اللتين كانتا في مدخل معبد الأقصر المقام للإله آمون رع إلي باريس لتقف شامخة في ميدان الكونكورد عام‏1836,‏ ورفض الإنجليز أن يتحملوا نفقات نقل المسلة التي وعدهم بها محمد علي‏,‏ ولكن رجل الأعمال الإنجليزي الثري إرازمس ويلسون تحمل نفقات نقلها وإقامتها علي ضفاف التيمس‏..‏ وليس من آخر في ماضي الأقصر وتراثها الذي دفع الحاضر للحفاظ عليه وعليها‏..‏
حاضر الأقصر بالأرقام أن في حجرها يقبع أكثر من ثلثي تراث العالم‏,‏ ويستمتع زائرها بأكثر من‏800‏ مزار أثري‏,‏ وتضم‏85‏ فندقا‏,‏ و‏41‏ مطعما سياحيا‏,‏ و‏177‏ شركة سياحة‏,‏ و‏180‏ فندقا عائما بطاقة‏22‏ ألف غرفة‏,‏ وتحت الإنشاء الحالي‏18‏ فندقا و‏5‏ قري سياحية‏,‏ إلي جانب‏600‏ غرفة في مبني الشباب الدولي المكون من‏6‏ طوابق وبلغت تكاليفه‏12‏ مليون جنيه‏,‏ وفي الاتجاهات المستقبلية للاستثمار السياحي خلال المرحلة المقبلة تحقيق المستهدف ب‏8880‏ غرفة فندقية أصبحت الأقصر في حاجة ملحة إليها بعدما بلغت السياحة أوجها وشغلت غالبية الغرف الحالية المتاحة بنسبة‏95%‏ ليبلغ العائد مليار جنيه رغم الأزمة المالية العالمية ورغم انتهاء موسم رأس السنة والأعياد‏,‏ والعمل الآن جار لخلق المزيد من عناصر الجذب فالمطار الجديد تم تطويره ليتسع ل‏4500‏ سائح في الساعة ويستوعب الزيادة المتوقعة حتي عام‏2018,‏ ومحطة السكة الحديد تم تطويرها لتصبح بوابة حضارية لاستقبال زوار الأقصر القادمين من أنحاء العالم ومواجهة ما يقرب من‏4‏ ملايين سائح جديد‏..‏ بلغ إجمالي ما تم إنفاقه‏2.2‏ مليار جنيه منها‏425‏ مليون جنيه من وزارة التعاون الدولي وفرتها الوزيرة فايزة أبوالنجا من الاتحاد الأوروبي كمنحة لا ترد وغير مشروطة تم إنفاقها علي طريق الكباش فاستحقت بذلك أن يحمل أحد شوارع الأقصر اسمها‏,‏ ولم يسهم رجال الأعمال في أي شيء فالتطوير علي حساب الدولة‏,‏ وكما يقول محافظ الأقصر إنه قد تم إسناد جميع المشروعات للقوات المسلحة‏,‏ ولم تشارك شركة قطاع خاص واحدة في أعمال التطوير لضمان التنفيذ في المواعيد المحددة‏,‏ حيث قامت بتطوير ساحة معبد الكرنك بتكلفة‏50‏ مليون جنيه‏,‏ وساحة معبد الأقصر ب‏25‏مليون جنيه‏,‏ وقليل منا يعرف أن الأقصر مشهورة بغابة شجرية مساحتها تزيد علي‏1500‏ فدان تقوم بتوريد الشتلات لكل الغابات الشجرية لمصر‏,‏ وتنتج نباتا معروفا باسم الجاتروفا الذي يستخدم في زيت تشحيم الطائرات‏,‏ وهدف تطوير الغابة الشجرية بالأقصر أن تصبح خلال ال‏10‏ سنوات المقبلة أهم المحافظات المنتجة للأخشاب‏..‏ وفي سبيل منع الخطر الداهم للمياه الجوفية التي كانت تهدد مستقبل تمثالي ممنون تم نزع‏85‏ فدانا حول منطقة التمثالين كانت تزرع بقصب السكر فتتسرب المياه داخل شقوق الأرض لتقتل جزءا ناصعا من تاريخنا‏,‏ وقد رصد مبلغ‏4‏ ملايين جنيه تعويضا للأهالي عن نزع الملكية‏,‏ وأتوقف عن ذكر الملايين الكثيرة بلغة الأرقام الجافة حتي لا يمل القارئ‏,‏ وعذري في سرد بعضها أنه قد تم إنفاقها بالفعل لنري سكة سلامة سفرها أمامنا التي عادت علينا بالخير‏,‏ بينما هناك بلايين سافرت بلا عودة في سكةالندامة وسكة اللي يروح مايرجعش‏.‏
