ازدادات الأزمة اللبنانية تعقيدا أمس مع إعلان عشرة من أعضاء الحكومة اللبنانية المنتمين لحركة حزب الله وحلفائه استقالتهم من حكومة الوحدة الوطنية. وذلك بعد أن رفض رئيس الوزراء سعد الحريري عقد اجتماع طارئ بشأن تحقيق دولي في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري ودعوا رئيس الجمهورية ميشيل سليمان لتشكيل حكومة جديدة. وبعد دقائق من الإعلان عن إستقالة الوزراء العشرة, أعلن وزير الدولة اللبناني عدنان السيد حسين المحسوب علي سليمان استقالته مفسحا المجال امام اسقاط الحكومة. وتعتبر استقالة11 وزيرا كافية لاسقاط حكومة سعد الحريري المؤلفة من30 وزيرا. وكانت المعارضة قد هددت بسحب وزرائها من الحكومة ما لم يعد الحريري علي وجه السرعة من واشنطن الي بيروت ويدعو الي عقد جلسة استثنائية لمجلس الوزراء لبحث الازمة السياسية المستجدة عقب فشل المبادرة السعودية السورية. وقال مسئول لبناني في واشنطن لوكالة رويترز للأنباء: إن الحريري قطع زيارته للولايات المتحدة فور انتهاء محادثاته مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما أمس كي يعود إلي بلاده. وقال المسئول إنه من المرجح أن يجتمع الحريري فور وعودته مع الرئيس ميشيل سليمان, مشيرا إلي أنه عقب الاجتماع مع أوباما أجري الحريري محادثات تليفونية مع مسئولين فرنسيين وقطريين وآخرين. وأعلن متحدث باسم البيت الأبيض أن أوباما أشاد بالحريري لقيادته, وللجهود المبذولة للوصول إلي السلام والاستقرار. وقال: إن أوباما والحريري يتفقان علي أنه ينبغي لجميع الأطراف تجنب التهديدات والأفعال التي قد تسبب عدم الاستقرار في لبنان, مشيرا إلي أن جهود حزب الله لإسقاط حكومة لبنان تظهر خوفه وتصميمه علي منع الحكومة من أداء عملها. وكان الحريري قد توجه إلي باريس لإجراء محادثات مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بعد أن انسحب حزب الله وحلفاؤه من حكومته وذلك قبل أن يزور واشنطن. وجاء إعلان بيان الاستقالة الجماعية للوزراء العشرة علي لسان وزير الطاقة جبران باسيل عقب اجتماع لهم برئاسة رئيس التيار الوطني الحر النائب ميشيل عون وحضور رؤساء أحزاب وتيارات المعارضة. وأوضح باسيل في مؤتمر صحفي, إن أعضاء الحكومة من المعارضة قرروا الاستقالة من مجلس الوزراء بعد عدم قيام رئيس الوزراء بأخذ زمام المبادرة لتسوية المأزق السياسي في البلاد. وقال باسيل بعد قيامنا بمحاولة أخيرة لاستدراك الأمور وإصرار الفريق الآخر بالنهج نفسه الذي مارسه وإفساحا بالمجال أمام قيام حكومة جديدة تستطيع القيام بواجبها نقدم استقالتنا. وأضاف باسيل ندعو الرئيس اللبناني ميشيل سليمان لإجراء مشاورات لاختيار رئيس وزراء جديد. وقبيل لقائه مع الحريري, أجري أوباما اتصالا هاتفيا مع خاددم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي يقضي فترة نقاهة في نيويورك أكد خلاله رغبته في العمل معه لتحقيق الاستقرار ودعم سيادة لبنان ودعم مواصلة عمل المحكمة الدولية المكلفة بالتحقيق في اغتيال الحريري. وقال مسئول أمريكي رفيع: إن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون تحدثت مع مسئولين في مصر والسعودية وفرنسا سعيا من أجل الوصول لإجماع دولي علي دعم لبنان والمحكمة التي تدعمها الأممالمتحدة. وأضاف المسئول الرفيع في الحكومة الأمريكية للصحفيين علي متن طائرة كلينتون لدي هبوطها في الدوحة بقطر لقد تحدثت بالفعل إلي المصريين والسعوديين والفرنسيين وغيرهم بشأن الوصول إلي إجماع دولي بشأن دعم لبنان و المحكمة. وأشار المسئول إلي أن كلينتون تعتزم إثارة موضوع لبنان بصورة عاجلة مع قادة دول الخليج العربية المجتمعين في قطر, وتلقي الرئيس اللبناني اتصالا هاتفيا من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني تم خلاله البحث في الأزمة السياسية في لبنان. وقال بيان رئاسي إن سليمان تابع أجواء الاتصالات والمشاورات الجارية منذ مساء أمس بهدف معالجة الأزمة القائمة, ومن جانبه, أيد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع موقف سعد الحريري في عدم عقد جلسة لمجلس تحت الضغط..فيمااتهمت قوي14 آذار المعارضة بتعطيل المؤسسات بعدما عطلت طاولة الحوار ومجلس الوزراء. وشدد جعجع علي التمسك برئيس تيار المستقبل سعد الحريري لتشكيل أية حكومة جديدة, معتبرا أن شخصية الحريري من الثوابت الوطنية علي غرار رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي تم انتخابة في منصبه عامي2005 و2009 بأكثرية قوي14 آذار. وحذر من أن أية محاولة لطرح رئيس حكومة غير الحريري ستسبب سوءا كبيرا وفتنة في البلاد, معتبرا أن المعارضة تريد من تسوية الأزمة السياسية أن يتنصل الحريري من المحكمة الدولية وهو الأمر الذي لايمكن تصوره. واتهم جعجع المعارضة بإفشال التسوية لعدم رغبتها في الدخول في تسوية فعلية واقتصار رغبتها علي تخلي رئيس الحكومة عن المحكمة الدولية. ودعا إلي حل لبناني لبناني للأزمة برعاية الرئيس ميشيل سليمان, مشددا علي أنه مهما فعلت المعارضة فلن يكون هناك دوحة2 ولن تحقق أي مكاسب سياسية. و اعتبر رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أن لعبة الدول الكبري كانت أكبر من الإرادة السعودية السورية الصادقة لتسوية الأزمة السياسية في لبنان. وشدد بري- خلال لقائه الأسبوعي أمس بأعضاء البرلمان- علي أن تكون أية خطوة عقب فشل المبادرة العربية في إطار الممارسة الديمقراطية ووفق القواعد الدستورية. وأشار بري إلي أنه لن يتحدث عن تفاصيل المبادرة التي كانت تصب في إطار التسوية والوفاق موضحا أنها كانت لمصلحة جميع اللبنانيين علي مختلف انتماءاتهم لاسيما أن ركنا أساسيا في الاتفاق يتعلق باستكمال تطبيق اتفاق الطائف دون استثناء ووصف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني النائب وليد جنبلاط الجهات التي عطلت المسعي السعودي السوري لحل الأزمة السياسية في بلاده بالقوي الظلامية ولم يحدد جنبلاط هذه القوي, مشيرا إلي أنها دخلت علي الخط وعطلت المبادرة السورية السعودية التي كانت تحمل اختراقا كبيرا لتعطيل المفاعيل السلبية لقرار المحكمة الدولية الاتهامي. واعتبر جنبلاط أن هناك إشكالا تقنيا وليس سياسيا في سوء الاتصال, موضحا أنه كانت هناك مطالب متبادلة بين المعارضة ورئيس الحكومة حول من يقدم قبل الآخر علي تنفيذ الالتزامات.
