بين ليلة وضحاها, تغير وجه مصر, عادت الفرحة والتفاؤل, وتلاشت ملامح الغضب والقلق, عاد الأمن والأمان بعد رحيل النظام السابق, وتولي القوات المسلحة المسئولية في هذه المرحلة الحساسة من عمر البلاد لتبدأ مرحلة جديدة قوامها الإصلاح والتقدم والتمسك بالديمقراطية. ومع بداية هذه المرحلة الانتقالية, تتصاعد الآمال والطموحات في شكل جديد للمحروسة, والسؤال الذي يتردد في جنبات الشارع المصري, ما هو الدور المنتظر للقوات المسلحة الفترة المقبلة؟ في البداية يقول اللواء متقاعد عبدالجابر أحمد الخبير الاستراتيجي, إنه لابد أولا من التفريق بين دور القوات المسلحة داخليا وخارجيا, فهي بالدرجة الأولي منوطة بالحفاظ علي أمن مصر الخارجي وحدودها, وأن الموجود منها حاليا داخل البلاد ليست هي كل القوات المسلحة بكل طاقتها بل ان هناك فروعا منها أخري بقادتها موجودة للدفاع عن الوطن. ويضيف اللواء عبدالجابر أن الجيش قام بدور كبير في نجاح الثورة من خلال الحماية التي وفرها للمتظاهرين, وإعلانه صراحة أنه يؤيد المطالب المشروعة للشعب وأنه لن يفكر علي الاطلاق في اطلاق النار علي أي متظاهر, وأشار الي أن القوات المسلحة وفرت ستارا من الأمن والحماية لثورة الشباب, لاسيما بعد هجمة البلطجية عليهم في يوم الأربعاء الشهير بالجمال والخيول. ويطالب اللواء عبدالجابر أبناء25 يناير بمساعدة القوات المسلحة في أداء مهمتها من خلال النزول للعمل, خاصة أن المهمة باتت في أيد أمينة, وأيضا أن تقوم باقي طوائف الشعب بنفس الدور بالتركيز علي أعمالها وتوفير الهدوء للقيام بكل هذه المهام الجسام في الفترة الحالية. ويري ضرورة عودة قوات الشرطة في أسرع وقت ممكن لعملها لتوفير الأمن للناس لأن الجيش لديه مهام أخري أكثر أهمية, وأن تتم إعادة جسور الثقة بين الشرطة والشعب بعد الفترة العصيبة الماضية تدريجيبا لأنه من المستحيل أن يستغني طرف عن الآخر.. لاسيما أن هؤلاء الضباط والجنود يمثلون جزءا من الناس لايمكن فصله عنهم. ويشير اللواء نبيل شكري الخبير الاستراتيجي الي أن الجيش أظهر قدرا من الحضارة في التعامل مع المتظاهرين لم يشهده التاريخ من قبل, فقد أعلن مساندته لمطالب الشعب من الوهلة الإولي ولم يتخذ جانب القيادة السياسية, ووفر الحماية لكل من شارك في هذه الثورة الرائعة التي حاول النظام السابق بكل غباء اخمادها في معركة الحصان والجمل, وهي خطوة كانت تتسم بالجهل وأنه لابد من التحقيق فيها والإعلان عمن وراءها في أسرع وقت ممكن. وواصل اللواء شكري كلامه عن تصوره للمرحلة المقبلة بقوله إنه يجب وضع قانون لمحاسبة الوزراء, لأنه علي مدار60 عاما لم يتعرض أي مسئول للحساب من مجلس الشعب, وأن يكون اختيار نائب الرئيس بالانتخاب أيضا, وأن يتم النظر للشباب وأحلامه والقضاء علي العشوائيات وأن يكون القانون سيد كل شئ في المجتمع وأن يتم اختيار عناصر الشرطة من ضباط وجنود بعناية وتوفير جميع الامكانات المادية لرفع مستوي معيشتهم حتي ينفذوا مهام عملهم بكل كفاءة. ويقول اللواء فؤاد نصار إن القوات المسلحة تؤدي رسالة مهمة في هذه المرحلة قوامها الحفاظ علي الأمن الداخلي والخارجي معا, والوصول بالبلاد الي بر الأمان, وأنه يشدد علي ضرورة عودة الشرطة الي عملها بسرعة حتي يتفرغ الجيش لمهمته الأساسية. ويضيف اللواء نصار أن الجيش نجح بدرجة فائقة في تأمين المنشآت الحيوية, وتوفير الخبز والقمح في الفترة السابقة الحرجة, بخلاف تأمين البنوك ومكاتب البريد, كما أن وحدات الاطفاء التابعة له كانت جاهزة لمواجهة أي موقف, ونفس الشئ للمستشفيات العسكرية التي كانت علي أهبة الاستعداد لاستقبال الحالات التي ترد إليها. ويري الفريق أحمد صلاح عبدالحليم الخبير الاستراتيجي, أن القوات المسلحة مكلفة بمهام جسيمة خلال هذه الفترة, وأن الجميع يتمني لها التوفيق في القيام بها, وأن المؤسسة العسكرية علمت كل من ينتمي لها بأن هناك ما يسمي بتقدير الموقف وطرح المشكلة والحلول المقترحة, وأنه لا خلاف أن المشكلات كثيرة سواء الاقتصادية أو السياسية والجميع يشعر بأن القوات المسلحة هي الملاذ في هذه الظروف. ويضيف الفريق عبدالحليم أن عملية إعادة البناء واستعادة الثقة في الاقتصاد تمثل الأولوية للجيش في المرحلة الحرجة الحالية, في ظل الخسائر التي توالت خلال الأيام الماضية, فالأرقام التي خرجت عن خسائر السياحة والبورصة تثير الفزع وتدفع الجميع للتكاتف والتعاون لإعادة مصر الي وضعها الطبيعي بين الدول المتقدمة. وتحدث الفريق عبدالحليم عن أبناء ثورة25 يناير بقوله إن جيل المرحوم خالد سعيد ووائل غنيم لا يقل عن جيل حرب اكتوبر العظيم, فقد ضحي هو الآخر بالروح والدم من أجل إعادة الحرية لبلادنا وأن هذا الشباب والشهداء الذين سقطوا يستحقون كل تحية واحترام. ويري اللواء صلاح المناوي الخبير الاستراتيجي, أن دور القوات المسلحة في هذه الفترة مهم وخطير للغاية, لأنه لابد من إعادة النظام الي الوطن مرة أخري بعد فترة من التخبط, وتنفيذ المطالب المشروعة للشعب, وأن البيانات التي خرجت من المؤسسة العسكرية عكست تفهمها لهذه المطالب ومن بينها أنها ليست بديلة عن الشرعية. ويقول اللواء محمد هيكل الخبير الاستراتيجي, إن المرحلة الجديدة من تاريخ مصر تتطلب نظرة سياسية واقتصادية قبل أي شئ آخر, لان الوصول الي هذين الجانبين يعني وضع البلاد علي الطريق الصحيح نحو التقدم, وأكد اللواء هيكل أن الجميع كان يدعو لنجاح هؤلاء الشباب في ثورتهم بعد أن انتفخت ملفات الفساد وتفاقمت المشكلات بشكل لم نشهده من قبل. وطالب بمراقبة العناصر الأخري التي كانت موجودة في النظام السابق وعدم السماح لهم بالسفر للخارج, وإيقاف رحلات الطائرات الخاصة تجنبا لهروب أي مسئول وإجراء تعديل بسيط في الحكومة الحالية.