أزمة السكر من الأزمات المتكررة التي ليس لها موسم محدد ولا أسباب منطقية.. فمجرد أن تنتهي أزمة السكر تبدأ أزمة جديدة والضحية هو المواطن البسيط الذي لا يستطيع الحصول علي كيلو السكر إلا بسعر6 جنيهات. البعض يقول إن هذه هي الأسعار العالمية الآن.. وآخرون يؤكدون أن الاحتكار هو السبب وراء ارتفاع الأسعار.. وفي ظل الاتهامات المتبادلة ضاعت الحقيقة وقبل الأزمة الأخيرة التي وصلنا إليها كان السكر يباع في المجمعات الاستهلاكية بسعر2.75 قرش للكيلو ويباع في السوبر ماركت والبقالة بثلاثة جنيهات, ولكن بعد الأزمة اختفي تماما في المجمعات قبل أن يعود للظهور في ثوبه الجديد بثلاثة جنيهات ونصف وأحيانا أربعة جنيهات أما في السوبر ماركت فيتراوح سعره بين أربعة وستة جنيهات وهذا الارتفاع الجنوني يثبت أن الأزمة تجد من يستغلها ليحقق المكسب السريع ولا يهتم بالمستهلك البسيط أحمد عبد العزيز مدير مجمع الأهرام الاستهلاكي بالدقي يوضح أن خلو المجمعات من السكر الحر بين الحين والآخر يرجع إلي حدوث أزمة في التوريد إلي المجمعات جميعها ولكن الشيء الذي أدهش العديد من المواطنين الذين أبدوا استياءهم هو الزيادة المفاجئة السريعة في الأشهر الماضية القليلة حتي وصلت إلي هذه الأيام ولكننا نحاول توضيح الأزمة بأنها لها علاقة بالارتفاع العالمي وليس الداخلي فقط. ويوضح محمد أبو شادي رئيس قطاع التجارة الداخلية أن ارتفاع أسعار السكر ليس في مصر وحدها ولكن علي المستوي العالمي أيضا بسبب المتغيرات المناخية وتناقص انتاج الدول المنتجة للسكر مثل الهند وأن مصر تنتج1.8 مليون طن سنويا بالرغم من أن احتياجاتها تصل إلي2.8 مليون طن سكر مما يعني اننا نقوم بإستيراد مليون طن سكر من الخارج, إلا أن الدولة ملتزمة بتوفير السكر بسعر3 جنيهات ونصف الجنيه في المجمعات الاستهلاكية وهي أسعار ثابتة لم تتغير فضلا عن توفير أسعاره في السكر المدعم علي البطاقات التموينية بواقع2 كيلو للفرد وهو ما يكلف الدولة نحو15 مليار جنيه وأن هناك مخزونا من السكر يكفي لمدة6 أشهر, وأن مصانع انتاج الحلويات لها حصص ثابتة من السكر ولا يمكن أن تحصل علي زيادة من البطاقات التموينية, كما يشاع بين المواطنين. ويقول الدكتور إبراهيم أدهم خبير اقتصادي إن سعر كيلو السكر قفز إلي6 جنيهات وذلك بسبب ارتفاع سعر السكر عالميا لأنه يستعمل كوقود حيوي بدلا عن البنزين في الدول الأوروبية, أما عن ارتفاع أسعار السكر في مصر فيرجع هذا الاحتكار للتجار عندما يرتفع السعر ليس دائما بمعني الجشع والاستغلال ولكن بمعني تعويض رأس ماله ومواصلة التجارة حتي يعيد دورة رأس ماله ولديه القوي المناسبة حتي يعوض خسارته, أما الجزئية الأخري فهي أن سلعة السكر التي يقومون باستخدامها كبديل طبيعي عن الوقود والمحروقات البترولية, فهناك اتجاه لذلك وأن مصر تعد من أعلي الدول المستخدمة للسكر فهي في الترتيب الثالث علي مستوي العالم, كما أن سلعة السكر من السلع المستخدمة بكثرة الأمر الذي سيستدعي ارتفاع أسعارها لمدة عشر سنوات مقبلة ولذلك الحل الوحيد هو لابد من ترشيد استخدامه لانه له العديد من الأضرار الصحية مثل مرضي السكر الذين يعانون من ارتفاع نسبة السكر في الدم الأمر الذي يكلف الدولة أعباء مالية اضافية لذلك فإن الترشيد الاستهلاكي هو الحل لأن السكر من السلع الاستهلاكية وليس من السلع الاستراتيجية مثل القمح والذرة والأرز التي تعد من أساسيات الحياة والمواد الغذائية, لذلك يمكن الاستغناء عن السكر وايجاد البديل له. وأكد صلاح عبد العزيز عضو شعبة المواد الغذائية بغرفة القاهرة التجارية أن السكر يباع بأسعار تتراوح بين4 جنيهات و4.25 للكيلو وأنه لا صحة للشائعات حول احتكار التجار والمصانع ولكن هناك من يقومون بشراء كميات كبيرة من الأسواق من السكر ويستخدمونه في الأكلات والحلويات. وعلي الجانب الآخر يشكو الحاج سليمان فتحي صاحب محال البقالة الشهيرة بالسيدة زينب أن المشكلة تكمن أيضا في تجار ومصانع المياه الغازية التي احتكرت السكر وقامت أيضا برفع سعر المياه الغازية مما أدي إلي ضعف الاقبال علي شرائها من قبل المواطنين, كما أن كيلو السكر وصل إلي6 و7 جنيهات في بعض محال السوبر ماركت التي تتعامل مع الطبقات الراقية والجماهير تعاني من ارتفاع سعره لانهم لا يستطيعون الاستغناء عنه مهما كلفهم الأمر علي الأقل في تناول الحلويات والشاي. وتشكو سهام سيد ربة منزل من أن أسعار السكر بمحلات البقالة تتراوح بين4 و5 جنيهات للكيلو بعد أن كان بجنيهين فقط قبل أشهر قليلة مشيرة إلي أن السكر الذي تحصل عليه من بطاقات التموين لا يكفي احتياجات الأسرة وطالبت بزيادة الكميات المقيدة علي البطاقات لمواجهة زيادة الأسعار في القطاع الخاص والمجمعات الاستهلاكية أيضا. وأوضح محسن عبد الوهاب رئيس جمعية حماية المستهلك أن أسعار السكر وصلت إلي4.5 جنيه مؤكدا أن الاقتصاد المصري أصبح حرا وليس موجها وجمعيات حماية المستهلك لا تستطيع التدخل في أسعار المنتجات وارتفاع السكر من المنتجات المدعمة في بطاقة التموين ولا أحد يستطيع بيع هذه السلع المدعمة, كما أن السبب الرئيسي في هذه الزيادة يرجع إلي أزمة فيضانات البرازيل التي تعد من أكبر الدول انتاجا للسكر مما أدي إلي زيادة سعره وما فعلته الحكومة هو الغاء الجمارك علي السكر لتفادي أزمة نقصه وزيادة السعر. ومن المعروف أن صناعة السكر من الصناعات القديمة في مصر, حيث بدأت في مصر منذ عام1858 م عندما أنشيء أول مصنع لتصنيع قصب السكر في المنيا ويبلغ اجمالي انتاج السكر فيها نحو مليون و755 ألف طن.