لم أكن ضارب ودع أو قارئ كف عندما أكدت, علي هذه الصفحة في الأهرام, بعد مضي أربع وعشرين ساعة علي حادث تفجير كنيسة القديسين الاثنين3 يناير أن الجيش الإسلامي في غزة بقيادة ممتاز دغمش هو الجهة التي نفذت التفجيرات, وهو ما أكده السيد حبيب العادلي وزير الداخلية أثناء إلقائه خطابه في عيد الشرطة الأحد الماضي. لكننا كنا نرصد ونتابع منذ أكثر من أربع سنوات مسيرة واستراتيجية وأهداف هذا التنظيم إضافة لارتباطاته المحلية والإقليمية والدولية. قبلها كنا قد وضعنا يدنا علي طريقة تنفيذ القاعدة لعملياته, التي تتمثل في الاعتماد في التنفيذ علي المحاور القريبة من الهدف, فتنظيم القاعدة في اليمن يتولي منطقة السعودية والخليج, وتنظيم القاعدة في العراق يتولي الأردن ولبنان, وتنظيم القاعدة في المغرب يتولي موريتانيا والجزائر. ونظرا لفشل تنظيم القاعدة المتواصل في إقامة قاعدة متقدمة له في مصر, بعد قضاء أجهزة الأمن علي محاولته الأولي في سيناء( تنظيم التوحيد والجهاد بقيادة طبيب الأسنان خالد مساعد), فلابد من الاعتماد, في حال وجود قرار باستهداف مصر, علي تنظيم الجيش الإسلامي الموالي للقاعدة في غزة. أكد هذا الرصد المعلومات التي تواترت بعد ذلك أثناء التحقيقات في قضايا شرم الشيخ ودهب وبعدهما المشهد الحسيني في عام2009, فقد ثبت من التحقيقات في القضية رقم230 لسنة2009 حصر أمن دولة عليا المعروفة إعلاميا بتفجيرات المشهد الحسيني استغلال اثنين من المخططين للعملية وهما: خالد محمود مصطفي, وأحمد محمد صديق, لغزة كملاذ آمن, بعد هروبهم من مصر عبر الأنفاق علي خلفية إحدي قضايا الإنتماء لتنظيم القاعدة التي أعلن عنها في القاهرة منتصف عام2007, وانضمامهم لتنظيم الجيش الإسلامي بقيادة ممتاز دغمش, كما ورد أسماء اثنين من أعضاء تنظيم دغمش وصفا بأنهما قاما بعملية تدريب المتهمين الذين نفذوا العملية وهما أشرف مظلوم, وإسلام صالح ياسين, كما ثبت من التحقيقات في القضية رقم867 لسنة2005 المعروفة إعلاميا بتفجيرات شرم الشيخ, والقضية رقم409 لسنة2006 المعروفة إعلاميا بتفجيرات دهب, دخول المتهمين أيمن محمد حسين محارب, ويسري محمد حسين محارب, وعطوان عيد القرم, ومحمد عبدالعزيز نافع, وعطا الله عيد القرم, تحت قيادة نصر خميس الملاحي, إلي غزة بمساعدة أحد كوادر حركة حماس ويدعي ماجد الدري حيث تلقوا تدريبات علي صناعة المتفجرات والعمليات الانتحارية, علي يد مجموعة ممتاز دغمش, أو ما يعرف بالجيش الإسلامي في منطقة صبرة التي تعتبر إحدي مناطق الحكم الذاتي في غزة. جيش الإسلام: وجيش الإسلام تنظيم متطرف أعلن عن نفسه في قطاع غزة رسميا بدايات عام2006, حيث كان يطغي عليه الطابع العائلي, فقد كان يضم بشكل رئيسي أفرادا من عائلة دغمش من ذوي الميول السلفية الجهادية, قبل أن يفتح أبواب منطقة نفوذه لعناصر من مصر واليمن والجزائر وباكستان والصومال والمغرب العربي. وممتاز دغمش شاب في الثلاثينيات من عمره من مواليد منطقة الصبرة في غزة والتي يطلق عليها أيضا منطقة الدغامشة لغلبة عائلته علي سكان المنطقة, التحق بجهاز الأمن الوقائي بعد تدشين السلطة الوطنية عقب اتفاقات أوسلو, لكنه سرعان ما غادر الأمن الوقائي, عقب انتفاضة الأقصي ليلتحق بألوية الناصر صلاح الدين, التي ترددت معلومات تشير إلي أنها صنيعة حمساوية للقيام بالأعمال التي لا ترغب الحركة في نسبتها إلي