صور| وفاة أم حزنا على دخول ابنها في غيبوبة بعد تعرضه لحادث سير بطنطا    ننشر التفاصيل الكاملة للقاء المشترك بين مصلحة الضرائب واتحاد الصناعات    إسرائيل تقصف شحنة أسلحة تابعة لحزب الله    سعيدة نغزة تعلن ترشحها للانتخابات الرئاسية المقبلة بالجزائر    عاجل - مباشر حالة الطقس اليوم × الإسكندرية.. كم درجات الحرارة الآن في عروس البحر؟    عيد الأضحى 2024.. الإفتاء توضح مستحبات الذبح    هل يجوز الاضحية بالدجاج والبط؟ عالم أزهري يجيب    مصطفى كامل يتعرض لوعكة صحية خلال اجتماع نقابة الموسيقيين (تفاصيل)    بعد إصابته ب السرطان.. دويتو يجمع محمد عبده مع آمال ماهر في مكالمة فيديو    اندلاع مواجهات بين شبان فلسطينيين والاحتلال في بلدة أبو ديس شرق القدس المحتلة    زيلنسكي يصل إلى برلين للقاء شولتس    احتفالا بعيد الأضحى، جامعة بنها تنظم معرضا للسلع والمنتجات    عيد الأضحى في تونس..عادات وتقاليد    إيلون ماسك يهدد بحظر استخدام أجهزة "أبل" في شركاته    التجمع الوطني يسعى لجذب اليمينيين الآخرين قبل الانتخابات الفرنسية المبكرة    عمرو أديب: مبقاش في مرتب بيكفي حد احنا موجودين عشان نقف جنب بعض    أيمن يونس: لست راضيا عن تعادل مصر أمام غينيا بيساو.. وناصر ماهر شخصية لاعب دولي    ضياء السيد: تصريحات حسام حسن أثارت حالة من الجدل.. وأمامه وقتًا طويلًا للاستعداد للمرحلة المقبلة    زكي عبد الفتاح: منتخب مصر عشوائي.. والشناوي مدير الكرة القادم في الأهلي    صحة الفيوم تنظم تدريبا للأطباء الجدد على الرعاية الأساسية وتنظيم الأسرة    رئيس هيئة ميناء دمياط يعقد لقاءه الدوري بالعاملين    محافظ أسيوط يناقش خطة قطاع الشباب والرياضة بالمراكز والأحياء    بعد 27 عاما من اعتزالها.. وفاة مها عطية إحدى بطلات «خرج ولم يعد»    تراجع سعر الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الثلاثاء 11 يونيو 2024    مصر ترحب بقرار مجلس الأمن الداعي للتوصل لوقف شامل ودائم لإطلاق النار في غزة    إنتل توقف توسعة مصنع في إسرائيل بقيمة 25 مليار دولار    تعليق ناري من لميس الحديدي على واقعة تداول امتحانات التربية الوطنية والدينية    عيد الأضحى 2024.. إرشادات هامة لمرضى النقرس والكوليسترول    الحق في الدواء: الزيادة الأخيرة غير عادلة.. ومش قدرنا السيء والأسوأ    مختار مختار: غينيا بيساو فريق متواضع.. وحسام حسن معذور    وزراء خارجية بريكس يؤيدون منح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة    تحذير عاجل ل أصحاب التأشيرات غير النظامية قبل موسم حج 2024    مجموعة مصر.. سيراليون تتعادل مع بوركينا فاسو في تصفيات المونديال    «جابوا جون عشوائي».. أول تعليق من مروان عطية بعد تعادل منتخب مصر    إخماد حريق داخل حديقة فى مدينة 6 أكتوبر دون إصابات    مصرع سيدة صدمتها سيارة أثناء عبورها لطريق الفيوم الصحراوى    «اختار الأهلي».. كواليس مثيرة في رفض حسين الشحات الاحتراف الخليجي    أحمد كريمة: لا يوجد في أيام العام ما يعادل فضل الأيام الأولى من ذي الحجة    رئيس خطة النواب: القطاع الخاص ستقفز استثماراته في مصر ل50%    قصواء الخلالي: وزير الإسكان مُستمتع بالتعنت ضد الإعلام والصحافة    خبير اقتصادي: انخفاض التضخم نجاح للحكومة.. ولدينا مخزون من الدولار    إبراهيم عيسى: طريقة تشكيل الحكومة يظهر منهج غير صائب سياسيا    هل خروف الأضحية يجزئ عن الشخص فقط أم هو وأسرته؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    منتخب السودان بمواجهة نارية ضد جنوب السودان لاستعادة الصدارة من السنغال    وفد من وزراء التعليم الأفارقة يزور جامعة عين شمس .. تفاصيل وصور    مفاجأة في حراسة مرمى الأهلي أمام فاركو ب الدوري المصري    بالصور.. احتفالية المصري اليوم بمناسبة 20 عامًا على تأسيسها    «أونلاين».. «التعليم»: جميع لجان الثانوية العامة مراقبة بالكاميرات (فيديو)    إصابة 4 أشخاص في حادث انقلاب أتوبيس بالمنوفية    هل تحلف اليمين اليوم؟ الديهي يكشف موعد إعلان الحكومة الجديدة (فيديو)    وزيرة الثقافة تفتتح فعاليات الدورة 44 للمعرض العام.. وتُكرم عددًا من كبار مبدعي مصر والوطن العربي    عالم موسوعي جمع بين الطب والأدب والتاريخ ..نشطاء يحييون الذكرى الأولى لوفاة " الجوادي"    أخبار 24 ساعة.. الحكومة: إجازة عيد الأضحى من السبت 15 يونيو حتى الخميس 20    الرقب: الساحة الإسرائيلية مشتعلة بعد انسحاب جانتس من حكومة الطوارئ    منسق حياة كريمة بالمنوفية: وفرنا المادة العلمية والدعم للطلاب وأولياء الأمور    إبراهيم عيسى: تشكيل الحكومة الجديدة توحي بأنها ستكون "توأم" الحكومة المستقيلة    هل يجوز الأضحية بالدجاج والبط؟.. محمد أبو هاشم يجيب (فيديو)    وزير الصحة: برنامج الزمالة المصرية يقوم بتخريج 3 آلاف طبيب سنويا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في وداع طاهر أبوزيد
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 01 - 2011

وطاهر أبوزيد لمن لا يعرفه من أبناء هذا الزمان هو الاذاعي الرائد والاعلامي البارز والمفكر الكبير الذي غاب عنا منذ أيام قليلة‏,‏ عن ثمانية وثمانين عاما‏,‏ توزعت بين دور عصامي قام به في صباه وشبابه‏. دراسة وتحصيلا وإنضاجا لقدراته وتعميقا لثقافاته‏,‏ حتي انتهي به الامر بالتخرج في كلية الحقوق بعد كفاح مرير مع ظروف واقعه من أجل أن يحقق البداية الصحيحة التي سينطلق منها‏,‏ ثم تجيء مرحلة التحاقه بالعمل الاذاعي ضمن دفعة من الجيل الذهبي في مسيرة الإذاعة رجالا ونساء مذيعا‏,‏ ومقدما مبدعا لعدد من البرامج التي ارتبط اسمه بها‏,‏ محققا شهرته المدوية في الفضاء الاذاعي والاعلامي‏.‏
وبخاصة برنامجه الذائع الصيت جرب حظك الذي كان يعده بنفسه ويختار شخصياته وضيوفه بنفسه‏,‏ ويقدمه بأسلوب طاهر ابوزيد الذي يمزج بين اللفتة الذكية والطرفة المدهشة والدعابة الخفيفة الظل‏,‏ والملاحظة التي تكشف عن عمق ثقافته وسعة اطلاعه ومتابعته‏,‏ وكأنه كان يرسم في كل حلقه من البرنامج الذي استمر لسنوات طويلة مدرسة قائمة بذاتها بالكلمات والحوار والتعليقات والقفشات لوحة مرئية مسموعة للضيف‏,‏ يحاوره في سلاسة وحنو ورقي وإنسانية رحبة‏,‏ ويستخرج منه وهو النموذج الإنساني العادي كنوز الشخصية المصرية‏,‏ التي تنطق رغم أميتها بالحكمة والرأي السديد والشجاع‏,‏ ويستدر إعجاب المستمعين وتعاطفهم ومتابعتهم المستغرقة في متعة أسلوب أجمل محاور إذاعي مثقف في تاريخ الإذاعة المصرية‏.‏ وفي مرحلة من مراحل تألقه في العمل الإذاعي‏,‏ وقد أصبح رئيسا لإذاعة الشرق الأوسط‏,‏ يذيب فيها عصارة خبراته وتجاربه ويضخ في برامجها وينفخ في صدور العاملين فيها‏,‏ روحه الوثابة المتطلعة والمقتحمة‏,‏ ويقود كتيبة العمل المدهشة التي حققت لهذه الإذاعة علي يديه مرحلة تأسيسها الحقيقي‏,‏ وإطلاق الافكار الجديدة التي لا تنتهي ولا تنفد في شرايينها في هذه المرحلة من التألق‏,‏ يخوض طاهر أبوزيد معركة الانتخابات البرلمانية مرشحا عن دائرة بلدته طلخا‏,‏ ويحقق اكتساحا ونصرا ساحقا‏,‏ يستمر لدورتين من دورات المجلس‏,‏ ويصبح اول إذاعي وإعلامي يخوض مجال العمل البرلماني‏,‏ كان طاهر ابوزيد بالإضافة إلي شواغله الأخري الإذاعية والسياسية عاكفا علي تقديم برنامجه التليفزيوني رأي الشعب الذي لم يسبق ولم يلحق حتي الآن في نجاحه المدوي‏,‏ وصدقه ووطنيته في الاختيار والتقديم‏,‏ وهو يقدم بالصوت والصورة لأول مرة علي الشاشة تحقيقا تليفزيونيا عما يدور في جلسات المجلس التي أصبحت حديث الناس‏,‏ وليتابع من خلالها المجتمع كله نافذة مفعمة بالاخلاص والحماس جسدها طاهر ابوزيد‏,‏ الوطني العاشق لبلده وشعبها حتي النخاع‏.‏
