حينما تحدث اضطرابات أو عدم استقرار في أي دولة تسارع الوكالة اليهودية بالاطمئنان علي أفراد الطائفة اليهودية المقيمين في تلك الدولة . وفي بعض الحالات تقوم بترحيلهم بوسيلة أو بأخري إلي إسرائيل وبعد ثورة الشارع التونسي التي أطاحت بزين العابدين بن علي.ومن خلال ما ينشر في إسرائيل عن الطائفة اليهودية في تونس يتبين أن عدد أفراد هذه الطائفة يتراوح بين1500 إلي2000 شخص منهم1100 يقيمون في مدينة جربة وبها ثلاث مدارس يهودية والباقي في العاصمة تونس وبها مدرسة واحدة وطبقا لاحصائيات الوكالة اليهودية فإن هناك حوالي42300 من يهود تونس هاجروا إلي إسرائيل منذ قيامها عام1948 منهم16 يهوديا وصلوا إسرائيل عام2010 أعضاء هذه الطائفة يؤكدون أنهم ينعمون بحياة آمنة في تونس وأن الأحداث الأخيرة لم تؤثر علي علاقتهم الطيبة مع جيرانهم المسلمين وأنهم يمارسون شعائرهم الدينية بحرية تامة حتي في ظل الظروف الأخيرة ومخاوفهم مثل مخاوف باقي التونسيين هي فقط من المستقبل أما حاخام المعبد اليهودي الكبير في العاصمة تونس' بنيامين خطاب' فيؤكد أن كل شئ علي ما يرام ويضيف أن المدارس اليهودية التي يدرس فيها مئات التلاميذ تعطلت مثل باقي مدارس تونس نتيجة للأحداث الجارية أحد أفراد الطائفة اليهودية في جربة ويدعي' حاي كاموس يقول أنه لا يشعر بأي خوف أو قلق علي سلامة عائلته لكن القلق فقط علي ما ستتمخض عنه الأيام المقبلة. و معظم يهود تونس الذين هاجروا إلي إسرائيل علي مدي السنوات الماضية يقيمون في منطقة- كريات ملاخي وهؤلاء لهم طقوس خاصة يمارسونها وأهمها' الزار' لطرد الشياطين والعفاريت وعلاج الحالات النفسية التي تصيب بعض الناس دون سبب واضح وأشهر المتخصصين في حفلات الزار هو' سيلفان ميمون' وفرقته من العازفين وهؤلاء يعزفون موسيقي' أسيد' وهي تشبه الموسيقي الصاخبة المنتشرة بين الشباب والتي يرقصون عليها حتي فقدان الوعي وطقوس الأسيد أو الموسيقي الصاخبة المصاحبة للزار تسمي بالتونسية اسطمبولي وهذا الأسم يطلق علي طقوس تمارس منذ زمن بعيد بهدف طرد الأرواح الشريرة والعفاريت عن طريق عزف عالي الإيقاع يرقص عليه المريض أو صاحب الحالة لفترة طويلة دون توقف حتي يسقط مغشيا عليه فاقدا للوعي! ويؤمن كبار السن من يهود تونس أنه بمساعدة هذا الرقص الهستيري يقوم المريض بتطهيرنفسه من الطاقة السلبية ويتحرر من الأحزان التي ألمت به وفي كريات ملاخي بإسرائيل يعتبر الاسطمبولي هو البديل الشعبي للطب النفسي والمرجع أو الحجة في شئون طقوس الاسطمبولي سيلفان ميمون يمضي معظم ساعات اليوم في محل الحلواني الخاص به وفي المساء يتوجه بصحبة فرقته لإجراء طقوس الزار التي ورث أسرارها عن والده أما جده فكان يعزف علي الطبلة في الأفراح بتونس وكان المتبع في الأفراح أن يخرج العريس والعروس إلي الشارع وخلفهم أفراد الأسرة والأصدقاء يحملون تورتة الفرح ويصاحب الجميع فرقة عازفي الطبول والدفوف ويقول سيلفان: رغم أن والدي كان أصم إلا أنه كان عازفا ماهرا علي آلة المزمار وألف العديد من الأغاني مازلت أقوم بغنائها في المناسبات التي أحضرها حتي اليوم, وعن الزار يقول سيلفان إن هناك أناسا يتعرضون لأزمات أو محن تصيبهم بحالة حزن واكتئاب وآخرين يفقدون هدوءهم وسلامتهم النفسية والبعض يري عفاريت أو يسمع أصواتا غريبة وقد لا يستطيعون النوم ليلا ويضيف في هذه الحالة نتوجه إلي صاحب الحالة لمساعدته في حل مشكلته فأقوم بالعزف علي طبلة مصرية كبيرة ويصاحبني ابني الذي يعزف علي المزمار إضافة إلي عازف الدربكة وراقصة وتقوم أسرة المريض بدعوة الضيوف من الأقارب والجيران لحضور الزار ويتم إعداد طعام تونسي تقليدي وأقوم بإحضار البخور وإلقائه علي الفحم المشتعل فيتصاعد منه دخان يطهر البيت. وبعد أن يحضر جميع الضيوف ويضعون الحنة علي أيديهم نقوم أنا والفرقة بالعزف والغناء في الوقت الذي تمر فيه سيدة وفي يدها مبخرة يتصاعد منها الدخان لتوزعه في كافة أرجاء البيت بعد ذلك يجلس الضيوف إلي مائدة كبيرة لتناول الفطائر التونسية وبحلول الليل تبدأ الفرقة في ترديد الأغاني العربية مع انضمام الضيوف للرقص والتصفيق الحاد بالأيدي وتقوم راقصة الفرقة بالرقص مع المريض حيث يتصاعد إيقاع الرقص ويقوم المريض بتحريك رأسه علي الجانبين ويتمايل بجسده إلي الأمام وإلي الخلف ويظل يرقص في هستيريا تامة حتي تخور قواه ويسقط علي الأرض وعن العفاريت يقول ميمون: إن هناك بالفعل عفاريت وأرواحا ونحن أثناء الزار نقوم بالتحدث إليهم ونطلب منهم بعض الطلبات بعد أن نوضح لهم أن أصحاب البيت أناس طيبون وأشهر زبائن الزار في إسرائيل هم يهود تونس والمغرب.