لا تندهش إذا وجدت بناية موجودة منذ ما يقرب من ربع قرن وأنت تسير علي الجانب الشرقي من كورنيش النيل بمحافظة سوهاج لم تكتمل حتي الآن, فهذا هو حال متحف أثار سوهاج القومي الذي بدأ العمل به منذ أواخر الثمانينيات. ويعد المتحف قيمة أثرية كبيرة في تجميع الآثار المتنوعة والمتناثرة علي أرض المحافظة والتي تمتد عبر العصور المختلفة كما أنه سيسهم في تنشيط حركة السياحة وخلق فرص عمل للشباب السوهاجي وسيعدل من وضع المحافظة علي الخريطة السياحية, ويمكن أن يغطي تكلفته التي بلغت نحو40 مليون جنيه خلال أربعة أعوام من خلال طرح التذاكر الخاصة به خاصة بعد افتتاح طريق سوهاج البحر الأحمر وافتتاح مطار سوهاج الدولي والذين سيجلبان آلاف السائحين لزيارة المتحف. ومن المخطط أن يخصص المتحف أكبر قاعة فيه للإله أوزوريس ويعرض فيها كل ما يخصه, كما سيتم إظهار القيمة التاريخية لمدينة أبيدوس العاصمة الدينية التي كانت مقصد الملوك في تلك الحقبة والتي كانت تدون زيارتهم علي جداريات سيتم عرضها بتلك القاعة. ومن المفترض أن يضم المتحف قطعا أثرية ترجع إلي تاريخ ما قبل الأسر الثلاثين حتي نهاية العصر الإسلامي من عملات ذهبية وتماثيل حجرية وخشبية ومومياوات بالإضافة إلي مجموعة من اللوحات والجداريات النادرة والأبواب الوهمية الجنائزية وإيوان القرابين الخاصة بمعبد أبيدوس الجنائزي. وترجع قصة إنشاء المتحف إلي عام1989 عندما اصدر محافظ سوهاج آنذاك قرارا بتخصيص قطعة أرض مساحتها5600 متر مربع في موقع متميز علي النيل بضاحية ناصر أمام المجلس المحلي للمحافظة وعلي بعد أمتار قليلة من مبني ديوان عام المحافظة لإقامته, حيث تم تكليف أحد المكاتب الاستشارية لعمل الرسومات الإنشائية والمعمارية للمبني وطرح العملية وترسيتها علي أحد المقاولين بسوهاج بمبلغ9 ملايين جنيه علي أن يتم الانتهاء من تنفيذ الأعمال خلال24 شهرا وتسليم المتحف جاهزا في نهاية يونيو95 إلا أن المقاول قام بتنفيذ حوالي40 بالمائة من الأعمال المسندة إليه وتوقف العمل رسميا في فبراير96 لخلافات بين الشركة المنفذة وهيئة الآثار علي المواصفات والاعتمادات المالية حيث قامت المحافظة بمخاطبة وزير الثقافة وأمين المجلس الأعلي للآثار لحل الخلافات واستئناف العمل في المتحف وبناء عليه تم تشكيل لجنة من هيئة الآثار في نوفمبر1997 برئاسة رئيس قطاع المتاحف بالهيئة وبحضور الشركة المنفذة وانتهت اللجنة إلي ضرورة قيام الشركة بتنفيذ الالتزامات المتفق عليها ولكن الشركة لم تنفذ أي شيء من القرارات مما دعا هيئة الآثار لسحب العملية من المقاول عام في13 سبتمبر1999 بعد حصر الأعمال التي نفذتها الشركة, وبعد جهود جبارة من جانب المحافظ والمحافظة ورفع المذكرات إلي الجهات المعنية لاستكمال المتحف فقد تم إسناد العملية إلي الشركة الوطنية للمقاولات العمومية لاستكمال الإنشاءات بتكلفة40 مليون جنيه. وبعد استعراض الأسباب والمبررات التي كانت وراء تأجيل افتتاح المتحف, يتبين إلي أي مدي هي أسباب واهية وغير منطقية لا تبرر تعطل مثل هذا المشروع الهام.