كما كان من مظاهر عشقه لهذا الشعب وفنونه وتراثه‏,‏ تقديمه لبرنامجه التليفزيوني الرائد فن الشعب مزيلا صدأ الاهمال عن كنوز هذا الفن‏,‏ وعن إبداعات أعلامه في كل المجالات‏,‏ وسرعان ما أصبح هذا البرنامج مع شقيقه رأي الشعب صوتا للناس‏,‏ ينطقون من خلاله بما كان مسكوتا عنه في كثير من الأوقات‏,‏ ويعبرون في حدية وتلقائية وحضور فني مدهش عما يمتليء به وجدان ملايين البسطاء من أبناء هذا الشعب‏,‏ وهو وجدان اتسع لحضارات وثقافات نمت وازدهرت علي ضفتي الوادي‏,‏ وارتبطت بالنيل والحاكم والارض ومواسم الزرع والحصاد وتغير الشهور والفصول وحلول استعمار بعد آخر وطغيان في إثر طغيان‏.‏
وعندما يتحرر طاهر ابوزيد من أعباء الوظيفة التي تعرض خلالها بسبب شخصيته ومكوناته ووطنيته ومواقفه لكثير من صنوف الاضطهاد والتجاهل والاقصاء‏,‏ ومحاولة إيقاف طوفان نشاطه واهتماماته وتسجيلاته الإذاعية في مصر وفي كثير من البلدان العربية‏,‏ يبدأ وهو علي مشارف الثمانين في ممارسة الرسالة التي نذر لها أعوامه الأخيرة‏,‏ عملا ونضالا وتجميعا للأنصار وطلبا للمؤازرة‏,‏ من خلال ما سماه في البداية جبهة حماة اللغة العربية فلما اعترضت وزارة الشئون الاجتماعية علي تعبير الجبهة غيره الي جمعية فأصبحت تمارس نشاطها القانوني باسم جمعية حماة اللغة العربية‏.‏ وسرعان ما أصبحت هذه الجمعية والعمل من أجل رفعة شأن اللغة العربية والدعوة الي الارتقاء بها ومقاومة عوامل التخلف والتراجع في التعليم وفي حركة المجتمع التي تهدد هذه اللغة وتكاد تصيبها في الصميم‏,‏ أصبح ذلك كله شاغله الأساسي ليل نهار‏,‏ ومحور نشاطه الذي لا يهدأ‏,‏ وجوهر حياته ووجوده‏.‏ وأصبح للجمعية مقر دائم ونشاط أسبوعي وهيكل تنظيمي‏,‏ وأصبح لهذا النشاط متابعة دائمة وتسجيل فوري وإعلام عنه‏,‏ وحين فكرت الإذاعة أخيرا في الاستعانة بطاهر ابوزيد‏:‏ الخبرة والأستاذية والريادة ودعاه عمر بطيشة ليقدم من إذاعة البرنامج العام في كل أسبوع اسبوعيات طاهر ابوزيد‏,‏ أصبح هذا البرنامج متنفسا يتسع لمتابعة الحركة الدائبة والنشاط المتوهج والفكر المتجدد والحوارات الموسعة التي تدور في رحاب الجمعية‏,‏ وهو يقدم لذلك كله ويعقب عليه‏,‏ في رشاقة وعمق ورصانة‏,‏ ينتقل كالفراشة من موضوع إلي موضوع ومن تسجيل الي آخر‏,‏ وهو يفتن في تقديم مائدة إذاعية حافلة أجاد صنعها وتقديمها‏,‏ محورها الدائم اللغة العربية وتجلياتها في القصيدة والأغنية والحديث والحوار وكل كلام جميل‏.‏ ويرحل طاهر أبوزيد مؤسس جمعية حماة اللغة العربية ورئيسها‏,‏ ومجمع اللغة العربية يخطط لمؤتمره السنوي الذي ينعقد كل عام في الاسبوع الاخير من شهر مارس والأسبوع الاول من أبريل‏,‏ وكنا في المجمع نمني النفس بأن طاهر أبوزيد سيكون واحدا من نجوم مؤتمر هذا العام وفرسانه وأبرز المتحدثين فيه‏,‏ فموضوعه هو اللغة العربية ومؤسسات المجتمع المدني وفي مقدمتها الجمعية التي يرأسها‏,‏ بالاضافة الي الجمعية المصرية لتعريب العلوم وجمعية لسان العرب‏.‏ يرحل طاهر ابوزيد وهو في أوج نشاطه الذي ينوء بمثله الشباب‏,‏ لكنه كان يدوس علي آلامه وضعفه وشيخوخته لكي يواصل رسالته‏,‏ التي جعلته واحدا من الرموز النبيلة التي لا تنسي في ريادة العمل الإذاعي والإعلامي‏,‏ وفي تبني قضية اللغة العربية‏,‏ بحسه الوطني والعروبي المتألق‏,‏ واستماتته في الترويج لها والدفاع عنها وجودا وصحة وازدهارا‏.‏ يرحمه الله
المزيد من مقالات فاروق شوشة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.