كان جمالها كالبركان الساكن تحت الجليد. هكذا وصف المخرج العالمي هيتشكوك جريس كيلي التي ظهرت في عصر الجمال الزاعق المهذب المحاط بهالة من الأرستقراطية والمهابة مثل آفجاردنر ولانا تيرنر وانجريد بيرجمان وديانا دوريس وريتا هاورث وغيرهن. ورغم أن جريس كيلي وهي من مواليد عام1929 ولدت في أسرة غنية إلا أن نداهة الفن والتطلع إلي العمل في هوليوود عاصمة السينما جعلها تترك ملايين أبيها وتقبل العمل في الإعلانات للفت الأنظار وهو ما تحقق بالفعل. وبعد عدة أفلام وقفت فيها أمام عمالقة السينما العالمية مثل كاري جرانت وكلارك جيبل استطاعت أن تحصل علي الاوسكار عام1954عن فيلم فتاة الريف بطولة بنج كروسبي وجريس كيلي ووليام هولدن. لفت جمال جريس الأنظار ويقال إن شاه إيران محمد رضا بهلوي عرض عليها الزواج لكنها رفضت, فلا يعرف أحد في الزواج نصيبه. في عام1955حضرت جريس كيلي مهرجان السينما في مدينة كان الفرنسية( يعقد سنويا في شهر مايو منذ عام1946) بمناسبة عرض فيلمها فتاة الريف عندما عرضت عليها مجلة باري ماتش الشهيرة أن تسجل لها عدة صور في قصر الأمير رينيه أمير موناكو علي بعد بضعة كيلو مترات من كان. كان الواضح أن المجلة قرأت ملامح أميرة في جريس فأرادت أن تسجل صورها في قصر أمير حقيقي! تحتل إمارة موناكو مكانا صغيرا بين فرنسا وإيطاليا لا تتجاوز مساحته كيلو مترين مربعين يسكنه نحو33 ألفا معظمهم من الأجانب المستثمرين الذين وفدوا إلي الإمارة بسبب ضرائبها الضئيلة جدا وفيها كازينو مونت كارلو الشهير. ولذلك تعتبر موناكو ثاني أصغر دولة في العالم بعد دولة الفاتيكان. وفي ذلك الوقت من عام1955كان الأمير رينيه( مواليد1923) قد مضي عليه ست سنوات أميرا لموناكو خلفا لوالده وهو في سن ال32 وقد راح مواطنوه يحلمون معه في زواجه وإنجابه ولي العهد. وكان رينيه قبل توليه قد عاش قصة حب استمرت ست سنوات مع الممثلة الفرنسية جيزيل باسكال التي كانت تكبره بعامين, لكن العلاقة لم تنته بالزواج بسبب فحص طبي أفاد أن جيزيل غير قادرة علي الانجاب, ومن المفارقات أنه بعد انفصالهما تزوجت جيزيل عام1955من الممثل الفرنسي الشهير ريموند بيللجرين وأنجبت منه باسكال بيللجرين التي أصبحت ممثلة بدورها. قامت جريس كيلي بجولة في قصر الأمير رينيه سجلت لها خلالها عشرات الصور, وعندما بلغت قاعة العرش وكانت خالية جلست علي المقعد الذهبي ووضعت التاج علي رأسها ولعلها حلمت بأن تكون ملكة. أنهت جريس الجولة وبينما كانت تستعد للانصراف وجدت الأمير رينيه يقف أمامها وكان قد وصل لتوه من الخارج فأخذ يرحب بها وصحبها في جولة في حديقة حيوان تابعة للقصر. واندهشت جريس عندما رأت الأمير رينيه الثالث يمسك قضبان قفص الأسد بيديه في شجاعة غير حافل بشراسته مما جعلها تشعر بنوع من الإعجاب برجولته. وعند انصرافها ظل الأمير يتبعها ببصره حتي اختفت, وبعد قليل كان رينيه يطير إلي أمريكا ويطلب يد جريس كيلي من والدها. تم لقاء رينيه وجريس لأول مرة في مايو1955, وفي19 أبريل1956كان حفل الزفاف الذي كان حديث العالم وشارك فيه500 من المدعوين من بينهم أفا جاردنر. والملك فاروق ملك مصر السابق, وأغاخان وزوجته. كان أول زفاف ملكي ينقله التليفزيون بالبث المباشر وتابعه30 مليون مشاهد. كانت الأميرة جريس كيلي نموذجية في حياتها كامرأة جديرة بالاحترام وكزوجة وكأم وقد انجبت من زوجها ثلاثة أبناء: كارولين, وألبرت( أمير موناكو حاليا) وستيفان. إلا أن كارولين أحبت موظفا في أحد البنوك يكبرها ب71 سنة وتزوجته علي غير رضا جريس كيلي. وفشل الزواج كما توقعت جريس وطلقت الابنة وعمرها23سنة. أما الفتاة الصغري ستيفان أوالفتاة المتمردة, كما تصفها جريس فقد هوت الغناء وتصميم الأزياء مع التركيز علي مايوهات السباحة. ومع بداية1982بدأت جريس كيلي تعاني من صداع عنيف كان يؤثر علي نظرها. وبرغم أنها لم تكن تحب القيادة بسبب ضعف بصرها فقد صرفت سائقها واستقلت سيارتها يوم13 سبتمبر1982 وجلست خلف عجلة القيادة وإلي جانبها ابنتها ستيفاني. وفي طريق طويل كثير المنحنيات وعند آخر منحني للطريق كانت النهاية المأساوية لأسطورة جريس كيلي, ففي سرعة هوت السيارة وماتت الأميرة جريس ونجت ابنتها ستيفاني وأسدل الستار علي قصة واحدة من أسعد الزيجات ولكن بمأساة!