تستطيع أن تخدع بعض الناس كل الوقت وتستطيع أن تخدع كل الناس بعض الوقت, ولكنك لا تستطيع أن تخدع كل الناس كل الوقت تلك مقولة لا أعرف من قائلها, ولكنها انطبقت حرفيا علي شعب مصر وتحديدا شبابها. وقد قلت في كلمة سابقة قبل أن تتبلور ملامح الثورة إن الشئ الذي يجب أن يعيه النظام ويفهمه جيدا أن ما يجب أن يقلق منه ليس هو عدد المتظاهرين في ذلك الوقت بل هو عدد المتعاطفين معهم, وقد اتضح أن الغالبية العظمي من الشعب تتعاطف معهم ووقف الآباء والأمهات وراء ابنائهم وساندوهم وهم يعلمون أن هؤلاء الأبناء يقفون في ميدان التحرير, وقد تعرت صدورهم أمام الرصاص. الأمر الشائع بيننا الآن أن هؤلاء الشباب الأبطال خرجوا في بداية الأمر بشكل عفوي يطالبون بمطالب بسيطة مثل الحياة الكريمة والعدالة الاجتماعية والقضاء علي الفساد ومع تزايد أعداد المتظاهرين من عشرات الآلاف إلي مئات الآلاف إلي الملايين تزايدت المطالب وارتفع سقفها إلي حد المطالبة بإسقاط النظام ورحيل رئيس الجمهورية نفسه. وبرغم التنازلات التي قدمت لهم واحدا تلو الآخر, ولكن ببطء شديد, فقد أثبتت الأحداث أنهم مقاتلون اشداء في الميدان الصحيح, بينما كان الرئيس مبارك أيضا مقاتلا عنيدا ولكن في الميدان الخطأ. وقناعتي أنه ربما خرجت المظاهرات في بدايتها بشكل عفوي ليس لها زعيم أو قيادات, ولكن تسلسل الأحداث من25 يناير وحتي إعلان تنحي الرئيس, والتي أظهر فيها المتظاهرون أنهم علي قدر عال من التنظيم والثبات المستميت علي موقفهم حتي النهاية التي حددوها, يشير وربما يؤكد أن علي رأسهم زعيما شبحا وقيادات لم تظهر إلي العلن, وعندما يظهر هذا الزعيم وهؤلاء القيادات فإن مكانهم الذي يستحقونه هو أن يحملوا علي الأعناق, ويحتلوا مكانهم عن جدارة في النظام الجديد الذي سيحكم جمهورية مصر العربية الجديدة.