وليس في الإمكان أبدع من جلستي بشرفته الملكية‏..‏ فندق ونتر بالاس الأقصر‏,‏ أحد ثلاثية أعرق وأرفع فنادق مصر مقاما وإقامة إلي جانب مينا هاوس الهرم وكتراكت أسوان التي تم بناؤها عام‏1903‏ أتمطي في المقعد الملكي الرحيب‏,‏ وأسكن في دعة أجواء الارستقراطية إلي حين لأتطلع لصفحة النيل ساعة سقوط شمس المغيب الأسطوري عندما تصبح صفحة السماء اللازوردية مضرجة بآثار دماء المعركة الكونية التي انتضرت فيها جيوش مملكة الليل علي كتائب جيوش مملكة النهار‏,‏ لتطارد آخر فلولها هناك في الأفق القاني البعيد لتتداخل عتمة الماء في عتمة السماء مع حلول المساء علي أمل في طلعة بدر قريب‏,‏ وفي الانتهاء من المشروع الحضاري العملاق لإضاءة البر الغربي ووادي الملوك لنري من البر الشرقي مشهدا لا عين رأت علي مدار التاريخ‏..‏ وأترك السماء لأهبط لأرض ونتر بالاس وإن لم تكن أرضه بطرازها الفيكتوري الثري شبيهة بأي واقع فيكفيه أن تاريخه وشهرته العالمية وديكوراته الملكية قد استقطبت مشاهير العالم في السياسة والفن من الملك فؤاد والملك فاروق بجناحه الخاص رويال سويت وونستون تشرشل وأجاثا كريستي وهنري كيسنجر وجين فوندا وهيلموت كول وشاه إيران والرئيس اليوغسلافي تيتو والملك محمد الخامس والرئيس الجزائري أحمد بن بيلا والزعيم الإفريقي لوممبا والرئيس الأمريكي كارتر والرئيس عبدالناصر والرئيس السادات والرئيس مبارك‏..‏ و‏..‏ما حدث في أجنحة وقاعات ونتر بالاس له العجب يكتب بماء الذهب فعلي شرفته التي احتسيت فيها الشاي الملكي جلس الكاتب محمد حسين هيكل يسطر كتابه حياة محمد‏,‏ وفي جناحها التاريخي المطل علي وادي الملكات في البر الثاني تفجرت رواية جريمة علي النيل للكاتبة البوليسية أجاثا كريستي حيث دارت أحداثها داخل صالات الفندق والعوامة الراسية أمامه‏,‏ وشهد ونتر بالاس زيارات هنري كيسنجر في شتاء‏74‏ عقب انتصارات أكتوبر‏73‏ وبدايات اتفاقية السلام مع السادات‏,‏ وفي الحادي والعشرين من ديسمبر‏1941‏ اتجه القطار الملكي قادما من محطة قصر القبة متوجها إلي الأقصر بعد حجز طابق بأكمله بالونتر بالاس لإتمام إجراءات طلاق فريدة من فاروق‏,‏ حيث حضر الواقعة كل من الملكة نازلي وشقيقها حسين صبري باشا والملكة فريدة ووالدتها وزينب هانم وصيفة فريدة وخالها حسين سري باشا رئيس الوزراء وزوجته ناهد هانم وشريف شقيق فريدة الصغير‏,‏ وكان تصميم فريدة علي الطلاق لا رجعة فيه حيث تمت إجراءاته في جناحها الخاص ليغادر الموكب الذي لم يعد ملكيا طابقه المحجوز عائدا بعد أسبوع بالقطار للقاهرة‏.‏
قطار الصعيد وصل بالخط الحديدي إلي المنيا عام‏1867‏ وإلي أسيوط عام‏1874‏ ليتوقف مد الخطوط الحديدية جنوبا مدة عقدين من الزمان‏,‏ فكان السياح يركبونه إلي أسيوط وبعدها يستأجرون دهبية أو باخرة لإكمال الرحلة جنوبا‏,‏ والعودة إلي أسيوط لمتابعة السفر إلي القاهرة بالقطار‏,‏ وأدت حملة استرداد السودان بقيادة كتشنر إلي مد الخط الحديدي إلي أسوان عام‏1898,‏ وكانت رحلة الباخرة من القاهرة إلي الأقصر والعودة تستغرق أربعين يوما وتكلف‏110‏ جنيهات‏,‏ وكان جدول زيارة الأقصر يتضمن التوقف لمدة عشرة أيام لزيارة الآثار‏,‏ وإذا هبت ريح معاكسة فقد يؤدي ذلك إلي إطالة زمن الرحلة‏,‏ وقد أوصي دليل ويلكنسون لعام‏1843‏ بضرورة غمر المركب المستأجر بالماء تماما ثم تفريغه قبل القيام بالرحلة لتخليصه من الفئران والحشرات‏,‏ ونصح السائح بأن يحمل معه مصيدة فئران حديدية‏,‏ وقفص من الدجاج‏,‏ وبقسماط‏,‏ لأن الخبز لا يتوفر في القري علي الطريق‏..