مقاتليها. استطاع دغمش في وقت قصير أن يستقطب العديد من أبناء جيله للانخراط في التنظيم الوليد كما أسهم دغمش بشكل مباشر عقب الانقلاب الدموي لحركة حماس في غزة, في عمليات خطف واغتيال طالت قيادات من حركة فتح والأجهزة الأمنية كان أهمها اغتيال العميد راجح أبولحية ومحاولات اغتيال اللواء طارق أبورجب نائب رئيس المخابرات الفلسطينية, وخطف واغتيال اللواء موسي عرفات, حتي جاء إعلان الحركة عن مشاركة دغمش وجيشه الإسلامي في عملية الوهم المتبدد27 يوليو2006 لتزيح الستار عما كان خافيا من علاقة بين حركة حماس وممتاز دغمش والجيش الإسلامي, بعدها ذاع اسم دغمش في كل أجهزة الإعلام العالمية عقب إعلانه عن خطف مراسل هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي الصحفي الاسكتلندي آلان جونستون في غزة بتاريخ12 مارس.2007 جاءت عملية الاختطاف وما صاحبها من مفاوضات قامت بها حركة حماس انتهت بالإفراج عن الصحفي بعد مرور114 يوما علي اختطافه ليؤكد المدي الذي وصلت إليه العلاقة بين دغمش وحركة حماس. القاعدة تمنع استهداف المسيحيين: الحقيقة أننا بإزاء علاقة مركبة وخيوط متداخلة التعرف عليها جيدا يرسم لنا صورة مقربة عما يحدث, فإذا أخذنا في رصد تهديد تنظيم قاعدة بلاد الرافدين للمسيحيين المصريين, وتنفيذ رجال الجيش الإسلامي بقيادة ممتاز دغمش للعملية, في الوقت الذي يصرح فيه أيمن الظواهري القائد الميداني لتنظيم القاعدة بأن هذا النوع من العمليات يضر بسمعة التنظيم دوليا ومحليا, ويصف العمليات ضد النصاري في مصر في الطبعة الثانية من كتابه فرسان تحت راية النبي بأنه عمل لا تفهمه الأمة ولا يساعد علي حشدها تحت راية الجهاد, مضيفا بأنه عمل غير مجد, نصبح أمام لغز كبير لا يمكن التعامل معه دون دراسة دقيقة لما يحدث منذ انقلاب حماس الدموي في غزة, وهذا الكم من التنظيمات التي تعلن( من طرف واحد) ولاءها لتنظيم القاعدة, دون أن نشهد اعترافا واحدا بأي منها من قبل أسامة بن لادن أو أيمن الظواهري. في الوقت الذي تقوم فيه هذه التنظيمات بعمليات يعتبرها المسئول الميداني عن التنظيم أيمن الظواهري تضر بسمعتهم وسمعة القاعدة. ما الموضوع إذن؟ وأين تكمن القضية؟. القضية من وجهة نظري تكمن في التحالف الضخم بين فصيل من تنظيم القاعدة يمكث قياداته علي الأراضي الإيرانية, وبين تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين المؤمم بالكامل لمصلحة الاستراتيجية الإيرانية, وبين إيران التي تتحالف من جهة أخري مع عدد من التنظيمات في المنطقة في المقدمة منها حركة حماس. إن وجود تنظيم القاعدة بقوة في غزة تحت سمع وبصر حركة حماس التي لا تسمح لقيادي من حركة فتح من المقيمين في رام الله, بزيارة أهله أو حضور جنازة أحد أقاربه مهما كانت الأسباب يثير الدهشة, خاصة إذا علمنا أن تنظيم القاعدة أو أي تنظيم آخر من الذين راحوا يعلنون ليل نهار ولاءهم لأسامة بن لادن لم يكن له أي وجود حتي مطلع عام2005, وإنما تزامن الإعلان عن تلك التنظيمات مع فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية وتشكيلها لحكومتها الأولي في2005/3/29 وفق توجه ونهج إيراني, يبدي استعدادا للتعاون مع أمريكا في الملف النووي, وضبط فوضي المنطقة, ويدعم من جهة أخري تنظيم القاعدة في العراق, ويأوي عناصرها في طهران, ويطالب بترك منظماتها في غزة حتي يحين وقت استخدامها, والبقية تأتي.