‏ وحول متعة الرحلة بالدهبية الخاصة ومقارنتها بالباخرة الأرخص سعرا التي تحمل ما بين‏25‏ 30‏ سائحا معهم الطبيب والترجمان عقد دليل موراي المقارنة عام‏1880‏ بقوله‏:‏ إن السفر بالقارب الخاص بك يجعلك سيد نفسك‏,‏ لأنه إلي جانب وجودك وسط مجموعة من الناس الذين لا تعرفهم‏,‏ فإن عليك أن تفعل كل شيء في وقت محدد‏,‏ ولا يترك لك إلا وقت معلوم من الساعات أو الدقائق لزيارة المواقع الأثرية‏..‏ وتخيل أنك لن تقضي في معبد الكرنك الأسطوري سوي ساعة زمن لأن توقيت الغداء في الباخرة قد حان‏..‏ اختر الدهبية وإياك والباخرة حتي لا تكون داخل شحنة واحدة يفرغونها علي البر كالجراد وسرعان ما يجمعونها بعد دقائق معدودات‏..‏ وقد أوصت الطبعة الأولي من دليل ويلكنسون السائح الذاهب إلي الأقصر بأن يحمل معه فراشا ومقشة ليكنس الأرض عند الإيوان الأول بالكرنك حتي يجهز مكانا لفراشه‏,‏ ومن ملاحظات المستشرق اللورد ليندساي في عام‏1836‏ أن ما يمنع النساء الإنجليزيات من قضاء الشتاء في طيبة كما يفعلن الآن في روما وباريس‏,‏ هو عدم وجود فندق في مدينة سيزوستريس‏,‏ ولو أقيم فندق هناك لحقق أرباحا كبيرة‏,‏ وجاء عام‏1877‏ ليقدم توماس كوك علي خطوة افتتاح فندق الأقصر وبعدها ظهر فندق جراند أوتيل ثم فندق الكرنك الذي تم إغلاقه عام‏1914‏ لعدم وجود السياح‏,‏ ومع بداية العشرينيات تم تحويله إلي مدرسة‏..‏ وكانت هيلاري كلينتون في عهد تولي زوجها رئاسة الولايات المتحدة قد قامت بزيارة للأقصر وشربت الشاي الملكي في شرفة فندق ونتر بالاس‏,‏ وأثناء زيارتها كانت هناك مشكلة المياه الجوفية شرق الكرنك‏,‏ وبعد مغادرتها مصر ب‏48‏ ساعة أرسلت خمسين مليون دولار من أجل صرف المياه قائلة إنه تعبير بسيط عن حبي للبلد الجميل‏..‏ ولابد وأن ندعو هيلاري لزيارة الأقصر الآن‏,‏ التي سوف تحبها أكثر وأكثر‏,‏ خاصة أنها عند مرورها بجوار طابور الحناطير في طريقها للكرنك‏,‏ ستستنشق أطيب رائحة‏,‏ فالأوامر تقضي بثلاثة حمامات شاور بالشامبو المعطر يوميا لخيول الأقصر بلدنا‏.‏
و‏..‏ قبل مغادرتي الأقصر المدينة التي تعانق نهر النيل كحبيب لف ذراعيه حول محبوبته التي لم يرها منذ زمن‏..‏ الأقصر مدينة الألف باب‏..‏ أرض الإعجاز تاريخا وحاضرا ومستقبلا‏..‏ قبل الرحيل بحقيبة السفر عدت لألقي نظرة لتحت‏..‏ تعالي جنبي وبص لتحت‏..‏ للعمق‏..‏ انت شايف اللي أنا شايفاه‏..‏ طريق الكباش الذي يتخلق‏..‏ الطريق الذي بدأه الملك أمنحوتب الثالث منذ أكثر من خمسة آلاف عام‏,‏ ليكمله الملك نخبتو آخر ملوك الفراعنة في الأسرة الثلاثين‏,‏ ويخرجه في عام‏2009‏ محافظ الأقصر الجنرال سمير فرج من رحم المستحيل‏..‏ و‏..‏ أين يا أطلال جند الغالب‏..‏ أين آمون وجند الراهب‏..‏ ها هنا الوادي وكم من ملك صارع الدهر في ظل الكرنك‏.‏
[email protected]
المزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.